الجواب: هذا السؤال من الأمور التي وقع فيها كثير من الناس بجلب الخدم من ذكور وإناث.
وفي الحقيقة: أن جلب كلا الصنفين فيه خطر من ناحيتين: النواحي الاجتماعية، والنواحي الأخلاقية.
أما النواحي الاجتماعية: فإن اعتياد الإنسان على الترف وعدم العمل وعدم المهنة بالبيت، والتكاسل والاتكال على الغير، كل هذا عليه خطره النفسي على سلوك الإنسان ونفسيته وفكره، لأنه يعتاد الترف والنعيم والتواكل على الغير، وهذا يؤثر فيه ويبقي في نفسه فراغاً عظيماً لا يتمتع في حياته منه -أي: بسببه-، ولهذا ترى المرأة التي جلبت لها الخادمة تراها فارغة الذهن.. فارغة الفكر لا تعمل ولا تتحرك، دمها ساكن وطعامها غير هاضم، لأنها تبقى كأنها ندمانة في طرف من بيتها تضع يدها -كما يقولون- على خدها لا تتحرك ولا تصنع شيئاً، وهذا يؤثر عليها نفسياً ويؤثر عليها جسمياً، هذا من الناحية الاجتماعية.
ومن الناحية الخلقية: أن هؤلاء الخدم إذا كن إناثاً فإنهن خطر لا على الشباب الذين في البيت، بل حتى على رب البيت، لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وربما يغريه بامرأة قد لا تكون ذات حسب وجمال، ولكن من أجل أنه ممنوع منها شرعاً فيزينها الشيطان في قلبه، فيكون ممن زين له سوء عمله فرآه حسناً. نسأل الله السلامة.
وقد يقول الإنسان: إننا ولله الحمد على دين متين، ونأمن على أنفسنا، ولكن هذا حديث نفس، والإنسان إذا تعرض للفتن فإنه يقع فيها، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم الإنسان إذا سمع بالدجال أن ينأى عنه، لأن الرجل قد يأتي ويقول: أنا مؤمن، أنا لن أصدق بالدجال، فلا يزال به يوقعه في الفتن حتى يضله عن سبيل الله.
وهكذا أيضاً بالنسبة للخدم الوافدين من الذكور فقد يكون الإنسان متكلاً على غيره مفض بأموره إلى غيره غير مهتم بها مباشرة، وهذا ضرر اجتماعي، وبالنسبة للعائلات من بنات وأخوات وزوجات هو أيضاً خطر عليهن، لأنه مع الأسف الشديد نسمع أن بعض الناس يرسل ابنته أو أخته أو زوجته مع هذا السائق وحده يمشي بها في السيارة ويتسكع بها في أسواق البلد الداخلية أو في أطرافها، وربما يخرج بها عن البلد، ثم لو أراد أن يخرج بها من الذي يمنعه؟ ولهذا لا يحل لإنسان أن يمكن زوجته أو ابنته من أن تركب مع السائق وحدها، لأن هذا من أعظم الخلوة التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله في حديث ابن عباس الثابت في الصحيحين: ( لا يخلون رجل بامرأة) لا يقال: إن هذا ليس بخلوة لأنهم يمشون في السوق! صحيح أنهم يمشون في السوق، ولكنهم في خلوة، لأن هذه السيارة بمنزلة غرفة أو حجرة انفرد بها هذا الرجل بهذه المرأة، فهو يستطيع أن يتكلم معها بما يشاء، وأن يضحك إليها وتضحك إليه، ويستطيع أن يتفق معها بكل سهولة على أن يخرجا إلى خارج البلد ويصنعا ما شاءا.
فالمسألة خطيرة جداً، فسواء قلنا: إنها خلوة، كما هو الذي يتضح لنا، أو قلنا: إنها ليست بخلوة، فإنها معرضة للفتن بلا ريب.
ثم إن بعض الناس يقول: إن زوجتي -والحمد لله- مأمونة وتخاف الله، أو إن ابنتي كذلك مأمونة تخاف الله وتخشى العواقب في الدنيا والآخرة، نقول: مهما كان الأمر فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وليس هذا القرن الذي نحن فيه بأفضل من القرن الذي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت في الصحيحين: ( أن رجلاً استأجر رجلاً ليعمل عنده، فزنا هذا الرجل بامرأته -أي: بامرأة من استأجره- فأُخبر والد الرجل أن على ابنه الرجم، فافتدى منه بمائة شاة ووليدة، ثم إنه سأل أهل العلم فأخبروه بأن على ابنه جلد مائة وتغريب عام -لأن هذا الابن لم يكن قد تزوج- ثم ترافع الرجل وزوج المرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقضى بينهما بكتاب الله تبارك وتعالى، فرد الغنم والوليدة على والد الابن، وأخبره بأن على ابنه جلد مائة وتغريب عام، وقال لـ
والحاصل: أن هذه القصة وقعت بين الأجير وبين زوجة من استأجره في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، وهو خير القرون وأسلمها من الفتن وأبعدها عن الفساد، ومع ذلك حصلت هذه القصة، أفلا يمكن أن تحصل في عهدنا هذا؟! إنه أقرب وأقرب وأقرب بكثير من وقوعها في عهد النبي عليه الصلاة والسلام.
ولهذا نقول: إن هذه المسألة فيها خطر عظيم، وأن الواجب على الإنسان ألا يستجلب خادماً إلا عند الحاجة، ثم إذا استجلب خادماً ذكراً فإنه يجعله في بيت خارج بيته، وكذلك بالنسبة لمن استخدم امرأة خادمة في البيت فليحرص غاية الحرص ألا تنفرد بأحد من الرجال فيقع المحظور.
مداخلة: كأني بمن يسمع الحديث أو يتلوه في وقت الرسول صلى الله عليه وسلم أن أجيراً فعل بامرأة مستأجره أن ذلك كان في عصر التشريع الإسلامي، ولابد أن يقع هذا لكي يكون هناك حكم لهذا الفعل؟
الشيخ: جوابنا على هذا أن نقول: إن هذا التشريع الإسلامي سبق هذه الحادثة، ولهذا أهل العلم أخبروا الرجل بأنه ليس على ابنه إلا جلد مائة وتغريب عام.
فالتشريع الإسلامي ثابت قبل أن تحصل هذه الحادثة.
الجواب: لا يحق لكِ أيها السائلة أن تطلبي الطلاق من زوجك حتى يتبين الأمر، لأنه قد يكون العقم منك، وقد يكون العقم منه، فإذا ثبت بطريق صحيح أن العقم منه فحينئذ لك أن تطلبي الفراق والفسخ على القول الراجح من أقوال أهل العلم، وعند بعض العلماء لا يحق لك طلب الفسخ إلا إذا كان ذلك بشرط عند عقد النكاح، مثل: أن تكوني قد اشترطتِ عند العقد أنه إن تبين أنه عقيم فلك الفسخ.
ولكن الصواب أنه إذا ثبت عقمه فإن لك أن تطلبي الفسخ منه؛ لأن لك حقاً في الولد، وأنت تريدين الأولاد كما أنه هو أيضاً يريد الأولاد، وهو لو تبين أن العقم منك لطلقك، فكذلك أنت إذا تبين أن العقم منه فلك أن تطلبي منه أن يطلقك أو يفسخ نكاحك، لأن هذا هو العدل، وقد ذكر أهل العلم أن الرجل لا يجوز له أن يعزل عن امرأته إلا بإذنها، وعلل ذلك: بأن لها حقاً في الأولاد، فإذا كان العزل لا يجوز إلا بإذن المرأة لأن لها حقاً في الأولاد؛ فكذلك يجوز لها أن تطلب فسخ النكاح إذا تبين أنه عقيم.
مداخلة: قولكم: لو تبين له أنها عقيم لطلقها، أو أبقاها في عصمته وتزوج عليها زوجة أخرى، وهي مستحيل عليها ذلك؟
الشيخ: هذا هو ما نريد، المعنى: أنه هو يستطيع أن يتخلص منها إذا كانت عقيمة، فإذا قلنا: هو يستطيع وهي لا تستطيع صار فيه نوع من الجور، وإذا قلنا: إن لكل منهما أن يفارق الآخر إذا تبين أن العيب فيه فهذا هو غاية العدل.
الجواب: نعم. يجوز لها أن تكشف وجهها عند زوجك، لأن الإنسان إذا تزوج امرأة صارت أمها وجدتها من قبل أبيها أو أمها محرماً له، يجوز لها أن تكشف له، وأن يخلو بها، وأن يسافر بها؛ لأنها من محارمه.
الجواب: المرأة إن صلت الجمعة مع الإمام فإنها تصلي كما يصلي الإمام، وأما إذا صلت في بيتها فإنها تصلي ظهراً أربع ركعات.
الجواب: نقول في استجلاب العمال من الخارج: (إن كان بين هذا المستجلب وبين الحكومة وفقها الله شروط معينة، فالواجب عليه أولاً مراعاة هذه الشروط، لأن الله تبارك وتعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1] ، ويقول تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء:59] ، ويقول تعالى: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا [الإسراء:34] .
فالواجب على من استجلب هؤلاء العمال أن يراعي أولاً الشروط الواقعة بينه وبين الحكومة، ولا يخرج عنها، فإذا كانت الحكومة ترضى أن يتعامل الجالب مع هؤلاء العمال كما يريد، فإنه لا بأس أن يتفق معهم على نسبة معينة بشرط أن يكون له أثر في هذا العمل الذي اتفق معهم على نسبة معينة فيه، بأن يكون هو الذي يتقبل الأعمال من الناس، ويكون له تأثير، ويكون هو المطالب وهم المنفذون، فإذا اتفق معهم في مثل هذه الحال على شرط معين، أي: على سهم معين فلا حرج فيه، ولكن -كما أسلفنا- لابد أن يكون ذلك لا يخالف ما اتفق مع الحكومة عليه.
مداخلة: لكن لو أراد أن يعطيهم نسبة على العمل الذي يقومون به في مكانه أو في عمله أعطاهم نسبة حافزاً لهم على العمل؟
الشيخ: لو أراد أن يعطيهم نسبة زائدة عن الأجور التي اتفق معهم عليها فلا حرج في ذلك، لأن هذه تعتبر كمكافأة أو مجازاة على نشاطهم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر