السؤال: أملك قطعاً من المواشي من البقر في جمهورية مصر العربية، هل يجوز لي وأنا هنا في الجمهورية العراقية أن أخرج الزكاة المفروضة على هذه المواشي وأنا في العراق، أم أنتظر حتى رجوعي إلى بلدي مصر؟
الجواب: بل يجب عليك أن تخرج زكاتها كلما تم الحول، فتوكل من يخرجها هناك في مصر، والتوكيل في إخراج الزكاة جائز، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث السعاة والعمال على الزكاة، فيأخذونها من أهلها ويأتون بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه وكل علي بن أبي طالب في ذبح ما بقي من هديه في حجة الوداع.
فوكل أحداً ممن تثق به في بلدك في مصر على أن يخرج زكاة هذه المواشي، ولا يحل لك أن تؤخرها حتى ترجع؛ لأن في ذلك تأخيراً للزكاة، متضمناً لحرمان أهلها منها في وقتها، ولا تدري فلعلك لا تصل إلى مصر بعد.. لعلك تموت قبل أن تذهب إلى مصر، وحينئذٍ تتعلق الزكاة بذمتك، ولا تدري فلعل الورثة بعدك لا يؤدون ما أوجب الله عليك من هذه الزكاة فبادر يا أخي.. بادر بارك الله فيك بإخراج الزكاة ولا تتأخر.
السؤال: هل يجوز إخراج زكاة المال أو خلاف ذلك في أي شهرٍ من شهور السنة، أم يتحتم إخراج الزكاة في شهر رمضان المبارك؟
الشيخ: لا يتحتم إخراج الزكاة في رمضان، بل يخرج الإنسان زكاته إذا تم حوله -أي: حول ماله- أخرج الزكاة، ولا يجوز أن يؤخرها، اللهم إلا شيئاً يسيراً يؤخرها لينظر من هو أحوج، أو لزمان فاضلٍ غير بعيد، وأما أن يؤخرها إلى زمانٍ بعيد فإن ذلك لا يجوز، لأن الزكاة يجب إخراجها على الفور لأنها من الواجبات، والأصل في كل الواجبات أن يقوم الإنسان بها فوراً، إلا ما قام الدليل على جواز التراخي فيه.
السؤال: إن زوج ابنتي يشتغل في أعمالٍ متنوعة، وإني أعرف ومتأكدة أنه يحصل على الفلوس عن طريق الحرام، وإني لأذهب إلى بيتهم وأنا لا أذهب إلى بيتهم إلا في المناسبات عندما يكونون مرضى أو غير ذلك، وأتناول معهم بعض الأطعمة خوفاً من ابنتي من الزعل، هل في ذلك إثم علي؟
الجواب: لا إثم عليك في هذه الحال؛ لأن زوج ابنتك له مورد حلال ومورد حرام، وإذا كان للإنسان مورد حلال ومورد حرام فلا حرج على غيره أن يأكل من طعامه أو يشرب من شرابه، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أكل من الشاة التي أهدتها له اليهودية، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه مات ودرعه مرهونة عند يهودي في شعير اشتراه لأهله، وهذا يدل على أن من كان ماله فيه حلال وفيه حرام، فإنه لا يحرم على الإنسان أن يتناول شيئاً منه.
السؤال: نسأل عن الناس الذين يعطون الناس العهود، مثل: الطرق الشاذلية والصوفية والرفاعية والبيومية، ويقيمون الأذكار في موالد أولياء الله الصالحين، مثل سيدنا
الحسين والسيدة
زينب والسيد
البدوي والكثير من أولياء الله الصالحين، ما حكم الشرع في نظركم في ذلك؟
الجواب: الذي نرى في هذه الطرق وغيرها من الطرق والنحل والمذاهب، أنه يجب أن تعرض على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما كان منها حقاً قبل، وما كان منها باطلاً وجب رده وطرحه وعدم الاعتماد عليه والتمسك به.
وهذه الطرق التي عددها السائل تنبني على ما أشرنا إليه من وجوب عرضها على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا اشتملت هذه الطرق على دعاء الأولياء وتقديم محبتهم على محبة الله ورسوله والتعلق بهم ودعائهم، كان ذلك داخلاً في الشرك، وقد يكون شركاً أكبر مخرجاً عن الملة فلا ينتفعون بهذه الطرق، وإن نصيحتي لهم ولغيرهم أن يرجعوا في أمرهم وشئون دينهم إلى ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فإن ذلك هو الخير وهو الذي ينفعهم عند الله، وأما هذه الأمور التي يتعلقون بها فإنه لا أصل لها.
السؤال: ما حكم قراءة القرآن على القبر بعد دفن الميت، وقراءة القرآن للميت في البيوت، ونسميها: رحمية للأموات، ونعطي القراء الفلوس، ما حكم الشرع أيضاً في عملنا هذا؟
الجواب: الراجح من أقوال أهل العلم: أن القراءة على القبر بعد دفنه بدعة، لأنها لم تكن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكن هو نفسه يفعلها، بل غاية ما ورد في ذلك أنه إذا دفن الميت وقف عليه، وقال: ( استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل ) ، ولو كانت القراءة عند القبر خيراً وشرعاً لأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم أو فعلها حتى تعلم الأمة ذلك.
وكذلك إذا اجتمع الناس في البيوت على القراءة على روح الميت فإن هذا أيضاً لا أصل له، وما كان السلف الصالح رضي الله عنهم يفعلون هذا، والواجب على الإنسان إذا أصيب بمصيبة أن يصبر ويحتسب الأجر عند الله ويقول ما قاله الصابرون: إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها، وأما الاجتماع عند أهل الميت وقراءة القرآن وصنع الطعام وما أشبه ذلك، فكله من البدع التي لا أصل لها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه، فالواجب الحذر منها والبعد عنها.
السؤال: أنا امرأة أبلغ من العمر ما يقارب من الخامسة والستين، وقبل عشرين عاماً قدر الله أن وضعت وعاءً كبيراً على ثلاثة من أولاد الغنم الصغار، وكان ذلك ليلاً في بردٍ شديد، وفي الصباح وجدنا هذه الغنم الصغيرة قد ماتت، يظهر أنه قد انقطع عنها الهواء، مع العلم أنني عندما وضعت عليها الوعاء الكبير أريد أن أحفظهم وأحميهم من البرد، سؤالي: هل يلزمني دفع كفارة أو نحو ذلك وهل علي إثم في هذا؟
الجواب: لا يلزمك دفع كفارة لهذه الغنيمات التي ماتت، وليس عليك إثم أيضاً في فعلك هذا، لأنك إنما فعلتيه تريدين الإحسان، وقد قال الله تعالى:
مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ
[التوبة:91] ، ولو علمت أن ذلك يخنقهن حتى يمتن لعملت سبباً آخر، ولكن هذا هو أعلى ما تقدرينه في ذلك الوقت، فلا إثم عليك وأنتِ محسنة، والله سبحانه وتعالى يحب المحسنين.
السؤال: إنني شاب في السابعة والعشرين من العمر، عقدت قراني على فتاة قبل فترة أكثر من سنة، وأخرت موعد الزواج لظروفٍ لا مجال لذكرها، ثم ما لبثت أن ظهرت مشاكل أعاقت الزواج، وعلى إثر مكالمة هاتفية كان والدها قد قال فيها بأن كل شيء قد انتهى بيننا وبينهم، فقمت بكتابة طلاقها في ورقة وكنت في حالة عصبية نوعاً ما، وأنا الآن نادم على ما فعلت، ولم ألفظ كلمة الطلاق شفوياً حتى الآن، بل كتبت بالنص: أنت طالق يا فلانة، وأخذت الرسالة بنفسي إلى والدها، فهل هذا الطلاق صحيح ويقع أم لا؟
علماً أني كتبت طلقة واحدة فقط، وهو طلاق الغير مدخول بها، وإذا كان الطلاق يقع هل يشترط لإعادة الاقتران: أنها تتزوج بآخر ثم تتطلق، أم أن حكمها يختلف عن حكم المدخول بها؟
الجواب: هذا الطلاق الذي وقع منك وكتبته بيدك في ورقة على وجهٍ يقرأ يكون طلاقاً شرعياً، وحيث إنه قد وقع قبل الدخول فإن المرأة تبين به، بمعنى: أنها لا تحتاج إلى عدة، لقول الله تعالى:
يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا
[الأحزاب:49] ولكنه يعتبر طلقة واحدة، فلك الآن أن تراجعها وإن لم تتزوج بغيرك، ولكنك لا تراجعها إلا بعقد جديد بشروط تامة، وفي هذه الحال لابد أن تبذل المهر، وأي مهر اتفقتم عليه كان جائزاً.
السؤال: كم المدة الشرعية التي يجوز بها للرجل أن يغيب عن زوجته وهو مسافر، علماً بأنه ينفق عليها وعلى أولادها وفي بيته، وحسب علمكم بأن الشخص قد يوفقه الله في عمل طيب فيعود في مدة قليلة سنة تقريباً، وقد لا يوفق بعمل فيتأخر عن العودة قد تطول سنتين أو ثلاثاً، فما هو ردكم بهذا بارك الله فيكم؟
الجواب: إذا غاب الزوج عن زوجته مدةً طويلة ولم تسمح له بذلك، فإن عليه أن يرجع إليها كلما مضى نصف سنة، إلا أن يكون معذوراً بمرضٍ ونحوه، فأما إن أذنت له بطول المدة فلا حرج عليه أن يبقى المدة التي أذنت فيها ولو طالت، لكنه يجب عليه في هذه الحال أن يقوم بواجب النفقة، وأن يكون آمناً أن ينالها أحد بسوء.
السؤال: النساء في القرية عند خروجهن للمزارع أو خارج البيوت، فإنهن يلبسن أحسن الملابس ويتعطرن، وفي بيوتهن مع أزواجهن نجدهن لا يبدين الاهتمام بهذا، وإذا حاولنا أن ننصحهن فلا يستمعن القول؟
الجواب: خروج المرأة إلى السوق متطيبة أو متبرجة بالثياب الجميلة الفاتنة خروج محرم لا يحل؛ لما في ذلك من الفتنة بها ومنها، وعلى وليها أن يمنعها من الخروج على هذا الوصف، سواء كان زوجها أم أباها أم أخاها، لأن هذا تبرج وقد قال الله تعالى:
وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى
[الأحزاب:33] ، ونصيحتي لهن -أي: لهؤلاء النساء اللاتي يخرجن إلى السوق بهذه الملابس وهذه الأطياب- أن يتقين الله في أنفسهن وفي أمتهن، فإنهن إذا خرجن إلى السوق بهذه الملابس افتتن الناس بهن وصرن كلام الناس، فالواجب عليهن أن يتقين الله سبحانه وتعالى وألا يخرجن متطيبات ولا متجملات.