الجواب: أسنان الذهب لا يجوز تركيبها للرجال إلا لحاجة، مثل: أن تنقلع سنه ويحتاج إلى ربطها بشيء من الذهب أو تتغير بتكسر وغيره ويحتاج إلى تلبيسها ذهباً، هذا بالنسبة للرجال.
وأما بالنسبة للنساء فإذا اعتدن التجمل بتلبيس بعض الأسنان بالذهب فإن هذا لا بأس به، لأنه المرأة يجوز لها أن تتحلى بالذهب بما جرت به العادة. فإذا كان من عادة النساء مثلاً أن يتحلين بالذهب في أسنانهن فإنه لا حرج في ذلك.
وفي تلك الحالين: حال الحاجة للرجل وحال التجمل للمرأة إذا مات الميت فإن هذا الذهب يخلع منه؛ لأن بقائه فيه إضاعة للمال، والمال قد انتقل إلى الورثة بموت المورث، ولكن إن خشي من ذلك مثلة؛ بمعنى: أننا لو خلعناه لانخلعت الأسنان الأخرى فإنه يبقى مع الميت، وبقاؤه مع الميت إذا بلي يستخرج منه، وإن سمح الورثة فلا حرج في ذلك لأنه مالهم، وإذا تنازلوا عنه فلا حرج عليهم فيه.
الجواب: هذا الذي يلتقط ما بقي من الحجاج إذا كان الحجاج قد تركوه رغبة عنه، فإنه لآخذه، من أخذه ملكه؛ لأن صاحبه تركه، فليس ملكاً لأحد.
وأما إذا كان هذا المخلف تركه الحاج ناسياً فإنه لا يجوز أخذه إلا على وجهين:
أحدهما: أن يكون الأخذ من قبل الدولة لحفظه لأهله، أو لتتصرف فيه بما تراه على حسب ما تقتضيه الشريعة.
أو إنسان آخر يأخذه لينشده دائماً، فإن لقطة الحرم لا تحل إلا لمنشد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في مكة: ( لا تحل ساقطتها إلا لمنشد) أي: إلا لمعرف بها مدى الدهر.
وليست لقطة الحرم كغيرها، تملك بعد التاريخ سنة؛ لأن لقطة الحرم لها من الحرمة ما ليس لغيرها.
ومن المعلوم أنه إذا كان الملتقط في الحرم لا يحل له الالتقاط إلا إذا كان يعرفها دائماً، فإن أحداً لا يمكن أن يلتقطها فيشغل نفسه وذمته بها، فإذا تركها ثم جاء الآخر وتركها والثالث والرابع وتركها، بقيت في مكانها فعاد إليها صاحبها فوجدها، وهذه هي الحكمة من هذا الحُكْم الذي بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تحل ساقطتها إلا لمنشد) حتى تبقى الأموال محترمة في أماكنها فيأتيها أهلها فيجدوها.
مداخلة: لكن بالنسبة للوضع الحالي، لو ترك هذا الذي يريد أن يستفيد بها لأتتها أمانة مكة المكرمة وذهبت بها إلى أمكنة إما للإحراق أو للدفن، معروف أن عمال النظافة لم يخزنوا مثل هذه الأشياء، وتضيع على المسلمين عامة؟
الشيخ: نقول كما ذكرنا أنها لا تؤخذ إلا على وجهين:
الوجه الأول: من قبل الدولة، والدولة هنا تتصرف فيها على حسب ما تقتضيه الشريعة.
فمثلاً: إذا كانت هذه المخلفات التي تأخذها الأمانة مما يمكن الانتفاع به، فإنه لا يجوز إتلافه، بل الواجب حفظه ويباع ويصرف في مصالح المسلمين، أو يعطى لمن ينتفع به من الفقراء.
أما إذا كان لا يمكن الانتفاع به، كما لو فرض أن المخلف نعلاً واحدة من نعليه، فهنا لا يمكن الانتفاع به ويحرق أو يدفن، فالمهم أن المسؤول عن هذا الأمر من قبل الدولة يجب عليه ألا يضيع المال، بل إذا كان مما يمكن الانتفاع به، فإنه يباع ويصرف ثمنه في المصلحة العامة أو حسب ما يقتضيه نظر ولي الأمر، وإلا تصدقوا بعينه على من ينتفع به.
مداخلة: غالب الحجاج على ما عرفنا من مشاهدتهم وكثرة الاختلاط بهم أنهم يتركون هذه الحاجات لأنها لا تساوي قيمة نقلها إلى بلدانهم، وعموماً أنهم سينقلونها على أظهرهم وعلى أكتافهم فهم يتركونها لهذا؟
الشيخ: على كل حال إذا تركوها رغبة عنهم فقد ذكرنا أنه يجوز لمن وجدها أن يأخذها وتكون ملكاً له.
الجواب: هذا السؤال جوابه التفصيل، وذلك أن الشعور تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
أولاً: ما أمر الشرع بإزالته.
وثانياً: ما نهى الشرع عن إزالته.
وثالثاً: ما سكت عنه الشرع.
أما ما أمر الشرع بإزالته: مثل شعر الإبطين فالأمر فيه واضح.
وأما ما نهى الشرع عن إزالته فإنه أيضاً حكمه واضح وأنه لا يزال، كما في شعر اللحية للرجل فإنه لا يجوز له حلقها؛ لأن ذلك معصية للرسول صلى الله عليه وسلم، ومعصية الرسول معصية لمرسل الرسول وهو الله عز وجل.
وأما ما سكت عنه الشرع، مثل: شعر الذراع والساق والصدر والرقبة، فهذا قد يقول القائل: إنه لا بأس بإزالته. لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( وما سكت عنه فهو عفو)، وهذا مسكوت عنه فيكون عفواً.
وقد يقول القائل: إنه لا ينبغي أخذه، لا نقول: إنه حرام؛ لأنه لو كان حراماً لبُين تحريمه، ولكن نقول: لا ينبغي أخذه؛ لأنه قد يدخل في تغيير خلق الله الذي هو من أوامر الشيطان، كما قال الله عز وجل عن الشيطان: وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ [النساء:119]، وعلى هذا فيكون الأولى ترك هذه الشعور كما هي، إلا أن تصل إلى حد مشوه بحيث تخرج عن العادة والمألوف وتكون محل الأنظار، فهنا لا بأس أن يستعمل الإنسان ما يخففها حتى لا يكون محل نظر من الناس.
بقي علينا شعر الوجه كالحاجبين: فإن أخذ الحاجبين بالنتف محرم وهو من كبائر الذنوب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم: ( لعن النامصة والمتنمصة)، قال أهل العلم: والنمص نتف شعر الوجه، والحاجبان من شعر الوجه.
وأما تخفيف الحاجبين بغير نتف بل بالقص والحلق فهذا موضع خلاف بين أهل العلم، منهم من قال: إنه داخل في النمص فهو محرم بل كبيرة.
ومنهم من قال: إنه لا يدخل في النمص؛ لأن النمص مخصوص بالنتف، وهذا ليس بنتف. ولكننا نقول: إن الأولى والاحتياط تركه، وعدم الأخذ من شعر الحاجبين، اللهم إلا أن يكون فيهما أذى للعين، مثل أن تطول هذه الشعور فحينئذٍ يجوز تخفيفها على وجه تزول به المضرة.
الجواب: المطربة غالباً ما تكون أغانيها مصحوبة بالموسيقى، وإذا كانت مصحوبة بالموسيقى صارت محرمة؛ لأن الموسيقى من المعازف، وقد حرم الرسول صلى الله عليه وسلم المعازف، كما في صحيح البخاري : عن أبي مالك الأشعري أو أبي موسى الأشعري قال: ( ليكونن أقوام من أمتي يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف)، وهذا صريح في أن المعازف بجميع أنواعها محرمة.
وأما إذا كانت تغني بدون عزف وبصوت غير ظاهر؛ فإن هذا لا بأس به ولا حرج فيه، ولا حرج أيضاً في حضوره؛ لأن حضور المباح مباح.
أما القسم الأول: فإنه لا يجوز حضوره لأن حضور المحرم محرم.
الجواب: الصحيح في ذلك أنها سنة، لحديث سهل بن سعد وهو في صحيح البخاري ، قال: ( كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة)، وهذا الحديث عام، وقوله: (في الصلاة) أيضاً عام في جميع أحوالها إلا ما دل الدليل على استثنائه.
وليكن السائل معنا حتى ننظر هل يدخل في هذا الحديث القيام بعد الركوع أم لا؟ فنقول: كلمة (في الصلاة) عام، يدخل فيها أولاً: القيام قبل الركوع، ولا يدخل الركوع لأن وضع اليدين في الركوع معروف وهو أن يكونا على الركبتين، ونسكت عن القيام بعد الركوع لأنه محل سؤال. ولا يدخل فيه السجود لأن وضع اليدين في السجود معروف على الأرض، ولا يدخل فيه الجلوس بين السجدتين؛ لأن وضع اليدين في الجلوس بين السجدتين معروف على الفخذين، ولا يدخل فيه الجلوس في التشهد الأول ولا الثاني؛ لأن وضع اليدين أيضاً فيه معروف وهما على الفخذين.
بقي القيام بعد الركوع نقول: القيام بعد الركوع عموم حديث سهل يشملهما، بل يشمل حكم اليدين بعد الرفع من الركوع، وعلى هذا يكون حكم اليدين بعد الرفع من الركوع كحكمهما قبل الركوع، أي: أن اليمنى توضع على اليسرى، وأما من قال: إن وضع اليد اليمنى على اليسرى بعد القيام من الركوع بدعة فإنه لم يتأمل هذا الحديث، ولو تأمله لتبين له الأمر كما أوضحناه.
والإمام أحمد رحمه الله نص على أنه يخير بين أن يضع يده اليمنى على اليسرى بعد القيام من الركوع، وبين أن يرسلهما، ولعله رحمه الله لم يتبين له الحكم في هذه المسألة فجعله مخيراً، أو لعله اطلع على أحاديث غير حديث سهل بن سعد تدل على الإرسال فجعله مخيراً؛ لأن الذي ينبغي لطالب العلم إذا لم يجد نصاً للمسألة أن يتوقف ولا يخير، فإن القول بالتخيير حكم، والحكم لا يجوز إلا بدليل، والإمام أحمد رحمه الله لا يمكن أن يحكم بالتخيير إلا وعنده دليل في ذلك، والمهم أن القول بأن وضع اليد اليمنى على اليسرى بعد الركوع بدعة قول لا وجه له، بل الصواب الذي يدل عليه حديث سهل وهو في صحيح البخاري هو في وضع اليد اليمنى على اليسرى بعد القيام من الركوع.
والله أعلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر