الجواب: قبل أن أجيب على سؤال الأخ أحب أن أوجه نصيحة لإخواني المسلمين بأن يتحرزوا من إطلاق مثل هذه العبارات علي الحرام أو ما أشبهها، وذلك لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [التحريم:1]، ولقوله تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [المائدة:87]، فلا ينبغي للإنسان أن يستعمل هذه العبارات في أيمانه، وإذا استعملها فإننا نقول له: إذا كنت تريد اليمين فحكم ذلك القول حكم اليمين، فإن تم ما قلت فلا شيء عليك، وإن لم يتم فعليك كفارة يمين، وكفارة اليمين هي واحد من أمور أربعة؛ ثلاثة منها على التخيير وواحد على الترتيب، أما الثلاثة التي على التخيير فهي مذكورة في قوله تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ [المائدة:89]، فيخير بين هذه الأمور الثلاثة؛ إن شاء أطعم عشرة مساكين، وإن شاء كساهم، وإن شاء أعتق رقبة، فأما إطعامهم فمخير فيه بين أن يصنع طعاماً غداء، أو عشاء، ثم يدعوهم إلى أكله، أو يدفع إليهم طعاماً من الرز مثلاً؛ لأنه من أوسط ما نطعمه الآن من الرز، ومقداره ستة كيلو، ويحسن أن يجعل معه شيئاً من اللحم يؤدمه به، وأما الكسوة فيكسو هؤلاء العشرة مساكين بما يعد كسوة عرفاً، والأعراف تختلف، أي: أن اللباس يختلف ما بين مكان وآخر، وأما عتق الرقبة فمعروف بأن يشتري عبداً، أو يكون عنده عبد مملوك من قبل فيعتقه من هذه الكفارة، فإن لم يكن عنده ما يحصل به هذه الأمور الثلاثة، أو كان عنده ولكن لم يحصلها، أي: لم يجد فقراء، أو لم يجد رقبة، فإنه ينتقل إلى الصنف الرابع وهو صيام ثلاثة أيام متتابعة؛ لقول الله تعالى: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ [البقرة:196]، وقد قرأ ابن مسعود رضي الله عنه: (فصيام ثلاثة أيام متتابعة)، هذه هي كفارة اليمين، فمن حرم شيئًا فإن كفارته هذه؛ لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ [التحريم:1-2]، فجعل الله التحريم يميناً.
الجواب: إذا صلى الإمام بالناس، ثم ذكر أن إزاره نجس، فإن كان عليه ثوب فوقه يستره خلع إزاره واستمر في صلاته؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بأصحابه وعليه نعلان، فأتاه جبريل فأخبره أن فيهما أذى أو قذراً، فخلعهما النبي صلى الله عليه وسلم ومضى في صلاته، وهكذا نقول في كل شيء على المصلي نجس فيذكر في أثناء صلاته ذلك، فإنه إذا تمكن أن يخلعه خلعه واستمر في صلاته.
أما إذا كان ليس عليه سوى الإزار، فإنه حينئذٍ لا يمكنه خلعه فينصرف من صلاته، ويأمر بعض المأمومين أن يتقدم فيتم بهم الصلاة، وسواء ذكر ذلك في أول ركعة أو فيما بعدها، ومثل ذلك: لو تقدم الإمام يصلي بالناس، ثم ذكر في أثناء الصلاة أنه لم يتوضأ، فإنه ينصرف من صلاته ويأمر أحد الجماعة أن يتقدم فيتم بهم الصلاة، وينبغي للإنسان إذا أصابته نجاسة أن يبادر بغسلها تنزهاً منها، ولئلا ينسى فيصلي وهو متلبس بها، ودليل ذلك من السنة: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بغلام صغير لم يأكل الطعام فوضعه في حجره فبال على حجر النبي عليه الصلاة والسلام، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بماء فأتبعه إياه في الحال )، ولما جاء الأعرابي وبال في طائفة من المسجد، أي: في جانب منه، ( أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذنوب من ماء هريق عليه )، فالذي ينبغي للإنسان إذا أصابته نجاسة أن يبادر بالتطهر منها، ولا يقول: أدعها حتى أتوضأ؛ لأنه قد ينسى؛ ولأن هذه النجاسة قد تصيب طرفاً منه رطباً فيتنجس بها.
الجواب: يقول الله عز وجل: وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [الأعراف:180] ، وليس المعنى أن ندعوه بجميع هذه الأسماء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو الله بأسمائه من غير أن يجمعها كلها، وكيفية الدعاء بالأسماء أن تقدمها بين يدي دعائك متوسلاً بها إلى الله، أو أن تختم بها دعاءك.
مثال الأول: أن تقول: اللهم يا غفور اغفر لي، يا رحيم ارحمني، وما أشبه ذلك.
ومثال الثاني: أن تقول: رب اغفر لي وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم، وقد طلب أبو بكر الصديق من النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلمه دعاء يدعو به في صلاته، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ( قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم )، وكما يجوز التوسل إلى الله تعالى بأسمائه عند الدعاء، فإنه يجوز أن يتوسل الإنسان بصفات الله عند الدعاء، كما في الحديث الصحيح: ( اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق، أحيني ما علمت الحياة خيراً لي )، فهذا توسل إلى الله تعالى بعلمه وقدرته، وكذلك قول القائل في دعاء الاستخارة: ( اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب )، فالتوسل إلى الله تعالى في الدعاء بأسمائه أو بصفاته، سواء كان ذلك على سبيل العموم أو على سبيل الخصوص هو من الأمور المطلوبة، وقد عرفت الأمثلة في ذلك، ومن التوسل بأسماء الله على سبيل العموم ما جاء في حديث ابن مسعود رضي الله عنه في دعاء الهم والغم: ( اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك اللهم بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي وغمي )، فإنه ما دعا به داعٍ مهموم أو مغموم إلا فرج الله به عنه، ففيه التوسل بأسماء الله عامة، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك؛ لكنه لم يعددها.
الجواب: إذا كان الرضاع المذكور خمس رضعات في الحولين قبل الفطام، فإن المرضعة تكون أماً له، ويكون زوجها أباً له، وعلى هذا فكل أولاد هذه المرأة من بنين أو بنات إخوة له، سواء البنت التي كان الرضاع من لبنها أم التي قبلها أم التي بعدها، فكل من كان ولداً للمرأة التي أرضعته من ذكر أو أنثى فهو أخ للمرتضع، وكذلك أولاد زوجها يكونون إخوة له، فإن كانوا منها فهم إخوة له من الأب والأم، وإن كانوا من زوجة أخرى فهم إخوة له من الأب، وبهذا نعرف أن هذه المرأة التي أرضعته لو كان لها أولاد من زوج سابق كانوا إخوة له من الأم، وإذا كان لزوجها التي هي الآن في حباله أولاد من غيرها كانوا إخوة له من الأب، وإذا كان لزوجها التي هي في حباله أولاد منها فهم إخوة له من الأم والأب.
الجواب: نعم، هذا الرجل الذي ارتضعت من أمه رضاعاً محرماً تمت فيه الشروط لا يحل أن يتزوج بأحد من بناتك، وذلك لأنه عمهنّ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب )، والمحرمات من النسب سبع ذكرهن الله في قوله: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ [النساء:23]، فلهؤلاء السبع نظيرهن من الرضاع حرام على الرجل، فيحرم على الرجل أمه من الرضاع، وبنته من الرضاع، وأخته من الرضاع، وبنت أخيه من الرضاع، وبنت أخته من الرضاع، وعمته من الرضاع، وخالته من الرضاع، للحديث الذي أشرنا إليه آنفاً، وعلى هذا فابن خالك الذي رضعت من أمه رضاعاً محرماً تمت فيه الشروط، لا يحل له أن يتزوج بأحد من بناتك، أو بنات بناتك، أو بنات أبنائك.
الجواب: معنى هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحذر من الظلم، وهو العدوان على أحد، سواء كان ذلك على حق الله عز وجل، أو على حق عباده، فالعدوان على حق الله كالشرك، قال الله تعالى: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13]، وكذلك ما عداه من المعاصي الكبائر فما دونها هو ظلم بحسبه.
وأما العدوان على حق الخلق فكثير، كالعدوان على المسلم في عرضه، أو ماله، أو دمه، فالظلم ظلمات يوم القيامة فيوم القيامة ليس فيه نور إلا للمؤمنين، يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ [الحديد:12] ، وكذلك حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الشح، والشح هو البخل مع الطمع، فيكون الإنسان بخيلاً في بذل ما يجب عليه، طامعاً فيما ليس له، وهذا سبب للهلاك إذ إن الإنسان إذا كان بخيلاً منع ما يجب عليه من حقوق الله، وحقوق عباده، وإذا كان ذا طمع وحرص على اكتساب المال تعدى على غيره فأخذ أموالهم بغير حق.
الجواب: نعم، يجوز التداوي بالقرآن العظيم؛ لأن الله عز وجل يقول: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [الإسراء:82].
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ المعوذتين يتعوذ بهما، وقال: ( ما تعوذ متعوذ بمثلهما )، فيقرأ على المريض الآيات المناسبة لمرضه، مثل: أن يقرأ لتسكين المرض والألم: وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [الأنعام:13]، ويقرأ: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ [النمل:62]، أو نحو ذلك من الآيات المناسبة.
وكذلك يقرأ الفاتحة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أنها رقية يرقى بها المريض واللديغ، وينتفع بها بإذن الله؛ لكن يجب أن نعلم أن القرآن نفسه شفاء ودواء؛ ولكنه بحسب القارئ وبحسب المقروء عليه؛ لأنه لا بد من أهلية الفاعل وقابلية المحل، وإلا لم تتم المسألة، فالفاعل لا بد أن يكون أهلاً للفعل، والمحل لابد أن يكون قابلاً له، فلو أن أحداً من الناس قرأ بالقرآن وهو غافل، أو شاك في منفعته، فإن المريض لا ينتفع بذلك، وكذلك لو قرأ القرآن على المريض، والمريض شاك في منفعته، فإنه لا ينتفع به، فلا بد من الإيمان من القارئ والمقروء عليه بأن ذلك نافع، فإذا فعل هذا مع الإيمان من كلٍ من القارئ والمقروء عليه انتفع به.
الجواب: خروج المرأة من بيتها لغير حاجة أمر لا ينبغي؛ لأن الله تعالى قال لنساء النبي صلى الله عليه وسلم: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ [الأحزاب:33]، فالمشروع في حق المرأة وهي ربة البيت أن تبقى في بيتها لإصلاح شؤونها والقيام بمصالح أولادها إن كانت ذات أولاد، هذا هو المشروع، ولا تخرج من البيت إلا لمصلحة شرعية أو حاجة، فأما أن تخرج إلى الأسواق للتفرج، والتنزه، والتمشي فذلك أمر غير محبوب، ويخشى أن تقع به الفتنة منها أو فيها، فنصيحتي لهؤلاء النساء أن يلزمنّ بيوتهنّ، وألا أن يخرجنّ إلى الأسواق إلا لحاجة، أو لمصلحة دينية، أو دنيوية لا محظور فيها، وإذا خرجن فليخرجن محتشمات مستترات، ساترات الوجوه والرؤوس والكفين والقدمين، ولا حرج عليها أن تتنقب لترى طريقها، بشرط أن يكون النقاب بقدر الضرورة لا تخرج منه إلا العين فقط، وبشرط ألا تكون مكتحلة، ولا يجوز أن تخرج إلى الأسواق متطيبة لما في ذلك من الفتنة، فإذا خرجت المرأة محتشمة لمصلحة دينية أو دنيوية لا محذور فيها، أو لحاجة فلا بأس في ذلك بالشروط التي أشرت إليها، كما أنه يجب أن يراعي ولاة الأمور مسألة الاختلاط، اختلاط النساء بالرجال، فإن الاختلاط من أكثر دواعي الفتنة، والفتنة يجب سد كل ذريعة توصل إليها.
الجواب: المشروع في حق المصلي إذا كان جالساً للتشهد أو بين السجدتين، أن يضع يده اليسرى على فخذه الأيسر، أو ملقماً ركبته إياها، وأما اليمنى فهي على الفخذ الأيمن يقبض منها الخنصر والبنصر والوسطى، ويضع الإبهام عليها، وإن شاء حلقها مع الوسطى، فوضع رأس الإبهام على رأس الوسطى حتى تكون كالحلقة، وأما السبابة وهي الإصبع التي بين الإبهام والوسطى، فإنها تبقى مرفوعة لا مضمومة، وكلما دعا حركها يرفعها إلى أعلى؛ إشارة إلى علو المدعو وهو الله عز وجل، فإذا قال: السلام عليك أيها النبي رفعها إشارة إلى علو الله السلام علينا، كذلك يرفعها إشارة إلى علو الله عز وجل، لأن قولك: السلام عليك أيها النبي، السلام علينا، دعاء، فإنك تدعو الله تعالى بحصول السلامة، وكذلك إذا قال: اللهم صل على محمد، اللهم بارك على محمد، يشير بها إلى أعلى، وكذلك إذا قال: ( أعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال )، يشير بها إلى أعلى يحركها يدعو بها، هذا هو المشروع في حال اليدين في التشهد، وبين السجدتين، والحمد لله رب العالمين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر