إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب [137]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم قبض اليدين وإرسالهما في الصلاة

    السؤال: القبض والإرسال في الصلاة مشكلة أحدثت خلافات حادة بين المسلمين، فهل القبض أو الإرسال من أركان الصلاة أو واجباتها، أو من شروط صحتها؟

    الجواب: هذا السؤال ذو شقين؛ أحدهما: ما أشار إليه الأخ من الخلافات بين المسلمين في مثل هذه الأمور، والثاني: حكم هذه المسألة التي هي القبض أو الإرسال، أما الأول فإننا نقول: إن مما يدعو للأسف أن يقع مثل هذا النزاع بين المسلمين في هذه المسألة؛ لأن هذه المسائل من المسائل التي لا تتعلق بالعقيدة، وهي مسائل وجد جنسها في عهد الصحابة رضي الله عنهم، فإنهم يختلفون في الفروع كثيراً، ومع ذلك لا يحدث بينهم عداوة ولا بغضاء، ولا إحن ولا أحقاد من أجل هذا، بل إنه يجب على المؤمن إذا خالفه أخوه بمقتضى الدليل عنده، أي: عند هذا المخالف، يجب عليه أن يزداد له حباً، لأنه يعرف أنه ما خالفه لمقتضى الدليل، إلا تمسكاً بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأنه لم يتزحزح عن ذلك لمداهنة أحد أو مراعاة خواطر، ففي الحقيقة إذا كان صاحبك الذي خالفك في مسألة من مسائل العلم، خالفك لأن ذلك مقتضى الدليل عنده، فإنه يجب عليك أن تزداد له محبة، لا أن تزداد بغضاً له أو نفوراً، لأنه كما أنه هو ليس معصوماً، فأنت أيضاً لست بمعصوم، وكونك تفرض على غيرك أن يقول برأيك، هذا في الحقيقة مخالف لتحقيق شهادة أن محمداً رسول الله؛ لأنك كأنك جعلت نفسك رسولاً معصوماً واجب الاتباع، وهذا أمر خطير جداً، فالواجب على المرء كما قلنا وإن كنا قد كررنا ذلك لأنه مهم جداً، إذا خالفه غيره لمقتضى الدليل عند هذا المخالف، ألا يغضب من ذلك أو يحدث له بغضاء لهذا الرجل، بل إن الواجب أن يزداد له محبة، والهدف واحد إذا حسنت النية، فإن الهدف هو التمشي مع ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهو هدف الجميع مع حسن النية، أما إذا كان الإنسان يريد أن يتبع الناس قوله، ويضلل من يخالفه، فإن هذا ليس من مسالك السلف الصالح، وهو خطير على الأمة الإسلامية، ولا يختص هذا بمسألة القبض والإرسال في اليدين في الصلاة، بل هو عام في كل مسائل الخلاف، وما أكثر المسائل التي وقع فيها خلاف بين أهل العلم قديماً وحديثاً، ولكن يجب على الإنسان أن يتخذ ما أشرنا إليه طريقاً ومنهاجاً بحيث لا يتأثر بالمخالفة.

    أما بالنسبة للقبض والإرسال فلا شك أن الذي دلت عليه السنة هو قبض اليد، بمعنى وضع اليد اليمنى على اليسرى، وقد ثبت ذلك في صحيح البخاري من حديث سهل بن سعد قال: ( كانوا يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة )، وهذا ثابت في غير حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يمكن لأحد أن ينكره مع ثبوته عن الرسول عليه الصلاة والسلام، ولا عبرة بقول أي أحد من الناس مع وجود ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فالتعبد بالإرسال ليس له وجه، بل التعبد إنما هو بوضع اليد اليمنى على اليسرى.

    ومع هذا فلا ينبغي لنا أن نبغض هؤلاء الذين يرسلون، بل ندعو لهم بالهداية، ونحن ندعوهم أيضاً إلى الاهتداء، ونبين لهم السنة، والمؤمن إذا دعي إلى الله ورسوله لا يجد سبيلاً إلى الفرار من ذلك، إنما وقع الخلاف في حكم اليدين بعد الرفع من الركوع، وقع الخلاف حتى عند القائلين بأن المشروع أن يضع يده اليمنى على اليسرى في حال القيام، وقع الخلاف بينهم فيما إذا قام من الركوع، هل يقبض؟ بمعنى هل يضع يده اليمنى على اليسرى أو يرسلها؟ فالإمام أحمد نص على أن الإنسان مخير بينهما، إن شاء أرسل وإن شاء قبض، وبعض الناس ينكر القبض إنكاراً بالغاً ويرى أنه بدعة، وبعض الناس يرى أن من السنة أن يقبض بعد القيام من الركوع.

    والصواب من هذه الأقوال أنه يقبض إذا رفع من الركوع؛ لعموم الأحاديث الدالة على أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يفعل ذلك، وأن الناس كانوا يؤمرون به، فإننا إذا أخذنا بحديث سهل بن سعد الذي أشرنا إليه قريباً: ( كانوا يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة) وكلمة (في الصلاة) عام يشمل جميع أحوالها، ولكن يخرج منه السجود بلا شك، ويخرج منه الجلوس بلا شك أيضاً، ويخرج منه الركوع، فالركوع والسجود والجلوس لا يدخل في هذا العموم بلا شك؛ لأن لها هيئات معينة بالنسبة لليدين، فيبقى عندنا القيام، فيشمل ما قبل الركوع وما بعد الركوع، وأما إنكاره والدعوة بأنه بدعة فهذا لا وجه له، وليس بصحيح، فالأقرب والأرجح أن يضع يده اليمنى على اليسرى حتى بعد القيام من الركوع.

    مداخلة: إذاً: ما دامت الأحاديث قد صحت، وقد تناقلها الخلف عن السلف، ونقصد بالخلف التابعين، عن الصحابة وعن الرسول صلى الله عليه وسلم كيف نشأ هذا الخلاف؟

    الشيخ: ما أعرف أصل هذا الخلاف، ولكنه مهما كان لا يهمنا أصل الخلاف، إنما يهمنا الواقع.

    مداخلة: ألا يروى عن أحد الأئمة؟

    الشيخ: ما أعرف.

    1.   

    المقصود بالذكر في قوله تعالى: (وذكر اسم ربه فصلى)

    السؤال: قال الله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى [الأعلى:14-15] ، فما المراد بالذكر هنا، أهو التهليل أم غيره؟

    الجواب: قوله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى [الأعلى:14] ، أي: من تطهر من الشرك فما دونه من الذنوب، وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى [الأعلى:15] ، هذا يشمل كل ذكر لله عز وجل، والصلاة معروفة، وقد ذهب بعض أهل العلم من المفسرين إلى أن المراد بذكر الله هنا خطبة الجمعة، والصلاة صلاة الجمعة، قالوا: لأن الله تعالى يقول: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ [الجمعة:9] ، والصواب أن الآية عامة لكل من ذكر اسم الله تعالى ثم صلى، سواء في خطبة الجمعة أو في غيرها، وذكر اسم الله تعالى يكون بقول: لا إله إلا الله، وبقول: سبحان الله والحمد لله، بل وبفعل العبادات أيضاً؛ لأن العبادات في الحقيقة ذكر لله عز وجل.

    مداخلة: هناك من يقيد هذه الآية برمضان والعيد؟

    الشيخ: يروى عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه كان يجعلها دالة على زكاة الفطر؛ لقوله: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى [الأعلى:14-15] ، ولكن هذا ليس بتقييد للآية، بل هو من جملة ما تدل عليه.

    1.   

    حكم الامتناع عن إخراج الزكاة عن مال اليتيم الموجود عند الولي

    السؤال: نرجو إرشادنا عن مبلغ عند رجل أمانة، وصاحبه يتيم، ومنعه من الزكاة أن يخرجها، على من يكون الإثم؟ على المأمون وإلا على اليتيم علماً بأن اليتيم بلغ الرشد؟

    الجواب: إذا بلغ اليتيم الرشد فإنها تزول ولاية وليه؛ لأنه استقل بنفسه، فيجب دفع ماله إليه؛ لقوله تعالى: وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ [النساء:6] ، فلا يجوز للولي أن يبقي مال اليتيم بعد رشده تحت يده، بل يجب عليه أن يدفعه له، وأما منعه من الزكاة فالإثم على المانع، ولكن هذا لا يسقط وجوب الزكاة، فإذا قبضه هذا اليتيم فإنه يؤدي زكاته لما مضى؛ لأنه لم يمنعه من التصرف في المال والانتفاع به، بل إنما منعه من أداء الزكاة، فمتى قدر على أداء الزكاة ولو بعد حين وجب عليه أداؤها.

    مداخلة: لكن المانع اليتيم الآن، هو الذي منع؟

    الشيخ: أنا فهمت من السؤال أن المانع الأمين.

    مداخلة: إذن لابد من الإجابة على الوجهين.

    الشيخ: على كل حال ما يخالف، إذا كان المانع الأمين فهو على ما قلت أنا، وإذا كان المانع اليتيم فاليتيم هو الآثم، ولا حكم لمنعه أيضاً، لأن للولي السلطة، فيستطيع أن يخرج الزكاة ولو كان اليتيم ممانعاً ما دام اليتيم لم يبلغ رشده.

    1.   

    حكم الزوج إذا لم يسلم لزوجته المهر حال حياتها ثم ماتت ولم تستوفيه

    السؤال: أنا كنت تزوجت وقد اتفقنا معاً على الصداق مائة جنيه، وأنا دفعت خمسمائة جنيه، والباقي خمسمائة جنيه إذا بيني وبينها طلاق وهي متى طلبت مني الطلاق، ويقول: إنها سابتني وكنت حينذاك زعلاناً، والحمد لله الآن تراجعت، وهي الآن توفت إلى رحمة الله، والآن أنا أسأل: هل لها علي حق أم لا يكون لها علي حق؟ ومن أدفع له حقها إن كان علّي حق وهو المهر المؤجل الذي ذكر؟

    الجواب: هل معنى قوله: (سابتني)، يعني: سامحتني وصفحت عني..

    المقدم: هو يقول: سبتني وعابتني، وكنت حينذاك زعلاناً، والحمد لله أنا تراجعت، ويُعتقد أنه طلقها لَمّا سبته؟

    الشيخ: نعم على كل حال إذا كان لم يسلم المهر لها في حياتها فإنه يسلمه بعد وفاتها، ويكون لورثتها من بعد الوصية والدين، وهو أيضاً من جملة الورثة، فإن له نصفه إن لم يكن لها ولد، وربعه إن كان لها ولد، ويقسم الباقي على ورثتها، وذلك من بعد الوصية والدين كما هو في القرآن الكريم.

    1.   

    حكم لبس المرأة للملابس التي فيها سحاب مع تطويل الأظافر

    السؤال: أنا فتاة جميع ملابسي فيها سحَّاب وقصيرة، فهل هذا حرام كما يعتقد البعض، وكذلك الأظافر الطويلة وشكراً لكم؟

    الجواب: السحاب لا بأس به، فهو نوع من الأزارير، والأصل في العادات والألبسة والأطعمة والمساكن هو الحل إلا ما قام الدليل على تحريمه، ولا أعلم تحريماً للسحاب، سواء كان من الأمام أو من الخلف.

    مداخلة: هي تقصد الأكمام بالذات في القصر، لأنها تقول: وأكمام قصيرة؟

    الشيخ: أي نعم، وأما مسألة قصر الأكمام أو قصر الثياب، فإنه إذا لم يكن في البيت رجل من غير محارمها فلا بأس به، إلا إذا كانت هذه الثياب على شكل يختص بالكفار فإنه لا يجوز؛ لأن ذلك من التشبه بهم، وأما إذا كان في البيت من ليس من محارمها، كأخي زوجها وعمه وما أشبه ذلك، فإنه لا يجوز لها أن تلبس ثياب قصيرة تبدو منها سيقانها وأذرعتها وما أشبه ذلك.

    أما بالنسبة للأظافر فإن هذا خلاف السنة وخلاف الفطرة، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر أن من الفطرة تقليم الأظفار، فمخالفة ذلك مخالفة للفطرة، وإن كان المقصود به أن يتشبه الإنسان بغير المسلمين، فإن هذا محرم عليه؛ لأن ( من تشبه بقوم فهو منهم )، والسنة أن تقص الأظافر، وقد وقَّت النبي صلى الله عليه وسلم لأمته فيها ألا تترك فوق أربعين، أي: فوق أربعين يوماً، فالحد الأعلى أو الأقصى أربعين يوماً، وإلا فكلما طالت تؤخذ، ولكن لا يتجاوز بها أربعين يوماً.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767985589