الجواب: تضمن سؤاله أولاً: يقول: ماذا أصنع إذا شككت: هل ركعت ركعتين أو ركعة؟ والظاهر أن مراده ركوعين أم ركوعاً واحداً، فنقول: إذا شككت هل ركعت ركوعين أو ركوعاً واحداً فلا شيء عليك؛ لأن هذا شك في السبب الموجب لسجود السهو، وهو الزيادة لو تحققها، والأصل عدم وجوب السجود بناءً على أن الأصل عدم وجود سببه، ولكن لو تيقن أنه زاد ركوعاً وجب عليه سجود السهو، ويكون محله بعد السلام كما سبق، وأما إذا شك هل سجد سجوداً واحداً أو سجودين، فإنا نسأله: ماذا يترجح عندك؟ إن قال: يترجح أنه سجودان، قلنا: ابنِ على ما ترجح عندك، وعليك أن تسجد للسهو بعد السلام، وإن قال: يترجح عندي أنه سجود واحد، قلنا له أيضاً: ابنِ على ما ترجح عندك، وائت بالسجود الثاني، ثم اسجد سجدتين بعد السلام، وإن قال: لا يترجح عندي أنه سجود واحد ولا أنه سجودان، قلنا: ابن على أنه سجود واحد، وائت بالسجود الثاني، ثم اسجد سجدتين للسهو قبل السلام؛ لأن هذا من الشك الذي تساوى طرفاه، والأول والثاني من الشك الذي ترجح فيه أحد الطرفين.
وقد علم من الحلقة السابقة أن الشك إذا ترجح أحد طرفيه عمل بما ترجح ويسجد للسهو بعد السلام، وإذا تساوى طرفاه أخُذ باليقين ثم سُجد للسهو قبل السلام، هذا فيما إذا شك في السجود الواحد أو السجودين.
كذلك أيضاً إذا شك هل قرأ الفاتحة أم لا؟ نقول له: ما هو الراجح عندك؟ إذا قال: الراجح أني قرأتها، قلنا له: ابن على ما ترجح عندك، واسجد للسهو بعد السلام، وإذا قال: الراجح أني لم أقرأها، قلنا: اقرأها واسجد للسهو بعد السلام، وإذا قال: لا يترجح عندي أني قرأتها، ولا أني لم أقرأها، قلنا: ابن على أنك لم تقرأها، ثم اقرأها، واسجد للسهو بعد السلام.
وكذلك: نقول في الشك في قراءة التحيات كما قلنا في الشك في قراءة الفاتحة.
الجواب: هذه المسألة لا أستطيع أن أقول: إن الركن كذا، وإن الواجب كذا، ولكني أقول: إن الركن ما لا تصح الصلاة بدونه، ولابد من فعله، ولا يسقط بالسهو، وأما الواجب فهو ما يجب فعله أو قوله، ولكن الصلاة تصح بدونه إذا وقع ذلك سهواً، ويجبر بسجود السهو.
هذا هو الفرق الحكمي بين الركن والواجب، وأما تعيين أن هذا ركن وأن هذا واجب؛ فإن هذا موضع خلاف بين أهل العلم، ولا يمكننا أن نتكلم على مثل هذه المسائل التي يسمعها الناس عامة، ولكن إذا كان الشيء لا تصح الصلاة بدونه ولو سهواً فهو ركن، وإذا صحت بدونه مع السهو وجبر بسجود السهو فهو واجب، وإذا صحت بدونه مع السهو والعمد فإنه سنة وليس بواجب ولا ركن.
الجواب: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( أن الصلاة في المسجد النبوي خير من ألف صلاة فيما عداه إلا المسجد الحرام)، وفي مسند الإمام أحمد : ( أن الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة فيما عداه)، وعلى هذا فتكون الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، والصلاة في المسجد النبوي خيراً من ألف صلاة فيما عداه إلا المسجد الحرام.
الجواب: الوتر هو ختام صلاة الليل بركعة واحدة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل فيما رواه ابن عمر رضي الله عنهما عن صلاة الليل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى واحدة فأوترت له ما صلى)، هذا هو الوتر، وأقله ركعة، وأكثره إحدى عشرة ركعة.
والدليل على أن أقله ركعة ما سقناه في حديث ابن عمر : ( صلى واحدة فأوترت ما صلى)، وبين الواحدة والإحدى عشرة ثلاث وخمس وسبع وتسع، فأما إذا أوتر بخمس فإنه لا يجلس إلا في آخرهن، وإذا أوتر بسبع لم يجلس إلا في آخرهن، وإذا أوتر بتسع جلس عقب الثامنة وتشهد ولم يسلم، ثم قام إلى التاسعة وتشهد وسلم، وإذا أوتر بثلاث فإنه يُخير بين أن يصلي ركعتين ثم يسلم، أو يصلي ثلاثاً بتشهد واحد وتسليم واحد.
الجواب: فصل الدين عن السياسة يراد به أن ولي الأمر يفعل ما شاء مما يظن قيام الدولة به، سواء وافق الشرع أم لم يوافقه، حتى ولو كان ذلك على حساب الدين؛ لأن الفصل معناه التمييز بين الشيئين والحد بينهما، وعلى هذا فولي الأمر ينظر بما يراه مُصْلِحاً وإن خالف الشرع.
ولا ريب أن هذا قول باطل وقول خاطئ، وأن الدين هو السياسة، والسياسة من الدين، ولكننا نريد بالسياسة السياسة العادلة دون السياسة الجائرة، وأستدل لما أقول بأن الدين الإسلامي جاء لإصلاح الناس في معاملاتهم في ما بينهم وبين ربهم، وفيما بينهم وبين العباد، وجعل لله حقوقاً، وللعباد حقوقاً، وحصل للوالدين والأقربين والزوجات والمسلمين عموماً وحتى غير المسلمين جعل لهم الإسلام حقاً معلوماً عند أهل العلم، وجعل للحرب أسباباً وشروطاً، وللسلم أسباباً وشروطاً، وجعل للجرائم عقوبات بعضها محدد، وبعضها موكول إلى رأي الإمام، إلى غير ذلك مما يدل دلالة واضحة على أن الإسلام كله سياسة.
وأصل السياسة مأخوذة من السائس الذي يتولى أمر الحيوان، ويقوم بما يصلحه، ويدفع ما يضره، هذه هي السياسة، والدين إذا تأملناه وجدناه بهذا المعنى، وأن الله تعالى يشرع لعباده من الأمور المطلوبة ما لا تستقيم حياتهم بدونه، وينهاهم عن الأمور التي تفسد بها أحوالهم العامة أو الخاصة.
فالحقيقة أن الدين كله سياسة، ونحن نجزم أن كل من فصل السياسة عن الدين وبنى سياسته على ما يراه هو وما تهواه نفسه أن سياسته فاسدة، وتفسد أكثر مما تصلح، وهي إن أصلحت جانباً حسب ما يراه نظره القاصر، فإنها تفسد جوانب كبيرة، ويدل لذلك التأمل في أحوال هؤلاء العالم الذين بنوا سياساتهم على أهوائهم وآرائهم، وصاروا مبتعدين عن الدين الإسلامي، يجد المتأمل أن هذه السياسات كلها أو غالبها فساد، وأنها إذا أصلحت جانباً أفسدت جوانب.
فعلى هذا نقول: إن فصل السياسة عن الدين أمر خاطئ، وأن الواجب لمن أراد أن يصلح نفسه ويصلح غيره ألا يسوس أحداً إلا بمقتضى الدين الإسلامي.
الجواب: هذه الشكوك التي ترد عليك وعلى كثير من الناس هي في الغالب أوهام ووساوس يلقيها الشيطان في قلب المتعبد لله تبارك وتعالى، ليفسد عليه عبادته، وليُلبس عليه أمر دينه، ولهذا ننصحك ألا تلتفتي إلى هذه الشكوك، وأن تطرحيها جانباً، لأن كثرتها في العبادة يدل على أنها أوهام مجردة، ولهذا نرى أنك إذا قمت بأعمال أخرى لا مساس لها بالعبادة، لا تدركي هذه الأوهام والشكوك، هذا هو غالب ما نراه في أمثالك.
فنصيحتنا لك ألا تلتفتي إلى هذه الأمور، وأن تطرحيها ولا تعتبريها، وأن تأخذي بما يقع عليه أول ذهنك وتقديرك، وتطرحي ما عداه، وإذا لم يمكن هذا فإنك تستعملين ما يحدد لك عدد الصلاة، بحيث تضعين نوى أو حصى أمامك بعدد ركعات الصلاة التي تصلين، فمثلاً: إذا كنت في الظهر تضعين أربع نوى، كلما قمت من السجدة الثانية حذفت واحدة حتى تنتهي هذه الأربع، وفي المغرب تضعين ثلاثاً، فإذا قمت من السجدة الثانية من الركعة الأولى فارم واحدة ثم ارم الثانية ثم الثالثة، حتى تتم صلاتك على الوجه المطلوب.
الجواب: لا يجوز للمرأة البكر ولا غير البكر أن تزوج نفسها، بل لابد لها من ولي، والولي هو الذكر من عصباتها فقط، فإن لم يوجد فالسلطان ولي من لا ولي له، السلطان ذو السلطة العليا في الدولة، أو من ينيبه السلطان في هذه الأمور فيقوم مقامه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا نكاح إلا بولي)، ومما يشهد لهذا الحديث قوله تعالى: وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ [النور:32]، فقال: وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ [النور:32]، فجعل أمر الأيامى موكولاً إلينا، ولو كانت الأيم هي التي تأيمت من زوجها السابق يمكن أن تُزِوج نفسها ما وجُه الخطاب إلى أوليائها، فالمهم أنه لابد من ولي يتولى عقد النكاح للمرأة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر