الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
الجواب على هذا السؤال: أنه يجوز للخاطب أن ينظر من مخطوبته كل ما يدعوه إلى نكاحها مما يظهر غالباً، كالوجه، والكفين، والقدمين، والرأس ونحو ذلك؛ لأنه إذا نظر إلى مخطوبته وتزوجها عن اقتناع كان ذلك أحرى أن يؤدم بينهما، وأن تدوم العلاقة، وتحل الألفة والمحبة، ولكن يشترط لهذا شروط:
أولاً: ألا يخلو بها في مكان واحد، فإن خلوة الرجل بالمرأة التي ليست من محارمه محرم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم ).
ثانياً: يشترط ألا يكون نظره إليها نظر شهوة وتلذذ، وإنما هو نظر استطلاع ليقدم أو يحجم، فإن كان عن لذة وتمتع فإنه لا يجوز؛ لأنها ليست من حلائله اللاتي يجوز له أن يتمتع بالنظر إليهنّ ويتلذذ.
ثالثاً: أن يغلب على ظنه إجابة خطبته، فإن كان يغلب على ظنه أن لا يجاب فإنه لا داعي إلى النظر في هذه الحال؛ لعدم إجابته.
الجواب: نعم، يجوز للمرأة أن تتجمل لزوجها بكل أنواع التجميلات غير المحرمة، سواء كان ذلك في العين، أو في الخدين، أو في الشفاه، أو في غير ذلك من مواضع التجمل والزينة، إلا أنه لا يحل لها أن تصبغ شعرها بصبغ أسود إذا كان فيه بياض؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، والأصل في النهي التحريم؛ ولأن في هذا نوعاً من المضادة للخلقة التي اقتضت حكمة الله تعالى أن يكون الإنسان عليها بعد الكبر، وهي ابيضاض الشعر، فإذا سوده الإنسان فكأنما يريد أن يرجع بنفسه إلى الشباب.
ولكن بلغني أن المكياج يضر بالمرأة ببشرة وجهها، وحينئذ فلا بد من أخذ آراء الأطباء في ذلك، فإذا قالوا: نعم، إنه يضر بشرتها ولو في المستقبل ففي هذه الحال لا تستعمله.
الجواب: نعم، يجوز للمرأة أن تحضر مجالس العلم، سواء كانت هذه العلوم من علوم الفقه العملي أو من علوم الفقه العقدي المتصل بالعقيدة والتوحيد، فإنه يجوز لها أن تحضر هذه المجالس، بشرط أن لا تكون متطيبة ولا متبرجة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء ). ولا بد أن تكون بعيدة عن الرجال لا تختلط بهم؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( خير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها ). وذلك لأن أولها أقرب إلى الرجال من آخرها، فصار آخرها خيراً من أولها.
الجواب: المرأة لا شك أن رأسها جمال لها وستر، وأن أكثر النساء ترغب أن يكون لها رأس؛ ولهذا رخص لها في الحج، بل شرع لها في الحج والعمرة أن تقصر بقيد أنملة من كل ظفيرة.
واختلف العلماء رحمهم الله في جواز قص المرأة رأسها. فمنهم من قال: إنه مكروه، ومنهم من قال: إنه حرام، ومنهم من قال: إنه مباح -أي: حلال-. إلا أن تقصه على وجه يكون شبيهاً برأس الرجل فإنه يكون حراماً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ( لعن المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء ).
والذي أرى أن الأحسن والأولى ألا تقص المرأة شعرها -شعر رأسها-؛ لأن تقبل ما يرد إلينا من عادات غيرنا وأخذها بدون فائدة أمر لا ينبغي أن يكون، فإن هذا قد يحول المجتمع إلى عادات مجتمعات أخرى قد تبعده عن العادات التي يقرها الشرع، أما إذا قصته حتى يكون على شبه رأس الرجل فلا شك في أنه حرام لما ذكرنا، بل إنه من كبائر الذنوب.
الجواب: إنه يجب على المرء أن يعدل بين أولاده؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ). ولا يحل له أن يخص أحداً منهم بعطية إلا فيما تقضيه ضرورة ذلك المعطى، كما لو احتاج أحدهم لعلاج أو لزواج، فإنه يعطيه.
والقضية التي ذكرها السائل: إذا كان والدهم وهم يعطونه كسبهم نوى أنه قرض في ذمته، ثم بعد ذلك اشترى لهم به هذه الأرض وأعطاهم إياها فلا حرج عليه في ذلك؛ لأن هذا هو مالهم.
وأما إذا كان يأخذ المال منهم على أنه ملكه، ثم بعد ذلك أعطاهم هذه الأرض دون بقية إخوتهم أو أخواتهم، فإن هذا من التفضيل الذي لا يجوز، وقد ثبت في الصحيحين من حديث النعمان بن بشير ( أن أباه
وبهذه المناسبة أود أن أذكر مسألة يكثر السؤال عنها: وهي أن بعض الناس يكون له أولاد ذكور، فيبلغ كبارهم سن الزواج ويزوجهم، ثم يوصي في ماله بعد موته بشيء من المال ليزوج به الصغار بعد موته؛ لأنه زوج الكبار في حياته، وهذا لا يجوز؛ لأنه لا وصية لوارث، فإن الورثة قد قسم الله بينهم تركة مورثهم بمقتضى علمه وحكمته، فلا يجوز أن تتعدى حدود الله سبحانه وتعالى في ذلك، وهؤلاء الصغار الذين توفي أبوهم قبل أن يبلغوا الزواج ليس عليه أن يزوجهم قبل أوانه، وإذا لم يكن عليه أن يزوجهم قبل أوانه فإنهم إذا بلغوا أوان الزواج بعد موته يزوجون من نصيبهم من تركة أبيهم.
الجواب: أما قراءة القرآن فإنه لا يشترط لها ستر الرأس؛ وذلك لأنه لا يشترط ستر العورة لقراءة القرآن.
وأما الصلاة فإنها لا تصح إلا بستر العورة، والمرأة الحرة البالغة كلها عورة في الصلاة إلا وجهها، فلا يجب عليها أن تستر وجهها في حال الصلاة إلا أن يكون حولها رجال غير محارم لها فإنه يجب عليها أن تستر وجهها عنهم، إذ إن المرأة لا يحل لها أن تكشف وجهها لغير زوجها ومحارمها.
الجواب: قبل الإجابة على هذا السؤال أود أن أقول: إن ما يدعى بأنه قبر فلان أو فلان من الصحابة رضي الله عنهم أو الأئمة بعدهم قد لا يكون صحيحاً، فليس كل ما أدعي يكون مقبولاً وصحيحاً، بل قد يكون هذا من تزوير المزورين.
ثم على فرض أن يكون في هذا المكان قبر صحابي أو قبر إمام من الأئمة فإن المشروع للإنسان إذا زار المقبرة أن يفعل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من السلام عليهم، يقول: ( السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية ). فالزائر للمقبرة زائر معتبر داع للموتى، وليس داعياً لهم.
وأما الذين يزورنها على سبيل التبرك بترابها، أو أقبح من ذلك أن يدعو الأموات بكشف الضر وجلب النفع… وما أشبه هذا فإن دعاء غير الله شرك أكبر مخرج عن الملة، قال الله تعالى: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون:117]. فبين الله سبحانه وتعالى أن هذا الذي يدعو من دون الله، أو يدعو مع الله إلهاً آخر أنه كافر، وأنه ليس بمفلح -أي: لن يحصل له مطلوبه، ولن ينجو من مرهوبه-.
وقال الله سبحانه وتعالى في آية أخرى: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ [الأحقاف:5-6].
فالمشرك الداعي لغير الله عز وجل غير مفلح لا في الدنيا ولا في الآخرة، وهو أيضاً سفيه لا أحد أضل منه.
فنصيحتي لهؤلاء الذين يزورون هذه المقابر أن تكون زيارتهم على الوجه المشروع؛ بأن يتعظوا بهذه الزيارة، ويتذكروا الآخرة، وأنهم الآن على ظهر الأرض أحياء يأكلون ويشربون ويلبسون ويتمتعون، وعما قريب سوف يكونون في بطن الأرض مرتهنين بأعمالهم كما كان هؤلاء المقبورون مثلهم بالأمس، وهذه حالهم اليوم، ثم يدعون لإخوانهم بما شرع لهم مما ذكرناه آنفاً.
وإما أن يتبركوا بالتراب أو أن يدعوا هؤلاء الموتى فهذا ضلال لا أصل له.
الجواب: إذا عقد الرجل على امرأة ثم مات قبل أن يدخل بها فإنها تعتد عدة الوفاة -أربعة أشهر وعشرة أيام-؛ لعموم قوله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا [البقرة:234]، ويثبت لها الميراث، فترث من زوجها الربع إن لم يكن له زوجة أخرى ولا ولد، وترث منه الثمن إن كان له ولد، وإن كان له زوجة أخرى شاركتها في الثمن، ويثبت لها المهر كاملاً -أي: الصداق الذي فرضه لها-، يثبت لها ذلك كاملاً، هكذا قضى به النبي صلى الله عليه وسلم في بروع بنت واشق ، وهذا بخلاف المرأة التي طلقها زوجها قبل الدخول والخلوة، فإنه لا عدة عليها، ولا يجب لها إلا نصف المهر فقط، قال الله تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا [الأحزاب:49]. ولقوله تعالى: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ [البقرة:237] .
الجواب: الصدقة على غير المسلم جائزة، وفيها أجر إذا كان محتاجاً لها؛ لكن لا تحل له الصدقة الواجبة -أي: الزكاة-، إلا أن يكون من المؤلفة قلوبهم.
ويشترط في الصدقة عليه ألا يكون ممن يقاتل المسلمين، فإن كان ممن يقاتل المسلمين ويخرجهم من ديارهم فإنه لا يتصدق عليه؛ لأن الصدقة عليه تتضمن أو تستلزم إعانته على المسلمين، يقول الله تعالى: لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [الممتحنة:8-9].
الجواب: الحكمة في هذا هي طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال: ( أتوضأ من لحوم الإبل ). وسئل صلى الله عليه وسلم أتوضأ؟ أي: سأله سائل فقال: ( أتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت. قال: أتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم ). فكونه جعل الوضوء من لحم الغنم عائداً إلى مشيئة الإنسان، أما في لحم الإبل فقال: نعم. دليل على أنه لا بد من الوضوء من لحم الإبل، وأنه لا يرجع لاختيار الإنسان ومشيئته.
وإذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بشيء فإنه حكمة، ويكفي المؤمن أن يكون أمراً لله ورسوله، قال الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ [الأحزاب:36]. ولما سئلت عائشة رضي الله عنها عن المرأة الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة، قالت: كان يصيبنا ذلك، فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة. فجعلت الحكمة هي الأمر، فإذا أمر الله ورسوله بشيء فالحكمة في فعله.
على أن بعض أهل العلم أبدى حكمة في ذلك، وهي أن لحوم الإبل فيها شيء من إثارة الأعصاب، والوضوء يهدئ الأعصاب ويبردها، ولهذا أمر الرجل إذا غضب أن يتوضأ، والأطباء المعاصرون ينهون الرجل العصبي عن كثرة الأكل من لحم الإبل، فإن صحت هذه الحكمة فذاك، وإن لم تصح فإن الحكمة الأولى هي الحكمة، وهي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتعبد لله تعالى بتنفيذ أمر نبيه صلى الله عليه وسلم.
الجواب: إذا هذا الذي صنعت هو تغطية رأسك، فإن كان ذلك في الحج، وكان بعد أن رميت جمرة العقبة يوم العيد وحلقت رأسك وقصرته فلا حرج عليك؛ لأن الرجل الحاج إذا رمى جمرة العقبة يوم العيد وحلق وقصر حل من كل شيء من محظورات الإحرام إلا من النساء، وكذلك لو كنت في يوم العيد رميت جمرة العقبة، ثم نزلت إلى مكة وطفت وسعيت، ثم وضعت رداءك على رأسك فإنه لا حرج عليك؛ لأنك قد تحللت التحلل الأول.
أما إذا كنت في العمرة فإنه ليس عليك شيء؛ لأنك جاهل لا تدري، والجاهل بالمحظورات ليس عليه شيء.
أما إذا تعمدت ذلك عن علم فإن أهل العلم رحمهم الله يقولون: إن الإنسان إذا فعل محظوراً لا يفسد النسك ويوجب شاة فأقل فإنه في هذه الحال مخير بين أن يصوم ثلاثة أيام، أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، أو يذبح شاة يفرقها على الفقراء.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر