الجواب: ما دام هذا الرجل حين أتى للعمرة في أشهر الحج قد عزم على أن يحج من عامه فإنه يكون متمتعاً؛ لأن سفره بين العمرة والحج لا يبطل التمتع إلا إذا رجع إلى بلده وأنشأ السفر من بلده إلى الحج، فحينئذٍ ينقطع تمتعه؛ لأنه أفرد كل نسك بسفر مستقل، فهذا الرجل الذي ذهب إلى المدينة بعدما أدى العمرة ثم أحرم بالحج من آبار علي يلزمه هدي التمتع؛ لعموم قوله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [البقرة:196].
الجواب: إذا مر الإنسان بالميقات ناوياً النسك إما حجاً أو عمرة، فإنه لا يحل له مجاوزته حتى يحرم منه لما أراد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقت المواقيت وقال: ( هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلن ممن يريد الحج أو العمرة )، وهذه المسألة التي ذكرها السائل أنه تجاوز الميقات بلا إحرام حتى وصل مكة، ثم قيل له: ارجع إلى أقرب ميقات فاحرم منه، نقول له: إن هذه الفتوى ليست بصواب، وأن عليه أن يذهب إلى الميقات الذي مر به؛ لأنه الميقات الذي يجب الإحرام منه، كما يدل على ذلك حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما الذي أشرنا إليه آنفاً، ولكن إن كان الذي أفتاه من أهل العلم الموثوق بعلمهم ودينهم واعتمد على ذلك فإنه لا شيء عليه؛ لأنه فعل ما يجب من سؤال أهل العلم وخطأ المفتي ليس عليه منه شيء.
الجواب: مادام والدك لم يترك إلا طواف الوداع فقط فإن أهل العلم يقولون فيمن ترك واجباً من واجبات الحج: يجب عليه أن يذبح فدية في مكة يوزعها على الفقراء، وعلى هذا فتوكل أحداً من الذاهبين إلى مكة ليشتري لك شاةً أو معزاً ويذبحها ويتصدق بها على الفقراء هناك.
الجواب: تكرر في هذه الأسئلة ذكر هذه الإشكالات التي يقول فيها السائلون: إنهم سألوا، وقيل لهم: كذا، وأنا أحب أن أسأل من الذي يسألون؟ هل هم يسألون عامة الناس أو يسألون أي إنسان رأوه؟ فإن كان الأمر كذلك فإنه تقصيرٌ منهم وهذا لا تبرأ به الذمة، ولا يكون لهم به حجة عند الله؛ لأن الله إنما يقول: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:43]، وسؤالك لمن لا تعلم أنه من أهل الذكر سؤال لا يفيد؛ لأنه ليس من أهل الذكر، بل هو مثلك جاهل لا يصح أن يسأل، أما إذا كانوا يسألون أهل علم، ويثقون بعلمهم ودينهم، فإنهم يكونون معذورون أمام الله عز وجل، ولا يلزمهم شيء، وحينئذٍ فهذا الذي أفتاه بأن حجته الأخيرة تجزئه عن حجته الأولى في إفتائه نظر؛ لأن حجته الأولى لم تتم، إذ أن طواف الإفاضة ركن لا يتم الحج إلا به، وعلى هذا فكان ينبغي لهذا المفتي أن يأمره بأن يطوف طواف الإفاضة ليكمل حجه الأول، ثم بعد ذلك يأتي للحج الأخير ويكون الحج الأخير تطوعاً.
الجواب: طواف الوداع واجب على كل إنسان غادر مكة وهو حاج أو معتمر، فإذا قدمت للحج أو للعمرة وأتيت لذلك فإنك لا تخرج حتى تطوف للوداع، أما إذا قدمت إلى مكة لغير حج ولا عمرة، بل لعمل أو لزيارة قريب أو ما أشبه ذلك، فإن طواف الوداع لا يلزمك حينئذٍ؛ لأنك لم تأت بنسك حتى يلزمك طواف الوداع، ويجب أن يكون طواف الوداع آخر شيء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت )، ولكن العلماء رخصوا لمن طاف طواف الوداع، في الأشياء التي يفعلها وهو عابر وماشٍ مثل: أن يشتري حاجة في طريقه أو أن ينتظر رفقة متى جاءوا ركب ومشى، وأما من طاف للوداع ثم أقام ونوى إقامة لغير هذه الأشياء وأمثالها، فإنه يجب عليه أن يعيد طواف الوداع.
الجواب: هذا العقار الذي أعددته للإجارة ليس فيه شي من الزكاة؛ لأنه لم يعد للتجارة وإنما أعد للاستغلال، ولكن الزكاة في أجرته إذا قبضتها وتم عليها سنة من العقد فإنه يجب عليك أن تزكيها، فإذا قدر أنك آجرته في شهر محرم، ثم عند تمام ذي الحجة أعطاك الأجرة فإنه يجب عليك أن تؤدي زكاته؛ لأنه تم عليه الحول، وإن أعطاك الأجرة في أثناء السنة وصرفتها قبل أن يتم الحول فلا زكاة عليك فيها.
وأما صرف هذه الزكاة وغيرها من الزكوات إلى الأقارب والأصدقاء، فإن كانوا أهلاً لها ومستحقين لها فإن الصدقة على الأقارب صدقة وصلة، وهم أفضل من غيرهم، وإن كانوا لا يستحقون الزكاة فإنه لا يجوز أن تصرفها إليهم، بل يجب أن تصرفها إلى من أوجب الله صرفها إليهم في قوله: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة:60].
الجواب: إذا حج الإنسان قارناً فإنه يجزئه طواف الحج وسعي الحج عن العمرة والحج جميعاً، ويكون طواف القدوم طواف سنة، وإن شاء قدم السعي بعد طواف القدوم، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وإن شاء أخره إلى يوم العيد بعد طواف الإفاضة، ولكن تقديمه أفضل لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا كان يوم العيد فإنه يطوف طواف الإفاضة فقط ولا يسعى؛ لأنه سعى من قبل، والدليل على أن الطواف والسعي يكفيان عن العمرة والحج جميعاً، قول الرسول صلى الله عليه وسلم لـ عائشة رضي الله عنها: ( طوافك بالبيت وبالصفا والمروة يسعك لحجك وعمرتك )، فبين النبي عليه الصلاة والسلام أن طواف القارن وسعي يكفي للحج والعمرة جميعاً.
الجواب: إذا أقيمت الصلاة وأنت تطوف سواء طواف عمرة أو طواف حج أو طواف تطوع، فإنك تنصرف من طوافك وتصلي، ثم ترجع وتكمل الطواف ولا تستأنفه من جديد، وتكمل الطواف من الموقع الذي انتهيت إليه من قبل، ولا حاجة إلى إعادة الشوط من جديد؛ لأن ما سبق بني على أساس صحيح وبمقتضى إذن شرعي فلا يمكن أن يكون باطلاً.
الجواب: إذا فعل شيئاً من محظورات الإحرام بعد أن لبس إحرامه وهو لم يعقد النية بعد فلا شيء عليه؛ لأن العبرة بالنية لا بلبس الثوب، ولكن إذا كان قد نوى ودخل في النسك فإنه إذا فعل شيئاً من المحظورات ناسياً أو جاهلاً فلا شيء عليه، ولكن يجب عليه بمجرد ما يزول العذر -فيذكر إن كان ناسياً ويعلم إن كان جاهلاً- أن يتخلى من ذلك المحظور.
مثال هذا: لو أن رجلاً نسي فلبس ثوباً وهو محرم فلا شيء عليه، ولكن من حين ما يذكر يجب عليه أن يخلع هذا الثوب، وكذلك لو نسي فأبقى سرواله عليه، ثم ذكر بعد أن عقد النية ولبى فإنه يجب عليه أن يخلع سرواله فوراً ولا شيء عليه، وكذلك لو كان جاهلاً فإنه لا شيء عليه، مثل أن يلبس فنيلة ليس فيها خياط بل هي منسوجة نسجاً، ويظن أن المحرّم لا يجوز له لبس ما فيه خياطة فقط، فإنه لا شيء عليه، ولكن إذا تبين له أن الفنيلة وإن لم يكن فيها توصيل فإنها من اللباس الممنوع، فإنه يجب عليه أن يخلعها، والقاعدة العامة في هذا: أن جميع محظورات الإحرام إذا فعلها الإنسان ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً فلا شيء عليه؛ لقوله تعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286]، (فقال الله تعالى: قد فعلت)، ولقوله تعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ [الأحزاب:5]، ولقوله تعالى في خصوص الصيد وهو من محظورات الإحرام: وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ [المائدة:95]، ولا فرق في ذلك بين أن يكون محظور الإحرام من اللباس والطيب ونحوهما، أو مِن قتل الصيد وحلق شعر الرأس ونحوهما، وإن كان بعض العلماء فرق بين هذا وهذا، ولكن الصحيح عدم التفريق؛ لأن هذا من المحظور الذي يعذر الإنسان فيه بالجهل والنسيان والإكراه.
واعلم أن الفدية في حلق الرأس ذكرها الله في القرآن في قوله: فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ [البقرة:196] والصيام ثلاثة أيام، والإطعام إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، والنسك شاة أو سبع بدنة أو سبع بقرة.
الجواب: المسألة الأولى: إذا لم يكشف كتفه الأيمن، والواقع أن أكثر الحجاج يغلطون في هذه المسألة حيث يكشفون الكتف من حين الإحرام إلى أن يحلوا من الإحرام، وهذا سببه الجهل؛ وذلك لأن كشف الكتف الأيمن إنما يشرع في حال طواف القدوم فقط، وعلى هذا فإذا أحرمت فإنك تغطي جميع الكتفين حتى تشرع في طواف القدوم، فإذا شرعت في طواف القدوم اضطبعت بأن تكشف الكتف الأيمن وتجعل طرف الرداء على الكتف الأيسر، فإذا فرغت من الطواف أعدت الرداء على ما كان عليه، أي: غطيت الكتفين جميعاً، وبهذا يزول الإشكال الذي ذكره السائل، فيكون الإنسان مغطياً كتفيه وقاية للحر أو البرد إلى أن يبدأ بالطواف.
وأما المسألة الثانية: وهي حمل المظلة على الرأس وقاية من حر الشمس فإن هذا لا بأس به ولا حرج، ولا يدخل هذا في نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن تغطية رأس الرجل؛ لأن هذا ليس بتغطية بل هو تظليل من الشمس والحر، وقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان معه أسامة بن زيد و بلال ، وأحدهما: يقود به راحلته والثاني: رافع ثوبه يظلله من الشمس حتى رمى جمرة العقبة، وهذا دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد استظل بهذا الثوب وهو محرم قبل أن يتحلل.
وأما السؤال الثالث: فهو وضع الحزام على وسطه فإنه لا بأس به ولا حرج فيه، وقوله: مع أنه مخيط، هذا القول مبني على فهم خاطئ من بعض العامة، حيث ظنوا أن معنى قول العلماء يحرم على المحرم لبس المخيط، ظنوا أن المراد به ما كان فيه خياطة، وليس كذلك بل مراد أهل العلم بلبس المخيط ما كان مخيطاً على قدر العضو ولبسه على هيئته المعتادة كالقميص والسراويل والفنيلة وما أشبهها، وليس مراد أهل العلم ما كان فيه خياطة، ولهذا لو أن الإنسان أحرم برداء مرقع أو بإزارٍ مرقع لم يكن عليه في ذلك بأس وإن كان خيط بعضه ببعض.
مداخلة: يعني: على هذا يجوز جميع أنواع الأحزمة وما يسمى منها: بالكمر الذي يستخدم لحفظ النقود، أو بعض الأنواع من الأحذية؟
الشيخ: نعم كل هذه جائزة نعم.
الجواب: ليس من ضرورة الحج أن يزور الإنسان المسجد النبوي ولا علاقة له بالحج، وإنما زيارة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم تكون في كل وقت، ولكن أهل العلم ذكروها في المناسك؛ لأنهم فيما سبق كان يشق على الناس أن يأتوا لزيارة المسجد النبوي، فكانوا يجعلونها مع فعل الحج ليكون السفر إليها واحداً، وإلا فلا علاقة لها بالنسك بل من أعتقد أن لها علاقة بالنسك فإن اعتقاده ليس بصحيح؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه.
الجواب: هذا الحاج ترك التقصير في عمرته، والتقصير من واجبات العمرة، وفي ترك الواجب عند أهل العلم دم يذبحه الإنسان في مكة ويوزعها على الفقراء، وعلى هذا فنقول لهذا الحاج: عليك على ما قاله أهل أعلم أن تذبح فدية بمكة وتوزعها على الفقراء، وبهذا تتم عمرتك وحجك وإن كان خارج مكة فيوصي أن يذبح له الفدية بمكة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر