الجواب: هذا الأخ يقول: إنه حج مقرناً، ثم أدى عمرته قبل وقوفه بعرفة، وهذا العمل -أعني: أداء العمرة قبل الوقوف بعرفة- ليس عمل القارن، بل هو عمل المتمتع، وعلى كل حال خيراً فعل، لأن القارن ينبغي له أن يحول نيته إلى عمرة ليصير متمتعاً كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه الذين لم يسوقوا الهدي.
وفي قصته هذه ذكر أنه بات ليلة العيد بمنى، وهذا لا يجوز، بل يجب أن يكون المبيت ليلة العيد بمزدلفة إلا أنه يجوز الانصراف من مزدلفة للضعفة من الناس في آخر الليل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للضعفاء أن يدفعوا من مزدلفة بليل، أما غيرهم فيجب عليهم صلاة الفجر في مزدلفة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف بها حتى صلى الفجر، وأتى المشعر الحرام فوقف عنده حتى أسفر جداً، وقال لـ عروة بن مضرس : ( من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه وقضى تفثه).
وهذا يدل على وجوب الإقامة بمزدلفة إلى صلاة الفجر، والأحاديث الأخرى التي أشرنا إليها وهو ترخيص النبي صلى الله عليه وسلم للضعفة أن يدفعوا بليل دل على جواز الدفع عند الحاجة في آخر الليل، هذا مما يؤخذ على هذا الأخ في قصة حجه إذا كان قد ضبط.
ثالثاً: ذكر الأخ أنه في يوم العيد طاف للوداع، ولعله يريد بذلك طواف الإفاضة، فأخطأ في تسميته، بدليل أنه قال في آخر سؤاله: إنه خرج من مكة وفك إحرامه، ولم يتيسر له الرجوع للطواف حول البيت، مما يدل على أنه أخطأ في التسمية في قوله: إنه طاف طواف الوداع في يوم العيد، وعلى هذا فإذا كان نوى بالطواف يوم العيد طواف الإفاضة -يعني: طواف الحج- فهو صحيح، وقد أدى ما وجب عليه من طواف الإفاضة.
وأما كونه خرج من مكة ولم يطف للوداع فهذا خطأ، والواجب عليه ألا يخرج من مكة حتى يطوف للوداع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك وقال: ( لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت)، لكنه رخص للحائض والنفساء في ترك طواف الوداع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لـ صفية حين أخبر أنها طافت طواف الإفاضة قبل أن تحيض قال: ( فلتنفر إذاً) .
ولحديث ابن عباس : ( أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض).
وبقي أيضاً في قصة الأخ ملاحظة وهو أنه لم يذكر السعي في الحج، وظاهر حاله: أنه لم يسع، فإن كان الرجل بقي على قرانه، وأراد بقوله فيما سبق في أول سؤاله: أنه أدى العمرة قبل الوقوف بعرفة أراد أنه أدى أعمال العمرة مع بقائه على القران، فإن سعيه الأول يجزئه لأنه سعي بعد طواف القدوم، وإن كان أراد بأنه أدى العمرة، يعني: حقيقة العمرة قبل الطواف وتحلل بين العمرة والحج فقد بقي عليه الآن سعي الحج، فعليه أن يعود إلى مكة ليؤدي سعي الحج وحينئذ لا يجوز له أن يقرب أهله حتى يسعى، لأنه لا يكون التحلل الثاني إلا بالسعي.
الجواب: ذبائح أهل الكتاب حل لنا؛ لقوله تعالى: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ [المائدة:5] ، ولا يجب علينا أن نسأل كيف ذبحوها وهل سموا عليها أم لم يسموا، بل إنه ليس من المشروع لنا أن نسأل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري سأله قوم، فقالوا: ( يا رسول الله! إن قوماً يأتوننا باللحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا؟ قال: سموا أنتم وكلوا، قال: وكانوا حديثي عهد بكفر).
فدل هذا على أنه ليس من المشروع أن يسأل الإنسان عن ذبيحة من تحل ذبيحته كيف ذبحها وهل سمى أو ما سمى، ثم إن النبي عليه الصلاة والسلام دعاه يهودي إلى خبز شعير وإهالة سنخة، ولم يسأله كيف ذبح ذلك، ثم لما أهدت له اليهودية الشاة في خيبر أكل منها صلى الله عليه وسلم ولم يسألها كيف ذبحتها، فليس من المشروع ولا من السنة أن يسأل الإنسان عن ذبيحة من تحل ذبيحته كيف ذبحها، وهل سمى أم لم يسم، ولكن إذا تيقنت أن هذه الذبيحة المعينة التي قدمت لك ذبحت على غير الطريقة الإسلامية بأن ذبحت خنقاً أو بالرصاص أو بإلقائها في الماء الحار، أو ما أشبه هذا مما ليس ذكاة شرعية، فإنها لا تحل لك حينئذٍ كما لو ذبحها مسلم، فإنه إذا ذبحها مسلم بهذه الطريقة والمسلم خير من اليهودي والنصراني بلا شك وأحل، فإنها لا تحل، فمن باب أولى إذا ذبحها اليهودي أو النصراني بغير الذكاة الشرعية أنها لا تحل، وإذا كان الذبح عند النصارى أو اليهود متنوعاً يعني: أن بعضهم يذبح بطريقة الخنق وبعضهم بطريقة الذبح أو النحر، فإنه يكون من المشكوك فيه: هل هو من هؤلاء أو من هؤلاء، وحينئذ ينبغي للإنسان أن يتحرز منه، لأن طريقة الاحتياط في ترك الإنسان ما يريبه إلى ما لا يريبه خير وأولى وأحسن.
الجواب: إذا كنت لا تتمكن من الوقوف والصلاة في وقتها فإنه يجوز لك أن تجمع بين الصلاتين اللتين يصح الجمع بينهما، وهما صلاة الظهر مع العصر، أو صلاة المغرب مع العشاء، وأما جمع ثلاث صلوات فلا يجوز، وعلى هذا فإذا قدر أنه ضاق عليك الوقت في صلاة العصر حتى كادت الشمس تغرب، فإن الواجب عليك أن تصلي ولو كنت في السيارة، وعلى حسب حالك؛ لأن تأخير الصلاة عن وقتها محرم، قال الله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا [البقرة:239] ، ولم يقل: فأخروها، فتأخير الصلاة عن وقتها لا يجوز إلا ما كان يجمع إلى ما بعده، فإنه يؤخر ليجمع مع ما بعده حيث يجوز الجمع، أما تأخير الصلاة عن وقتها بدون جمع فهذا لا يجوز، بل تصلى كما قلت على حسب الحال.
الجواب: الطواف المذكور صحيح مادامت قد رأت الطهر قبل أن تطوف، وهذه النقط الأخيرة قد تكون حدثت بسبب الإرهاق والمشي، أو بأسباب أخرى، فالمهم أنها ما دامت المرأة عرفت الطهر ورأت القصة البيضاء، ثم طافت بعد ذلك بعد أن اغتسلت، فإن طوافها صحيح ولا حرج عليها.
الجواب: حكمه أن يذبح هدياً ويتصدق به على الفقراء في الحرم -يعني: في مكة- وتبرأ ذمته بذلك إن شاء الله.
الجواب: إذا كانت نفسه خانته ثم تذكر وندم فإنه يتوب إلى الله سبحانه وتعالى، ويستغفر من هذا الذنب، ويكفر كفارة يمين، لأنه لم يف بالنذر الذي عاهد الله عليه، فعليه كفارة يمين مع التوبة والاستغفار.
الجواب: حجهم تام ما داموا أتوا فيه على الأمر المشروع، وليس من شرط تمام الحج أداء العمرة، لكن العمرة ما داموا لم يعتمروا من قبل هي واجبة عليهم إن استطاعوا إليها سبيلاً، فمتى تهيأ لهم السفر إلى مكة ليؤدوا العمرة في أي زمن، وجب عليهم أداؤها.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر