الجواب: هذا السؤال يتضمن ثلاثة أمور:
الأمر الأول: عقد الزواج لك على رجل لا تعرفينه ولا ترضين به، وهذا حرام على أبيك أن يزوجك إلا بعد إذنك في الزواج من شخص يبين لك جميع ما تتعلق به الرغبات من وصفه خلقة وخلقاً وديناً وكسباً وجمالاً، وهذا طبعاً يتعلق بالخلقة.
وعلى كل حال: لا يجوز للأب ولا لغيره أن يزوج أحداً ممن له ولاية عليه إلا بعد أخذ إذنه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا تنكح البكر حتى تستأذن، ولا تنكح الثيب حتى تستأمر)، وفي رواية صحيحة في مسلم : ( والبكر يستأمرها أبوها)، فنص على البكر ونص على الأب، والصحيح من أقوال أهل العلم: أن والدك إذا زوجك بمن لا ترضين فإن النكاح غير صحيح، ولكن إن أجزتيه فهو صحيح وإلا فلك الفسخ، بل على الأصح لك إبطال العقد ومنع نفوذه.
الأمر الثاني: معاملة زوجك لك، إذا كان ما قلت صحيحاً فإن هذه المعاملة معاملة سيئة وهي خلاف قول الله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19] وهذه المعاملة تبيح لك أن تطلبي فراقه والخلاص منه، ولا يحل له هو في هذه الحال أن يعضلك حقك لتفتدي منه بما أعطاك من مهر أو بدونه أو بأكثر منه، بل الواجب عليه وعلى كل زوج أن يعاشر زوجته بالمعروف في الإنفاق وفي المنام وفي الخطاب وفي كل الأحوال، لقول الله تبارك وتعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19].
الأمر الثالث بالنسبة لوالدك: الواجب عليه في هذه الحال -إذا صح ما قلت عن زوجك- الواجب عليه أن يدافع عن حقك، وأنت من أحق الناس ببره، وهو أولى الناس بالدفاع عنك، وأنت في هذه الحال لا شك مظلومة، فعلى والدك أن يدفع الظلم عنك، لأن ذلك من البر والصلة، ولا يجوز له أن يسكت على هذا الأمر، وكل أمر فإنه يمكن حله، إما بطريق المصالحة وأن يبعث حكمان من أهلك ومن أهله، وينظرا في الموضوع ويفرقا بينكما إذا لم يمكن الجمع، وإذا لم تمكن هذه الطريقة فبأي طريقة أخرى يمكن حل هذه المشكلة، وآخر الطب الكي كما يقال، آخر الأمر عرضها على المحكمة الشرعية لتقضي فيها ما يقرره الشرع.
المقدم: طيب بالنسبة لتطليقها ست مرات بالثلاث هي ذكرت ذلك، وأنه أمسكها وقال: لن أطلقها إلا بعد خمس سنوات أو أكثر؟
الشيخ: هذا التطليق يحتاج إلى بحث عن حال الزوج، فقد يكون في حال غضب شديدة لا يدري ما يقول، وقد يكون له أحوال أخرى تمنعه من تصور ما يقول، فلا نستطيع أن نحكم على هذا إلا بعد العلم الذي يمكننا منه أن نحكم عليه، لكن فيما لو وقع أن رجلاً طلق ست مرات فإن المعروف عند أهل العلم أن طلاقه يكون بائناً بثلاث طلقات والباقي زيادة، ومن العلماء من يقول: إنه لا طلاق إلا بعد رجعة، وأن الطلاق مهما كرر ولم يتخلله رجعة فإنه ليس بشيء، فالعمل على الطلقة الأولى لأن الله تعالى يقول: يَا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [الطلاق:1] (طلقوهن لعدتهن)، والطلاق بعد الطلاق ليس طلاقاً للعدة ولكنه طلاق في العدة، وفرق بين الطلاق للعدة والطلاق في العدة.
ثم إن حديث ابن عباس رضي الله عنهما: ( كان الطلاق على عهد النبي صلى الله عليه وسلم و
المقدم: لكن هل تغير الحكم بعد عمر رضي الله عنه؟
الشيخ: بعد سنتين من خلافة عمر كثر الطلاق بالثلاث، الطلاق الثلاث كما هو معروف من اتخاذ آيات الله هزوا، سواء قلنا: إنه استعجال للبينونة كما هو مناط الحكم عند أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه، أو قلنا: إنه مخالف لقوله تعالى: ياأيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [الطلاق:1] لأن تكرار الطلاق على المطلقة طلاق في العدة لا للعدة، فهو من اتخاذ آيات الله هزوا، فرأى عمر رضي الله عنه أن يلزم الناس بما يقتضيه لفظهم عقوبة لهم، لا تشريعاً، لأن الشرع انتهى بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكنه قال رضي الله عنه: أرى الناس قد تعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم، وهذا دليل على أنه فعل ذلك اجتهاداً وعقوبة ًلم لأجل ألا يتعجل الناس في هذا الأمر.
الجواب: ليس عليك في حمل القرآن وأنت جنب حرج، لأن هذا ليس بممنوع شرعاً، ولكن الذي ينبغي للإنسان أن يبادر بالغسل من الجنابة ليكون على طهارة، فإن لم يتيسر له ذلك فليتوضأ لتحصل له الطهارة الصغرى، هذا هو الأولى.
الجواب: هذا ليس بصحيح، بل هو بدعة، ولا يتقرب بالذبح لله إلا فيما وردت به السنة وهي ثلاثة أمور: الأضاحي، والهدايا للبيت مكة، والثالث العقيقة، هذه هي الذبائح المشروعة، وأما ما عداها فليس بمشروع.
ثم إن زعمهم أن هذا حج الأموات ليس بصحيح، فالأموات انقطعت أعمالهم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به من بعده، أو ولد صالح يدعو له)، وهذا ليس من الصدقة الجارية، لأن معنى الصدقة الجارية أن الإنسان يوقف شيئاً ينتفع الناس به بعد موته، والعلم الذي ينتفع به من بعده إذا علم أحداً علماً نافعاً فعملوا به بعد موته أو علموه انتفع به، والولد الصالح الذي يدعو له الذكر أو الأنثى من أولاده إذا دعا له انتفع به.
الجواب: إذا طلق الرجل امرأته طلاقاً رجعياً -يعني: طلاقاً يملك فيه الرجعة- فإن لها أن تكشف له ما دامت في العدة، لأنها ما دامت في العدة فهي زوجته، لقول الله تعالى: وَبُعُولَتُهُنَّ [البقرة:228] يعني: المطلقات أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ [البقرة:228]، فدل هذا على أن المرأة الرجعية زوجة لإضافتها إلى الزوج، ولا يقال: إن هذا مجاز باعتبار ما كان، لأن الأصل أن الكلام على حقيقته وأنه بعل لها وهي في العدة ولا يجوز صرف الكلام عن ظاهره إلا بدليل شرعي.
وعلى هذا فنقول: إذا كان الطلاق رجعياً فلا بأس أن تكشف له وتحادثه ويخلو بها وتبقى عنده في البيت حتى تنقضي العدة، بل إنه يجب أن تبقى عنده في البيت إذا طلقها طلاقاً رجعياً، ولا يجوز أن يخرجها ولا أن تخرج خلافاً لما اعتاده أكثر الناس اليوم، إذا طلق زوجته خرجت من البيت إلى أهلها وهذا حرام، لأن الله يقول: يَا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [الطلاق:1]، ثم قال مشيراً إلى ما سبق: وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ [الطلاق:1]، ثم قال معللاً لبقائهن في البيوت: لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا [الطلاق:1] فإذا بقيت في بيته فربما يحدث الله أمراً تتعلق رغبته بهذه المرأة فيراجعها من غير أن يحصل بينهما تباعد.
المقدم: في قوله سبحانه وتعالى: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ [البقرة:228] هذا على خلاف ما يفعله بعض الناس الآن إذا طلقت موليته فإنه يأتي ويأخذها ويذهب بها ويمنع زوجها أيضاً منها ويتشاكسان ويذهبان إلى المحكمة الشرعية وتكون المسألة طويلة وعريضة؟
الشيخ: أي نعم، هو هذا الذي ذكرت، ولاشك أنه خلاف ما دل عليه القرآن لا في آية البقرة: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ [البقرة:228] ولا في آية الطلاق: لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ [الطلاق:1].
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر