الجواب: الواجب على المرء إخراج الزكاة من الحبوب والثمار التي تجب فيها نصف العشر إن كان يسقى بمؤونة، كالذي يسقى بالمكائن والسواني وما أشبهها، والعشر كاملاً إن كان يسقى بدون مؤونة، مثل: الذي يسقى بالعيون ونحوها، وعلى هذا فإذا كان البستان يسقى بالعيون فإن الواجب في كل مائة كيس عشرة أكياس لا خمسة، وإن كان مما يسقى بمؤونة بالمكائن والسواني فإن الواجب نصف العشر، وهو خمسة أكياس من كل مائة كيس، وإذا كان البستان متنوعاً بعضه أطيب من بعض فإن من أهل العلم من يقول: إنه يجب أن يخرج زكاة كل نوع منه، ومن أهل العلم من يقول: إنه يجوز أن يخرج من الوسط بقدر قيمة الأنواع كلها، وإذا أخذ الإنسان عن التمر دراهم حيث يراه المصدق فإنه لا حرج، إذا رأى قابض الزكاة أن يأخذ عن الزكاة دراهم فإنه لا حرج عليه في ذلك، بل ربما يكون هذا أنفع للفقراء حيث إنهم يحصلون بالدراهم ما شاءوا من تمر أو قمح أو ثياب أو غيرها، بخلاف ما إذا أعطوا تمراً، فإذا كانت الحكومة وفقها الله تبعث إليكم من يأخذ الزكاة دراهم فإنه لا يلزمكم أن تخرجوها من التمر أو من أكياس القمح، بل تؤدونها إلى الحكومة كما تطلب منكم وتبرأ بذلك ذمتكم.
الجواب: هذه الغنم التي عندك من ضأن أو معز ينظر في مقصودك بها، إن كنت تقصد أنها للتجارة بمعنى: أنك تبيع وتشتري بها كلما وجدت في شيء منها ربحاً بعته فهذه عروض تجارة، ويجب عليك أن تزكيها بكل حال حتى ولو كنت تعلفها؛ لأنها أموال تجارة فهي كمال التاجر الذي يكون في الدكان، ومقدار الزكاة فيها ربع العشر، بمعنى: أنه إذا حال حول الزكاة فإنك تقدرها كم تساوي من الدراهم، وتخرج ربع عشر قيمتها، وربع العشر معلوم وهو: اثنان ونصف في المائة وخمسة وعشرون في الألف، وإن شئت فقل: واحد من كل أربعين بمعنى: أنك تقسم المال الذي عندك على أربعين فما خرج بالقسمة فهو الزكاة.
أما إذا كان مقصودك بهذه الغنم من ضأن ومعز التنمية والإبقاء للدر والنسل فإنه يشترط لوجوب الزكاة فيها أن ترعى المباح، يعني: الذي ينبت في البر ترعاه السنة كلها أو أكثرها، فإذا كنت تعلفها السنة كلها أو أكثر السنة أو نصف السنة، نصف تعلفها ونصف ترعى فإنه لا زكاة عليك فيها؛ وذلك لأن الزكاة إنما تجب فيها إذا كانت سائمة، ومقدار الزكاة فيها معلوم في كل أربعين شاة، وفي مائة وإحدى وعشرين شاتان، وفي مائتين وواحدة ثلاث شياه، ثم في كل مائة شاة.
الجواب: هذا السؤال يتضمن مسألتين:
المسألة الأولى: بالنسبة للأب، والمسألة الثانية: بالنسبة لكن.
أما بالنسبة لأبيكن: فإن كان حاله كما وصفتي لا يصلي فإنه لا ولاية له عليكم؛ لأنه بترك الصلاة يكون كافراً، والكافر لا ولاية له على المسلم، وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا [النساء:141]، وبإمكانكن أن تتصلن بإخوتكن إن كانوا قد بلغوا وصاروا من أهل الرشد لمعرفة الكفء ومصالح النكاح، وهم الذين يزوجونكن، فإن لم يكن إخوتكن قد بلغوا فأعمامكن ثم الأقرب فالأقرب من العصبات، وليس لأبيكن مادام على هذه الحال التي ذكرت في السؤال ليس له ولاية عليكن، بل ولايته ساقطة.
أما المسألة الثانية: بالنسبة لأبيكن، فإني أنصحه إن كان على ما قلت بأن يتوب إلى الله عز وجل وأن يقوم بالواجب نحوكن من الرعاية والأمانة وتزويجكن من تقدم للخطبة وهو أهل للتزويج بأن يرضى دينه وخلقه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فانكحوه ) ونسأل الله لنا وله الهداية ونسأل الله لنا ولكن الإعانة.
الجواب: مادام هذا النكاح تم عقده بحضور القاضي ورأى القاضي أنك تزوجين نفسك، فإنه لا داعي للسؤال عنه، وأنا لا أجيب عن مسألة انتهت بواسطة أحد من أهل العلم؛ لأنها فتوى أو حكم انتهى أمده، وإنما يسأل عن المسائل التي لم يتقدم فيها فتوى أو حكم، وأنا لا أحب لأحد أن يكون وقّافاً عند باب كل عالم يسأله عما حصل أو عما جرى عليه ولو كان قد استفتى عنه؛ لأنه يحصل بذلك بلبلة وتشتيت لفكره وشك في أمره، وإنما عليه إذا أراد أن يستفتي أو يتحاكم إلى أحد أن يختار من يرى أنه أقرب إلى الحق من غيره لعلمه وأمانته وصلاحه ويكتفي بما يفتيه به أو يحكم به.
الجواب: هذه المسألة مسألة التحليل، المرأة إذا طلقها زوجها ثلاث مرات لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره بشرط أن يكون هذا النكاح على الوجه الشرعي ليس فيه ما يبطله، وبشرط أن يحصل من الزوج الثاني جماع للزوجة، وهذا الذي وقع نكاح تحليل؛ لأن الزوج الثاني إنما تزوجها من أجل أن يحلها للزوج الأول، فهو كما يروى في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام: ( تيس مستعار )، فعقده على هذه المرأة غير صحيح، وإذا كان غير صحيح فإنه لا يعتد به شرعاً، وعلى هذا فإنها لا تحل لزوجها الأول لأن الله عز وجل يقول: الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا [البقرة:229-230] فقوله سبحانه وتعالى: حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ [البقرة:230] يعني: نكاحاً صحيحاً؛ لأن العقد لا يسمى نكاحاً إذا كان غير صحيح؛ لأن غير الصحيح لا أثر له ولا حكم له، فعلى هذا نقول: إن نكاح الزوج الثاني لهذه المرأة لا يصح، ولا تحل للزوج الأول؛ لأن النكاح نكاح تحليل.
وأما قول السائل: لقصد الإصلاح فهذا من تزيين الشيطان أن يزين للإنسان سوء عمله، فيظن ما كان فساداً وإفساداً صلاحاً وإصلاحاً، وهذا والله ليس بإصلاح؛ لأنه وقوع في ما نهى الله عنه وما نهى الله عنه ليس بإصلاح، فإن الله سبحانه وتعالى يقول: لا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا [البقرة:231] ، ومثل هذا الرجل قد اتخذ آيات الله هزواً حيث عقد هذا العقد الصوري من أجل أن ترجع الزوجة المطلقة إلى زوجها الأول نسأل الله السلامة والعافية.
الجواب: معنى هذه الآيات الكريمة: أن الله سبحانه وتعالى توعد أولئك الذين يفترون عليه كذباً فيكتبون بأيديهم كلاماً ثم يقولون للناس: هذا من عند الله من أجل أن ينالوا به حظاً من الدنيا إما جاهاً أو رئاسة أو مالاً أو غير ذلك، ثم بين الله تعالى أن هذا الوعيد على الفعلين جميعاً على كتابتهم الباطلة وعلى كسبهم المحرم الناشئ عن هذه الكتابة الباطلة، أما الذين يكتبون الحجب وهو ما يعلق على المريض لشفائه من المرض أو على الصحيح لوقايته من المرض فإنه ينظر: هل تعليق هذه الحجب جائز أم لا؟ إذا كانت هذه الحجب لا يعلم ما كتب فيها أو كتب فيها أشياء محرمة كأسماء الشياطين والجن وما أشبه ذلك فإن تعليقها لا يحل بكل حال.
وأما إذا كانت هذه الحجب مكتوبة من القرآن والأحاديث النبوية ففي حلها قولان لأهل العلم، والراجح أنه لا يحل تعليقها؛ وذلك لأن التعبد لله سبحانه وتعالى بما لم يشرعه الله بدعة؛ ولأن اعتقاد شيء من الأشياء سبباً لم يجعله الله سبباً نوع من الشرك، وعلى هذا فالقول الراجح أنه لا يجوز أن يعلق على المريض شيء لا من القرآن ولا من غيره، ولا أن يعلق على الصحيح شيء لا من القرآن ولا من غيره، وكذلك لو كتبت هذه الحجب ووضعت تحت وسادة مريض ونحو ذلك فإنه لا يجوز.
الجواب: لا يعتبر هذا شهيداً؛ لأن هذا الموت حدث باختيار منه وبفعل منه، وإن كان هو لم يقصده لكنه ليس كالحريق ولا الغريق ولا من مات بهدم ونحوه؛ لأن أولئك الذين ماتوا بهذه الأسباب لم يكن ذلك ناشئاً عن فعلهم.
وأما بالنسبة للطبيب الذي عالجه، فإن كان الطبيب ماهراً وكانت هذه الوفاة بسبب العملية نفسها دون خطأ من الطبيب فإنه لا شيء عليه، وأما إذا كانت بخطأٍ منه أو كان غير ماهر فإنه يضمن، لأنه إن كان غير ماهر فقد تعدى حيث لا يجوز لأحد أن يتطبب بشخص وهو لا يعلم الطب، وإن كانت بخطأ منه فإن إتلاف الأموال والأنفس لا يعتبر فيه القصد بالنسبة للضمان، ولهذا قال الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا [النساء:92] ، وهذا بخلاف إذا مات من العملية نفسها فإن العملية نفسها إذا كانت من ماهر عارف بالجراحة ليس فيها خطأ ولا تعدٍ فلا يكون الطبيب في هذه الحال ضامناً.
الجواب: الصحيح من أقوال أهل العلم أن الزكاة واجبة في مال الصبي والمجنون؛ وذلك لأن الزكاة حق المال، كما قال الله تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا [التوبة:103] وقال النبي صلى الله عليه وسلم لـ معاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن: ( أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم )، وعلى هذا فمال هؤلاء الأيتام القصر تجب فيه الزكاة، ولكن إذا كان عند البنك وقد منعهم منه ولا يتمكنون من استخراجه من البنك فإنه لا زكاة عليهم مدة حجز البنك له؛ لأنهم غير قادرين على الانتفاع بمالهم، فهو كالدين على المعسر، فإذا قبضوه من البنك فإنهم يزكون زكاة واحدة فقط لسنة واحدة.
الجواب: كلامهم صحيح، والإنسان لا يمكن أن يفعل من العبادات إلا ما أذن الله فيه، ولم يأمر الله تعالى عباده أن يصوموا شهرين متتابعين احتياطاً عما قد يكون وقع منهم من الذنوب، ولكن الإنسان مأمور بأن يكثر من التوبة والاستغفار، فإن النبي عليه الصلاة والسلام حث على ذلك، حيث قال: ( يا أيها الناس! توبوا إلى ربكم فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة )، هذا وهو النبي صلى الله عليه وسلم، وأما قطعك الصيام حين أخبروك فهذا حق وهو من كمال الإيمان أن يقف الإنسان عند الحق متى تبين له، فقد أحسن من انتهى إلى ما سمع، والذي أنصحك وسائر إخواني المسلمين ألا يتعبدوا لله تعالى بشيء حتى يعلموا أنه من شريعة الله ليعبدوا الله تعالى على بصيرة، فالشرع ليس إلينا وإنما هو إلى الله ورسوله؛ ولهذا عاب الله تعالى وأنكر على من اتخذوا شركاء معه يشرعون للعباد، فقال: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ [الشورى:21] .
مداخلة: لكن قوله: (نويت أن أصوم) ألا يعتبر فيه حكم النذر؟
الشيخ: لا. هذا ليس نذراً؛ لأنه إخبار عما نوى فقط، ثم لو كان نذراً وهو ليس بمشروع فإنه لا يلزم الوفاء به.
مداخلة: ولا يلزمه مقابل ذلك شيء؟
الشيخ: لو صح أن يكون نذراً للزمه كفارة يمين على عدم الوفاء به كما يلزم في بقية النذور، كل النذور التي لا يلزم الوفاء بها كالنذر المباح .. والغضب ونحوها فيها كفارة يمين إذا لم يفعلها.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر