الجواب: أولاً: ننصح إخواننا المؤذنين في أي بلدٍ من بلاد الإسلام أن يعتنوا بضبط الوقت، لأنهم مسئولون أمام الله عز وجل عن هذه الأمانة التي جعلهم الله من رعاتها، فلا يؤذنوا قبل الوقت ولا يتأخروا عن الوقت - أي: عن دخوله - لأن أذانهم قبل الوقت قد يقتدي به من يقتدي من الناس فيصلي وتقع صلاته قبل الوقت، والصلاة قبل الوقت باطلة غير مقبولة، لا تصح إلا نفلاً ولا تبرأ بها الذمة عن الفرض، والمصلي إذا صلاها على أنها فرض لا تقبل منه لأنها في غير وقته بل تكون نفلاً.
وإن تأخر المؤذن عن الأذان في أول الوقت حبس الناس عن الصلاة في أول الوقت، لأن كثيراً من الناس ينتظرون أذان المؤذن، وربما يكون هذا الأذان أذان الفجر في أيام الصوم، فيبقى الناس يأكلون وقد طلع الفجر.
والمهم أن المؤذن عليه مسئولية كبيرة وعظيمة، فعليه أن يتقي الله تعالى في أداء مسئوليته، ويؤذن فور دخول الوقت حتى لا يغر الناس إن أذن قبله، ولا يؤخر الناس إن أذن متأخرًا عن دخول الوقت.
وإذا كان في البلد مؤذنان فأكثر وصار أحدهما يتأخر والثاني يتقدم، فالمتبع منهما من عرف بالمحافظة وقوة أداء الأمانة، فإن لم يعلم أيهما أشد محافظة وأقوى في أداء الأمانة، فإن المعتبر المتأخر منهما، لأن الرجلين إذا اختلفا في شيء فقال أحدهما: حصل، وقال الثاني: لم يحصل، فإن المقدم قول النافي؛ لأن الأصل عدم ذلك، وقد نص أهل العلم على أنه إذا وكل الرجل رجلين يرقبان الفجر له، فقال الأول: طلع الفجر، وقال الثاني: لم يطلع، فإنه يقدم قول من يقول: إن الفجر لم يطلع لأن الأصل معه.
الجواب: الوضوء هو غسل الوجه ومنه المضمضة والاستنشاق، وغسل اليدين إلى المرفقين، من أطراف الأصابع إلى المرفقين، ومسح الرأس ومنه الأذنان، وغسل الرجلين من أطراف الأصابع إلى الكعبين، وليس فيه قول واجب إلا التسمية، فإن العلماء اختلفوا في وجوبها، فمنهم من قال: إنها واجبة لأنه صح قول الرسول عليه الصلاة والسلام: ( لا وضوء لمن لا يذكر اسم الله عليه ) ، ومنهم من قال: إنها سنة لأنه لم يثبت عنده قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا وضوء لمن لا يذكر اسم الله عليه ) ، ولأن الواصفين لوضوء النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكروا أنه كان يسمي.
أما الذكر الذي بعد الوضوء وهو قول المتوضئ إذا فرغ من وضوئه: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين، فليس بوارد، وأما ما ذكر من كونه يذكر الله عند غسل وجهه وعند غسل يديه وعند مسح رأسه وعند غسل رجليه، فإن هذا لا أصل له ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم الذكر عند كل عضو من أعضاء الوضوء.
وأما ما ذكره السائل عن نفسه من كونه إذا بال ثم استنجى خرج منه قطرات من البول بعد أن يخرج من محل نقض الوضوء، فإن هذه القطرات لا تخلو من إحدى حالين:
إما أن تكون مستمرة بحيث لا يحصل فيها توقف، فهذه لها حكم سلس البول، أي: أن الإنسان إذا توضأ تحفظ بقدر ما يستطيع بعد أن يغسل فرجه، ثم توضأ وضوءه للصلاة ثم صلى، ولا يتوضأ للصلاة قبل دخول وقتها، هذا إذا كانت هذه القطرات مستمرة لا تتوقف.
أما إذا كانت تتوقف ولكنها تحصل بعد البول بنحو ربع ساعة وما أشبه ذلك، فإنه ينتظر حتى تتوقف، فإن خرجت بعد هذا انتقض وضوءه، لأن ما خرج من السبيلين ناقض للوضوء بكل حال.
الجواب: لاشك أن ما ذكرته السائلة من أن العلم لا يقتصر على العلوم الشرعية كعلم التفسير والحديث والتوحيد والفقه، وما يتعلق بذلك، لكن العلم المحمود على كل حال هو هذه العلوم، وهي التي أمر الله بها، وهي التي فيها الفضل، وهي التي قال الله تعالى فيها: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ [فاطر:28] ، وقال فيها: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ [المجادلة:11] ، وقال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: ( من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً، سهل الله له به طريقاً إلى الجنة ) ، وقال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: ( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ) .
أما العلوم الأخرى التي تتعلق بالدنيا فهي من العلوم المباحة التي إن اتخذها الإنسان وسيلة إلى خيرٍ كانت خيرًا، وإن اتخذها وسيلةً إلى شرٍ كانت شراً، فهي لا تحمد لذاتها ولا تذم لذاتها، بل هي بحسب ما توصل إليه، وهناك علوم أخرى علوم ضارة، إما في العقيدة، وإما في الأخلاق، وإما في السلوك، فهذه محرمة ومذمومة بكل حال، فالعلوم ثلاثة أقسام: محمودة بكل حال، ومذمومة بكل حال، ومباحة يتعلق الذم فيها أو المدح بحسب ما تكون وسيلة له.
والنصوص الواردة في فضل العلم والحث عليه تتعلق بالقسم الأول فقط، وهو المحمود بكل حال، وإذا كانت العلوم التي تتعلق بالدنيا نافعة للخلق ولم تشغل عما هو أهم منها كان طلبها محموداً، لما توصل إليه من النفع العام أو الخاص، ولا ينبغي لنا أن نحتقرها حتى لا نجعل لها قيمة في حالٍ تكون مفيدةً للخلق.
وأما قولها: إنها ترى هؤلاء يتشددون في الدين تشدداً عظيماً، فالتشديد والتيسير أمر نسبي، قد يرى الإنسان الشيء شديداً وهو في نظر غيره يسير، وقد يرى الإنسان الشيء يسيرًا وهو في نظر غيره شديد، والمرجع في ذلك إلى ما تقتضيه السنة المطهرة، سنة النبي صلى الله عليه وسلم المبنية على كتاب الله عز وجل وعلى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
فإن كان ما يقومون به من أعمال موافق للكتاب والسنة فليس بتشديد، بل هو اليسر والسهولة، وإن كان بعض المتهاونين المفرطين يرونه تشديداً فلا عبرة بما يرونه، فإنه إذا وافق الكتاب والسنة فهو يسير؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن هذا الدين يسر ) ، لكن قد يستنكر بعض المفرطين شيئاً من شرائع الإسلام ويظن أن القيام به تشديد، فيصف المتمسكين به بالتشدد في دينهم، ونحن لا ننكر أنه يوجد فئة من الناس تتنطع في دينها وتزيد فيه، وتعنف على من خالفها في بعض الأمور التي يسوغ فيها الاجتهاد ويسع الأمة فيها الخلاف، وهؤلاء لا عبرة بهم لأنهم مفرطون، والذين يتساهلون ويرون أن التمسك بالشريعة تشديد، لا عبرة بهم أيضاً لأنهم مفرطون، والدين بين الغالي فيه والجافي عنه.
الجواب: الغيبة ذكرك أخاك بما يكره في حال غيبته، كأن تقول في غيبته: إنه فاسق.. إنه متهاون بدين الله.. إن فيه كذا وكذا من العيوب الخلقية التي تتعلق بالبدن.. إن فيه كذا وكذا من العيوب الخلقية التي تتعلق بالخلق، فإذا ذكرت أخاك في غيبته بما يكره في دينه أو بدنه أو خلقه فتلك هي الغيبة، هذا إن كان فيه ما تقول، أما إن لم يكن فيه ما تقول، فإن ذلك غيبة وبهتان، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام حين سئل: ( أرأيت يا رسول الله! إن كان في أخي ما أتقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته ) ، أي: بهته بالإضافة إلى غيبته، هذه هي الغيبة.
والغيبة إذا حصلت في حضور المغتاب صارت سباً وشتماً، وأما النميمة فليست هي الغيبة، النميمة: نقل كلام الغير إلى من تكلم فيه بقصد الإفساد بينهما، مثل أن تذهب لشخص فتقول: قال فيك فلان كذا وكذا لتفسد بينهما، وهي - أي: النميمة - من كبائر الذنوب، كما أن الغيبة أيضاً من كبائر الذنوب على القول الراجح، سواء - أي: في النميمة - كان الذي نمت فيه قد قال ما قال أم لم يقل، فلا يحل لأحدٍ أن ينقل كلام أحدٍ إلى من تكلم فيه، فيلقى العداوة بينهما، بل إذا تكلم أحدهما في شخص فانصحه وحذره من النميمة، وقل له: لا تنقل إلي كلام الناس في واتق الله، حتى يدع النميمة.
واعلم أن من نم إليك نم عليك فاحذره، ولهذا قال الله تعالى: وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ [القلم:10-13] ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لا يدخل الجنة قتات ) ، أي: نمام، وثبت عنه: ( أنه مر برجلين يعذبان في قبورهما، فقال في أحدهما: إنه يمشي بالنميمة ) ، وأعظم النميمة أن ينم الإنسان بين علماء الشرع، فينقل من هذا العالم إلى هذا العالم الكلام بينهما ليفسد بينهما، ولاسيما إن كان كذباً، فإنه يجمع بين النميمة والكذب، يذهب إلى العالم ويقول: إن فلاناً من أهل العلم يقول فيك كذا وكذا وكذا، فإن هذا من كبائر الذنوب، وفيه مفسدة عظيمة وإيقاع للعداوة بين العلماء، فيحصل في ذلك تفكك في المجتمع تبعاً لتفكك علمائهم، هذا هو الفرق بين الغيبة والنميمة.
وأما قول السائل: هل من الغيبة أن يتكلم بأوصافٍ يعرف الناس المتصف بها بعينه، من غير أن يسميه المتكلم؟ فجوابه أن نقول: نعم، إذا تكلم الإنسان بأوصافٍ لا تنطبق إلا على شخصٍ معين معلومٍ بين الناس، فإن هذا من الغيبة، لأن الناس علموا عينه بوصفه الذي لا يتصف به إلا هو، ولكن إذا كان هذا الوصف الذي ذكره من الأمور التي يجب تغييرها لكونها منكراً، فإنه لا حرج أن يتكلم على من اتصف بها، وإن كان قد تعلم عينه.
وقد كان من عادة النبي عليه الصلاة والسلام إذا خالف أحد من الناس شريعة الله أن يتحدث فيهم فيقول: ( ما بال قوم ) أو ( ما بال رجال ) أو ما أشبه ذلك، مع إنه ربما يعرف الناس من هؤلاء لتتبع القضية، ويتفرع من ذلك: أن الإنسان لو اغتاب شخصاً داعية سوء وعينه باسمه ليحذر الناس منه، فإن هذا لا بأس به، بل قد يكون واجباً عليه لما في ذلك من إزالة الخطر على المسلمين حيث لا يعلمون عن حاله شيئاً.
ثانياً: عندما يكون الخاطب لا يصلي والمخطوبة تصلي.
ثالثاً: عندما يكون كلا الزوجين لا يصليان.
رابعاً: عندما يكون ولي أمر الزوجة لا يصلي.
وأخيراً: ما هي شروط شاهد العقد، وفي حالة أنهم لم يصلوا ما الحكم في هذا مأجورين؟
الجواب: هذا الأمور أربعة كلها تتعلق بعقد النكاح:
الأمر الأول: إذا كانت المخطوبة لا تصلي ولكنها ملتزمة بالحجاب وغيره من شرائع الإسلام، وكان الخاطب يصلي، وبعد أن تم العقد تابت المخطوبة وقامت بالصلاة.
والجواب على هذا الأمر: أن العقد في هذه الحال ليس بصحيح، لأن المرأة التي لا تصلي كافرة كفراً مخرجاً عن الملة على القول الراجح، والكافرة كفراً مخرجاً عن الملة لا يحل للمسلم أن يتزوجها، فإن فعل فالنكاح باطل، لا تحل به المرأة ولا تترتب عليه أحكام النكاح، لقول الله تعالى في المهاجرات: فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ [الممتحنة:10] .
وعلاج ذلك: أن يعاد العقد مرةً أخرى بعد أن تصلي، حتى يكون العقد من مسلم على مسلمة.
وهكذا الأمر الثاني الذي ذكره السائل، وهو: إذا كان الخاطب لا يصلي والمخطوبة تصلي، ثم تم العقد وصار الخاطب يصلي، فإننا نقول: إن العقد لا يصح لأنه عقد من غير مسلم على مسلمة، وعقد غير المسلم على المسلمة غير صحيح، وعلاج ذلك: أن يعاد العقد مرةً أخرى بعد أن يلتزم الخاطب بالصلاة.
الأمر الثالث: إذا كان كل من الزوجين لا يصلي، أي: أن كل واحدٍ منهما مرتد عن الإسلام ثم عقد لهما النكاح، فهذا محل توقف عندي لأنني إذا رجعت إلى كلام الفقهاء رحمهم الله، وقولهم: إن المرتد لا يصح نكاحه سواء كان رجلاً أم امرأة، فإن هذا يقتضي أن نكاح المرتدين غير منعقد، لكونه وقع من غير أهل للعقد، وهذا هو ظاهر كلام الفقهاء رحمهم الله، وإذا نظرت إلى أن الكافرين الأصليين يصح النكاح بينهما، وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم أنكحة الكفار ولم يبطل منها شيئاً مع أنها وجدت في حال كفر الزوج والزوجة، أقول: إذا نظرت إلى ذلك أوجب لي أن أقول: إن العقد بينهما صحيح.
والاحتياط في مثل هذه الحال أن يعاد العقد، فإن ذلك أبرأ للذمة وأبعد عن الشبهة.
وأما الأمر الرابع: وهو عندما يكون ولي أمر المرأة لا يصلي، فإن النكاح أيضاً لا يصح، وذلك لأن هذا الولي الذي لا يصلي كافر، ولا ولاية لكافر على مسلم، وعلاج ذلك أن يقال للولي: إما أن تعود إلى الإسلام وتلتزم بالصلاة وتقوم بها، وإما أن يزوجها ولي آخر، وهو من كان أقرب فأقرب.
وأما الأمر الخامس: وهي شروط شاهدي العقد: فيشترط في شاهدي العقد في النكاح ما يشترط في الشهادات الأخرى، من كون الشاهدين ممن نرضى من الشهداء.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر