الجواب: هذا العمل محرم بلا شك، وهو مع تحريمه شرعاً سفه عقلاً، لأن هؤلاء الذين يأتون إلى هذه القبة المضروبة على هذا القبر بمن أصيبوا بالجنون أو بالمرض من أجل استشفائهم بحضورهم إلى هذا المكان سفهاء في العقول، وذلك لأن هذا الميت جماد، وقد نعى الله سبحانه وتعالى على المشركين الذين يدعون الأصنام بقوله: وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ [النحل:20] أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ [النحل:21]، فالميت لا ينفع نفسه ولا ينفع غيره، حتى إنه قد انقطع عمله، كما ثبت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له )، فإذا كان هذا الميت لا ينفع نفسه بعمل، فكيف ينفع غيره، ثم إننا نقول: إذا كان هؤلاء الجماعة الذين يأتون بمجانينهم ومرضاهم إلى هذا المكان يعتقدون أن هذا الميت يشفيهم بنفسه، فإن هذا شرك أكبر، لأنه لا يشفي من المرض إلا الله عز وجل، كما قال الله تعالى عن إبراهيم إمام الحنفاء وخليل الرحمن: وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ [الشعراء:80]، والأدوية التي يكون بها الشفاء ما هي إلا أسباب جعلها الله تعالى أسباباً، فالشفاء بها من شفاء الله عز وجل، فإذا اعتقد هؤلاء الذين يحضرون إلى هذا القبر بأن صاحب القبر يشفيهم بنفسه فإنه شرك أكبر مخرج عن الملة، لأنهم اعتقدوا أن مع الله تعالى خالقاً وشافياً، وهذا شرك في ربوبية الله سبحانه وتعالى، وقد بين الله تعالى في غير آية من كتاب الله أن أولئك الذين يدعون من دون الله لا ينفعوهم، قال تعالى: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ [الأحقاف:5]، وقال تعالى: قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ * وَلا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ [سبأ:22-23]، وقال تعالى: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [يونس:107]، فنصيحتي لهؤلاء أن يلجئوا إلى ربهم سبحانه وتعالى، فإنه هو الذي بيده ملكوت السموات والأرض، وهو القادر على شفائهم، ولا بأس أن يفعلوا الأسباب التي أذن الله بها، سواء كانت أدعية شرعية، أو أدوية مباحة، أو غير ذلك مما جعله الله تعالى سبباً للشفاء من هذا المرض.
وأخيراً أقول: إن هذه القبة التي بنيت على القبر الذي ذكره السائل يجب أن تهدم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن البناء على القبور، وكل بناية على قبر فإنه يجب على المسلمين أن يهدموها، لأنها من وسائل الشرك، والواجب على المسلمين عامة أن يقضوا على وسائل الشرك بالبرهان وهو الدليل من الكتاب والسنة، أو بالسلطان وهو تغيير ذلك باليد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان )، وإنني أنصح إخواني المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، أنصحهم من مثل هذه الأعمال التي ابتلي بها كثير من الناس، حيث يتعلقون بمن دون الله عز وجل، يعلقون أملهم به، يدعونه لكشف الضر، وجلب النفع، مع أن الأمر كله لله عز وجل، ودعاؤهم هذا لهؤلاء المخلوقين شرك بالله، قال الله تبارك وتعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر:60]، وجعل الله تعالى الدعاء عبادة، وصرف شيء من العبادة لغير الله كفر وشرك، ولا فلاح معه، قال الله تعالى: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون:117]، نسأل الله لنا ولهم الهداية.
الجواب: لا بأس على المرأة إذا كانت تقرأ القرآن أن تكشف وجهها، ولا حرج عليها في ذلك، إلا إذا كان حولها رجال غير محارم لها، فإنه في هذه الحال يجب عليها أن تغطي وجهها، وذلك لأن المرأة لا يحل لها أن تكشف وجهها إلا لزوجها ولمن كان من محارمها، والمحارم هم الذين يحرم نكاحهم إياها بنسب أو سبب مباح، فكل من تحرم عليه تحريماً مؤبداً بنسب أو سبب مباح فهم من محارمها، وهم آباؤها وإن علوا، سواء كانوا من قبل الأب أو من قبل الأم، وأبناؤها وإن نزلوا، سواء كانوا أبناء أبناء، أو أبناء بنات، وإخوتها وأبناؤهم وإن نزلوا، سواء كانوا إخوة من الأم أو إخوة من الأب، أو إخوة أشقاء، وسواء كان الأبناء الذين تفرعوا منهم من أبنائهم أو أبناء أبنائهم أو أبناء بناتهم، والأعمام دون أبنائهم، والأخوال دون أبنائهم، وكذلك أبو زوجها من النسب، وآباؤه وإن علوا، سواء كانوا آباءه من قبل الأب، أو من قبل الأم، وكذلك أبناء زوجها وإن نزلوا، سواء كانوا أبناء بناته أو أبناء أبنائه، هؤلاء هم المحارم للزوجة، وأما أبناء العم وأبناء الخال وأخو الزوج وأقاربه سوى آبائه وأبنائه، فإنهم غير محارم للزوجة، فيجب عليها أن تستر وجهها عنهم.
وخلاصة الجواب: أنه يجوز للمرأة أن تقرأ القرآن وهي كاشفة وجهها ولا حرج عليها في ذلك، إلا إذا كان حولها رجال ليسوا بمحارم لها، فيجب عليها ستر وجهها.
الجواب: إذا كان فقد شعوره من شرب خمرٍ، وهو ما يعبر عنه بطلاق السكران، فإن أهل العلم اختلفوا في وقوع الطلاق منه، فمن أهل العلم من يقول: إن طلاق السكران واقع، عقوبة له على سكره، لأن السكر والعياذ بالله محرم في الكتاب والسنة وإجماع المسلمين، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ [المائدة:90-91]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام )، وأجمع المسلمون على تحريم الخمر، وقال أهل العلم: من اعتقد إباحة الخمر وهو ممن قد عاش بين المسلمين فإنه يكون كافراً، لاستحلاله محرماً أجمع المسلمون على تحريمه، فيكون بذلك كافراً، فيرى بعض أهل العلم من شدة جرم شارب المسكر أنه من تمام عقوبته أن نؤاخذه بكل أقواله ومنها الطلاق، فإذا طلق وهو سكران وقع الطلاق منه، ويرى آخرون من أهل العلم أن طلاق السكران لا يقع، لأنه بغير شعوره، وبغير إرادته، والأصل بقاء النكاح، وعقوبة السكران إنما تكون بضربه لا بمؤاخذته بأقوال لا يقصدها ولا يريدها، ثم إننا إذا عاقبناه بوقوع الطلاق فقد يكون عقوبة له ولأهله أيضاً، لأن الطلاق يتعلق بشخص آخر غير المطلِّق، وربما يكون له أولاد من هذه الزوجة فيحصل بذلك تفريق الأولاد، وتشتيت العائلة، وهذا القول هو الراجح، أن طلاق السكران لا يقع، وقد نص الإمام أحمد رحمه الله على رجوعه عن القول بوقوع طلاق السكران، وأخبر أن سبب رجوعه بأنه إذا قال بوقوع طلاق السكران أتى خصلتين: حرمها على زوجها، وأحلها لرجل آخر، وإذا قال بعدم وقوع طلاق السكران لم يأت إلا خصلة واحدة، وهو أنه أحلها لهذا الزوج السكران، ولكن مع ذلك فإنه لو حكم حاكم من حكام المسلمين، -أي: من قضاة المسلمين- بوقوع طلاق السكران فإن حكمه لا ينقض.
ونصيحتي لإخواني المسلمين أن يتجنبوا مثل هذه السفاسف التي لا يستفيدون منها سوى تلاعب الشيطان بهم وبعقولهم، وقد ثبت من حيث الواقع أن السكر يؤدي إلى مفاسد كثيرة، لأنه مفتاح كل شر، كثير من السكارى والعياذ بالله يحملهم السكر على أن يقتلوا أنفسهم، أو يقتلوا أحداً من أهلهم، وربما يحمله السكر على أن يفجر بأمه، أو بأحد من محارمه، نسأل الله لنا ولإخواننا المسلمين العافية.
الجواب: من المعلوم أن البيت الذي تعيشين فيه مع زوجك هو بيت لزوجك، وأن له أن يمنع من شاء، وأن يأذن لمن شاء في دخوله وسكناه، فإذا كان زوجك يمنع من أن تأتي أمك عندك في بيته فإن له الحق في ذلك، ولكني أنصحه بأن يكون مرناً، وأن يأذن لأن تعيش أمك عندك في البيت، لما في ذلك من الإحسان إلى أمك والإحسان إليك، وقد ندب الله تعالى إلى الإحسان وأخبر أنه يحب المحسنين، فقال: وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [البقرة:195]، فأملي أن ينظر زوجك إلى أمك وإليك أيضاً بعين العطف والرحمة، وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء )، فإذا كان عيش والدتك عندك أطيب من عيشها عند أحد سواك، فالذي ينبغي أن يأذن الزوج بسكانها في بيته.
الجواب: إذا كان هذا الرجل كما وصفته السائلة لا يصلي ولا يصوم، فإنه لا حرمة له، ولا ينبغي أن نعينه بشيء يطلبه من أكل أو شرب أو لباس أو غير ذلك، لأن المرتد عن الإسلام حكمه أن يدعى إلى الإسلام، فإن أجاب وتاب إلى الله عز وجل من ردته قبل منه، وصار له ما للمسلمين وعليه ما على المسلمين، وإن امتنع واستمر على ردته، فإنه يجب أن يقتل، وفي حال قتله على الردة لا يجوز أن يغسل ولا أن يكفن ولا أن يصلى عليه ولا أن يقبر مع المسلمين، ولا أن يدعى له بالرحمة والمغفرة، لأنه ليس من أهل الرحمة والمغفرة، لأن الله تعالى يقول: وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:217]، أما إذا كان هذا الرجل شريراً، وذا عدوان على الناس لكنه لم يحصل منه ما يوجب الردة، فإنه ينظر للمصلحة، فإن اقتضت المصلحة أن يعان بشيء من الأمور أعين، وإن لم تقتضِ المصلحة ذلك فإنه لا يعان، ويجب على ولاة الأمور أن يردعوا أهل الشر والفساد عن شرهم وفسادهم، حتى تستقيم أمور الناس، ولا تحصل الفوضى في مجتمعهم.
الجواب: أما صلاتك الصبح والتي صليتها بالتيمم نظراً لأنه لا يمكنك استعمال الماء لشدة برودته، فإن كان عندك شيء يمكنك أن تسخن الماء به فإن تيممك لا يصح، لأنه يمكنك أن تسخن الماء وتغتسل به ثم تصلي، وإن لم يكن عندك ما تسخن به الماء، وخفت على نفسك من البرد وتيممت، فإن صلاتك الصبح صحيحة بالتيمم، ولا حاجة إلى إعادتها، وأما صلاة الظهر التي نسيت أن تغتسل عن الجنابة لها فإنها غير صحيحة، ويجب عليك أن تعيدها، وأما الجماعة الذين صلوا خلفك فإنه لا إعادة عليهم، ذلك لأنهم لا يعلمون عن جنابتك شيئاً، وكل إمام فعل مفسداً في الصلاة لا يعلم عنه المأموم فإن صلاة المأموم لا يتأثر بفساد صلاته، حتى إن الإمام لو دخل في الصلاة ناسياً لحدثه، ثم ذكر في أثناء الصلاة، فإن صلاة المأمومين لا تبطل بذلك، بل في هذه الحال إذا تذكر أنه على غير طهارة في أثناء صلاته يجب عليه أن ينصرف من الصلاة، وأما بالنسبة للمأمومين فإنه يقول لأحد منهم: تقدم يا فلان فأتم بهم الصلاة، فإن لم يفعل ذلك فلهم أن يتموها فرادى، ولهم أن يقدموا أحدهم يتم بهم الصلاة، وصلاتهم صحيحة على كل حال.
الجواب: الصلاة خلف المبتدع لا تخلو من حالين: الحال الأولى: أن تكون البدعة موجبة للكفر، ففي هذه الحال لا تصح الصلاة خلف من اعتنق هذه البدعة، لكن من كان جاهلاً لا يدري عنه حتى انتهت صلاته، فإن صلاته خلفه صحيحة لأنه معذور بالجهل.
والحال الثانية: أن تكون بدعة غير مكفرة، بل مفسقة، فالصلاة خلفه مبنية على صحة الصلاة خلف الفاسق، وفيها قولان لأهل العلم، والصحيح أن الصلاة خلف الفاسق صحيحة، لأن صلاته هو بنفسه صحيحة، فتكون صلاة من ائتم بهم صحيحة أيضاً، ولكن لاشك أنه ينبغي للإنسان أن يتحرى الإمام الذي يكون عدلاً في دينه، موثوقاً في أمانته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر