الجواب: هذا يقول: إنه عنده ماء بارد, لا يتمكن من استعماله, فهل يجوز أن يتيمم, والجواب على هذا السؤال أن نقول: لا يجوز أن يتيمم بل يجب عليه أن يصبر ويستعمل هذا الماء البارد في الوضوء, إلا إذا كان يخشى من ضرر يلحقه, فإنه لا بأس أن يتيمم حينئذٍ, وإذا تيمم وصلى فليس عليه إعادة الصلاة؛ لأنه صلى كما أمر, وكل من أتى بالعبادة على وجه أمر به, فإنه ليس عليه إعادة الصلاة, أما مجرد أن يتأذى من برودته فليس هذا بعذر, فإنه غالباً ولاسيما من لم يكونوا في البلد, الغالب أنه في أيام الشتاء لابد أن يكون الماء بارداً ويتأذى الإنسان ببرودته, لكنه لا يخشى من الضرر, أما من يخشى من الضرر فإنه لا بأس أن يتيمم ويصلي ولا إعادة عليه.
مداخلة: انتظاره لو جعله يتعدى وقت هذه الفريضة ألا يؤثر ذلك؟
الشيخ: ولا يجوز أن ينتظر حتى تخرج الشمس ويسخن الماء ويصلي؛ لأن الواجب عليه أداء الصلاة في وقتها, على الوجه الذي أمر به, إن قدر على استعمال الماء بدون ضرر استعمله, وإن كان يخشى من الضرر تيمم.
الجواب: هذا العمل وهو الاستهزاء بالله, أو برسوله, أو كتابه, أو دينه, ولو كان على سبيل المزح, ولو كان على سبيل إضحاك القوم, نقول: إن هذا كفر ونفاق, وهو نفس الذي وقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في الذين قالوا: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوناً, ولا أكذب ألسنة, ولا أجبن عند اللقاء, يعنون رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه, فنزلت فيهم هذه الآية: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ [التوبة:65]؛ لأنهم جاءوا إلى النبي عليه الصلاة والسلام يقولون: يا رسول الله! إنما كنا نتحدث حديث قطع لنقطع به عنا الطريق, فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لهم ما أمره الله به: أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [التوبة:65-66]. فجانب الربوبية والرسالة والوحي والدين جانب محترم, لا يجوز لأحد أن يعبث فيه, لا باستهزاء ولا بإضحاك ولا بسخرية, فإن فعل فإنه كافر؛ لأنه يدل على استهانته بالله عز وجل وكتبه ورسله وشرعه, وعلى هذا الرجل أن يتوب إلى الله عز وجل مما صنع؛ لأن هذا من النفاق, فعليه أن يتوب إلى الله ويستغفر ويصلح عمله, ويجعل في قلبه خشية الله عز وجل وتعظيمه وخوفه ومحبته.
الجواب: نعم يجوز للإنسان أن يتصدق عن والده, أو والدته, أو أقاربه, أو غير هؤلاء من المسلمين, ولا فرق بين الصدقات والصلوات والصيام والحج وغيرها, ولكن السؤال الذي ينبغي أن نقوله هو: هل هذا من الأمور المشروعة, أو من الأمور الجائزة غير المشروعة, نقول: إن هذا من الأمور الجائزة غير المشروعة, وأن المشروع في حق الولد أن يدعو لوالده دعاءً إلا في الأمور المفروضة, فإنه يؤدي عن والده ما افترض الله عليه ولم يؤده, كما لو مات وعليه صيام, فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( من مات وعليه صيام صام عنه وليه ). ولا فرق في ذلك بين أن يكون الصيام صيام فرض بأصل الشرع, كصيام رمضان, أو صيام فرض بإلزام الإنسان نفسه, كما في صيام النذر, فهنا نقول: إن إهداء القرب أو ثوابها إلى الأقارب ليس من الأمور المشروعة, بل هو من الأمور الجائزة, والمشهور هو الدعاء لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية, أو علم ينتفع به من بعده, أو ولد صالح يدعو له ). فقال: (أو ولد صالح يدعو له), ولم يقل: أو ولد صالح يصلي له, أو يصوم له, أو يتصدق عنه, فدل هذا على أن أفضل ما نحله الولد لأبيه أو أمه بعد الموت هو الدعاء, أو ولد صالح يدعو له, فإذا قال: قائل: إننا لا نستطيع أن نفهم أن يكون هذا الشيء جائزاً وليس بمشروع, وكيف يمكن أن نقول: إنه جائز وليس بمشروع, نقول نعم إنه جائز وليس بمشروع, جائز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أذن فيه, فإن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: ( إن أمي افتلتت نفسها وأظنها لو تكلمت لتصدقت, أفأتصدق عنها. قال: نعم ). وكذلك سعد بن عبادة رضي الله عنه حيث جعل لأمه نخله صدقة لها, فأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك, ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر أمته بهذا أمراً يكون تشريعاً لهم, بل أذن لمن استأذنه أن يفعل هذا, ونظير ذلك في أن الشيء يكون جائزاً وليس بمشروع, قصة الرجل الذي بعثه النبي صلى الله عليه وسلم على سرية, فكان يقرأ لأصحابه ويختم بـ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]. فلما رجعوا أخبروا النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: ( سلوه لأي شيء كان يصنعه فقال: إنها صفة الرحمن وأنا أحب أن أقرأها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أخبروه أن الله يحبه ). فأقر النبي صلى الله عليه وسلم عمله هذا وهو أنه يختم قراءة الصلاة بقل هو الله أحد, ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يشرعه, إذ لم يكن عليه الصلاة والسلام يختم صلاته بقل هو الله أحد ولم يأمر أمته بذلك, فتبين بهذا أن من الأفعال ما يكون جائزاً فعله, ولكنه ليس بمشروع, بمعنى: أن الإنسان إذا فعله لا ينكر عليه, ولكنه لا يطلب منه أن يفعله, فإهداء القرب من صلاة وصدقة وصيام وحج للوالدين والأقارب هو من الأمور الجائزة, ولكن الأفضل من ذلك, هو أن يدعو لهم؛ لأن هذا هو الذي أرشد إليه الرسول عليه الصلاة والسلام في قوله: ( أو ولد صالح يدعو له ).
مداخلة: نعم هل قراءة القرآن تدخل في هذا, هناك من يقرأ قرآناً بكامله, ثم يهديه إلى شخص ميت قريب له؟
الشيخ: نعم قراءة القرآن تدخل في ذلك؛ لأن القرآن فيه أجر عظيم, في كل حرف عشر حسنات, ولكن لا يدخل في ذلك ما يفعله بعض الناس, يستأجر قارئاً يقرأ القرآن للميت, فإن هذا من البدع, وليس فيه أجر لا للقارئ ولا للميت, لأن القارئ قرأ للدنيا فقط, وكل عمل صالح يقصد به الدنيا, فإنه لا يقرب إلى الله, ولا يكون فيه ثواب عند الله, وعلى هذا فيكون هذا العمل, يعني: استئجار شخص يقرأ القرآن على روح الميت, يكون عملاً ضائعاً ليس فيه سوى إتلاف المال على الورثة, فليحذر منه فإنه بدعة ومنكر.
الجواب: أما إهداء الثواب أو الأجر للوالد فهو على ما تقدم في جوابنا أنه يصل, ولكن هذا ليس من الأمر المشروع الذي يطلب من الإنسان فعله, وأما كونه من مال زوجك, فإذا كان الزوج قد أذن بذلك وقد رضي, فإنه لا حرج.
الجواب: هذا الطلاق الذي وقع وعلى المرأة العادة الشهرية, اختلف فيه أهل العلم, وطال فيه النقاش بينهم, هل يكون طلاقاً ماضياً, أو طلاقاً لاغياً, فجمهور أهل العلم على أنه يكون طلاقاً ماضياً, ويحسب على المرء طلقة, ولكنه يؤمر بإعادتها, وأن يتركها حتى تطهر من الحيض ثم تحيض المرة الثانية ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق, هذا الذي عليه جمهور أهل العلم, ومنهم الأئمة الأربعة الإمام أحمد و الشافعي و مالك و أبو حنيفة ، ولكن الراجح عندنا ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله, من أن الطلاق في الحيض لا يقع, ولا يكون ماضياً, لأنه خلاف أمر الله ورسوله, وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ). والدليل لذلك في نفس المسألة الخاصة حديث عبد الله بن عمر : ( حيث طلق زوجته وهي حائض, فأخبر
مداخلة: لا عبرة بعلم الرجل بتطليقه لها بأنها طاهرة أو غير طاهرة؟
الشيخ: إي نعم, لا عبرة بعلمه, لكن إن كان يعلم صار عليه الإثم وعدم الوقوع, وإن كان لا يعلم فإنه ينتفي وقوع الطلاق ولكن لا إثم على الزوج.
الجواب: يجب على المرأة أن تعلم بأنها تحت زوجها مثل الأسيرة, فالحكم له فيها, فله أن يمنعها من الخروج, ومن السفر, إلا أنه يجب عليه أن يعاشرها بالمعروف, فلا يكلفها ما لم تجر العادة به, ولا يمنعها مما جرت العادة بفعلها إياه, ولكن على كل حال لا يجوز لها أن تسافر بدون إذنه, ولا أن تخرج من بيته بدون إذنه, فإذا قال لها: إن سافرت بغير رضاي فأنت محرمة علي, فإن هذه مسألة لا نستطيع أن نتكلم بها من هنا, ونقول: إنه إذا وقعت للمرء, فعليه أن يسأل أقرب عالم يثق به في بلده, أو في غير بلده, إنما نحن لا نحب أن نتكلم بها هنا؛ لأنه يسمعها من لا يفهم الموضوع فيها.
الجواب: نعم يقع الطلاق عليها, وتكون بائناً منك, ولا عدة عليها ما دمت لم تدخل بها, ولم تخل بها, لقوله تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا [الأحزاب:49]. وعلى هذا فإن الطلاق ماضٍ, وليس لك عليها رجوع, إلا بعقد جديد, وفي هذه الحال يكون لها نصف المهر الذي سميت, إذا كنت قد عينت مهراً معيناً مدفوعاً أو موعوداً, فإن لها نصف المهر لقوله تعالى: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ [البقرة:237]. أما إذا كنت لم تسم لها مهراً, ولم تدفع لها شيئاً فإنه يجب أن تمتعها بقدر يسرك وعسرك.والله أعلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر