الجواب: السنة في وضع اليدين عند السجود أن يضعها الإنسان على الأرض، مستقبلاً بأطراف أصابعهما القبلة، مجافياً عضديه عن جنبيه، وقد وردت السنة بكون الإنسان يسجد بينهما، بمعنى أن الجبهة تكون بين الكفين، وذكر أهل العلم أنه يجعلهما أيضاً بحذاء منكبيه، وكلا الأمرين جائز، لأن القاعدة أن العبادة إذا جاءت على وجوه متنوعة فإن هذه الوجوه كلها تكون جائزة، بل إن الأفضل أن يفعل هذا تارة وهذا تارة، ليأتي بالسنة على وجوهها الواردة، وهذا النوع له أمثلة، منها هذا ومنها التشهد، فإنه ورد بألفاظ متنوعة، ومنها الاستفتاح ورد بألفاظ متنوعة.
الجواب: إذا كان مع الإمام مأموم واحد فإنه يقف عن يمينه، كما ثبتت بذلك السنة في حديث ابن عباس رضي الله عنهما، حين قام مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فوقف عن يساره فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم برأسه من ورائه فجعله عن يمينه، والسنة أن يكون المأموم في هذه الحال محاذياً للإمام لا يتقدم عنه ولا يتأخر عنه، لأنه إذا وقف مع الإمام صارا صفاً واحد، والمشهور في الصف التساوي، بحيث لا يتقدم أحد على أحد، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ( عباد الله! لتسوُّون صفوفكم، أو ليخالفن الله بين وجوهكم )، وأما ما ذكره بعض أهل العلم من أن الإمام يتقدم قليلاً عن المأموم في هذه الحال، فإنه لا وجه له من السنة، بل السنة تدل على خلافه.
الجواب: السنة أن يقوم من التشهد الأول معتمداً على ركبتيه ناهضاً على صدور قدميه، إلا إذا كان الإنسان ثقيلاً أو ضعيفاً أو كبير السن واحتاج إلى أن يعتمد على يديه، فإنه يعتمد على يديه لتساعده في القيام، لأن ظاهر الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم هو هذا، والإنسان عليه أن يأخذ بظاهر النصوص ما لم يأت دليل على خلافه، فإذا أتى الدليل على خلاف الظاهر تخصيصاً أو تقييداً أو تفصيلاً وجب العمل به.
الجواب: ما دمت ذكرت أنك تبت من هذه الأعمال التي كنت تعملها في حال صغرك وهي لا ترضي الله ورسوله فأبشر؛ لأن التوبة تجب ما قبلها، قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( التوبة تهدم ما قبلها )، والتوبة النصوح هي التي جمعت شروطاً خمسة:
الشرط الأول: أن تكون خالصة لله، بأن لا يحمل الإنسان عليها رياء ولا سمعة ولا مداراة لأحد ولا مداهنة في دين الله، وإنما يتوب إلى الله تعالى وحده خالصاً من قلبه، فإن فقد هذا الشرط لم تقبل التوبة، لأن جميع الأعمال الصالحة من شروطها الأساسية أن تكون خالصة لله سبحانه وتعالى.
الشرط الثاني: أن يندم على ما مضى من فعله، بحيث يتأسف ويحزن لما حصل منه؛ لأن هذا دليل على صحة توبته وانكسار قلبه أمام الله عز وجل، وأنه حقيقة راجع إلى الله.
الشرط الثالث: أن يقلع عن ذنبه إن كان متلبساً به، فإذا كانت توبته من حق آدمي فلا بد أن يؤدي هذا الحق إلى صاحبه، كما لو كان قد ظلم أحداً من الناس بأخذ ماله بسرقة أو غش أو غير ذلك، فإنه لا تصح التوبة حتى يؤدي ذلك الحق إلى صاحبه، وكذلك لو كان قد ظلمه بغيبة بحيث يتكلم في عرضه أمام الناس، فإنها لا تصح توبته حتى يستحله من تلك الغيبة، إلا أنه إذا كان لم يعلم أنه قد اغتابه، فإن من أهل العلم من يقول في هذه الحال: لا يحتاج إلى أن يستحله، بل يثني عليه في الأماكن التي كان يغتابه فيها، بما هو موصوف به من صفات المدح، ويستغفر الله له، ويغني ذلك عن استحلاله، وإذا كانت التوبة من حق من حقوق الله، مثل: أن يكون عليه واجب لله تعالى كزكاة أو كفارة، فإن التوبة من ذلك أن يبادر بفعل هذا الشيء الذي وجب عليه لله.
الشرط الرابع: أن يعزم على أن لا يعود في المستقبل، فإن تاب ولكن من نيته أنه إذا حصلت له الفرصة عاد إلى الذنب، فإن التوبة هنا ليست بصحيحة، لأنها ليست رجوعاً حقاً إلى الله سبحانه وتعالى.
الشرط الخامس: أن تكون التوبة في أوانها، أي: في الوقت الذي تقبل فيه، فإن لم تكن في أوانها فإنها لا تقبل، والوقت الذي تنقطع به التوبة ولا تقبل نوعان: وقت عام، ووقت خاص، فالوقت العام هو طلوع الشمس من مغربها، فإن الشمس إذا طلعت من مغربها لم تقبل توبة التائب، لقول الله تعالى: هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا [الأنعام:158]، والمراد ببعض الآيات هنا طلوع الشمس من مغربها، فإنه لا توبة بعدها.
وأما الخاص: فهو حضور الأجل، فمن حضر أجله فإن توبته لا تقبل، لقول الله تعالى: وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ [النساء:18]، فمن لم يتب إلا بعد معاينة الموت وغرغرته بروحه، فإنها لا تقبل توبته، فإذا تحققت هذه الشروط الخمسة صارت التوبة نصوحاً مقبولة، وإذا قبلها الله عز وجل فإنها تعم كل ذنب تاب منه.
واختلف أهل العلم رحمهم الله: هل تصح التوبة من ذنب مع الإصرار على غيره؟ فقال بعضهم: إن التوبة لا تصح من ذنب مع الإصرار على غيره، مثل: أن يتوب الإنسان من شرب الدخان مثلاً، لكنه مصر على حلق لحيته، فقال بعض أهل العلم: إن توبته من شرب الدخان لا تقبل، لأنه مصر على معصية الله في حلق لحيته، وقال بعض أهل العلم: إنها تصح التوبة من ذنب مع الإصرار على غيره، وهذا القول هو الراجح، ولكن من تاب من ذنب مع الإصرار على غيره لا يستحق الوصف المطلق للتائب، فلا يدخل في التوابين توبة مطلقة، ولا يستحق المدح الذي يمدح به التوابون، وإنما يمدح مدحاً خاصاً مقيداً بتوبته من هذا الذنب المعين.
الجواب: إذا كان عند الإنسان مال لأحد وجهل صاحب هذا المال ولم يتمكن من العثور عليه ولا على ورثته إذا كان قد مات، فإن طريق الخلاص منه أن يتصدق به لمن هو له، والله عز وجل يعلم من هو له، وبذلك يبرأ منه، فإن كان عيناً فإنه يقدر قيمتها ويتصدق بها، وإن كانت دراهم أو دنانير فإنه يتصدق بنفس الدراهم والدنانير.
الجواب: إن إغضابك لوالدتك وكلامك عليها ذلك الكلام السيئ محرم ولا يجوز، لأن الله تعالى يقول: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [الإسراء:23-24]، وقال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: ( من أحق الناس بحسن صحبتي يا رسول الله؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك )، وهذا دليل على أن إحسان الصحبة للأم أوجب وأوكد من الأب، ومع ذلك فإن كلاً من الأم والأب له حق يجب على الإنسان أن يقوم به، وإذا حصلت من أحد إساءة لأبويه أو أحدهما، فإن طريق الخلاص في مثل ذلك أن يستحلهما، وإذا استحلهما وعفوا عنه ورضيا، فإن التوبة تجب ما قبلها، ولا يعاقب على ما صدر منه، إذا علم الله تعالى من نيته صدق التوبة والإخلاص فيها.
الجواب: إذا كان سفرك إلى بلاد تريد أن تلتمس رزق الله فيها فإن هذا سفر لحاجة، وأنت معذور فيه، وتركك لزوجتك وأهلك في هذه الحال لا تلام عليه، ولكن لا بد أن تكون الزوجة في مكان آمن، لا يخشى عليها ولا على أولادها، فإن لم تكن في مكان آمن فإنه يجب عليك أن تصطحبها معك إذا أمكن، أو أن تبقى في بلدك حتى تأمن على أهلك وأولادك، والأمر كله راجع إلى الحاجة وإلى رضا الزوجة بذلك، ولكن الشرط الأساسي في هذا أن تكون آمناً على أهلك وولدك.
الجواب: صحة الزواج بعقد هذا الولي الذي لا يصلي تنبني على اختلاف أهل العلم في تارك الصلاة، فمن قال: إن تارك الصلاة كافر كفراً مخرجاً عن الملة، وإن كان مقراً بوجوبها، فإنه يرى أن العقد في هذه الحال لا يصح، وأنه يجب عليك أن تعيد العقد على زوجتك من جديد، لأن الكافر لا يصح أن يكون ولياً للمسلمة، ومن رأى أن تارك الصلاة مع إقراره بوجوبها لا يكفر كفراً مخرجاً عن الملة، فإن هذا العقد عنده صحيح، إلا عند من يرى أنه يشترط في الولي العدالة، فإن العقد أيضاَ ليس بصحيح؛ لأن هذا الولي ليس بعدل، بل هو فاسق من أفسق الفاسقين والعياذ بالله، والقول الراجح في هذه المسألة أن تارك الصلاة تركاً مطلقاً كافر كفراً مخرجاً عن الملة، وذلك لدلالة الكتاب والسنة وأقوال الصحابة رضي الله عنهم والنظر الصحيح على كفره، فمن أدلة الكتاب: قوله تعالى عن المشركين: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [التوبة:11]، ووجه الدلالة من هذه الآية أن الله تعالى اشترط لكون المشركين إخوة لنا في الدين ثلاثة شروط: التوبة من الشرك، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، فإذا تخلفت هذه الشروط أو واحداً منها، لم تتحقق الأخوة في الدين، والأخوة في الدين لا تنتفي إلا بما يخرج عن الملة، فالمعاصي لا تخرج الإنسان من الأخوة في دين الله، ودليل ذلك: أن من أعظم المعاصي قتل نفس المؤمن، وقد سمى الله تعالى القاتل أخاً للمقتول، في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ [البقرة:178]، وقوله تعالى: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ [الحجرات:9-10]، وقتال المؤمن لأخيه من أعظم المعاصي والفسوق.
إذاً: من لم يصل فليس أخاً لنا في دين الله فيكون كافراً.
وأما قوله تعالى: وَآتَوُا الزَّكَاةَ [التوبة:11]، فهذا الشرط الثالث قد دلت السنة على أنه لا يكفر من تخلف هذا الشرط في حقه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم حين ذكر عقوبة مانع الزكاة، قال: ( ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار )، وكونه يمكن أن يرى سبيلاً إلى الجنة يدل على أنه لا يكفر، ومن أدلة السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ).
وأما أقوال الصحابة فقد قال عبد الله بن شقيق : كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة، وقد نقل إجماع الصحابة غير واحد من أهل العلم على أن تارك الصلاة كافر كفراً مخرجاً عن الملة.
وأما النظر الصحيح فلأن من عرف قدر الصلاة في الإسلام وعناية الله تعالى بها وأهميتها لا يمكن أن يدعها تركاً مطلقاً ومعه شيء من الإيمان.
فالقول الراجح هو أن تارك الصلاة تركاً مطلقاً لا يصليها أبداً بل هو كافر كفراً مخرجاً عن الملة، حتى وإن كان يعتقد وجوبها، وعلى هذا فإني أنصحك أن تعيد عقد النكاح الذي عقده لك هذا الرجل الذي لا يصلي، حتى تكون على بينة من أمرك وتطمئن نفسك.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر