الجواب: الحديث الذي أشار إليه السائل في صحيح مسلم : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى هذا الستر على الباب فظهر ذلك في وجهه, ثم قال صلى الله عليه وسلم: إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين, ثم هتكه ) أي: قطعه, ففي هذا الحديث دليل على أنه لا ينبغي للإنسان أن تصل به الحال إلى أن يكسو جدران بيته بهذه الأكسية التي كرهها النبي صلى الله عليه وسلم, وبان ذلك في وجهه, وأخبر أن الله لم يأمرنا بذلك.
وأما الستائر التي توضع الآن فإن كانت لغرض صحيح سوى الستر؛ كما لو أراد الإنسان بها أن يستر وجه النافذة عن الشمس أو نحو ذلك فإن هذا لا بأس به؛ لأنه ليس كسوة للحجارة والطين, ولكنه للتوقي من أذى يترقبه أو لمصلحة يرجوها بهذه الكسوة, فأما مجرد تزيين الجدار بهذه الكسوة، فإن هذا داخل في الحديث ولا ينبغي أن نفعله.
الجواب: تارك الصلاة كما قدمنا مراراً اختلف العلماء في حكمه, فمنهم من قال: إنه فاسق ويقتل حداً, ومنهم من قال: إنه كافر كفراً مخرجاً عن الملة يستتاب, فإن تاب وإلا قتل, وهذا القول هو الراجح الذي تدل عليه نصوص الكتاب والسنة والآثار الواردة عن الصحابة, وقد بينا هذه الأدلة في حلقات سابقة, وبينا أنه ليس هناك ما يعارضها, وأن الأحاديث التي استدل بها من يقول بأن تارك الصلاة ليس بكافر لا تخلو من إحدى حالات أربع:
إما أن لا يكون فيها دلالة أصلاً, وإما أن تكون مقيدة بقيدٍ لا يمكن معه ترك الصلاة, وإما أن تكون واردة في حال يعذر فيها الإنسان بترك الصلاة لكون العلم قد اندرس, وإما أن تكون عامة, ونصوص كفر تارك الصلاة خاصة. والمعلوم عند أهل العلم أن العام يخصص بالخاص, فتكون هذه الأدلة العامة شاملة لمن سوى تارك الصلاة.
وإذا كان تارك الصلاة مرتداً كافراً فإنه لا يجوز لأحد أن يسكن معه, بل يجب هجره إلا أن يلاقيه الإنسان من أجل دعوته إلى الحق وإلى الإسلام، فهذا شيء ومجالسته والأنس به والاطمئنان إليه شيء آخر؛ وقد قال الله تعالى في القرآن الكريم: لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [المجادلة:22]، فلا تجلس إلى تارك الصلاة ولا تسلم عليه ولا تطمئن إليه إلا إذا كنت تريد بذلك دعوته إلى الإسلام لعل الله تعالى يهديه على يديك, فإن من هدى الله إنساناً على يديه فهو خير له من حمر النعم.
الجواب: قبل أن نجيب على سؤال السائل, أحب أن أنبه على أنه ينبغي للسائل إذا وجه سؤالاً إلى عالم من العلماء أن يقيد مثل هذه الكلمة أعني قوله ما حكم الشرع فيقول: ما حكم الشرع في رأيك أو في نظرك أو عندك أو ما أشبه ذلك؛ وذلك لأن هذا العالم الذي يجيب بما يرى أنه هو الشرع قد يوافق الشرع وقد لا يوافقه؛ كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: ( إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران, وإن أخطأ فله أجر ) فإن هذا الحديث يدل على أن الإنسان المجتهد للوصول إلى حكم الله قد يصيب وقد يخطئ, فإذا أخطأ وهو قد قال في جوابه, أو قد قيل له في السؤال الموجه إليه: ما حكم الشرع, فمقتضى ذلك أن يكون الخطأ في الشرع, فأرجو الانتباه لمثل هذا.
وأما الجواب على سؤاله, فإن هذا الرجل يقول: إنه في حال الغضب والخصومة مع زوجته يقول لها: اخرجي اذهبي وما أشبه ذلك من الكلمات يريد بها الطلاق, وهو إذا قال ذلك مريداً به الطلاق فإن الطلاق يقع, لأن الطلاق ليس له لفظ تعبدنا الشارع به بحيث لا نتجاوزه, بل الطلاق هو فراق الزوجة, وهو حاصل بأي لفظ كان إذا نواه الإنسان.
وعليه فنقول: إن الطلاق يقع عليه بهذه الكلمات إذا كان نوى بها الطلاق؛ لأنها كلمات تدل على الفراق وقد نواه, وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى ) فهذه الكلمات تدل بلا شك على الفراق بنيته؛ لأن اللفظ يحتمله.
وقد قسم العلماء رحمهم الله ألفاظ الطلاق إلى قسمين: صريح وكناية, الصريح ما لا يحتمل سوى الطلاق، مثل: أنت طالق, أو قد طلقتك, أو أنت مطلقة، أو ما أشبه ذلك.
والكناية ما يحتمل الطلاق وغيره, وهذا لا يقع به الطلاق إلا إذا نواه؛ لأنه لما كان محتملاً للطلاق وغيره فإننا لا نلزمه بشيء يكون فيه الاحتمال إلا إذا نوى أحد المحتملين, فإذا نوى أحد المحتملين فله ما نوى؛ للحديث الذي أشرنا إليه آنفاً.
وبالمناسبة أود أن أحذر إخواني المسلمين من الغضب؛ لأن الغضب له آثار سيئة يندم عليها الإنسان حين لا ينفع الندم, وقد ثبت في صحيح البخاري : ( أن رجلاً قال: يا رسول الله! أوصني قال: لا تغضب, فردد مراراً. قال: لا تغضب ) فإذا أحس الإنسان بالغضب فليستعذ بالله من الشيطان الرجيم, وإن كان قائماً فليقعد, وإن كان قاعداً فليضطجع, فإن اشتد به الغضب فليتوضأ, فإن ذلك مما يزيله.
وكم من إنسان غضب فطلق زوجته أو غضب فضرب أولاده ضرباً مبرحاً, أو غضب فأتلف شيئاً من ماله فحصل بذلك الندم حين لا ينفع الندم, فعلى الإنسان أن يكون مالكاً لأعصابه قوياً في إرادته وعزيمته؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( ليس الشديد بالصرعة, وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ).
الجواب: صلاة المسافر الرباعية مقصورة إلى ركعتين كما في صحيح البخاري وغيره من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: ( أول ما فرضت الصلاة ركعتين, ثم هاجر النبي صلى الله عليه وسلم فزيد في صلاة الحضر, وأقرت صلاة السفر ) فالظهر والعصر والعشاء هذه الصلوات الثلاث الرباعية تقصر في السفر إلى ركعتين, ولا يحل القصر ولا الترخص برخصه إلا إذا خرج الإنسان من قريته -أي: من بلده- أما ما دام في بلده فإنه ليس بمسافر؛ لأن السفر لا يحصل إلا بتحققه دون العزم عليه حتى لو ارتحل وركب، فما دام في البلد فإنه لا يقصر الصلاة.
وليعلم أن المسافر إذ ائتم بمن يتم الصلاة فإنه يجب عليه أن يتم, ولا يحل له القصر حينئذ؛ لأن صلاته ارتبطت بصلاة إمامه؛ وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( ما أدركتم فصلوا, وما فاتكم فأتموا ) فهذا الذي دخل مع إمام يصلي أربعاً إن دخل معه في أول الصلاة سلم معه, وإن دخل معه في أثناء الصلاة فإنه يصلي ما أدرك ويقضي ما فاته, أي: يتم على ما أدركه مع إمامه.
وسئل ابن عباس رضي الله عنهما عن هذه المسألة: أن المسافر يصلي ركعتين, فإذا كان مع الإمام يعني في الحضر صلى أربعاً, فقال: تلك هي السنة, حتى لو أدرك مع الإمام ركعتين من الرباعية فإنه لا يجوز له أن يسلم معه, بل عليه أن يتم الصلاة؛ للحديث الذي أشرنا إليه, وهذا عكس ما إذا كان الإمام هو المسافر, فإنه إذا كان الإمام هو المسافر فإنه يصلي ركعتين, ويتم المقيمون الذين يصلون وراءه أربعاً, فإن هذا هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين فتح مكة، كان يصلي بأهل مكة ركعتين, ويتم أهل مكة أربعاً.
الجواب: الصلاة في النعال جائزة بل هي من السنة, فقد ثبت في الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه ( أنه سئل: أكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في نعليه؟ فقال: نعم )، وفي السنن عنه صلى الله عليه وسلم: ( أنه كان يصلي بأصحابه ذات يوم بنعليه, فخلع نعاله, فخلع الناس نعالهم, فلما انصرف من صلاته سألهم: لماذا خلعتم نعالكم؟ فقالوا: يا رسول الله! رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا, فقال: إن جبريل أتاني، فقال: إن فيهما أذى أو قذراً فخلعتهما ) وهذا يدل على أن الصلاة في النعل سنة للإمام والمأمومين, ولكن هذا إذا كان لابساً نعليه, أما إذا لم يكن لابساً نعليه فإنه يصلي حافياً كما كان حافياً, فالإنسان لا ينبغي له إذا أراد أن يدخل المسجد أن يخلع نعليه إلا إذا كان هناك سبب يقتضي ذلك.
واعلم أن السنة إذا ترتب عليها أذية فإن الأولى ترك هذه الأذية, فإذا كانت النعال نعالاً قاسية من ذوات الجلود القاسية وأنت مأموم وصار لصلاتك بها أذى لمن يصلون إلى جنبك من الناس فإن دفع الأذية أولى من فعل السنة, ويمكنك أن تأتي بالسنة إذا كنت تصلي وحدك إما في البيت أو في المسجد كتحية المسجد مثلاً.
وها هنا أمر يخطئ فيه كثير من الناس يدخلون من الشارع إلى المسجد بنعالهم بدون أن ينظروا فيها, وهذا خلاف أمر النبي صلى الله عليه وسلم, فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر داخل المسجد أن ينظر في نعليه أولاً, فإذا رأى فيهما أذى أو قذراً أزاله, وإلا دخل وصلى بهما.
الجواب: الحلف وهو اليمين والقسم لا يجوز إلا بالله تعالى أو صفة من صفاته, ونعني بالله: الحلف بكل اسم من أسماء الله تعالى؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت )، ولقوله: ( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ) فلا يجوز الحلف بالنبي ولا بالكعبة ولا بجبريل ولا بميكائيل ولا بمن دون النبي من الصالحين والأئمة وغيرهم, فمن فعل ذلك فليستغفر الله وليتب إليه ولا يعد, وإذا حلف بالله سبحانه وتعالى فإنه لا حاجة إلى أن يأتي بالمصحف ليحلف عليه.
فالحلف على المصحف لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الصحابة حتى بعد تدوين المصحف، لم يكونوا يحلفون على المصحف, بل يحلف الإنسان بالله سبحانه وتعالى بدون أن يكون ذلك على المصحف.
الجواب: لبس الرجل للذهب محرم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الذهب والحرير: ( إنهما حلال لإناث أمتي, حرام على ذكورها )، و( رأى رجلاً عليه خاتم من ذهب فأخرجه النبي صلى الله عليه وسلم من يده ورمى به, وقال: يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيضعها في يده, فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم قيل للرجل: خذ خاتمك انتفع به, فقال: لا والله لا آخذ خاتماً رمى به النبي صلى الله عليه وسلم, فتركه الرجل خاتمه ), فلا يحل للرجل أن يلبس خاتماً من الذهب، ولا إزاراً من الذهب ولا قلادة من الذهب، سواء لبسه لبساً دائماً أو لبسه لمناسبة خطبة امرأة أو غير ذلك, والرجل رجل برجولته لا بما يتحلى به, وإنما التي تحتاج إلى التحلي هي المرأة؛ كما قال الله تعالى: أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ [الزخرف:18] بعد قوله: وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * أو مَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ [الزخرف:17-18] يعني: لا يستوي هذا وهذا.
فنصيحتي لإخواني المسلمين أن يدعوا لبس الذهب سواء كان ذلك لمناسبة أو غير مناسبة, ومن كان عنده شيء من ذلك فليبعه لمن يلبسه من النساء, أو يهديه إلى أهله من زوجة أو قريبة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر