الجواب: سبب هذه الآية: أن امرأة أوس بن الصامت رضي الله عنه وعنها ظاهر منها زوجها أوس ، والظهار أن يقول الإنسان لزوجته: أنتِ علي كظهر أمي، وكان الظهار طلاقاً في الجاهلية، فجاءت تشتكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فسمع الله تعالى شكواها، وأنزل حل قضيتها على نبيه صلى الله عليه وسلم، فقال: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ [المجادلة:1]، أي: تجادلك في شأنه، تريد منك حلاً له، والسمع هنا من الله عز وجل سمعٌ حقيقي، سمع الله قولها وهو فوق سماواته على عرشه، ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها: تبارك الذي وسع سمعه الأصوات، والله إني لفي الحجرة وإنه ليخفى عليّ بعض حديثها، والله جل وعلا فوق عرشه عالٍ على خلقه سمع قولها، ثم بين الله عز وجل أن الله يسمع تحاورها مع النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه تعالى سميعٌ بصير، قد وسع سمعه الأصوات، فما من صوتٍ خفيٍ ولا بين إلا وهو يسمعه سبحانه وتعالى، وما من شيء يُرى إلا وهو يراه سبحانه وتعالى، سواءٌ كان خفياً أم بيناً.
ثم بين الله تعالى حكم هذه القضية وهي الظهار، بأنه منكرٌ من القول وزور، فهي كذبٌ من أشد الكذب، إذ كيف تكون زوجتك التي أحل الله لك جماعها مثل أمك التي حرم الله عليك جماعها، فتحريم الأم، أي: تحريم جماعها من أشد ما يكون إثماً وتحريماً، وتحليل الزوجة من أبلغ ما يكون حلاً وإباحة، فكيف يشبّه هذا بهذا؟!
وهو قولٌ منكر لأنه محرم مضادٌ لحكم الله عز وجل، ولكن مع هذا فإن الله عفوٌ غفور، إذا طلب الإنسان من ربه العفو والمغفرة غفر له سبحانه وتعالى.
أما من جهة حكمه من جهة الزوجة فإنه لا يجوز لزوجها أن يمسها حتى يفعل ما أمر الله به، حتى يعتق رقبة، فإن لم يجد فإنه يصوم شهرين متتابعين قبل أن يمسها، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً قبل أن يمسها، وفي هذه الكفارة الشديدة دليلٌ على عظم الظهار وتحريمه وكبره، وأنه يجب على المرء أن يطهر لسانه منه، وأن يتقي الله تعالى في نفسه، فلا يظاهر من زوجته؛ لما فيه من المنكر والزور والإضرار بها وبزوجها، والله المستعان.
الجواب: أولاً: لا ينبغي للإمام أن يستخلف مسبوقاً، لما في ذلك من إرباك المأمومين الذين خلفه، وإنما يستخلف من لا قضاء عليه حتى يسلم بالمأمومين عند تمام صلاة الجميع، لكن إذا وقع مثل هذا الحادث، واستخلف من كان مسبوقاً، فإن هذا المسبوق يتم بهم الصلاة، فإذا أتم المأمومون صلاتهم، استمر هو في صلاته، ولكنهم يجلسون لا يتابعونه فيما زاد على صلاتهم، بل يجلسون ينتظرونه حتى يكمل صلاته ويسلم بهم، مثال ذلك: لنفرض أن هذا المسبوق المستخلف قد فاته ركعتان من صلاة العصر، فإنه يصلي بالمأمومين ويجلس للتشهد، وهو في حقه تشهدٌ أول، وفي حق المأمومين تشهدٌ أخير، فيبقون هم، ثم هو يقوم ويأتي بما بقي من صلاته، ثم يسلم بهم.
الجواب: الحقيقة قوله: إذا قطع الإمام صلاته بأي سبب، لا بد أن يقيد هذا بالأسباب المسوغة لقطع الصلاة، أما لأي سبب فلا يصح أن يقطع الإمام صلاته لأي سبب، إن كانت فريضة فواضح، وإن كانت نافلةً فإن الأولى أن لا يقطعها، بل يستمر ولا يقطعها إلا لغرضٍ صحيح.
وعلى كل حال إذا قطع الإمام صلاته لسببٍ شرعي أو لغير سببٍ شرعي، إن كان لسببٍ شرعي فلا إثم عليه، وإن كان لغير سببٍ شرعي فعليه الإثم، فإذا كان لم يستخلف في هذه الحال، فإن للمأمومين واحداً من أمرين: إما أن يكملوا فرادى، وإما أن يقدموا أحدهم، أو يتقدم أحدٌ منهم ليكمل بهم الصلاة ولا حرج عليهم في هذا، مع أن الأولى إذا حصل للإمام ما يسوغ الخروج من الصلاة، الأولى أن يستخلف هو بهم، حتى لا يحصل ارتباكٌ بينهم.
الجواب: لا يجوز أن يغسل ميتٌ لا يصلي ولا يصوم، والأهم أنه لا يصلي، فإذا كان هذا لا يصلي والعياذ بالله، ولو كان يزعم أنه مسلم فليس بمسلم بل هو كافر، فإذا مات فإنه لا يجوز تغسيله، ولا أن يكفن، ولا أن يصلى عليه، ولا أن يدفن في مقابر المسلمين، وإنما يغمس في ثيابه في حفرة في مكانٍ بعيد، وذلك لأن الكافر كافر، لا يطهره صلاةٌ ولا دعاءٌ ولا غيره.
وبهذه المناسبة أود أن أحذر من مات عندهم ميت وهم يعلمون أنه لا يصلي ولم يتب، أحذرهم من أن يتقدموا به إلى مساجد المسلمين ليصلي عليه المسلمون، فإن هذا من إيقاع المسلمين في الإثم، وإن كان من لا يدري لا إثم عليه، لكنهم يوقعون الناس في الإثم؛ لقوله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ [التوبة:84] ، فكل كافر فإنه لا يجوز أن يصلى عليه، ولا يقام على قبره بالدعاء له، وهذه مسألة يقع فيها بعض الناس، إما ستراً على ميتهم، أو جهلاً منهم بالأمر، ولكن طاعة الله ورسوله فوق كل اعتبار، فالمؤمن إذا علم أنه لا يجوز أن يصلى على من مات كافراً، فإنه إذا مات له ميت وهو يعلم أنه كافر بأي سببٍ من أسباب التكفير، فإنه يجب عليه أن يخشى الله، وأن لا يصلي على هذا الميت، ولا يقدمه للمسلمين يصلون عليه.
وها هنا مسألة وهي أنه قد يقدم إلى الإنسان شخصٌ يشك فيه، هل هو مسلم أو كافر، لأنه مثلاً تقرر عنده أنه ممن لا يصلي، مثلاً، فيموت هذا الذي تقرر عنده أنه لا يصلي، ثم يقدم إليه ليصلي عليه، فماذا يصنع؟
عليه أن يصلي عليه، لأن الأصل أن المسلم باقٍ على إسلامه، ولكنه عند الدعاء له يشترط فيقول: اللهم إن كان مؤمناً فاغفر له وارحمه، والله تعالى يعلم حاله، هل هو مؤمن أو لا؟
وبهذا يسلم من التبعة، يسلم من أن يدعو لشخصٍ كافر بالرحمة والمغفرة، والاستثناء في الدعاء أو الشرط فيه أمرٌ واردٌ في القرآن، ففي آيات اللعان قال الله تعالى: فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ [النور:6-7] ، وقال في المرأة: وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ [النور:8-9] ، فالاستثناء في الدعاء وارد كالاستثناء في العبادة أيضاً، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام لـ ضباعة بنت الزبير حين أرادت الحج وهي شاكية، فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم: ( حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني).
فالمهم أن الإسلام يستثني في مثل هذه الحال: اللهم إن كان مؤمناً فاغفر له، وقد ذكر ابن القيم في إعلام الموقعين عن شيخه ابن تيمية رحمه الله أنه أشكل عليه مسائل من مسائل الدين أو الفقه، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، وكان من جملة ما أشكل عليه أنه تقدم له جنائز لا يدري هل هو مسلم أم لا؟
فقال له: عليك بالشرط يا أحمد ، وهذا السند ابن القيم عن شيخه ابن تيمية سندٌ صحيح، لأن الرجلين كلاهما ثقة، ولا يقول قائل: إننا اعتمدنا هنا على إثبات حكمٍ شرعيٍ برؤيا، لأن هذه الرؤيا يؤيدها القرآن كما أشرنا إليه قبل قليل في قصة اللعان، وهو أن الاستثناء في الدعاء سائغٌ، وعلى هذا فهذه الرؤيا موافقة لقواعد الشريعة فيعمل بها.
الجواب: لا يجوز لك أن تختلس شيئاً من ماله بهذه الدعوى، وإنما الواجب عليك إذا كنت تريد إثبات حقك أن تشهد على صاحبك حتى إذا أنكر ولم يكن عندك بينة فإن الحكم في الشرع أن يوجه إليه اليمين فيحلف أنه ليس في ذمته لك شيء، وحينئذٍ يبرأ حسب الظاهر للقاضي، والباطن يحاسبه الله عليه يوم القيامة، فإذا كان كاذباً فإنه والعياذ بالله يلقى الله وهو عليه غضبان كما ثبت بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( فمن حلف على يمينٍ فاجرة يقتطع بها مال امرئٍ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان)، ولكنه ظاهراً قد برئ، ولا يحل لك أن تختلس شيئاً من ماله، لأنك تعتبر خائناً حينئذٍ أو معتدياً.
وأما قوله تعالى: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ [البقرة:194] ، فهذا في الحقوق التي لا يبرأ منها من أنكرها، أما هذا الرجل فإنه برئ منها بإنكارها وتوجيه اليمين عليه، وحينئذٍ إذا حلف فليس لك عليه حقٌ في الدنيا، أما في الآخرة فلك الحق، ثم الآية الكريمة: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ [البقرة:194] ، ظاهرة في العدوان البين، أما هذا فليس هناك عدوانٌ بين، لأن الأمر بينك وبينه، فلا يمكن أن يسلطك على ماله، مع أن الشرع قد حكم ببراءته ظاهراً.
الجواب: نعم، يجوز لك أن تتحدث عن أفعالٍ يقوم بها أناس للتحذير منها، والتحذير من مجالستهم، لأن الأعمال بالنيات، وما دامت نيتك تحذير الناس من شرهم، فإنك قد صنعت خيراً، ولا حرج عليك في هذا.
مداخلة: الغيبة المحرمة ما هي؟
الشيخ: الغيبة المحرمة كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( ذكرك أخاك بما يكره)، فكل شيء تذكر به أخاك وهو مما يكرهه، إما في خلقه أو خَلقه أو دينه، فإنه من الغيبة.
مداخلة: في حالة غيابه؟
الشيخ: في حالة غيابه هو من الغيبة، ولكن مفسدة الغيبة إذا اقترن بها مصلحة أكبر وأعظم فإنها لا تكون غيبةً حينئذٍ، بل تكون نصيحة.
الجواب: لك الحق في أن تطالبي بنصيبك من أبيك الذي ورثه من جدك، لأنك مستحقةٌ بما تستحقين منه، ولكن اعلمي أنه ليس لك من أبيك إلا نصف المال، والباقي يكون لأولى رجل ذكر، وأولى العصبة في هذه المسألة التي ذكرتي هم أعمامك، لأن أباك يكون قد مات عن بنت وعن ثلاثة إخوة، وفي هذه الحال يكون للبنت النصف، وللإخوة الثلاثة الباقي إذا كانوا على قيد الحياة، وإذا كان أحدهم هو الباقي صار الباقي له وحده دون أبناء أخويه، وإن ماتوا كلهم قام أبناؤهم مقامهم، أما بنات الإخوة فإنه ليس لهن حقٌ من التعصيب.
الجواب: إن هذه العادة عادةٌ منكرة، وبدعةٌ ضالة، فالواجب على المسلم عند المصيبة أن يرضى بقضاء الله وقدره، وأن يعلم أن هذه المصيبة لا بد أن تقع مهما عمل، لأنها قد كتبت، وجفت الأقلام وطويت الصحف، ومهما كان فلا بد أن يكون ما قدر الله عز وجل، كما كان المسلمون يقولون: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فإذا اطمأن الإنسان إلى هذا، وعلم أنها من الله عز وجل، رضي وسلم، كما قال علقمة في قوله تعالى: وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ [التغابن:11] ، قال: هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم.
فوظيفة الإنسان عند المصائب الصبر، واحتساب الأجر حتى لا يحرم الثواب، فإن المصاب حقيقةً من حرم الثواب، وإذا وقعت بك مصيبة فقل: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها، فإنك إن فعلت ذلك آجرك الله في مصيبتك، وأعظم لك خيراً منها، وهذا أمرٌ قاله النبي عليه الصلاة والسلام، وشهد به الواقع.
أم سلمة رضي الله عنها كانت تحت أبي سلمة ، وكانت تحبه حباً شديداً، فلما توفي أبو سلمة رضي الله عنه قالت: اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها، وكانت تقول في نفسها: من خيرٌ من أبي سلمة ، فما انقضت عدتها حتى خطبها النبي صلى الله عليه وسلم فتزوجها، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لها خيراً من أبي سلمة ، وهذا أيضاً تشهد به وقائع كثيرة، فالإنسان إذا صبر واحتسب فإنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب، والجزع والحزن والنياحة لا ترد المصيبة، بل توجب الوقوع في الإثم، فإن النياحة على الميت من كبائر الذنوب، فقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم النائحة والمستمعة، النائحة التي تنوح، والمستمعة التي تستمع إلى نياحها، وكذلك يجب على الرجال ولاة أمور هؤلاء النساء أن يمنعوهن، ويجب على ولاة الأمور على البلد، أي: ذوي السلطة، يجب عليهم أن يمنعوا مثل هذا في المقابر وفي الأسواق، وأن يمنعوا النساء من اتباع الجنائز، حتى يكون المجتمع مجتمعاً إسلامياً عارفاً بالله راضياً بقضاء الله وقدره.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر