الجواب: الوتر سنة مؤكدة لا ينبغي للمسلم أن يدعه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به وفعله، حتى ذهب بعض أهل العلم إلى أنه واجب يأثم الإنسان بتركه، وقد نقل عن الإمام أحمد رحمه الله أنه قال: من ترك الوتر فهو رجل سوء لا ينبغي أن تقبل له شهادة. وهذا يدل على أن الوتر مهم جداً، حتى أن عدمه يخل بقبول شهادة المرء على ما نص عليه الإمام أحمد رحمه الله تعالى.
كذلك أيضاً يفهم كثير من العامة أن الوتر هو القنوت، والحقيقة أن القنوت ليس له اتصال بالوتر من حيث كونه شرطاً في صحته، بل الوتر معناه ختم صلاة الليل بركعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل: ( ما ترى في صلاة الليل؟ فقال: صلاة الليل مثنى مثنى؛ فإذا خشي أحدكم الصبح صلى واحدة فأوترت له ما صلى)، فهذا هو الوتر.
وبعد بيان هذين الأمرين وهما: تأكد صلاة الوتر، وبيان أن القنوت ليس هو الوتر، فإننا نجيب على هذا السؤال فنقول: إذا فات الإنسان الوتر في الليل فإنه يقضيه من الضحى، ولكنه يقضيه شفعاً، فإذا كان من عادته أن يوتر بثلاث ركعات مثلاً صلى أربع ركعات، وإذا كان من عادته أن يوتر بخمس صلى ستاً وهكذا، لأنه ثبت في صحيح مسلم ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا غلبه نوم أو وجع -يعني عن الوتر- فإنه يصلي من النهار ثنتي عشرة ركعة)، وهذا في الحقيقة مخصص لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها)، فإن مقتضى هذا الحديث الأخير أن يصلى الوتر على صفته، لكن فعل الرسول صلى الله عليه وسلم خصص هذا الحديث، ووجهه أن الوتر إنما شرع بركعة لأجل أن تختم به صلاة الليل، والآن وقد فات الليل فإنه لا وجه للإيتار، فكان مقتضى النظر الصحيح أن تقضى الصلاة، ولكن لا على وجه الإيتار.
الجواب: هذا الحديث رواه البخاري من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه؛ فإن في أحد جناحيه داءً، وفي الآخر دواء)، وقد زاد أبو داود : ( وإنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء)، وهو حديث صحيح، ولا وجه للاعتراض عليه بعد ثبوته في صحيح البخاري ، وكون بعض الناس يقصر نظره عن معرفة الحكمة في هذا الحديث، لا يدل على أن الحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه قاعدة ينبغي أن يعرفها كل أحد، أن الرجل إذا قصر فهمه عن حكمة الحكم الشرعي، فليتهم نفسه، ولا يتهم النصوص الشرعية، لأنها من لدن حكيم خبير.
وهؤلاء الذين طعنوا في هذا الحديث أوتُوا من قلة ورعهم، ومن قلة علمهم، وإلا فقد ثبت طباً أن في الذباب مادة تكون سبباً لمرض البكتيريا، وأن هذه المادة تكون في أحد جناحيه، وفي الجناح الآخر مادة أخرى تقاومها، وعلى هذا فيكون الحديث مطابقاً تماماً لما شهد له الطب، وأياً كان فإن الواجب على المرء التسليم فيما جاء في كتاب الله، وفيما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن لا يحاول توهين الأحاديث الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمجرد أن فهمه لم يصل إلى معرفة حكمتها، فإن الله تعالى يقول: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [الإسراء:85].
الجواب: هذا الدم نجس؛ لأنه دم مسفوح، وقد قال الله تعالى في القرآن الكريم: قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ [الأنعام:145]، فقوله: (فإنه رجس) يعود على المستثنى السابق، وهي ثلاثة أشياء: الميتة والدم المسفوح ولحم الخنزير، وعلى هذا فالدم المسفوح الذي يخرج من الحيوان قبل خروج روحه يكون نجساً، يجب تطهير البدن والثوب منه، إلا أن أهل العلم رحمهم الله استثنوا من ذلك الشيء اليسير، فقالوا: إنه يُعفى عنه لمشقة التحرز منه.
وعلى كل حال فإذا صلى الإنسان في ثوب متلطخ بالدم المسفوح على وجه لا يعفى عنه، فإن كان عالماً بهذا الدم، وعالماً بالحكم الشرعي، وهو أن صلاته لا تصح، فإن صلاته باطلة، وعليه أن يعيدها، وإن كان جاهلاً بهذا الدم ولم يعلم به إلا بعد صلاته، أو عَلِم به ولكنه لم يعلم أنه نجس مفسد للصلاة، فإن صلاته أيضاً صحيحة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ذات يوم بأصحابه وفي أثناء صلاته خلع نعليه، فخلع الناس نعالهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم حين انصرف من صلاته يسألهم: لماذا خلعوا نعالهم؟ قالوا: رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا، فقال: ( إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما أذىً أو قال: قذراً)، فخلعهما النبي عليه الصلاة والسلام، ولم يستأنف الصلاة، فدل هذا على أن من صلى بالنجاسة جاهلاً بها فإنه لا إعادة عليه، وكذلك من جهل حكمها.
ومثل الجهل النسيان أيضاً، فلو أصاب الإنسان نجاسة على ثوبه أو بدنه وصلى قبل أن يغسلها ناسياً، فإن صلاته صحيحة؛ لعموم قول الله تعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] ، ( فقال الله تعالى: قد فعلت)، ولكن نحن ننصح إخواننا المسلمين إذا أصابتهم نجاسة على ثيابهم أو أبدانهم أو مكان صلاتهم، أن يبادروا بتطهيرها؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان هذا هديه، فإنه لما بال الأعرابي في المسجد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذنوب من ماء فأريق عليه، ولما بال الصبي في حجره دعا بماء فأتبعه إياه، فهذا دليل على أن المرء ينبغي له أن يُطهر مكان صلاته وثيابه وبدنه مما أصابه من النجاسة فوراً، لئلا تبقى هذه الأشياء نجسة، ولأنه يخشى أن ينسى فيصلي فيها.
فعلى كل حال الذي ينبغي للمرء أن يبادر بتطهير ثيابه وبدنه ومكان صلاته من النجاسة.
الجواب: هذه المسألة اختلف فيها أهل العلم، إذا كان الإنسان في نافلة ثم أقيمت الصلاة، فهل يقطع تلك النافلة ويدخل معهم، أو يستمر في صلاة النافلة مخففاً لها ومؤجزاً لها؟ وأصل اختلافهم هذا قوله صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه من حديث أبي هريرة : ( إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة)، فإن قوله: (فلا صلاة إلا المكتوبة). ذهب بعضهم إلى أن المعنى فلا ابتداء صلاة إلا المكتوبة؛ لأن الإقامة إعلام بالقيام إلى الصلاة، فكأنه صلى الله عليه وسلم يقول: إذا أقيمت الصلاة فلا تشرعوا في صلاة بعد هذه الإقامة التي قُصد بها الصلاة الحاضرة، بل اجعلوا الصلاة هي التي أقيمت لها، ولهذا روي في الحديث: ( فلا صلاة إلا التي أقُيمت).
وذهب آخرون إلى أن قوله: (فلا صلاة). أي: فلا صلاة ابتداءً ولا استمراراً، فعلى الرأي الأول يكون المنهي عنه ابتداء الصلاة، فإذا كان قد شرع في الصلاة فإنه يتمها خفيفة، وعلى الرأي الثاني يكون المنهي عنه الصلاة ابتداءً واستمراراً، فإذا أقيمت الصلاة وهو في نافلة وجب عليه قطعها.
وعندي والعلم عند الله سبحانه وتعالى أنه إذا أقيمت الصلاة والإنسان في الركعة الثانية من النافلة فإنه يتمها خفيفة، وإن أقيمت وهو في الركعة الأولى فإنه يقطعها، أذهب إلى هذا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة)، وهذا الذي صلى ركعة من النافلة قبل وجود المانع، وهو إقامة الصلاة، يكون قد أدركها، فليتمها، وأما إذا كان لم يصل ركعةً كاملة فإن مفهوم قوله: ( من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة )، أنه لم يدرك زمناً تكون فيه هذه الصلاة مباحة فيقطعها، ويدخل مع الإمام. وعند قطع الصلاة لهذا السبب أو لغيره فإنه يخرج منها بدون سلام، لأنه لا أعلم سنة في أن الرجل إذا أراد أن يخرج من صلاته قبل تمامها يسلم، ولهذا تقول عائشة رضي الله عنها فيما رواه مسلم : ( وكان يختم الصلاة بالتسليم)، فالتسليم ختام الصلاة، وكذلك في السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( تحريمها التكبير وتحليلها التسليم)، فهو إذن لم يصل إلى حد يتحلل منها، ولم يصل إلى ختامها، فلا يُشرع السلام، بل ينصرف بدون أن يسلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر