إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب [166]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    العبث بالمال العام وكيفية التوبة منه

    السؤال: عملت معلماً بمدرستين في السودان فأسندت لي في كل مرة الشؤون المالية للمدرسة وكان ذلك بتفويض من لجنة المدرسة المكونة من الآباء والمعلمين، وبرغم مراعاتي للأمانة وحرصي إلا أنني أحسست أنني تسببت في إتلاف جزء من هذه الأموال دون قصد فصار في ذمتي إلا أنني لا أعرف له قيمة محدودة، كما أن لجان المدرسة تبدلت عدة مرات وتلاميذ تلك الفترة انتقلوا إلى مراحل أخرى، فهل يجوز تقدير ذلك المبلغ وإعادته للمدرسة في شكل مكتبة مثلاً تحاشياً للحرج وضماناً لعودته لأصحابه بطريق غير مباشر أم ماذا ترون؟

    الجواب: سؤال الأخ الذي ذكر أنه كان أميناً مالياً على مدرسة وأنه تصرف تصرفاً بغير قصد وهو الآن يسأل عن طريق الخلاص منه، الحقيقة أن هذا السؤال مجمل ولا ندري كيف هذا التصرف الذي تصرف، فنقول: لا يخلو هذا التصرف من حالين، إحداهما: أن يكون تصرفه لمصلحة نفسه فهذا قد أخطأ خطأً عظيماً، وعليه أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى، وأن يعيد ما أتلفه على المدرسة في مصلحتها الآن حسب ما تبرع به المتبرعون سابقاً، بمعنى: إذا كانوا تبرعوا بمعاش الطلاب فليصرف لمعاش الطلاب، وإذا كانوا تبرعوا للمصلحة العامة للمدرسة فيصرف للمصلحة العامة للمدرسة وهكذا، وعليه مع ذلك أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى.

    أما الحال الثانية: إذا كان هذا التصرف لمصلحة المدرسة ولكنه اجتهد ثم تبين له أنه أخطأ في اجتهاده فإنه في هذه الحال لا ضمان عليه؛ لأنه غير متعدٍ ولا مفرط، وإنما هو اجتهد وظن أن المصلحة في هذا العمل ثم تبين له بعد ذلك أن المصلحة في عدمه، فهذا ليس عليه إثم وليس عليه ضمان؛ لأن الأمين إذا لم يتعد ولم يفرط فإنه لا إثم عليه ولا ضمان عليه، فنرجو من الأخ السائل أن يحقق في الموضوع هل هذا التصرف الذي ذكر خاص لنفسه أو عام لمصلحة المدرسة.

    مداخلة: لو فرضنا أنه كما تفضلتم خاص بالحالة الأولى بمعنى أنه يخص الأعيان من الطلبة وغيرهم، وكما يذكر بأنهم قد تفرقوا عن هذا البلد وربما بعضهم بعيد عنه، فهل يحق له أن يصرف هذا المال في مشروع يعود على المدرسة بالنفع؟

    الشيخ: يصرفه لما يعود لمصلحة الطلاب ما دام أنه صرف في الأول لمصلحة الطلاب كأرزاقهم ومعاشهم فليصرف لمصلحة الطلاب الحاضرين الموجودين؛ لأن المقصود هو جنس الطلاب وليس أعيانهم، حتى الذين تبرعوا فيما سبق ليسوا يقصدون أن يعطى فلان بن فلان وفلان بن فلان، إنما يقصدون مصلحة الطلاب في هذه المدرسة، فالمقصود الجنس.

    1.   

    أجر المتصدقة من مال زوجها بالمعروف

    السؤال: تطالب زوجتي بأن أقول لها باللفظ: عفوت لكِ عن نصف أو ربع أو خمس ما أناله من ثواب بسبب ما تصدقتِ به من مالي في حضوري وغيابي من طعام وكساء ودراهم في حدود ما سمحت لها بالتصرف فيه برضاً مني، فهل يصح أن ألفظ لها ذلك بالتحديد بالنصف أو الربع أو الخمس إلى آخره، أم أن الله وحده هو الكفيل بإعطاء كل ذي حق حقه؟ وإن كان ذلك التحديد يصح فأنا لا أمانع من إعطاء جزء لها لأن رحمة الله وثوابه أوسع مما نتصور وما عنده لا ينفذ؟

    الجواب: الحقيقة أن آخر السؤال هو الجواب، بمعنى: أن فضل الله واسع، والمرأة التي تتصرف حسب ما يقول زوجها بالمعروف وبقصد الثواب يكتب لها من الثواب كما يكتب لزوجها من غير أن ينقص من أجر زوجها شيء، وعلى هذا لا حاجة إلى أن يتناصفا الأجر، بل نقول: إن الأجر لكل واحد منكما على وجه الكمال وفضل الله واسع، والمعين على الشيء كفاعل الشيء.

    1.   

    فضائل منسوبة لعلي بن أبي طالب وإطلاق لفظ الإمام عليه

    السؤال: أهدى إلي أحد الإخوان قصاصة تحمل وصية تشير إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للإمام علي رضي الله عنه ما نصه: ( يا علي ! لا تنم إلا أن تأتي بخمسة أشياء وهي: قراءة القرآن كله، التصدق بأربعة آلاف درهم، زيارة الكعبة، حفظ مكانك بالجنة، إرضاء الخصوم. قال علي : وكيف ذلك يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: أما تعلم أنك إذا قرأت قل هو الله أحد فقد قرأت القرآن كله، وإذا قرأت الفاتحة أربع مرات فقد تصدقت بأربعة آلاف درهم، وإذا قلت: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير عشر مرات فقد زرت الكعبة، وإذا قلت: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم عشر مرات حفظت مكانك في الجنة، وإذا قلت: أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه عشر مرات فقد أرضيت الخصوم ).

    فما مدى صحة هذه الأقوال؟ والذي أعلمه أن سورة الإخلاص قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] تعدل ثلث القرآن، فما هو رأيكم في هذا؟

    الجواب: هذا الحديث الذي ذكره أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى علي بن أبي طالب رضي الله عنه بهذه الوصايا كذب موضوع على النبي صلى الله عليه وسلم، لا يصح أن ينسب إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، ولا يجوز أن ينقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن من حدث عن النبي صلى الله عليه وسلم بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين، ومن كذب على النبي صلى الله عليه وسلم متعمداً فليتبوأ مقعده من النار، إلا إذا ذكره ليبين أنه موضوع ويحذر الناس منه فهذا مأجور عليه. والمهم أن هذا الحديث كذب على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

    وهنا نقطة عبر بها السائل وهو قوله: (الإمام علي بن أبي طالب ) ولا ريب أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه إمام من الأئمة كغيره من الخلفاء الراشدين، فـ أبو بكر رضي الله عنه إمام، و عمر إمام، و عثمان إمام، و علي إمام؛ لأنهم من الخلفاء الراشدين حيث قال صلى الله عليه وسلم: ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي )، وهذا الوصف ينطبق على أبي بكر و عمر و عثمان و علي رضي الله عنهم أجمعين، فليست الإمامة خاصة بـ علي بن أبي طالب رضي الله عنه، بل هي وصف لكل من يقتدى به، ولهذا يقال لإمام الجماعة في الصلاة: إنه إمام، ويقال لمن يتولى أمور المسلمين: إنه إمام لأنه محل قدوة يقتدى به. وإن بعض الناس قد يقصد من كلمة إمام أنه معصوم من الخطأ، وهذا خطأ منهم، وذلك أنه ليس أحد من الخلق معصوماً إلا من عصمه الله عز وجل، والأولياء كغيرهم يخطئون ويتوبون إلى الله عز وجل من خطئهم، فإن كل بني أدم خطاء وخير الخطائين التوابون.

    1.   

    أذكار النوم وفوائدها

    السؤال: ما هو الدعاء المستحب ذكره عند النوم؟ وما هي فائدته؟

    الجواب: الدعاء المستحب عند النوم منه قراءة آية الكرسي: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [البقرة:255]، ومنه قراءة قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس، ومنه: باسمك اللهم أحيا وأموت، اللهم بك وضعت جنبي وبك أرفعه، فإن أمسكت روحي فاغفر لها وارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين. ومنها: أن يسبح الله ثلاثاً وثلاثين، ويحمد الله ثلاثاً وثلاثين، ويكبر الله ثلاثاً وثلاثين أو أربعاً وثلاثين.

    وعلى كل حال، فهناك أيضاً أذكار معروفة، وننصح الأخ أن يرجع إلى الكلم الطيب لشيخ الإسلام ابن تيمية وتصحيحه للشيخ ناصر الدين الألباني ، وكذلك إلى كتاب الأذكار للنووي وإلى الوابل الصيب لـ ابن القيم والكتب في هذا معروفة فليرجع إليها، ولكن ينبغي أن يعتمد على ما كتبه الأئمة والعلماء الموثوقون؛ لأن الأذكار كثر بين أيدي الناس تداول كتب فيها، هذه الكتب التي يتداولها الناس منها ما هو كذب موضوع على الرسول صلى الله عليه وسلم يجب الحذر منه.

    والمهم أنني أنصح هذا الأخ السائل وغيره: أن لا يتورطوا فيما كتب من الأذكار فإنه كتب فيها أشياء لا حقيقة لها، بل أشياء موضوعة مكذوبة على الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن يعتمدوا في ذلك على ما كتبه العلماء الموثوقون في علمهم ودينهم.

    مداخلة: هل هناك فوائد مصرح بها في بعض الأحاديث؟

    الجواب: نعم. من الفوائد: أن هذا ذكر لله عز وجل، وأن الإنسان إذا نام على ذكر الله كان ذلك أطيب لنومه وأهدأ وأبعد أن يرى في منامه ما يكره مما يعرضه الشيطان عليه.

    ومنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأن من قرأ آية الكرسي في ليله لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح.

    ومنها: أن التسبيح والتحميد والتكبير سبب لنشاط الإنسان وقوته والسيطرة على عمله، ولهذا لما سأل علي بن أبي طالب رضي الله عنه و فاطمة سألا النبي صلى الله عليه وسلم خادماً فقال: ( ألا أدلكما على خير من ذلك؟ ثم أمرهما بأن يسبحا ويحمدا ويكبرا ثلاثاً وثلاثين ).

    1.   

    حكم استعمال الكحل للرجال بدون حاجة

    السؤال: ما حكم استعمال الكحل في العيون بالنسبة للرجال بدون حاجة إليه؟

    الجواب: الاكتحال نوعان، أحدهما: اكتحال لتقوية البصر وجلاء الغشاوة من العين وتنظيفها وتطهيرها بدون أن يكون له جمال؛ فهذا لا بأس به، بل إنه مما ينبغي فعله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكتحل في عينيه ولا سيما إذا كان بالإثمد الأصلي.

    ومنها: ما يقصد به الجمال والزينة، فهذا للنساء مطلوب؛ لأن المرأة مطلوب منها أن تتجمل لزوجها، وأما للرجال فأنا الآن لا أدري ما حكمه.

    1.   

    جحد الأجير وكتمان الشهادة

    السؤال: رجل يعمل عند شخص آخر ولكن صاحب العمل أنكر عمل هذا العامل بقصد حرمانه من أجرته، فتقدم العامل بشكوى إلى الجهة المسئولة فطلبوا منه إحضار شهود على عمله ولكن الأشخاص الذين يعرفون عمله هم إما جيران له أو عمال عنده والجميع يجاملون صاحب العمل فرفضوا الإدلاء بشهاداتهم، فما الحكم في صاحب العمل الذي يريد حرمان هذا العامل من أجرة تعبه؟ وما الحكم في هؤلاء الأشخاص الذين كتموا شهادة الحق؟

    الجواب: أما الذين كتموا شهادة الحق سواء في هذا السؤال الذي سأل عنه مقدمه أو في غيره، كل من كتم شهادة يعلم بها فإن الله يقول في حقه: وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فإنه آثِمٌ قَلْبُهُ [البقرة:283] وإثم القلب -والعياذ بالله- مؤد إلى انحراف البدن، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله؛ ألا وهي القلب ).

    وأما بالنسبة لصاحب العمل الذي أنكر الأجير حقه؛ فإنه قد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( أن الله يقول: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره ) فهذا الذي جحده سيكون الله تعالى خصمه يوم القيامة، فمن كان الله خصمه فإنه مخصوم مغلوب.

    فأنا أنصح صاحب العمل إن كان ما يقوله العامل صدقاً أنصحه بأن يتقي الله تعالى في هذا العامل، وأن يؤديه حقه قبل أن يأخذه يوم القيامة من حسناته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    768287535