مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج: (نور على الدرب).
رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين؛ فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز !
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم!
المقدم: حياكم الله!
====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من المستمع السائل: أبو جعفر عبد المنعم من السودان، أخونا أبو جعفر له جمع من الأسئلة من بينها سؤال يقول فيه: إذا كانت الصلاة ثلاثية أو رباعية ونحن كنا مأمومين، ولقد تمت الصلاة، لكن الإمام سها، فقلنا: سبحان الله! ولم يرجع، ثم قلنا: الحمد لله تمت الصلاة! ولم يرجع، فماذا نعمل؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فالواجب على الإمام إذا نبهه المأمومون عن زيادة أن يرجع، وعن نقص أن يقوم، إذا كان المنبهون اثنين فأكثر، إلا إذا كان يعتقد أنه هو المصيب وأنهم مخطئون فإنه يعمل بما يعتقد ويستمر فيما رأى.
أما المأمومون فعليهم أن يعملوا بما يعتقدون، فإذا كانوا يعتقدون أنه مصيب تبعوه، وإذا اعتقدوا أنه مخطئ في الزيادة بأن قام إلى رابعة في المغرب أو خامسة في الظهر أو العصر أو العشاء، أو قام إلى ثالثة في الفجر أو الجمعة، إذا اعتقدوا أنه مخطئ فإنهم لا يتابعونه، يجلسون وينتظرون حتى يسلم ثم يسلموا معه.
أما من لا يعلم ذلك -يعني: عنده شك- فإنه يتابع إمامه في الزيادة، يقوم معه، وهكذا من جهل الحكم.. الذي لا يعرف الأحكام الشرعية وقام معه لا يضره.
أما الواجب من جهة الحكم الشرعي فإن من علم أنه زائد لا يقوم معه، يجلس ولا يتابع في الزيادة، فإذا سلم سلم معه.
وهكذا في النقص إذا جلس في الثالثة في الرباعية، أو في الثانية في الثلاثية، أو بعد الأولى في الثنائية؛ فإنهم ينبهونه: سبحان الله.. سبحان الله، لا يقول: تمت الصلاة، ولا نقصت الصلاة، ينبهونه بالتسبيح؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (فليسبح الرجال وليصفق النساء)، وقال: (من نابه شيء في صلاته فليقل: سبحان الله)، هذا هو المشروع أن يقول: سبحان الله.. سبحان الله، فإذا لم يستجب وبقي جالساً؛ فإن المأموم إذا كان يعتقد أنه ناقص يقوم.. يقوم إلى كمال صلاته، ويكمل صلاته، والحمد لله.
أما الإمام فإن كان يعتقد أنه مصيب فصلاته صحيحة، وإن كان يعتقد أنه غير مصيب فالواجب عليه متابعة المنبهين، وألا يبقى على الشك، فإذا نبهوه أنه ناقص يقوم يكمل، وإذا نبهوه أنه زائد يرجع إذا كان المنبهون اثنين فأكثر.
أما إذا كان المنبه واحداً؛ فإنه لا يلزمه الرجوع إليه، بل يعمل بما يعتقد، فإن كان يعتقد أنه ناقص قام وكمل، وإن كان يعتقد أنه زائد يرجع، وإن كان شاك فليبن على اليقين.. إذا كان شك في رابعة أو خامسة يجعلها رابعة ويجلس، شك في ثالثة رابعة يجعلها ثالثة ويكمل، فعند الشك يبني على اليقين، وإذا كان متيقناً صواب نفسه عمل بصواب نفسه، وإذا كان عنده تردد وليس عنده يقين يتابع المنبهين إذا كانوا اثنين فأكثر، هذا هو المشروع للإمام والمأمومين.
أما المأموم فقد عرفت أنه إن كان يعتقد أن الإمام مصيب يتابعه، أو كان ليس عنده يقين بل عنده شك فإنه يتابع الإمام أيضاً في النقص والزيادة.
أما المأموم الذي يعلم أن الإمام مخطي فإنه لا يتابعه لا في النقص ولا في الزيادة.
الجواب: نعم، ليس في الآية دليل على ما قال من عدم قتل الحيات؛ لأن فيها ذكر الجن والإنس، وأنهم خلقوا ليعبدوا الله.
أما الحيات والعقارب والكلاب وغيرها خلقت لأمر آخر ولحكمة أخرى، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الحية إذا كانت في البيوت تؤذن ثلاثاً.. تنذر ثلاث مرات، فإن اختفت وإلا قتلت.
وقال صلى الله عليه وسلم: (إن للبيوت عماراً من الجن)، قد يتشبهوا بالحيات؛ فتنذر ثلاثاً، فإن اختفت وزالت وإلا قتلت، أما إذا كانت في البرية والأسواق والمساجد فهذه تقتل.. إذا رئيت تقتل، كما قال صلى الله عليه وسلم: (اقتلوا الأسودين في الصلاة: الحية والعقرب)، هكذا جاء الحديث.
وهذا يعم المساجد والبراري، حيث قال صلى الله عليه وسلم: (اقتلوا الأسودين في الصلاة: الحية والعقرب).
ووجدوا في منى حية، فقام إليها الناس ليقتلوها فسبقتهم ولم يستطيعوا قتلها، فقال صلى الله عليه وسلم: (وقيت شركم كما وقيتم شرها).
فالحاصل: أنه إذا كانت في البرية، أو في مثل المشاعر لا بأس أن تقتل، بل مشروع قتلها دفعاً لأذاها، أو في الطرقات أو في المساجد.
أما في البيت.. في السكن فإنها تستأذن وتنذر، ويقال لها: إن عدت قتلناك، لا تخرجي إلينا.. لا تبرزي إلينا؛ لأنها قد تكون جنية فتفهم الكلام، فإن برزت بعد الثالثة قتلت.
الجواب: يستحب له في أصح قولي العلماء أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الأحاديث عامة، سأله الصحابة قالوا: (يا رسول الله! أمرنا الله أن نصلي عليك فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، قال: والسلام كما علمتم)، السلام بين في الأحاديث الأخرى: (السلام عليك يا أيها النبي ورحمة الله وبركاته)، ولم يستثن التشهد الأول، بل عمم عليه الصلاة والسلام، أمرهم أن يصلوا عليه ولم يقل: في التشهد الأخير؛ فدل ذلك على أنه يشرع في التشهدين.
لكن ذهب أكثر أهل العلم إلى أن هذه الصلاة إنما تقال في التشهد الأخير، والأرجح أنها تشرع في الأول أيضاً؛ لعموم الأحاديث، فإن تركها في الأول فلا حرج.
الجواب: ورد في هذا حديث ضعيف أنه إذا كان فرغ من مجلسه دعا، ولكن لا أعلم فيه حديثاً صحيحاً، فإذا دعا الإنسان عند قيامه، أو بعد فضائه من مجلسه بعض الدعوات لا بأس، لكن دعوات خاصة ترفع الأيدي فيها، ويأمنون بنظام خاص، ليس له أصل ثابت.
أما إذا دعا كل واحد لنفسه، أو قال: اللهم وفقنا جميعاً، أو غفر الله لنا جميعاً عند قيامه، أو نحو هذا فلا نعلم فيه بأساً، الدعاء أصله مشروع، نعم، لكن كونه بنظام خاص يرفع يديه، ويؤمنون جميعاً، أو يدعو ويؤمنون جميعاً على طريقة خاصة ونظام خاص؛ هذا لا أعلم له أصلاً إلا في حديث ضعيف.
الجواب: ليس له -في أصح قولي العلماء- أن يمس القرآن إلا وهو طاهر، وهكذا جزء عم، وجزء تبارك ليس له أن يمسه إلا وهو طاهر؛ لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كتب إلى عمرو بن حزم : (أن لا يمس القرآن إلا طاهر)، وهو حديث له طرق جيد، وقد أفتى به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وبه قال جمهور أهل العلم، الأئمة الأربعة وغيرهم من أهل العلم.
فالواجب على المؤمن أن لا يمسه إلا عن طهارة، هذا إذا كان ليس عليه حدث أكبر، أما الجنب فلا يقرأ ولا يمس المصحف جميعاً حتى يغتسل، الجنب لا يقرأ ولا يمس المصحف حتى يغتسل.
أما إذا كان الحدث أصغر فله أن يقرأ عن ظهر قلب، ولكن ليس له أن يمس المصحف حتى يتوضأ.
واختلف العلماء في الحائض والنفساء هل هما كالجنب لا تقرأن حتى تغتسلا، أم يجوز لهما القراءة عن ظهر قلب؟ لأن مدتهما تطول وليست مثل الجنب، والراجح أنه يجوز لهما القراءة عن ظهر قلب؛ لأنهما ليستا كالجنب، مدتهما تطول، والجنب مدته قليلة، متى فرغ من حاجته استطاع أن يغتسل ويقرأ، فلا يجوز قياس الحائض والنفساء عليه، القياس غير صحيح؛ لأن الفرق واضح.
أما حديث أنه صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن)، فهو حديث ضعيف عند أهل العلم، لا تقوم به الحجة، والصواب: أنه يجوز للحائض والنفساء أن تقرأ عن ظهر قلب.
أما مس المصحف فلا.. لا تمس المصحف، لكن إن دعت الحاجة إلى ذلك من وراء حائل كالقفازين فلا بأس عند الحاجة إلى مراجعة آية ونحوها.
الجواب: الرشوة لا تجوز، ولا يحل للمسئولين في الجوازات أن يأخذوها، بل الواجب عليهم أن ينفذوا ما وكل إليهم وما عهد إليهم، ولا يأخذوا من الناس رشوة، والذي يحتاج إلى جواز يسلك الطرق الشرعية في طلب الجواز من سفارة بلده.
أما أنه يعطي رشوة فلا يجوز؛ لأن ذلك منكر، وإعانة للمسئولين على الخيانة، وهذا لا يجوز؛ لأن الله يقول سبحانه: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2].
فليس لموظفي الجوازات أن يخونوا، وليس لهم أن يأخذوا الرشوة، والواجب عليهم أن ينفذوا ما لديهم من التعليمات، وهكذا غيرهم من الموظفين ليس لهم أخذ الرشوة، بل ذلك منكر، وعليهم أداء الأمانة والصدق في ذلك، وصاحب الحاجة يسلك الطرق التي بينتها الدولة، وأوضحتها الدولة للناس؛ حتى يظفر بحاجته، والله سبحانه يقول: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا [الطلاق:2]، ويقول سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [الطلاق:4].
أما بذل الرشوة للموظفين حتى يخونوا فهذا من التعاون على الإثم والعدوان، نسأل الله للجميع الهداية.
الجواب: إذا كان يعلم أنه أحدث فعليه القضاء، أما إذا كان نوى أن يتوضأ للتجديد والنشاط، وإلا هو يعلم أنه على طهارة، ولكن عزم أنه يتوضأ لمجرد الفضل والنشاط فهذا لا يعد عليه؛ لأنه صلى وهو على طهارة.
أما إذا كان يعلم أنه محدث وإنما أراد الوضوء لأجل أنه محدث فهذا صلى على غير طهارة، فعليه أن يعيد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تقبل صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول)، رواه مسلم في صحيحه.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ).
فلا بد من الطهارة.. إذا كان على غير طهارة لا بد من الطهارة، فإذا صلى وهو على غير طهارة فهو آثم، وقد أتى معصية، وصلاته باطلة، نسأل الله السلامة.
الجواب: الواجب عليه أن يتقي الله، وأن يصلي في جماعة؛ لأن الصلاة في الجماعة في بيوت الله أمر لازم، هذا هو الصواب الذي عليه المحققون من أهل العلم.
وقد دلت عليه سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، فقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر، قيل لـ
وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه استأذنه رجل أعمى قال: يا رسول الله! ليس لي قائد يقودني إلى المسجد؛ فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له عليه الصلاة والسلام: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب).
ولم يأذن له في ترك الصلاة في المسجد، وهو أعمى ليس له قائد يقوده، فكيف بحال البصير القوي القادر أمره أشد وأخطر.
فالواجب على كل مؤمن أن يصلي في الجماعة، وأن يتقي الله، ويبادر، وعليك أيها السائل أن تنصحه دائماً، وأن تجتهد في توجيهه إلى الخير، وتحذيره من مشابهة المنافقين؛ لعل الله يهديه بأسبابك، فيكون لك مثل أجره، ولا تمل ولا تيئس، واستعن على ذلك بغيرك؛ كأبيك، وإخوانك الآخرين، وبعض جيرانك؛ حتى ينصحوه.. حتى يعينوك عليه، نسأل الله لنا ولكم وله الهداية.
الجواب: إذا كان خلف تركة يحج عنه.. إذا كان قادراً حين حياته، قادراً عنده مال يستطيع أن يحج فإنه يحج عنه من ماله.. من التركة.
أما إذا كان فقير ما عنده قدرة فليس عليه حج، وإن كان قد عزم على الحج بالدين أو غيره أو مع الناس، إنما يلزمه الحج من تركته إذا كان قادراً في حياته، يعني: عنده قدرة فاضلة على حاجاته وحاجات أولاده، عنده قدرة مالية يستطيع بها أن يحج مع إبقاء ما يقوم بحال عائلته.
الجواب: عليك أن تستمر في النصيحة، وأن تصبر، ولا تمل ولا تكسل، تسأل الله لهم الهداية، وتستعمل الرفق والحكمة والكلام الطيب مع والديك، ولا تجزع ولا تمل ولا تكسل ولا تيئس، استعمل ما تستطيع من الكلام الطيب والأسلوب الحسن، وإذا تيسر أن تستعين ببعض أقاربك الذين لهم منزلة عند والديك حتى يساعدوك على النصيحة لهما والجمع بينهما والتأليف بين قلوبهما فافعل ذلك.
يوجد عندنا اختلاف في موضوع الجمعة، بعض العلماء يقولون: إذا تعددت المساجد في المدينة يجب إعادة فرض الظهر أربع ركعات جماعة في المسجد، وينسبون هذا القول إلى الإمام الشافعي رحمه الله، فهل هذا وارد؟ نرجو الإيضاح جزاكم الله خيراً!
الجواب: ليس هذا بصحيح، بل بدعة، صلاة الجمعة مجزئة، وإذا تعددت المساجد لعذر لأن المسجد الواحد لا يكفي فالصلاة فيها جميعاً جائزة وصحيحة والحمد لله، ولا نعلم ثبوت هذا عن الشافعي رحمه الله، ولو فرضنا أن الشافعي قالها عن اجتهاد فليس الشافعي ولا غيره من الناس معصومين.
الشافعي وغيره من أهل العلم قد يقول القول بغير حجة بل عن اجتهاد فيكون قوله مرجوحاً، وهذه المسألة قول من قال بأنه يصلي صلاة الظهر بعد الجمعة قول مرجوح، سواء قاله الشافعي أو غيره.
الصواب: أنه لا يعيد ولا يصلي ظهراً، بل تكفيه الجمعة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يكونوا يأتون بصلاة الظهر بعد الجمعة.
وهكذا أصحابه رضي الله عنهم بعده، وهكذا سلف الأمة، والخير كله في اتباع سلف الأمة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد).
وإعادة الظهر بعد الجمعة عمل ليس عليه أمره، بل هو محدث؛ فيكون مردوداً، والجمعة كافية والحمد لله، نسأل الله للجميع التوفيق.
الجواب: هذا هو الموافق لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وسنة النبي مقدمة على سنة عمر رضي الله عنه، وعمر رضي الله عنه فعل هذا وهذا، فعل إحدى عشرة، وفعل ثلاث وعشرين، صلى هذا وهذا مع الصحابة، فالأمر واسع، فمن صلى ثلاثاً وعشرين فلا بأس، ومن صلى أكثر فلا بأس، ومن صلى ثلاث عشرة فهو سنة، ومن صلى إحدى عشرة فهو سنة، كله طيب، وأفضلها إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، هذا هو الذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وإن صلى الناس عشرين مع الوتر ثلاثاً، فلا بأس كما فعل عمر في بعض الأحيان، وعمر فعل هذا وهذا، أمر أبياً أن يصلي بالناس إحدى عشرة، وفي بعضها صلى ثلاثاً وعشرين، فالأمر في هذا واسع والحمد لله، ولكن المقدم هو سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي إحدى عشرة، وربما صلى ثلاث عشرة عليه الصلاة والسلام، في رمضان وفي غيره، ومن زاد فلا حرج عليه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (صلاة الليل مثنى مثنى)، ولم يحدد، لا ثماناً ولا عشراً ولا أكثر ولا أقل؛ فدل على التوسعة والحمد لله، (صلاة الليل مثنى مثنى)، يعني: ثنتين ثنتين، ثم قال: (فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى).
يعني: إذا خشي الصبح أوتر بواحدة، هذا هو المشروع، إذا صلى ثمان وأوتر بثلاث؛ صارت إحدى عشرة، وإذا صلى عشراً وأوتر بثلاث؛ صارت ثلاثة عشر، وإذا صلى عشرين .. عشر تسليمات وأوتر بثلاث صارت ثلاثاً وعشرين، وإن صلى أكثر فلا بأس، الحمد لله، الأمر واسع بحمد الله.
الجواب: التسبيح والتهليل بعد الصلاة مشروع للجميع، كلهم يرفعون أصواتهم جميعاً من دون مراعاة لأن يكون جماعياً، لا، كل يرفع صوته بغير مراعاة لصوت الآخر.
قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: (كان رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم).
قال ابن عباس: (كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته).
فـابن عباس رضي الله عنهما بين أنهم كانوا يرفعون أصواتهم بعد السلام حتى يعلم من حول المسجد أنهم سلموا، هذا هو السنة، لكن ليس معناه أنه بصوت جماعي منظم، لا، بل هذا يذكر الله، وهذا يذكر الله، والحمد لله من دون أن يراعى صوت جماعي.
الجواب: الدعوة إلى الله فرض كفاية، كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين.
فإذا تولى الدعوة إلى الله من فيهم الكفاية في القرية أو في القبيلة أو في المدينة كفوا، وإذا لم يكفوا لأن القرية واسعة أو المدينة واسعة أو القبيلة واسعة وجب على من عنده علم أن يشارك في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، حتى تحصل الكفاية والتعميم، وإذا باشرها -ولو قام بها غيره- كان أفضل له، حتى يشارك في الخير؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من دل على خير فله مثل أجر فاعله)، ولا تختص بالرسميين، بل هي مشروعة للجميع، الرسمي وغير الرسمي، وهكذا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مشروع للجميع، كل يدعو إلى الله، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، كما قال الله عز وجل: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [فصلت:33]، وقال جل وعلا: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ [التوبة:71].
فالمشروع لجميع أهل العلم الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المدينة، وفي القرية، وفي القبيلة، وفي أي مكان، لكن إذا قام بذلك من تحصل بهم الكفاية في قبيلة معينة أو قرية معينة أو مدينة معينة؛ سقط الوجوب عن الباقين، وصار في حق الباقين سنة مؤكدة من باب التعاون على البر والتقوى، والله المستعان.
الجواب: لا حرج في ذلك إن شاء الله، لا حرج في ذلك، ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا دخلت عليه فاطمة قام إليها وأخذ بيدها وقبلها، وكانت إذا دخل عليها قامت إليه وأخذت بيده وقبلته عليه الصلاة والسلام، فالأمر في هذا واسع.
وأمر الوالد أمر عظيم وحقه كبير، والوالدة كذلك، فالأمر في هذا واسع والحمد لله صباحاً أو مساء.
المقدم: جزاكم الله خيراً!
سماحة الشيخ! في الختام أتوجه لكم بالشكر الجزيل -بعد شكر الله سبحانه وتعالى- على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
الشيخ: نرجو ذلك.
المقدم: اللهم آمين!
مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
شكراً لمتابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر