الجواب: هذا السؤال تضمن سؤالين؛ السؤال الأول: عن حكم استعمال الماء المخزن بينكما، أي: بين المرأة السائلة، وبين من كانت معها وهي غير مسلمة، فهذا الماء المخزن طاهر مطهر؛ لأن بدن الكافر ليس بنجس نجاسة حسية، بل نجاسة الكافر نجاسة معنوية، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا [التوبة:28]، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لـ أبي هريرة : ( إن المسلم لا ينجس )، وعلى هذا فيجوز للإنسان أن يتوضأ بالماء الذي خزنه غير مسلم، وكذلك يجوز أن يلبس الثياب التي غسلها غير مسلم، وأن يأكل الطعام الذي طبخه غير مسلم، وأما ما ذبحه غير المسلمين فإن كان الذابح من اليهود والنصارى فذبيحته حلال، لقول الله تعالى: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ [المائدة:5].
قال ابن عباس رضي الله عنهما: طعامهم ذبائحهم، ولأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أكل من الشاة التي أهدتها له اليهودية، وأجاب يهودياً على إهالة سنخة وخبز شعير، وأقر عبد الله بن مغفل على أخذ الجراب من الشحم الذي رمي به في فتح خيبر، فثبت بالسنة الفعلية والسنة الإقرارية أن ذبائح أهل الكتاب حلال، ولا ينبغي أن نسأل كيف ذبحوا، ولا هل ذكروا اسم الله عليه أم لا، فقد ثبت في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن قوماً قالوا: ( يا رسول الله! إن قوماً يأتوننا باللحم، لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سموا أنتم وكلوا قالت: وكانوا حديثي عهد بكفر )، يعني: أنهم جديدو الإسلام.
ومثل هؤلاء قد تخفى عليهم الأحكام الفرعية الدقيقة التي لا يعلمها إلا من عاش بين المسلمين، ومع هذا أرشد النبي صلى الله عليه وسلم هؤلاء السائلين إلى أن يعتنوا بفعلهم هم بأنفسهم، فقال: ( سموا أنتم وكلوا )، أي: سموا على الأكل وكلوا، وأما ما فعله غيركم ممن تصرفه صحيح فإنه يحمل على الصحة، ولا ينبغي السؤال عنه، لأن ذلك من التعمق والتنطع، ولو ذهبنا نلزم أنفسنا بالسؤال عن مثل ذلك لأتعبنا أنفسنا إتعاباً كثيراً، لاحتمال أن يكون كل طعام قدم إلينا غير مباح، فإن من دعاك إلى طعام وقدمه إليك فإنه من الجائز أن يكون هذا الطعام مغصوباً أو مسروقاً، ومن الجائز أن يكون ثمنه حراماً، ومن الجائز أن يكون اللحم الذي ذبح فيه لم يسمَّ الله عليه وما أشبه ذلك، فمن رحمة الله تعالى بعباده أن الفعل إذا كان قد صدر من أهله فإن الظاهر أنه فعل على وجه تبرأ به الذمة، ولا يلحق الإنسان فيه حرج.
وأما ما تضمنه السؤال من المسألة الثانية والتساؤل الثاني: وهو معاشرة هذه المرأة الكافرة، فإن مخالطة الكافرين إن كان يرجى إسلامهم بعرض الإسلام عليهم وبيان مزاياه وفضائله، فلا حرج على الإنسان أن يخالط هؤلاء ليدعوهم إلى الإسلام ببيان مزاياه وفضائله، وبيان مضار الشرك وآثامه وعقوباته، وإن كان الإنسان لا يرجو من هؤلاء الكفار أن يسلموا، فإنه لا يعاشرهم لما تقتضيه معاشرتهم من الوقوع في الإثم، فإن المعاشرة تذهب الغيرة والإحساس، وربما تجلب المودة والمحبة لأولئك الكافرين، وقد قال الله عز وجل: لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ [المجادلة:22]، ومودة أعداء الله ومحبتهم وموالاتهم مخالفة لما يجب على المسلم، فإن الله سبحانه وتعالى قد نهى عن ذلك، فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [المائدة:51]، وقال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ [الممتحنة:1]، ولا ريب أن كل كافر فهو عدو لله وعدو للمؤمنين، قال الله تعالى: مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ [البقرة:98]، فكل كافر فهو عدو لله، ولا يليق بمؤمن أن يعاشر أعداء الله عز وجل، وأن يوادهم ويحبهم، لما في ذلك من الخطر العظيم على دينه وعلى منهجه، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق والعصمة مما يغضبه.
الجواب: تمني الإنسان الموت لضر نزل به، وقوع فيما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال عليه الصلاة والسلام: ( لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، فإن كان لا بد متمنياً فليقل: اللهم أحيني ما علمت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا علمت الوفاة خيراً لي )، فلا يحل لأحد نزل به ضر أو ضائقة أو مشكلة أن يتمنى الموت، بل عليه أن يصبر ويحتسب الأجر من الله سبحانه وتعالى، وينتظر الفرج منه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً )، وليعلم المصاب بأي مصيبة أن هذه المصائب كفارة لما حصل منه من الذنوب، فإنه لا يصيب المرء المؤمن هم ولا غم ولا أذى إلا كفر الله به عنه، حتى الشوكة يشاكها، ومع الصبر والاحتساب ينال منزلة الصابرين، تلك المنزلة العالية التي قال الله تعالى في أهلها: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ [البقرة:155-156]، وكون هذه المرأة لا ترى حلاً لمشاكلها إلا بالموت، أعتبر أن ذلك نظر خاطئ، فإن الموت لا تنحل به المشاكل، بل ربما تزداد به المصائب، فكم من إنسان مات وهو مصاب بالمشاكل، ولكنه كان مسرفاً على نفسه لم يستعتب من ذنبه، ولم يتب إلى الله عز وجل، فكان في موته إسراع لعقوبته، ولو أنه بقي على الحياة، ووفقه الله تعالى للتوبة والاستغفار والصبر وتحمل المشاق وانتظار الفرج لكان في ذلك خيرٌ كثير له.
فعليك أيتها السائلة أن تصبري وتحتسبي وتنتظري الفرج من الله عز وجل، فإن الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه: فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا [الشرح:5-6]، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول فيما صح عنه: ( واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً )، والله المستعان.
الجواب: هذا السؤال تضمن مسألتين؛ المسألة الأولى: ما وصفت به نفسها من الاستقامة على دين الله عز وجل، بكونها نشأت في بيئة صالحة، وهذا الوصف الذي وصفت به نفسها، إن كان الحامل لها على ذلك التحدث بنعمة الله سبحانه وتعالى، وأن تجعل من ذلك الإخبار وسيلة للاقتداء بها، فهذا قصد حسن تؤجر عليه، ولعلها تدخل في ضمن قوله تعالى: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ [الضحى:11]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة )، وإن كان الحامل لها على ذلك تزكية النفس والإطراء والإدلال بعملها على ربها، فهذا مقصود سيء خطير، ولا أظنها تريد ذلك إن شاء الله تعالى.
أما المسألة الثانية: فهي تفريطها في الحجاب -كما ذكرت عن نفسها- وتسأل هل تعذب على ذلك بالنار في الآخرة؟
والجواب على ذلك: أن كل من عصى الله عز وجل بمعصية لا تكفرها الحسنات فإنه على خطر، فإن كانت شركاً وكفراً يخرج عن الملة فإن العذاب محقق لمن أشرك بالله وكفر به، و مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ [المائدة:72]، إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48]، وإن كان دون ذلك -أي: دون الكفر المخرج عن الملة- وهو من المعاصي التي لا تكفرها الحسنات، فإنه تحت مشيئة الله عز وجل إن شاء الله عذبه وإن شاء غفر له، كما قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48]، والحجاب الذي يجب على المرأة أن تتخذه هو أن تستر جميع بدنها عن غير زوجها ومحارمها، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ [الأحزاب:59]، والجلباب: هو الملاءة أو الرداء الواسع الذي يشمل جميع البدن، فأمر الله تعالى نبيه أن يقول لأزواجه وبناته ونساء المؤمنين: (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ) حتى يسترن وجوههنّ ونحورهنَّ، وقد دلت الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والنظر الصحيح والاعتبار والميزان، على أنه يجب على المرأة أن تستر وجهها عن الرجال الأجانب الذين ليسوا من محارمها ولا من أزواجها، ولا يشك عاقل أنه إذا وجب على المرأة أن تستر رأسها وأن تستر رجليها وأن لا تضرب برجليها حتى يعلم ما تخفي من زينتها من الخلخال ونحوه، لا يشك عاقل أنه إذا كان هذا واجباً، فإن وجوب ستر الوجه أوكد وأعظم، وذلك أن الفتنة الحاصلة في كشف الوجه أعظم بكثير من الفتنة الحاصلة بنظر شعرة من شعر رأسها أو ظفر من ظفر رجليها.
وإذا تأمل العاقل المؤمن هذه الشريعة وحكمها وأسرارها تبين له أنه لا يمكن أن تلزم المرأة بستر الرأس والعنق والذراع والساق والقدم، ثم تبيح للمرأة أن تخرج كفيها وأن تخرج وجهها المملوء جمالاً وتحسيناً، لأن ذلك خلاف الحكمة، ومن تأمل ما وقع الناس فيه اليوم من التهاون في ستر الوجه الذي أدى إلى أن تتهاون المرأة بما ورآها، حيث تكشف رأسها وعنقها ونحرها وذراعها وتمشي في الأسواق بدون مبالاة في بعض البلاد الإسلامية، علم أن الحكمة تقتضي إلزام النساء بستر وجوههنّ، فعليك أيتها المرأة أن تتقي الله عز وجل، وأن تحتجبي الحجاب الواجب الذي لا تكون معه الفتنة، بتغطية جميع البدن عن غير الأزواج والمحارم، وأن تتقي الله تعالى في ذلك ما استطعت.
الجواب: إذا قال الإنسان: أستغفر الله بنية خالصة، وصدق في طلب المغفرة، وتمت شروط التوبة في حقه، فإن الله سبحانه وتعالى يتوب عليه، بل يحب ذلك منه، كما قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة:222]، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن فرح الله بتوبة عبده، كفرح الإنسان بوجود ناقته التي ضلت عنه وعليها طعامه وشرابه فالتمسها فلم يجدها، فاضطجع تحت شجرة ينتظر الموت فإذا بخطام ناقته متعلقاً بالشجرة، فأخذ بخطام الناقة وقال: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح، ولا أحد يقدر قدر هذا الفرح إلا من أصيب بمثل هذه المصيبة، فالله تعالى يحب من عبده أن يتوب، ويحب من عبده أن يستغفر له، وقد أمر الله تعالى بالاستغفار في كتابه في عدة آيات، والاستغفار: هو طلب المغفرة، والمغفرة هي ستر الذنب والتجاوز عنه، لأنها مأخوذة من المغفر الذي يغطي به الإنسان رأسه في القتال يتقي به السهام، ففيه ستر ووقاية، وهكذا المغفرة، فيها ستر للذنوب ووقاية من عقوباتها، فإذا استغفر الإنسان ربه بصدق وإخلاص مع مراعاة شروط التوبة، فإن الله سبحانه وتعالى يتوب عليه، ويتوب الله على من تاب.
الجواب: يجوز للإنسان أن يصلي في غرفة فيها خمر، وذلك لأنه إذا صلى في هذه الغرفة، ولم يخل بشيء من شروط الصلاة من أركانها وواجباتها، ولم يوجد شيء من مبطلاتها، فإن الصلاة تصح، لتوفر أسباب الصحة وانتفاء موانعها، ولكني أقول: هل يمكن لمؤمن أن تكون في بيته خمرة، وقد عُلم من دين الإسلام بالضرورة أن الخمر محرم، حيث دل كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإجماع المسلمين، على أن الخمر حرام، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ [المائدة:90-92]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام )، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( ما أسكر كثيره فقليله حرام )، وعلى هذا فلا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يكون في بيته خمرة، كما أنه لا يحل له بيع الخمر، ولا شراؤه، ولا المعاونة فيه بأي نوع من أنواع المعاونة، ولا شربه، ومن شربه مستحلاً لشربه، أو استحل شربه وإن لم يشربه، فإنه يكفر كفراً مخرجاً عن الملة إذا كان ممن عاش بين المسلمين، لأنه أنكر تحريم ما علم بالضرورة من دين الإسلام تحريمه.
وإن نصيحتي لإخواني المسلمين عموماً، أن يتقوا الله تعالى في أنفسهم وفي أهليهم وفي مجتمعهم، وأن يجتنبوا مثل هذه القاذورات التي لا تزيدهم من الله إلا بعداً ولا تزيدهم في حياتهم إلا قلقاً وتعباً ونقصاً في الدين والعقل والمال، نسأل الله لنا ولهم الهداية.
الجواب: ينبغي للإنسان أن يتعقل عند كل تصرف يريد أن يتصرف فيه، لا سيما في مثل هذا الأمر الخطير وهو طلاق زوجته، فلا يقدم على شيء إلا وقد تأمل نتائجه، ونظر ماذا يحصل فيما لو أمضى هذا التصرف، والسائل ذكر أنه عزم على أن يوكل أحداً في طلاق زوجته، ومثل هذه العزيمة والنية ولو كانت أكيدة لا يحصل بها الطلاق، لأن الطلاق لا يحصل إلا بعد التلفظ به من الزوج، أو من وكيله، وحسب سؤال السائل لم يحصل التلفظ لا منه ولا ممن أراد أن يوكله، وعلى هذا فالزوجة في عصمته لا تزال باقية ولا يحتاج أن يطلقها إذا رجع إلى مصر، لأن سبب الطلاق الذي هو سوء التفاهم أو الغضب الذي حصل منه قد زال، فلا حاجة لأن يطلقها بل هي في عصمته، وهكذا كل إنسان نوى أن يطلق زوجته ولم يحصل منه تلفظ بذلك ولا كتابة، فإن زوجته لا تطلق.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر