الجواب: لا شك أن العدوان على المسلم -ولا سيما من بينك وبينه صلة- محرم، ولا يجوز لأحد أن يعتدي على أخيه المسلم بالأذى، بقول أو فعل؛ لقول الله تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا [الأحزاب:58] ، والواجب عليها وعليكم أيضاً التواد والتآلف، وعدم النزاع والخصومة، وأن تزيلوا ما في نفوسكم من الأحقاد والأضغان والكراهية، وإن الإنسان ليأخذه العجب أن يقع هذا من والدة لأولادها، ومن زوجة لزوجها، ولكن الهداية بيد الله عز وجل، وعليكم أن تبدءوا الحياة من جديد، وأن تناصحوا أمكم بما فيه الخير والصلاح حتى لا تلجأ الوالد إلى الخروج بزوجته الجديدة وأبنائها، وإذا أمكن إعادة الأمور إلى مجاريها، وأن يرجع الوالد إلى بيته الأول، وتسكنوا جميعاً عيشة واحدة، وبيتاً سعيداً، فإن هذا هو الأولى.
وأما ما ذكرت من أنك تدعو على نفسك وعليها بالموت، فهذا حرام ولا يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به)، فعليك أن تصبر وأن تحتسب، وأن تسأل الله الهداية لوالدتك، والله سبحانه وتعالى مقلب القلوب، إذا شاء واقتضت حكمته أن تعود الأم إلى ما يجب عليها، فإن ذلك ممكن وليس على الله بعزيز، فعليك يا أخي بالصبر وكثرة الدعاء بأن الله سبحانه وتعالى يهدي والدتك لما فيه الخير الالتئام والائتلاف.
الجواب: الطلاق الذي وقع منك هو كما أفتاك المفتي، حكمه حكم اليمين وعليك كفارة يمين، ولكني أنصحك بأمرين؛ الأمر الأول: أن لا تجعل لسانك يعتاد الحلف بالطلاق، فإن هذا أمر خلاف المشروع، فلا ينبغي على الإنسان أن يعتاد الحلف بالطلاق، (من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت)، أما الأمر الثاني: فإني أنصحك بعدم الرجوع إلى شرب الدخان؛ لأن شرب الدخان محرم، بدليل الكتاب والسنة، ولا أعني بالدليل هنا الدليل الخاص الذي ينص على هذا الدخان وهو التبغ، لأن هذا ما حدث إلا أخيراً، لكن في نصوص الكتاب والسنة كلمات عامة جامعة تشمل ما يحدث إلى يوم القيامة، فمن النصوص الدالة على تحريمه قوله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا [النساء:29]، ومن المعلوم أن هذا الشراب، يعني الدخان، سبب لأمراض كثيرة مستعصية ربما تؤدي بالإنسان إلى الموت، كما قرر ذلك الآن أكابر الأطباء، ومنها قوله تعالى: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة:195] ، وهذه وجه دلالتها كالآية الأولى، ومنها قوله تعالى: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا [النساء:5] ، فالله تعالى نهى أن نؤتي السفهاء الذين لا يحسنون التصرف في المال، نهى أن نعطيهم الأموال، وبين أن الله جعل هذه الأموال قياماً للناس تقوم بها مصالح دينهم ودنياهم، ومن المعلوم أن الدخان ليس فيه مصلحة لا في الدين ولا في الدنيا، بل فيه مضرة.
أما من السنة، فيستدل على تحريمه بما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من النهي عن إضاعة المال، وإضاعة المال صرفه فيما لا فائدة فيه لا في الدنيا ولا في الآخرة، والدخان لا فائدة فيه لا في الدنيا ولا في الآخرة، فيكون صرف المال فيه إضاعة للمال، ومن أدلة السنة أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار)، وهذا الحديث وإن كان فيه مقال، لكن قواعد الشرع تشهد له، فنفى رسول الله صلى الله عليه وسلم الضرر والضرار، وهو نفي بمعنى النهي، ألا يمارس الإنسان ما فيه الضرر، أو ما فيه الإضرار بالغير، وحينئذٍ نقول: هل في الدخان ضرر أم لا؟ والجواب على لسان الأطباء: فيه ضرر، وحينئذ يكون داخلاً في النهي الوارد في هذا الحديث.
هذه أدلة تحريم الدخان من حيث الأثر، أما من حيث النظر فإن شارب الدخان يستثقل العبادات البدنية، ولا سيما ما فيها الإمساك عن الأكل والشرب، مثل الصيام، فإن الصيام من أثقل شيء على شارب الدخان؛ لأنه يجبسه عن تناوله في النهار، فيجد من ذلك مشقة عظيمة، وثقلاً عظيماً من هذه العبادة، كذلك أيضاً تثقل عليه الصلاة أحياناً، لو جاء وقت الصلاة وهو مشته للدخان لوجدته يستثقل هذه الصلاة، وينتظر بفارغ الصبر الخلاص منها، وهذا لا شك أنه مؤثر على العبد في سيره إلى ربه عز وجل.
فنصيحتي لك أيها الأخ ولعامة إخواننا المسلمين أن يتجنبوا شرب الدخان، ولا يصعب على المرء تركه إذا صدق العزيمة، والتوجه إلى ربه باستعانته تبارك وتعالى، وسؤاله الخلاص منه، وبإبعاده عن الجلوس مع الذين يشربون، ولهذا عدت إلى شربه حين جلست مع أولئك الذين يشربونه، فالابتعاد عن مجالسة الذين يشربونه من أكبر العون على الاعتصام منه، وأهم شيء صدق العزيمة والنية والإخلاص لله والاستعانة به سبحانه وتعالى، فإن هذا كله مما يعين الإنسان على تركه، وقد رأينا أناساً منَّ الله عليهم بتركه، فعادت لهم الصحة والقوة والنشاط، وحمدوا العاقبة.
الجواب: نعم الفول تجب فيه الزكاة؛ لأنه من الحبوب، وإذا بلغ النصاب وهو ثلاثمائة صاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، وصاع الرسول صلى الله عليه وسلم مقدر بأثقال، لكنه لا يحضرني الآن هذا المقدار، فربما نبينه إن شاء الله تعالى لاحقاً والواجب فيه العشر كاملاً، أعني عشرة في المائة، إذا كان يشرب بدون مؤونة، أي: يشرب سيحاً، أو يشرب بعروقه بدون سقي، أو من الأمطار، فهذا يجب فيه عشرة في المائة، أما إذا كان يشرب بمكائن وبمؤونة لاستخراج الماء، فإن الواجب فيه نصف العشر، أي: خمسة في المائة.
أما إخراج الزكاة، فإنه يجوز إخراجها منه، ويجوز إخراجها من قيمته إذا بيع كما نص الإمام أحمد على جواز إخراج القيمة إذا باع الإنسان بستانه، وإخراج القيمة غالباً أنفع للفقراء؛ لأن الفقير إذا أتته القيمة اشترى بها ما يحتاجه لنفسه من ملابس ومطاعم وغيرها، لكن إذا أتاه الفول فقد يرغب أن يأكله، وقد يرغب أن يبيعه، وحينئذ ربما ينقص عليه.
مداخلة: فيما لو زكينا القيمة، هل نزكيها على قدر زكاة الحب، بمعنى عشرة بالمائة، أو على أساس زكاة نقد بنقد؟
الشيخ: لا، على أساس زكاة الحب والثمار، ونزكيها عشرة في المائة، أو خمسة في المائة.
الجواب: إذا رفض الولي أن يزوج المرأة التي هو ولي عليها من خطبها، فإنه ينظر إذا كان هذا الخاطب كفؤاً في دينه وخلقه، فإن الولاية تنتقل إلى من بعده لا إلى القاضي، فمثلاً إذا كان لها أب وأخ، فرفض الأب أن يزوج، والخاطب كفؤ في دينه وخلقه، فإن لأخيها الشقيق أو الذي من الأب أن يزوجها، فإن لم يكن لها أخ فعمها، وهكذا الأولى فالأولى من عصبتها، فإن لم يكن لها عصبة فإنه يزوجها القاضي حينئذ؛ لأن القاضي ولي من لا ولي له، أما مع وجود ولي غير ممتنع من تزويج كفؤ، فإنه لا يجوز أن يتولى تزويجها القاضي.
مداخلة: كيف نحكم الآن إذا كان انعقد الزواج بهذه الصفة، بعد رفض الوالدين عقده القاضي دون الرجوع إلى غيرهما من الأولياء؟
الشيخ: نقضي بأن القاضي هو المسؤول عن هذا الأمر، ولا نستطيع أن نعترض شيئاً حكم به قاض من قضاة المسلمين.
الجواب: إذا كان عندك نقد مضى عليه عدة سنوات لم تزكه، فإنك آثم في تأخير الزكاة؛ لأن الواجب على المرء أن يؤدي الزكاة فور وجوبها ولا يؤخرها؛ لأن الأصل في الواجبات وجوب القيام بها فوراً؛ وعلى هذا فإنك آثم بهذا التأخير، فعليك أن تتوب إلى الله عز وجل من هذه المعصية، وعليك أن تبادر الآن بإخراج الزكاة عن كل ما مضى من السنوات، ولا يسقط عنك شيء من هذه الزكاة، بل عليك أن تتوب وتبادر بالإخراج حتى لا تزداد إثماً بتأخيرها.
مداخلة: كيف يقدر الزكاة في الأربع سنوات؟
الشيخ: يقدرها بحيث يعرف كم كان ماله كل سنة، ومعلوم أن في الأموال النقدية ربع العشر، فيخرج ربع العشر عن كل مال، وهو يرجع إلى ما مضى، كم كان ماله عند الحول الأول، عند الحول الثاني، عند الحول الثالث، عند الحول الرابع حتى يتبين له، وإذا كان في شك من هذا الأمر، فإنه يتحرى ويحتاط في إبراء ذمته.
مداخلة: يعني في المال الذي يثبت عنده في الحول المتأخر ينقص منه ما أخرجه في الحول الذي قبله؟
الشيخ: لا، مثلاً إذا كان عنده في الحول الأول عشرة آلاف، يخرج زكاة عشرة آلاف عن الحول الأول، عند تمام الحول الثاني صار عشرين ألفاً، فإنه يخرج عن العشرين ألف كلها، عند الحول الثالث صار ثلاثين ألفاً، يخرج عن ثلاثين ألفاً، عند الحول الرابع صار أربعين ألفاً، يخرج عن أربعين ألفاً وهكذا.
مداخلة: لكن نقصد إذا كان المبلغ ثابت بعدد معين، فإنه في كل سنة ينقص الذي أخرجه في التي قبله؟
الشيخ: لا لا، إذا كان ثابتاً لا يزيد، فإنه لا ينقص مقدار الزكاة التي تجب عليه؛ لأن الصحيح أن الدين لا يمنع وجوب الزكاة، فمثلاً إذا كان عنده عشرة آلاف ريال، فإنه يجب عليه أن يزكيها كل سنة عن أربع سنوات نفس العشرة؛ لأن الزكاة لا تمنع الوجوب.
الجواب: نعم يصح مثل هذا العقد، أو مثل هذه العقود، فإذا اجتمع جماعة عند مأذون واحد ليعقد لهم النكاح، وقرأ الخطبة المشروعة وهي: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ثم يقرأ ثلاث آيات وهي قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102]، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1]، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71]، ثم يقول يبدأ بالأول فيقول: قل ويشير إلى الزوج قل: زوجتك بنتي أو أختي أو الذي يريد أن يعقد النكاح لها، فلانة، فيقول الزوج: قبلت، ثم للثاني ثم للثالث وهكذا، على أنه لو عقد النكاح بدون خطبة أصلاً فإنه لا بأس بذلك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم زوج الرجل المرأة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكن له بها حاجة، فطلبها أحد الصحابة رضي الله عنهم، والقصة مشهورة، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: (زوجتكها بما معك من القرآن)، ولم يخطب عليه الصلاة والسلام هذه الخطبة، فهذه الخطبة إنما تقال على سبيل الاستحباب فقط، وليس على سبيل الوجوب، وإذا اجتمع عدة عقود في خطبة واحدة فلا بأس بذلك.
الجواب: هذا ليس بمشروع، بل هذا بدعة، وقراءة الفاتحة أو غيرها من السور المعينة، لا تقرأ إلا في الأماكن التي شرعها الشرع، فإن قرئت في غير الأماكن تعبداً فإنها تعتبر من البدع، وقد رأينا كثيراً من الناس يقرءون الفاتحة في كل المناسبات، حتى أننا سمعنا من يقول: اقرءوا الفاتحة على الميت، وعلى كذا وعلى كذا، وهذا كله من الأمور المبتدعة المنكرة، فالفاتحة وغيرها من السور لا تقرأ في أي حال وفي أي مكان وفي أي زمان إلا إذا كان ذلك مشروعاً بكتاب الله أو بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإلا فهي بدعة ينكر على فاعلها.
الجواب: تخصيص والدك إياك بهذا البيت بدون أختيك حرام ولا يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)؛ وعلى هذا فإنه يجب على والدك الآن أن يسترد ما أعطاك، أو أن يستسمح أختيك، أو أن يعطيهما مثل ما أعطاك، لكل واحدة منهما نصف ما أعطاك؛ لأن العطية يكون فيها للذكر مثل حظ الأنثيين، هذا هو العدل، إذ لا قسمة أعدل من قسمة الله عز وجل، وقد جعل الله تعالى للأولاد للذكر مثل حظ الأنثيين؛ وعلى هذا فنقول لوالدك: إذا أراد أن يتخلص من هذا الأمر، لك واحد من ثلاثة طرق: فإما أن تأخذ من ولدك الذي خصصته بهذا البيت، تأخذ ما أعطيته منه، وإما أن تستسمح البنتين حتى يسمحا بذلك، وإما أن تعطي كل بنت نصف ما أعطيت الولد، وبذلك تبرأ ذمتك، وإلا فإنك آثم، وهذا من الجور الذي قال فيه الرسول عليه الصلاة والسلام: ( لا أشهد على جور).
مداخلة: لو لم يتمكن والده من فعل أحد هذه الأمور الثلاثة بسبب بعده عنه، ولكن نفس الولد الذي هو السائل أشرك أختيه في تجارته ومنزله بهذا القدر؟
الشيخ: لو فعل هذا لكان جيداً، وتبرأ بذلك ذمة الوالد.
الجواب: ننصحك بأن تبقى على زوجيتك مع هذه المرأة، ونطمئنك بأن ولادتها في سبعة أشهر ليس فيها شك، فإن أقل مدة الحمل التي يمكن أن يعيش فيها ست أشهر؛ لأن الله تعالى يقول: وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا [الأحقاف:15] ، وقال تعالى: وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ [لقمان:14]، فإذا أسقطنا عامين من الفصال من ثلاثين شهراً بقيت ستة أشهر للحمل، وهذه أقل مدة الحمل التي يمكن أن يعيش فيها إذا خرج، فابنك الآن والحمد لله ليس فيه شك، وينبغي أن تزيل عن نفسك هذه الوساوس إزالة مطلقة، أما أكثر مدة الحمل فإنه لا حد له على القول الراجح، وإن كان بعض أهل العلم يحدها بأربع، وبعضهم بأكثر، ولكن ما دام الحمل متيقناً في بطن هذه المرأة، فإنها حامل به إلى أن تضعه.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر