الجواب: المراد بقول أهل العلم: إن المبيت بمنى ليالي أيام التشريق واجب هو: أن يبقى في منى سواءٌ كان نائماً أم يقظاناً، وليس المراد أن يكون نائماً فحسب، وعلى هذا فنقول للأخ: لا يجوز لك أن تبقى في مكة ليالي أيام التشريق بل يجب عليك أن تكون في منى، إلا أن أهل العلم يقولون: إذا قضى معظم الليل في منى كفاه ذلك.
مداخلة: هذا إذا كان يستطيع البقاء لأنه قد يتعذر بعض الناس مثلاً يقول: لا أستطيع البقاء في منى لأني ليس لي خيمة ولم أجد مكاناً؟
الشيخ: إذا لم يجد مكاناً في منى فإنه يجب أن ينزل عند منتهى آخر خيمة، وليس له أن يذهب إلى مكة أيضاً، بل نقول: إنك إذا لم تستطع أن تكون في منى فانظر آخر خيمة من خيام الحجاج وكن معهم؛ لأن الواجب أن يتصل الحجيج، وأن يكون بعضهم إلى جنب بعض، كما نقول مثلاً: لو أن المسجد امتلأ بالجماعة فإن الناس يصفون بعضهم إلى جنب بعض.
الجواب: ليس فيه شيء من الصحة، بل إن الواجب على الحاج أن يتحفظ من النظر أكثر من غيره، ولهذا لا يجوز للحاج أن يستمتع بزوجته مع أنها حلال له؛ لقوله تعالى: فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة:197] ، بل أبلغ من ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التزوج في الحج وعن الخطبة في الحج، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا ينَكح المحرم ولا يُنكح ولا يخطب)، فإذا كان النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن عقد النكاح الذي قد يكون وسيلةً إلى الاستمتاع بالزوجة، ونهى عن ما يكون وسيلة لعقد النكاح وهي الخطبة، فما بالك بالنظر والتمتع بالنظر ولا سيما إلى النساء الأجنبيات، فلا شك في تحريم النظر إلى النساء الأجنبيات في الحج وفي غير الحج.
وأما قصة الفضل فإن فيها دليلاً على من استدل بها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما جعل الفضل ينظر إلى المرأة وتنظر إليه صرف النبي صلى الله عليه وسلم وجه الفضل إلى الشق الآخر، فدل هذا على أن النظر لا يجوز، وإلا لما صرف النبي صلى الله عليه وسلم وجهه إلى الشق الآخر.
الجواب: هذه الكفرات التي سرقتها إن كنت تعلم صاحبها وجب عليك ردها إليه بأي وسيلة، وإذا كان صاحبها قد مات وجب عليك أن تردها إلى ورثته، وإذا لم يكن له ورثة فإنك تردها إلى بيت المال أو تصرفها في المصالح العامة إذا لم يكن هناك من يتقبلها من جهة الدولة، وإذا كنت سرقتها من سيارة ولا تدري من هي له، فإنه يجب عليك أن تتصدق بقيمتها؛ لأن المجهول كالمعدوم، فلما تعذر علم هذا الشخص الذي سرقت منه هذه الكفرات فإنك تتصدق بها عنه -أي: بقيمتها- والله تبارك وتعالى يعلمه ويصل إليه ذلك وأنت تبرأ بها من ذمتك.
الجواب: نعم؛ لأن العذاب معناه التأذي بالشيء، ولهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام: ( السفر قطعة من العذاب)، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم: ( أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه)، فالتأذي بالشيء والتألم منه والضجر له هذا نوع من العذاب، ولا يريدون بالعذاب هنا العقوبة التي في الآخرة.
الجواب: مدح النبي صلى الله عليه وسلم بما فيه من الخصال الحميدة والمناقب العظيمة والأخلاق الكاملة هذا أمر مشروع ومحمود؛ لما فيه من الدعوة إلى دين الرسول صلى الله عليه وسلم وإلى تعظيم الرسول عليه الصلاة والسلام ومحبته، وكل هذا من الأمور المقصودة شرعاً، وأما مدحه بالغلو الذي كان ينهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم فهذا لا يجوز بكل حال كما لو مدحه بقول القائل:
فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم
فإن مثل هذا الغلو لا يجوز وهو محرم، وعلى الوجه الجائز لا يتخذ ذلك في ليلة معينة أو في يوم معين بحيث كلما أتت هذه الليلة وهذا اليوم قيلت هذه القصائد والمدائح، فإن تخصيص الشيء بزمن لم يخصصه به الشرع أو بمكان لم يخصصه به الشرع هو من البدع التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الجواب: التقاط الصور التذكارية إذا كانت صور آدميين فإنه لا يجوز، أو حيوانات كالإبل مثلاً فإنه لا يجوز؛ لأن فيه اقتناءً للصور، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة إلا ما استثني من الصور وهو ما اتخذ فراشاً ومخدة وما أشبه ذلك مما يمتهن.
وأما هذه الصور التذكارية للحيوانات والإنسان فإنه لا يجوز اقتناؤها بكل حال.
وأما إذا كانت الصور التذكارية للكعبة مثلاً أو لجبال منى أو لجبل عرفة أو لمسجد نمرة أو لمسجد المزدلفة أو لمسجد الخيف في منى فإن هذا لا بأس به ما لم يؤد ذلك إلى محظورٍ شرعي، فإن أدى ذلك إلى محظور شرعي فإنه لا يجوز، وإلا في الأصل الإباحة.
مداخلة: هذه مثل الصور لهذه المساجد لابد أن يكون فيها رجال أو نساء أو مخلوقات لأنه لا يتصور أن تخلو من الناس؟
الشيخ: نعم، من الممكن إذا ظهرت الصورة وفيها صور آدمي أن يطمس وجوهها وحينئذ تبقى سليمة.
الجواب: هذا من البدع التي لا ينبغي وهي إلى التحريم أقرب؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وغاية ما ورد في مثل هذا الأمر هو الالتزام، بحيث يضع الإنسان صدره وخده ويديه على الكعبة فيما بين الحجر الأسود والباب، لا في جميع جوانب الكعبة كما يفعله جهال الحجاج اليوم، وأما اللحس باللسان أو التمسح بالكعبة ثم مسح الصدر به أو الجسد فهذه بدعة بكل حال؛ لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وبهذه المناسبة أود أن ألفت نظر الحجاج إلى أن المقصود بمسح الحجر الأسود والركن اليماني هو التعبد لله تعالى بمسحهما لا التبرك بمسحهما، خلافاً لما يظنه الجهلة حيث يظنون أن المقصود هو التبرك، ولهذا ترى بعضهم يمسح الركن اليماني أو الحجر الأسود ثم يمسح بيده على صدره أو على وجهه أو على صدر طفله أو على وجهه، وهذا ليس بمشروع، وهو اعتقاد لا أصل له، ففرق بين التعبد والتبرك.
ويدل على أن المقصود هو التعبد المحض دون التبرك أن عمر رضي الله عنه قال وهو عند الحجر: إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك.
وبهذه المناسبة أيضاً أود أن أُبين أن ما يفعله كثير من الجهلة الذين يتمسحون بجميع جدران الكعبة وجميع أركانها، فإن هذا لا أصل له، وهو بدعة ينهى عنه، ولما رأى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما معاوية رضي الله عنه يستلم الأركان كلها أنكر عليه، فقال له معاوية : ليس شيء من البيت مهجوراً، فأجابه ابن عباس : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21] ، وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح الركنين اليمانيين، فرجع معاوية إلى قول ابن عباس رضي الله عنهما، فدل هذا على أن مسح الكعبة أو التعبد لله تعالى بمسحها أو مسح أركانها إنما هو عبادة يجب أن تُتبع فيه آثار النبي صلى الله عليه وسلم فقط.
الجواب: هذا التكبير لا أعلم له أصلاً ولا أعلم للإشارة أيضاً أصلاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا لم يعلم لذلك أصل لا للإشارة ولا للتكبير فإن الأولى ألا يكبر الإنسان ولا يشير.
وأما الحجر الأسود فقد ثبت فيه التكبير والإشارة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وبما أننا في الطواف فإن من البدع أيضاً ما يوجد في هذه الكتيبات التي تجعل لكل شوطٍ دعاءً خاصاً، فإن هذا ليس وارداً عن النبي عليه الصلاة والسلام ولا ينبغي للمسلم التزامه ولا العمل به أيضاً؛ لأن كل شيء لم يرد عن الرسول عليه الصلاة والسلام مما يتعبد لله به فإنه بدعة ينهى عنه، وهو كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام: ( كل بدعة ضلالة)، ولو أن الإنسان اتخذ دعاء عاماً مما وردت به السنة غير مخصص بكل شوط لقلنا: إن هذا لا بأس به بشرط ألا يعتقد مشروعيته في الطواف، ولو أن الإنسان دعا لنفسه بما يريد وذكر الله تعالى بما يستحضر من الأذكار المشروعة لكان هذا أولى، فالوجوه إذن ثلاثة:
تارة يذكر الإنسان ربه بما تيسر ويدعوه بما يحب فهذا خير الأقسام.
وتارة يذكر الله تعالى بما ورد ويدعوه بما ورد غير مقيد بشوط معين، فهذا لا بأس به إذا لم يعتقد الإنسان أنه سنة في الطواف.
وتارة يدعو الله سبحانه وتعالى في كل شوط بدعاء مخصص له، فهذا بدعة، ولا ينبغي للإنسان أن يتخذه ديناً يتقرب به إلى الله عز وجل.
وهذه الطريقة يحصل بها في الحقيقة مفسدة من الناحية العملية غير الناحية الاعتقادية والمشروعية وهي: أن كثيراً ممن يتلون هذا الدعاء لا يفهمون معناه ولا يدرون، ولهذا نسمعهم أحياناً يأتون بالعبارة على وجه تكون دعاء عليهم لا دعاء لهم؛ لأنهم لا يفهمون ولا يعرفون، وأحياناً يكونون غير عرب فلا يعرفون الحروف العربية، فيكسرونها ويغيرون معناها، ولهذا لو أن علماء المسلمين وجهوا المسلمين إلى الطريق السليم، وقالوا: إن هذا الطواف لا حاجة إلى أن تدعوا بهذه الأدعية التي ليست من السنة، وإنما تدعون الله تعالى بما تُحُبون أنتم ولكل إنسان رغبة خاصة ومطلب خاص يسأله ربه، لكان هذا أولى وأحسن وأسلم أيضاً من هذا التشويش الذي يحصل برفع الأصوات، وقد خرج النبي عليه الصلاة والسلام على أصحابه وهم يصلون ويجهرون، فقال صلى الله عليه وسلم: ( كلكم يناجي ربه فلا يجهر بعضكم على بعض في القراءة، أو قال: في القرآن)، والحديث رواه مالك في الموطأ وهو صحيح كما قاله ابن عبد البر ، وإذا تجنبنا هذه الطريقة التي عليها كثير من الحجاج اليوم، فإننا نسلم من التشويش، ويكون الطواف هادئاً ويكون خاشعاً، وكل إنسان يدعو ربه بما يريد، وأسال الله تعالى أن يحقق ذلك للأمة الإسلامية.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر