المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء، مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ ونشكر له تفضله بإجابة الإخوة المستمعين فأهلاً وسهلاً.

الشيخ: حياكم الله، وبارك فيكم.

====السؤال: حياكم الله. أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من إحدى الأخوات المستمعات، تقول: المرسلة (أ. أ. م)، أختنا رسالتها مطولة بعض الشيء تقول فيها: إنني مصرية الجنسية ومقيمة مع زوجي في المملكة بالمنطقة الشرقية لعامي الأول، وأرغب في أداء فريضة الحج رغبةً شديدة هذا العام، مع أنني حامل الآن، وإن شاء الله في شهر ذي الحجة سوف أكون في بداية الشهر التاسع الأخير للحمل، وحيث أن زوجي وبعض الأخوات يردن تأجيل الحج هذا العام خوفاً من متاعب الحمل أثناء السفر وأداء المناسك، وهدانا الله إلى أن نرسل إلى برنامجكم هذا لتتفضلوا بإرشادنا؟ جزاكم الله خيراً.

الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

أما بعد:

إذا كان الحال ما ذكرته السائلة، وأن الشهر التاسع يوافق شهر ذي الحجة فإنا ننصح بتأجيل الحج هذا العام إلى العام القادم إن شاء الله؛ لأن وقت الحج وقت ثقل الحمل وخطر الولادة، نسأل الله للجميع التوفيق.

السؤال: بعد هذا رسالة وصلت إلى البرنامج من المستمع: يوسف عثمان يوسف من المنطقة الشرقية أيضاً، يقول: أسأل فضيلتكم عن هذا الموضوع: كثيراً ما نشد مع بدو رحل من منطقة الربع الخالي متجهين شمالاً، وطبعاً نحن في السيارات، وكل يوم نمشي مسافة عشرين كيلو وما فوقها قليلاً، وأحياناً ننزل قبل منتصف النهار، فهل يجوز لنا القصر، مع العلم بأن الرحلة سوف تستغرق شهراً؟ وجهونا جزاكم الله خيراً.

الجواب: إذا كانت الرحلة إلى مكان بعيد، ثمانين كيلو فأكثر فإن هذا سفر، ولو نزلتم في أثنائه بعض المنازل إذا كان النزول لا يستغرق أكثر من أربعة أيام، فإن الجميع مسافرون فإذا كانت الرحلة فيها نزول في مواضع الرعي مواضع الخير، لكن تكون الإقامة أربعة أيام فأقل، ثم ترتحلوا وهكذا فهذا كله سفر ما دام النهاية ثمانين كيلو فأكثر.

المقدم: إذاً: يجوز لهم القصر و..؟

الشيخ: القصر والجمع.

السؤال: يقول: ونحن في حالتنا هذه يأتينا أي من العيدين، ونؤدي صلاتها كصلاة المقيمين، فهل عملنا هذا صواب؟

الجواب: صلاة العيد والجمعة في حق المقيمين ليس عليكم عيد، البدو الرحل والمسافرون ليس عليهم عيد ولا جمعة، بل يصلون صلاة المسافرين، وليس عليهم عيد.

المقدم: يقول: إنني شاب متزوج ولي طفل، وكنت أعمل ذنباً من الكبائر، وندمت عليه وتحسرت، وعملت جاهداً ألا أكرره، فلم أستطع، ومن شدة حبي لزوجتي وابني حلفت بالطلاق ثلاثاً وقلت: لو عملت كذا فأنت علي كظهر أمي! ونذرت بألا أعمله، وكانت نيتي هي المنع عن فعل هذه الكبيرة، وبعد فترة من الزمن فعلتها، ولكن بعدها تبت إلى الله، وندمت كثيراً، فأرجو من فضيلتكم توضيح الأمر إذا كان علي كفارة أو غير ذلك؛ حتى لا أستمر في غضب الله سبحانه وتعالى؟ جزاكم الله خيراً.

الجواب: الجواب عليك التوبة إلى الله من جديد من عملك الأخير، عليك التوبة إلى الله النصوح بالندم على ما وقع منك، والإقلاع من ذلك، والعزم الصادق ألا تعود في ذلك، عليك التوبة النصوح بالندم على ما فعلت والإقلاع والحذر والعزم الصادق ألا تعود في هذا الذنب الذي ذكرت.

أما الطلاق فعليك كفارة يمين، الطلاق والنذر عليه كفارة يمين؛ لأنك قصدت المنع بالطلاق وبالنذر المقصود من ذلك الامتناع من هذا المنكر، فهذا له حكم اليمين في أصح قولي العلماء فعليك كفارة يمين عن طلاقك ونذرك، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، عشرة كل واحد له نصف الصاع كيلو ونصف لكل واحد، أو كسوة كل واحد له قميص أو إزار ورداء كل واحد من العشرة، عن التطليق والنذر المعلقين بالعودة إلى المنكر؛ لأنك قصدت الامتناع ولم تقصد الطلاق ولم تقصد النذر.

أما الظهار فعليك كفارة الظهار، كونك ظاهرت منها عليك كفارة الظهار، وهي عتق رقبة مؤمنة فإن عجزت تصوم شهرين متتابعين ستين يوماً، قبل أن تقربها، فإن لم تستطع تطعم ستين مسكيناً ثلاثين صاع، كل مسكين له نصف الصاع كيلو ونصف كل واحد، ستين مسكين ثلاثين صاع، أو تسعين كيلو كل واحد له كيلو ونص من قوت البلد من تمر أو أرز أو حنطة مع التوبة كما تقدم والاستغفار والندم.

السؤال: توصل العلم حديثاً إلى تركيب جسرٍ في الأسنان يعمل على تلاصقها ببعضها، فهل يجوز للإنسان أن يضع هذا الجسر ليسد الفلجة بين أسنانه وتصبح متلاصقة، أم أنه يعتبر تغييراً لخلق الله؟

الجواب: لا أعلم في هذا شيئاً؛ لأن هذا ليس من التفليج، ولكن هذا عمل آخر، فإذا كان ينفع ويحصل به المطلوب فالحمد لله.

السؤال: ما حكم وضع المكياج على وجه المرأة إذا كانت لا تبدو للأجانب وإنما تظهر أمام النساء؟

الجواب: المكياج إذا كان لا يضر وجهها لا بأس به، لكن تزيله عند الوضوء إذا كان له جسم يمنع الماء، أما إذا كان يضر وجهها يسبب مرض أو بقع سوداء.. أو ما أشبه ذلك فإنها تتركه؛ لأنه حينئذ فيه مضرة، أما إذا كان يجمل وينور ولكن لا يضر فلا بأس.

السؤال: أيضاً في باب الطلاق مستمع يسأل ويقول: أرجو أن تفيدوني بأنني كنت حلفت على زوجتي وقلت لها: علي الطلاق ما أنت رايحة منزل والدك! ثم راحت منزل أبيها، وهذا اليمين تكرر خمس مرات، وأيضاً يمين قلت لها: ما أنت نايمة في المنزل! وقع هذا اليمين علي مع العلم أنه حصل في أول الزواج، وبعد مرور هذا الوقت أنجبت منها طفلاً وأنا تبت ولله الحمد، فما هو توجيهكم؟

الجواب: إذا كان المقصود منعها من المراح والنوم فعليه كفارة يمين، ويكفي والحمد لله. إذا كان المقصود من منعها.. من الطلاق عليها ألا تروح المقصود منعها لا فراقها فعليه كفارة يمين: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، وهكذا منعها من النوم إذا كان قصدك من ذلك منعها من النوم ليس قصدك طلاقها فعليك كفارة يمين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، كل مسكين له نصف الصاع من قوت البلد من تمر أو غيره، كيلو ونص تقريباً، أو كسوة يقطع قميص يلبسه أو إزار ورداء.

السؤال: أحد الإخوة المستمعين يقول: أبو سن أحمد ، يسأل ويقول: هل تصح الصلاة وراء الكاهن علماً بأنه هو الإمام؟ وكيف حكم صلاتنا خلفه؟

الجواب: الكاهن هو: الذي يدعي علم المغيبات ويصدق الشياطين من الجن فيما يقولون، فلا يتخذ إمام ولا يصلى خلفه، فإن كنت أردت بالكاهن شخصاً آخر بينه في سؤال آخر، أما الكهنة فهم الذين لهم أصحاب من الجن يصدقونهم في علوم الغيب، ويدعون علم الغيب بأسبابهم، ويأتيهم الناس يسألونهم عن حاجاتهم؛ هؤلاء لا يجعلون أئمة ولا يصدقون، ولا يسألون أيضاً، لا يسألون، ولا يصدقون، ولا يجعلون أئمة، ولا يصلى خلفهم، نسأل الله العافية.

السؤال: يقول: رجل طلق زوجته ثلاث مرات ولا زال يعيش معها في المنزل، هل يجوز الأكل والشرب معه؟ وهل صلاتهم وصيامهم صحيحة؟

الجواب: عليه أن يمتنع، عليك أيها السائل أن تمتنع منها حتى تشرح السؤال للمحكمة، أو تكتب لنا في ذلك حتى ننظر الأمر، عليك الامتناع بعد هذا الطلاق حتى ينظر فيه من جهة المحكمة، أو تكتب إلي وأنا أكتب إلى المحكمة للنظر فيه.

السؤال: المستمع عبد الرحمن الغامدي بعث يسأل جمعاً من الأسئلة، في أحدها يقول: ما رأي سماحتكم في الكتب التالية: تلبيس إبليس، روضة المحبين، نزهة المشتاقين، الأذكار؟

الجواب: أما تلبيس إبليس لـابن الجوزي، وروضة المحبين لـابن القيم هذا لا بأس بمطالعتهما؛ مفيدة، أما نزهة المشتاقين ما أذكر أني اطلعت عليه، أما الأذكار فإن كنت قصدت أذكار النووي فلا بأس.

المقدم: المجموع للنووي؟

الشيخ: كتاب مفيد وعظيم.

المقدم: الحمد لله، خلق المسلم؟

الشيخ: خلق المسلم ما أدري إن كان لـمحمد الغزالي فلا بأس به جيد.

السؤال: يسأل ويقول: من هو المحب لله الصادق؟

الجواب: المحب لله الصادق هو المتبع لشريعة الله، قال الله جل وعلا: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [آل عمران:31]، فالمحب الصادق: هو الذي يتبع شريعة الله ويعظم أمر الله ونهيه ويستقيم على دينه إخلاصاً لله، ومحبة له، وتعظيماً له، وطاعة لأوامره، وتركاً لنواهيه، ووقوفاً عند حدوده، هذا هو المحب الصادق.

السؤال: أخيراً يسأل سماحتكم -لو تكرمتم- عن صلاة التسابيح وصلاة الحاجة، هل هما مشروعتان؟

الجواب: صلاة التسبيح غير صحيحة، أحاديث صلاة التسبيح غير صحيحة، أما صلاة الحاجة فيها تفصيل: إن كان أراد بذلك صلاة الاستخارة صحيحة، أراد بذلك صلاة التوبة الذي يذنب ثم يتطهر ويصلي ركعتين ويتوب هذا صحيح، أما إن كان أراد شيئاً آخر فعليه أن يبين مراده.

السؤال: المستمع طارق الزمر، يقول: كنت متمتعاً بالعمرة والحج ولله الحمد، ولكن في رمي الجمرات رميت الجمرات على ثلاثة أيام في وقتها، ولكني في كل مرة لا أرمي إلا جمرة العقبة الكبرى؛ لكوني لا أعلم أن الجمرات ثلاث! فما مدى صحة حجي؟ وبماذا توجهونني؟ جزاكم الله خيراً.

الجواب: الحج صحيح، وقد تركت بعض الواجب؛ فإن الواجب رمي الجمار الثلاث في اليوم الحادي عشر والثاني عشر لمن تعجل وفي الثالث عشر لمن لم يتعجل، لا بد من رمي الجمار الثلاث، وأنت لم ترم إلا واحدة فعليك كفارة الترك، عليك ذبيحة أو سبع بدنة أو سبع بقرة، عليك رأس من الغنم جذع ضان أوثني معز يذبح في مكة للفقراء، أو سبع بدنة أو سبع بقرة، البقرة تم لها سنتان، والناقة تم لها خمس سنين، وعليك التوبة إلى الله من ذلك والاستغفار.

السؤال: أيضاً مستمع آخر يقول: خالد حلمي من قرية سلام، الأخ خالد يقول: هل هناك موعد محدد للعمرة؟ بمعنى: هل يمكن تأديتها أكثر من مرة واحدة في العام؟ وهل تجوز كلما نويت الذهاب إلى الحرم الشريف؟

الجواب: العمرة ليس لها وقت محدد، بل في جميع السنة، متى يسر الله للعبد الذهاب إلى مكة وأدى العمرة فهو مطلوب طيب. لكنها لا تجب إلا مرة في العمر، لا تجب إلا مرة كالحج مرة في العمر، وما زاد على المرة فهو سنة.

السؤال: هل يصح الحج لمن عليه دين، وكذلك العمرة؟

الجواب: نعم. يصح الحج ويصح العمرة لمن عليه دين، حجه صحيح إذا أداه على الوجه الشرعي، وعمرته صحيحة إذا أداها على الوجه الشرعي، لكن الواجب أن يبدأ بالدين إذا كان الدين حال وأهله لا يسمحون فالواجب البداء به أما إن كان مؤجل ما يحين إلا بعد الحج، أو أهله يسمحون معروفون يسمحون له أن يحج فلا حرج في ذلك.

السؤال: هل يصح الحج قبل العمرة أو لا بد من الحج أولاً؟

الجواب: يصح قبلها وبعدها، الحج يصح قبل العمرة وبعدها والعمرة كذلك قبل الحج وبعده. الحمد لله.

السؤال: سماحة الشيخ كثير من إخواننا يأتون إلى الحج، لكنهم يخطئون كثيراً حتى إن البعض منهم يسعى بين الصفا والمروة قبل أن يطوف بالبيت، هل من كلمة لمن يريد الحج والعمرة؟

الجواب: نعم، نوصي من يريد الحج والعمرة بالتفقه في الدين، بالتعلم، مراجعة المناسك المعتمدة؛ حتى يعرف الحج ويعرف العمرة، مثل منسك شيخ الإسلام ابن تيمية ، مثل المنسك الذي كتبنا في هذا (التحقيق والإيضاح) منسك الشيخ عبد الله بن جاسر .. وأشباهه من المناسك التي كتبها المشايخ، يراجعها ويتأمل ويستفيد ويسأل أهل العلم قبل أن يحج وقبل أن يعتمر؛ حتى يؤدي العمرة على بصيرة والحج على بصيرة.

السؤال: من منطقة جيزان رسالة بتوقيع إحدى الأخوات تقول: (ق. ح. ع)، تقول: إنني امرأة متزوجة وقد هداني الله سبحانه وتعالى إلى عبادته والمحافظة على الصلوات المكتوبة والنوافل، وصلاة الضحى وصلاة الليل، وطاعة زوجي والبر بالوالدين، وكنت أشعر بالخشوع والخوف عند الصلاة، وعندما أسمع الآيات القرآنية والأحاديث المشتملة على الترهيب والترغيب عن الجنة والنار، أو عذاب القبر، أو الآخرة عموماً، إلا أنني -يا سماحة الشيخ- أصبحت منذ فترة لا أشعر بذلك الخشوع والخوف عندما يمر بي ذكر شيء من ذلك الذي شرحته سابقاً، أرجو إفادتي عن سبب عدم خشوعي، مع أنني ما زلت أحافظ على الصلاة المكتوبة والنوافل، كما أرجو إرشادي إلى كيفية التغلب على نفسي؛ حتى يعود إلي الخشوع كما كان سابقاً؟ جزاكم الله خيراً.

الجواب: نوصيك بالإكثار من ذكر الله، وسؤاله أن يعمر قلبك بخشيته وتعظيمه؛ فلعله عرض لك شيء من أمور الدنيا، أو المشاغل الزوجية أو البيتية.. أو ما أشبه ذلك، فنوصيك بالضراعة إلى الله، وسؤاله أن يعمر قلبك بخشيته وتقواه وتعظيمه، ونوصيك أيضاً بالإكثار من قراءة القرآن والإكثار من ذكر الله عز وجل وتسبيحه، وتهليله؛ فإن هذا من أسباب خشوع القلب ورجوع الحالة الطيبة السابقة.

المقدم: جزاكم الله خيراً، وأحسن إليكم، أحياناً تنتاب الإنسان قسوة قلب سماحة الشيخ! هل من كلمة؟ جزاكم الله خيراً.

الشيخ: نعم. قد تكون هذه القسوة إما بسبب ذنب فعله معصية فعلها، وقد تكون بأسباب غفلة وإعراض.. قد تكون بأسباب مجالسة للأشرار، قد تكون بأسباب مشاغل أهل البيت.. إلى غير ذلك، فعليه أن يتحرى الأسباب التي سببت القسوة؛ حتى يتخلص منها، يتحرى وينظر ويحاسب نفسه؛ حتى يبتعد عن تلك الأشغال، أو تلك الأسباب التي سببت القسوة والغفلة.

السؤال: يحفظ عن بعض الصالحين عبارة مفادها أن المعصية تقول: (أختي.. أختي، والحسنة تقول: أختي.. أختي)، هل تتفضلون بشرح هذه العبارة سماحة الشيخ؟!

الجواب: نعم. جاء عن بعض السلف هذا المعنى، ولفظ آخر: إن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها، ومن عقاب السيئة السيئة بعدها.

فالمقصود: أن المؤمن ينبغي له أن يجتهد في مواصلة الحسنات والأعمال الصالحات ويجتهد في ذلك؛ حتى تكون سجية له، وإذا وقعت السيئة فليحذر أن يصلها بأخرى، وليتب وليبادر بالتوبة؛ حتى لا تكون سيئة أخرى وسيئة ثالثة؛ فإن الشيطان يجره إلى السيئة، إذا فعل السيئة جره إلى السيئات الأخرى، والملك يجره إلى الحسنة، إذا فعل حسنة فالملائكة تملي عليه الحسنة فهو في هذه الحال يجتهد في متابعة الحسنات والإكثار من ذكر الله والحذر من الشواغل، وعليه أن يحذر السيئات متى فعل السيئة فليتنبه وليتب وليحذر أن يتبعها بأخرى.

السؤال: من مكة المكرمة رسالة بعث بها المستمع: إبراهيم صالح مصطفى ، الأخ إبراهيم يقول: إذا قام الرجل يصلي هو وزوجته، فهل تقف الزوجة على يمينه أم خلفه، وما هو الترتيب للرجل وزوجته والأطفال الذين لم يبلغوا الرشد، بل دون التاسعة وما حولها، هل يكونوا خلف الإمام ثم النساء، أم كيف توجهوننا؟ جزاكم الله خيراً.

الجواب: إن صلى وحده وصلت وحدها فلا بأس، كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وحده، ثم يوقظ عائشة للإيتار، ولم يحفظ عنه -فيما نعلم- أنه صلى بها عليه الصلاة والسلام ولا بغيرها من نسائه، وإن صلى بامرأته تكون خلفه، إذا صلى الإنسان بزوجته أو بغيرها من النساء يكن خلفه، لا يقفن لا عن يمينه ولا عن شماله، بل تكون المرأة خلف الرجل سواء كانت زوجة أو أماً أو غير ذلك.

أما الصبيان فإن كانوا قد بلغوا سبعاً فأكثر يصفون خلفه، وهكذا البنات بنات سبع فأكثر كلهن خلفه، لا يصفن مع الرجل يكن خلفه، لكن الصبيان يكن خلفه.

أما إن كان واحداً فإنه يصف عن يمينه كالرجل، كما صلى ابن عباس عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم وهو لم يبلغ.

فالمقصود: أن الصبيان لهم حالتان: إذا كانوا اثنين فأكثر فالسنة خلف الإمام، فإن كان الصبي واحداً فإنه يصف عن يمينه كالرجل، عن يمين الإمام.

أما النساء سواء كن كثيرات أو قليلات يكن خلف الإمام، وهكذا الواحدة تكون خلف الإمام ولو كان زوجها لا تقف معه.

المقدم: جزاكم الله خيراً! إذا كان الأطفال صبيان وصبايا من السابعة حتى العاشرة مثلاً، كيف تكون صفوفهم؟ جزاكم الله خيراً.

الشيخ: يصفون خلف الإمام، إذا كمل الصف الأول يكمل الصف الثاني ولو أنهم صبيان سبع فأكثر والبنات خلفهن يصفون خلفهن أيضاً.

المقدم: إذاً: الأولاد يلون الإمام؟

الشيخ: ثم البنات خلفهم.

المقدم: ثم البنات والنساء؟

الشيخ: لكن الكبار مقدمات على الصغار، إذا صفوا الجميع فلا بأس، لكن إذا جاء الكبار وصفوا فالبنات خلفهن وإن اختلطوا في الصف فلا بأس، لكن يكن خلف الصبيان.

السؤال: إذا أحدث الإمام في الصلاة، كيف يكون خروجه حتى يحل محله إمام آخر، أم يكمل الصلاة، أم يعيد؟ ثم إذا لم يكن هناك من هو أهل لمن يخلفه فكيف يكون التوجيه؟

الجواب: إذا أحدث في الصلاة يقطعها ويقول لهم: انتظروني ويذهب ويتوضأ ثم يستأنف الصلاة من أولها.

أما إذا كان هناك من يقوم مقامه فإنه يقول: تقدم يا فلان، أو يأخذ بيده ويقدمه؛ حتى يكمل بهم الصلاة، ولما طعن عمر رضي الله عنه أخذ بيد عبد الرحمن وقدمه وصلى بالناس رضي الله عنه.

فالمقصود: أنه إذا أحدث في الصلاة يقطعها ولا يكملها، ويقدم من يصلي بالناس ويكمل بهم إن تيسر وإلا فإنهم ينتظرونه، ثم يعود ويستأنف بهم الصلاة.

السؤال: إحدى الأخوات تقول: (ج. س) من جدة، بعثت تسأل وتقول: لي ابن عم، وأقول له: أخي. وعيالي يقولون له: خالي. وليس لنا قريب سواه، تربيت أنا وهو سوا، هل يجوز أن أكشف عليه، وهل يجوز لبناتي مصافحته والكشف عليه، وماذا يقولون له من جهة القرابة، وجهونا؟ جزاكم الله خيراً.

الجواب: ابن العم ليس محرماً، وليس خالاً لبناتك، عليك وعليهن الاحتجاب عنه، وإن تربى عندكن فالتربي كونه هو تربى في البيت لا يكون أخاً لك، ولا خالاً لأولادك وبناتك، ولكنه ابن عم على حاله ابن عم يحتجب عنه ولا يجوز لك الخلوة به، ولا لبناتك.

السؤال: هل أستعمل الحمرة وبعض المساحيق أم أنه لا يجوز؟

الجواب: لا مانع من استعمال المساحيق والحمرة في الشفة، والمساحيق التي تنور الوجه وتزينه ولا تضره، إذا كان ما فيها مضرة لا بأس أن تستعملها مرة في وجهها.. في بدنها لا بأس، أما إذا كان فيها مضرة فلا يجوز فعلها، وإن كان لها جسم فتزال عند الوضوء، إذا كان لها جسم يمنع الماء يزال عند الوضوء.

المقدم: جزاكم الله خيراً، وأحسن إليكم، سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل -بعد شكر الله سبحانه وتعالى- على تفضلكم بإجابة الإخوة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.

الشيخ: نسأل الله ذلك.

المقدم: مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء، شكراً لسماحة الشيخ.

وأنتم يا مستمعي الكرام! شكراً لحسن متابعتكم، ونحن نرحب برسائلكم على عنوان البرنامج: المملكة العربية السعودية - الرياض - الإذاعة (برنامج نور على الدرب) مرة أخرى شكراً لكم مستمعي الكرام! وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.