الجواب: الإنسان إذا نسي صلاة أو نام عنها وليس عنده من يوقظه ولا من يذكره حتى خرج وقتها فإنه كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( يصليها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك )، وفي هذه المسألة التي وقعت للسائل الذي ينبغي أن يبدأ أولاً بصلاة العصر ثم بصلاة المغرب حتى يكون الترتيب على حسب ما فرض الله عز وجل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما فاتته الصلوات في أحد الأيام في غزوة الخندق قضاها مرتبة، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( صلوا كما رأيتموني أصلي )، وبناءً على هذا فلو أنكم حينما جئتم إلى المسجد وهم يصلون المغرب دخلتهم معهم بنية العصر ثم إذا سلم الإمام من صلاة المغرب تأتون ببقية صلاة العصر، فتكون الصلاة مغرباً للجماعة وتكون لكم عصراً، وهذا لا يضر، أعني: اختلاف نية الإمام والمأموم؛ لأن الأفعال واحدة، والذي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الاختلاف فيه على الإمام هي الأفعال دون النية، بدليل أنه صلى الله عليه وسلم لما قال: ( إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه، قال: فإذا كبر فكبروا ولا تكبروا حتى يكبر ) ثم ذكر الركوع والسجود، فيكون قوله: (فإذا كبر فكبروا) تفسيراً لقوله: (فلا تختلفوا عليه).
أما النية فأمرها باطن لا يظهر فيها الاختلاف على الإمام، ولهذا كان القول الراجح في هذه المسألة: أن نية الإمام إذا كانت مخالفة لنية المأموم فإنه لا بأس به، فتصح صلاة من يصلي العصر خلف من يصلي الظهر وبالعكس، وقد نصَّ الإمام أحمد رحمه الله في الرجل يأتي في ليالي رمضان والإمام يصلي التراويح أنه لا بأس أن يدخل مع الإمام بنية صلاة العشاء، فتكون للإمام نافلة لأنها التراويح، وهي لهذا الداخل فريضة لأنها صلاة العشاء، ولكن ما حدث منكم بناءً على أنه وقع على سبيل الجهل حيث قدمتم المغرب على صلاة العصر فإنه لا حرج عليكم في ذلك، ولا يلزمكم إعادة المغرب بعد صلاة العصر؛ لأن الترتيب وقعت مخالفته عن جهل، وإذا كانت عن جهل فلا حرج عليكم في ذلك، بل إن من أهل العلم من يقول: إن الترتيب يسقط بخوف فوت الجماعة، وبناءً على هذا القول يصح لكم ويجوز أن تدخلوا مع الإمام بنية المغرب، فإذا سلم أتيتم بعد ذلك بصلاة العصر من أجل المحافظة على إدراك صلاة الجماعة، والله أعلم.
الجواب: ينضم معهم بنية صلاة المغرب كما قلت، وفي هذه الحال إن كان قد دخل مع الإمام في الركعة الثانية وما بعدها فالأمر ظاهر، فإن دخل مع الإمام في الركعة الثانية سلم معه؛ لأنه يكون صلى ثلاثاً، وإن دخل في الثالثة أتى بعده بركعة، أما إن دخل في الركعة الأولى من صلاة العشاء وهو يصلي بنية المغرب فإن الإمام إذا قام إلى الرابعة يجلس هو ويتشهد ويسلم، ثم يدخل مع الإمام في بقية صلاة العشاء حتى يدرك الجماعتين في الصلاة، ينفرد عن إمامه ويسلم، وهذا الانفصال جائز؛ لأنه لعذر، والانفصال لعذر جائز كما ذكر ذلك أهل العلم، ومن ذلك، أي: من الانفصال لعذر ما لو طرأ على الإنسان في أثناء الصلاة طارئ يستلزم السرعة في الصلاة، فإن له أن ينفرد عن الإمام ويكمل صلاته خفيفة ثم يذهب إلى هذا الطارئ، مثل: لو حصل له ألم في بطنه أو اضطرار إلى تبول أو تغيط أو حصل في معدته هوجان يخشى أن يقيئ في صلاته وما أشبه ذلك، المهم أن الانفراد لعذر عن الإمام جائز وهذا انفراد لعذر، ثم إنه لا حرج عليك في هذه الحال إذا أتيت وهم في صلاة العشاء أن تدخل معهم بنية صلاة العشاء، ثم بعد ذلك تأتي بالمغرب كما أشرنا إليه قبل قليل بأن بعض أهل العلم يرى أن الترتيب يسقط بخوف فوت صلاة الجماعة.
الجواب: هذا السؤال تضمن عدة مسائل:
المسألة الأولى وهي من أهمها: ذهابها إلى الكهان ولكنها قد ذكرت أنها تابت إلى الله عز وجل، وهذا هو الواجب على من فعل محرماً أن يبادر بالتوبة إلى الله سبحانه وتعالى، فيندم على ما مضى ويعزم على ألا يعود في المستقبل.
والمسألة الثانية: تصرفات زوجها معها ومع أولادها بكونه يقصر في نفقتهم ويمنعها من أن تأتي بما يكملها من نفسها أو من أهلها، والجواب على هذه المسألة أن نقول: إذا كان لا يمكنها أن تأخذ من ماله ولو بغير علمه للإنفاق على نفسها وأولادها فإنه لا حرج عليها أن تأخذ من أهلها ما تنفق به على نفسها وأولادها ولو منعها من ذلك فإنه ظالم، وهو ظالم حيث يمنعها من النفقة الواجبة عليه إن صح ما تقول في هذا الرجل.
المسألة الثالثة: البقاء معه أو طلب الفراق، فإذا كانت ترجو في البقاء معه أن يصلح الله حاله بالنصح والإرشاد فإنها تبقى معه؛ لئلا ينفرط سلك العائلة، وتحصل مشاكل بينها وبينه ويحصل القلق لأولادها، وإذا كانت لا ترجو ذلك فإنها تستخير الله عز وجل وتشاور من تراه ذا عقل راجح في هذه المسألة هل تبقى أو تفارق ونسأل الله أن يختار لها ما فيه الخير والصلاح، ومحل ذلك ما لم يكن هذا الزوج تاركاً للصلاة، فإن كان تاركاً للصلاة فإنه لا يجوز لها البقاء معه؛ لأن ترك الصلاة كفر مخرج عن الملة، والكفر المخرج عن الملة يقتضي انفساخ النكاح الله أعلم.
الجواب: هذا الرجل أخطأ على نفسه حيث حلف هذا اليمين على ألا يتزوج إلا بعد عشر سنوات؛ وذلك لأن ما فعله خلاف ما أمر به النبي عليه الصلاة والسلام، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم ). وهذا الرجل قد يسر الله له الزواج وأمره به والداه فيكون الزواج متأكداً في حقه بأمر الله عز وجل وبطلب والديه أن يتزوج، فتصرفه هذا تصرف أحمق ولا ينبغي أن يستمر عليه، وينبغي له أن يتزوج وما حصل منه من تحريم فإنه يكفر عنه كفارة يمين ولا يكون هذا ظهاراً؛ لأنه لم يكن له زوجة حتى يظاهر منها، والظهار على القول الراجح لا يصح إلا من زوجة قد عقد عليها؛ لقوله تعالى: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا [المجادلة:3] ، فأضاف الظهار إلى نسائه والمرأة قبل أن يتزوج بها ليست من نسائه فلا يقع عليها ظهاره، وإن بقي إلى تمام عشر سنوات ثم تزوج فلا شيء عليه من ناحية الكفارة؛ لأنه أتم ما حلف عليه.
مداخلة: هو في هذه الحالة ظاهَرَ منها مع العلم أنها معينة وقد تكون زوجته، لا فرق في هذا بين كونها معينة أو لا ما دام لم يعقد عليها؟
الشيخ: نعم لا فرق بين كونها معينة أو غير معينة مادام لم يعقد؛ لأنه كما ذكرت لا يقع الظهار إلا على زوجة، حيث إن الله قال: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ [المجادلة:3] فكما أن الطلاق لا يقع إلا على زوجة فكذلك الظهار، وكما أن الإيلاء لا يقع إلا من زوجة فكذلك الظهار، ولا فرق بين هذه الأمور الثلاثة على القول الراجح.
الجواب: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب )، فأخوك الذي رضع من زوجة جدك صار ابناً لجدك، وإذا كان ابناً لجدك صار أخاً لأبيك ولعمك أيضاً، وعلى هذا فلا تحل له بنت عمك؛ لأنه يكون عماً لها حيث إنه أخ لأبيها، وهذه الأخوة أخوة من الأب، وإذا كان الأخ من الأب أخاً له أحكام الإخوة إذا كان من النسب فكذلك الأخ من الأب أخ تثبت له أحكام الأخوة إذا كان من الرضاع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب )، ولا فرق بين أن تكون ابنة عمه قد رضعت من زوجة جده الجديدة أم لم ترضع؛ لأن المهم أنه هو نفسه كان أخاً لأبيها من الأب أخاً له من الرضاع وحينئذ فيكون عماً لبناته فلا يحل له أن يتزوج بهن.
مداخلة: طبعاً هذا إذا توفرت شروط الرضاع الشرعية؟
الشيخ: إذا توفرت الشروط وهي أن تكون خمس رضعات في الحولين أو قبل الفطام.
الجواب: صنعك هذا صنع طيب فجزاك الله خيراً حيث عملت هذا السبب من أجل إصلاح أولاد عمك، وهذا من صلة الرحم بلا شك، والأولاد الذين يطالبون برحيلك عن البيت بعد أن كبروا هؤلاء ينبغي لهم أن يتدبروا الأمر وأن ينظروا فإن بقاءك في بيت عمك من أجل زوجتك وراحتها وحضانة أولادك ومراعاتهم، وحضانة من لم يبلغوا من أولاد عمك لاشك أن ذلك في مصلحة الجميع، والذي أنصح به هؤلاء الأولاد الذين يطالبون برحيلك أن يفكروا في الأمر مرة بعد مرة حتى تتبين لهم المصلحة، فإن أصروا إلا أن تخرج من بيتهم فأنت حر فاخرج من بيتهم وخذ زوجتك معك وأولادك، إلا إذا كانت المرأة قد اشترطت عليك عند العقد أن تبقى في بيتها فإنه يجب عليك أن توفي لها بالشرط، وحينئذٍ لا حرج عليك أن تدخل البيت من أجل التمتع بزوجتك؛ لأن هذا أمر مشروط عليك، إلا إذا رضيت الأم بأن تخرج فإن خروجك أولى من بقائك مع المشاقة والمنازعة، وتخرج بها وبأولادها منك وكذلك بالصغار من أولاد عمك والله الموفق.
الجواب: أحب أن أنصحك وجميع من يستمع إلى هذا البرنامج من هذا التصرف الأحمق، حيث إن بعض الناس إذا أراد أن يمنع زوجته من شيء أو أراد أن يفعل شيئاً يؤكده أو أن ينفي شيئاً يؤكد نفيه ذهبوا يستعملون صيغة الطلاق أو التحريم أو الظهار، وهذا أمر لا ينبغي منهم، فالظهار وصفه الله تعالى بأنه منكر وزور، والتحريم قال الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [التحريم:1] ، واليمين قال فيه النبي عليه الصلاة والسلام: ( من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت )، فكيف يكون من المسلم؟ بل كيف يقع منه مثل هذا التصرف الذي إذا فعله ندم وذهب يتتبع أعتاب أهل العلم لعله يجد حلاً لذلك؟ فنصيحتي لكل من سمع كلامي هذا أن يتقي الله في نفسه، وأن يكون شجاعاً قوياً يملك نفسه عند الغضب حتى يمكن أن يتصرف تصرفاً سليماً.
أما الجواب على هذا السؤال: فإذا كان الرجل قد قصد بقوله: (أنتِ علي مثل أمي) تحريمها بهذه الصيغة فلا شك أنه مظاهر وأنه لا يجوز له أن يقربها حتى يفعل ما أمر الله له به في قوله: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ [المجادلة:3-4]، فيجب عليه قبل أن يجامع زوجته أن يكفر بهذه الكفارة التي ذكرها الله عز وجل، وأما إذا كان قد قصد به المنع، أي: منع الزوجة من هذا الفعل الذي نهاها عنه ولم يقصد تحريمها فإن هذا يكون يميناً حكمه حكم اليمين، يكفر كفارة يمين وينحل بالكفارة.
مداخلة: هل للمظاهر وقت معين إن لم يكفر عنه تفارقه الزوجة؟
الشيخ: الظهار إذا ظاهر الإنسان من زوجته فلها الحق أن تطالبه بحقوقها الخاصة، فإن أصر على الامتناع فإن مرجعهما إلى الحاكم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر