الجواب: إذا كانت القضية كما قال السائل: وخز إبرة أو شبهها مما لا يحصل به جرح الجسم ولا قطع شيء منه، فإن هذا جائز لما فيه من المصلحة وعدم الضرر على هذا الميت، أما إذا كانت المسألة تحتاج إلى قطع شيء من الميت فإن ذلك لا يجوز، اللهم إلا لمصلحة تتعلق بذلك الميت نفسه، مثل: أن يكون الغرض الاطلاع على سبب موته هل هو موت طبيعي أو بسبب شيء أعطي إياه أو ما أشبه ذلك، يعني: عند الشك في موته هل هو بسبب طبيعي أو أن أحداً اعتدى عليه بما يقتضي موته، فمثل هذا لا بأس أن يؤخذ من الميت جزء يُجرى عليه اختبار ثم بعد ذلك يعاد إلى نفس بدن الميت ويدفن معه، وأما إذا كان الغرض من ذلك مصلحة خارجية عن الميت ولا تعلق للميت بها فإنه لا يجوز؛ لأن الميت محترم، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( كسر عظم الميت ككسره حياً )، وهذه مصلحة لا تتعلق به شخصياً، فلا يجوز أن نعتدي عليه لمصلحة غيره.
مداخلة: مثل ماذا المصلحة التي تتعلق به شخصياً بعد موته؟
الشيخ: كما قلت لك: يكون هذا الرجل شككنا في موته هل هو بسبب اعتداء عليه أو أنه طبيعي، فنريد أن نتحرى في هذه المسألة، فإننا لا بأس أن نأخذ عينة من جسمه وبعد الاختبار نردها في الجسم وتدفن معه.
مداخلة: لابد أن تدفن مع نفس؟
الشيخ: نعم إذا أمكن.
الجواب: حكم استعمالها إذا كان هذا الجزء المختلط من الكحول بهذه الأدوية لا يؤثر، أي: أنه ليس له تأثير بحيث يسكر لو تناوله الإنسان أو تناول شيئاً كثيراً منه، فإن ذلك لا يضر؛ لأن الكحول التي فيها لم يصبح لها أثر، أما إذا كانت هذه الكحول نسبة كبيرة بحيث إذا تناول الإنسان منها شيئاً أو أكثر من تناول شيء منها سكر فإنه لا يجوز، ويجب أن يستبدل عنها عقاراً يكون خالياً من ذلك، وقد بلغني أنهم توصلوا الآن إلى الاستغناء عن هذه الكحول بمواد أخرى ولعلها تكثر إن شاء الله بين المسلمين.
الجواب: قول السائل: نعلم أنه روي عن النبي، الصواب أن يقال: نعلم أنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن قول: روي عن الرسول معناه تضعيف الحديث والحديث ثابت، وهو ( أن الرسول عليه الصلاة والسلام صلى بأصحابه صلاة الصبح على إثر مطر نزل، فلما أنهى صلاته أقبل عليهم وقال: هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال: قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب )، من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فهو مؤمن بالله لأنه اعترف لله بالفضل وأن هذا المطر من آثار فضله ورحمته تبارك وتعالى، وهذا هو الواجب على كل مسلم أن يضيف النعم إلى بارئها ومسديها وهو الله تبارك وتعالى، ولا حرج أن يضيفها إلى سببها الثابت شرعاً أو حساً، إلا أنه إذا أضافها إلى سببها الثابت حساً أو شرعاً فإنه لا يضيفها إلى السبب مقروناً مع الله عز وجل بالواو، وإنما يضيفها إلى سببها مقروناً مع الله تعالى بثم أو إلى سببها وحده، فلو أن شخصاً أنقذ غريقاً من غرق فهنا لا يخلو من حالات:
الأولى: أن يقول: أنقذني الله تعالى على يد فلان، وهذا أفضل الأحوال.
الثاني: أن يقول: أنقذني الله ثم فلان، وهذه جائزة وهي دون الأولى.
الثالث: أن يقول: أنقذني فلان ويعتقد أنه سبب محض، وأن الأمر كله إلى الله عز وجل، وهذه جائزة، ويدل لجوازها أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبر عن عمه أبي طالب أنه كان في ضحضاح من نار وعليه نعلان يغلي منهما دماغه والعياذ بالله قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار ).
الرابعة: أن يقول: أنقذني الله وفلان، وهذا لا يجوز؛ لأنه أشرك سبباً مع الله بحرف يقتضي التسوية وهي الواو، ودليل ذلك ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له رجل: ما شاء الله وشئت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أجعلتني لله نداً، بل ما شاء الله وحده )، فالمطر النازل لا شك أنه بفضل الله ورحمته وبتقديره عز وجل وقضائه، ولكن الله تعالى جعل له أسباباً كما أشار الله إليه بقوله: اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا [الروم:48] ، قال: يرسل فتثير أضاف الإثارة إلى السحاب؛ لأنها سبب هذه الإثارة، (فتثير سحاباً فيبسطه في السماء كيف يشاء) فلا بأس بإضافة الشيء إلى سببه مع اعتقاد أنه سبب محض وأن خالق السبب هو الله عز وجل، وأما قول الرسول عليه الصلاة والسلام عن الله تبارك وتعالى: ( أن من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا فهو مؤمن بي كافر بالكوكب )، فهذا لأنهم أضافوا الشيء إلى سبب غير صحيح؛ لأن النوء ليس سبباً للمطر، فالنوء الذي هو الكوكب ليس الذي هو يجلب المطر ولا علاقة له به، ولذلك أحياناً تكثر الأمطار في نوء من الأنواء في سنة وتقل في سنة أخرى وتعدم في سنة ثالثة، وربما يكون العكس، فالأنواء ليس لها تأثير في نزول المطر، ولهذا كانت إضافة المطر إليها نوعاً من الشرك، فإن اعتقد أن النوء يحدث المطر بنفسه بدون الله فذلك شرك في الربوبية شرك أكبر مخرج عن الملة، فهذا وجه قوله تبارك وتعالى فيما رواه عنه نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب.
وأما ما اشتهر من أن الأمطار تكون بسبب تبخر البحار ونحو ذلك، فهذا إن صح فإنه لا ينافي ما ذكره الله تعالى في القرآن، إذ من الجائز أن يكون هذا البخار تثيره الريح حتى يصعد في جو السماء ثم يبسطه الله تعالى في السماء كيف يشاء ثم ينزل به المطر، وهذه مسألة ترجع إلى أهل العلم بهذا الشأن، فإذا ثبت ذلك فإنا نقول: هذا البخار الذي تصاعد من البحار الذي خلقه هو الله، والذي جعله يتصاعد في الجو حتى يمطر هو الله عز وجل، ولا ينافي ذلك ما جاء في القرآن إذا صح علمياً والله أعلم.
الجواب: الحكم في هذه التماثيل الموجودة في البيوت سواء كانت معلقة أو موضوعة على الرفوف أن هذه التماثيل يحرم اقتناؤها ما دامت تماثيل حيوان، سواء كانت خيولاً أو أسوداً أو جمالاً أو غير ذلك؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة )، وإذا كانت الملائكة لا تدخل هذا البيت فإنه لا خير فيه، فعلى من عنده شيء من ذلك أن يتلفه أو على الأقل يقطع رأسه ويزيله حتى لا تمتنع الملائكة من دخول بيته، وإنك لتعجب من رجال يشترون مثل هذه التماثيل بالدراهم ثم يضعونها في مجالسهم كأنما هم صبيان، وهذا من تزيين الشيطان لهم وإلا فلو رجعوا إلى أنفسهم لوجدوا أن هذا سفه وأنه لا ينبغي لعاقل فضلاً عن مؤمن أن يضع هذا عنده في بيته والتخلص من هذا يكون بالإيمان والعزيمة الصادقة حتى يقضوا على هذه ويزيلوها، فإن أصروا على بقائها فهم آثمون في ذلك وكل لحظة تمر بهم يزدادون بها إثماً نسأل الله لنا ولهم الهداية.
وأما بيعها وشراؤها فحرام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه )، فلا يجوز استيرادها ولا إيرادها ولا بيعها وشراؤها ولا يجوز تأثير الدكاكين لهذا الغرض؛ لأن كل هذا من باب المعونة على الإثم والعدوان، والله عز وجل يقول لعباده: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] وكذلك أيضاً يحرم أن تستر الجدران وأبواب الشبابيك بشيء فيه صور من خيل وأسود أو جمال أو غيرها؛ لأن تعليق الصور رفع من شأنها فيدخل في عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة )، وأما ما يوجد من هذه الصور في الفرش التي تداس وتمتهن فإن فيه خلافاً بين أهل العلم هل يحرم أو لا؟ وجمهور أهل العلم على حله، فمن أراد الورع واجتنابه وأن يتخذ فرشاً ليس فيها صور حيوان فهو أولى وأحسن، ومن أخذ بقول جمهور العلماء فأرجو ألا يكون عليه بأس.
الجواب: هذا الكتاب الذي أشارت إليه السائلة لم يكن عندي منه شيء ولا أعلم به، ولكن ما ذُكر من اجتماع أهل الميت للعزاء ثلاثة أيام وقراءة القرآن وإهداء ثوابه إلى الميت فإن هذا من البدع التي لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كره أهل العلم أن يجتمع الناس للعزاء في بيوتهم أو في مكان خاص، والغالب أنه إذا حصل مثل هذا الاجتماع ولا سيما اجتماع النساء لابد أن يكون مصحوباً بنياحة أو ندب وكلاهما محرم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم: ( لعن النائحة والمستمعة )، وعلى هذا فالواجب على المسلمين التخلي عن هذه البدع وأن ينظروا إلى طريقة من سلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ويتمشوا على طريقتهم، ولاشك أن الصحابة رضي الله عنهم قد أصيبوا بالأموات كغيرهم من الناس ولم يكن يحدث منهم ذلك، وغاية ما ورد في هذا أنه لما جاء نعي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( اصنعوا لآل جعفر طعاماً فقد أتاهم ما يشغلهم ).
وأما إهداء القرآن إلى الميت أو قراءة القرآن للميت فإن أهل العلم اختلفوا: هل يصل ثوابها إليه أم لا؟ والصحيح أنه يصل ثوابها إليه، ولكن استئجار من يقرأ القرآن له هذا هو الذي يكون حراماً؛ لأن قراءة القرآن قربة والقربة لا يصح أخذ الأجرة عليها، فلو استأجروا شخصاً يقرأ القرآن للميت فإن عقد الإجارة محرم والقارئ لا يملك الأجرة بذلك وليس له ثواب من قراءته؛ لأنه أراد بها غير وجه الله، والميت لا ينتفع بها حينئذٍ لأنها ليست مقبولة يترتب عليها الأجر والثواب، وحينئذٍ يكون أهل الميت الذين بذلوا هذه الدراهم خاسرين وقد فات الميت ما يرجونه من الثواب.
وأما ما ذكره من الآيات التي أشار إليها والتي تدل على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالآيات الدالة على صدق النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة وأعظمها هذا القرآن العظيم الذي لا يزال معجزة حتى يأتي أمر الله عز وجل، وقد ثبت للنبي صلى الله عليه وسلم من الآيات الكونية الأرضية والأفقية شيء كثير من أراد أن يراجعه فليرجع إلى ما ذكره أهل العلم في ذلك، مثل: البداية والنهاية لـ ابن كثير ومثل ما ختم شيخ الإسلام ابن تيمية كتابه: الجواب الصحيح به، فإن فيه مقنعاً وكفاية.
الجواب: الأمر كما ذكرت السائلة في أن هذه الأدعية لا أصل لها في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وليست بصحيحة، ولا يجوز لأحد أن يلتزم بها بل ولا أن يفعلها تعبداً لله؛ لأنها بدعة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( كل بدعة ضلالة )، والذي ظهر لي من حال هذه المرأة السائلة أنها تطالع كثيراً من الكتب ولا سيما كتب الأذكار والأوراد، والذي أنصحها به أن تتحرز كثيراً؛ لأنه كُتب في الأذكار البدعية والأدعية البدعية شيء كثير، ومن المؤسف أنها تروج كثيراً في المسلمين، ورواجها قد يكون أكثر من رواج الأدعية والأذكار الصحيحة، فأنصحها وأنصح جميع إخواني المسلمين التثبت في هذه الأمور حتى لا يعبدوا الله تعالى على جهل وضلال وبدع، وفي الكتب الصحيحة التي ألفها من يوثق بعلمهم وأمانتهم ودينهم ما يغني عن ذلك، فالرجوع إليها هو الواجب، وطرح مثل هذه الكتب التي أشارت إليها السائلة وغيرها مما يشتمل على أذكار وأدعية بدعية طرحها والتحذير منها هو الواجب على المسلمين حتى لا تفشو فيهم البدع وتكثر فيهم الضلالات، والله أسأل أن يهدينا وإخواننا المسلمين لما فيه صلاح ديننا ودنيانا إنه جواد كريم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر