الجواب: نعم، يصح الوضوء بالماء المالح بطبيعته أو بوضع ملحٍ فيه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الوضوء بماء البحر، فقال: ( هو الطهور ماؤه، الحل ميتته ) ، ومن المعلوم أن مياه البحار مالحة، فيجوز للإنسان أن يتوضأ بالماء المالح، سواء كان الملح حادثاً فيه طارئاً عليه، أو كان مالحاً من أصله، وكذلك يجوز الوضوء بالماء الذي أخرج بالمكائن وغيرها من الآلات الحديثة، لأن هذا داخل في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ [المائدة:6] إلى قوله: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ [المائدة:6].
الجواب: ننصحك بما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: ( يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) ، فإذا أمكنك أن تتزوج فافعل حتى يحصل لك فوائد النكاح التي منها ما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج)، وإذا لم يمكنك ذلك فعليك بالصوم، فإن الصوم عبادة لله عز وجل، وهو مخفف لشدة الشهوة، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( فإنه له وجاء ) ، فإن لم يمكنك الصوم فاستعفف وتصبر وتحمل كما أمر الله تعالى به في قوله: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ [النور:33] ، وتلهى عن هذا الأمر حتى يجعل الله لك فرجاً ومخرجاً.
الجواب: تفسيرها أن الله عز وجل توعد المصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون، أي: غافلون عنها، لا يؤدونها على الوجه المطلوب منهم، فيضيعون أوقاتها ويضيعون واجباتها، ويدعون صلاة الجماعة مع وجوبها عليهم إلى غير ذلك مما يوجب غفلتهم عن صلاتهم، وإذا كان هذا الوعيد على من صلى مع سهوه عن صلاته، فكيف بمن لم يصل أصلاً، فإنه أعظم وأشد، وقد بينا في غير مرة من حلقات هذا البرنامج أن من ترك الصلاة تهاوناً وكسلاً، فإنه يكون كافراً كفراً مخرجاً عن الملة.
الجواب: ذكر في سؤاله: أنه يدعو الأموات، ودعاء الأموات وحده كافٍ عن كل ما ذكر من هذه الخصال التي أشار إليها، لأن دعاء الأموات شرك أكبر مخرج عن الملة وكفر بالله عز وجل، قال الله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر:60] ، فجعل الله تعالى الدعاء عبادة، وصرف العبادة لغير الله تعالى شرك، وقال تعالى: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون:117] ، فجعل الله تعالى ذلك كافراً وأخبر أنه لا يفلح، فلا ينال مطلوبه ولا ينجو من مرهوبه بدعائه من سوى الله عز وجل.
ودعاء غير الله تعالى من الأموات أو الأحياء سفه وضلال، كما قال الله تعالى: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ [الأحقاف:5-6] ، ومثل هذا الإمام لا تجوز الصلاة وراءه؛ لأن صلاته غير صحيحة، بل هي باطلة لكونه مشركاً بالله عز وجل، ومن أشرك بالله فهو كافر، وكل كافر فعبادته باطلة مردودة عليه، لقول الله تعالى: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا [الفرقان:23] ، وقوله عز وجل: وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ [التوبة:54].
وإنني أوجه النصيحة إلى هذا الإمام الذي ذكرت أن يتوب إلى الله عز وجل من دعاء غير الله، ومن خداع عباد الله عز وجل بما يكتب لهم من العزائم التي لا أساس لها في كتاب الله ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا في عمل السلف الصالح رضي الله عنهم، فعليه أن يستغل العمر وأن يتوب إلى الله وينيب إليه ما دام في وقت الإمهال.
الجواب: الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا ما رواه مسلم عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: ( أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فكان لا يمر بآية رحمةٍ إلا سأل، ولا بآية وعيد إلا تعوذ ) ، ومثل هذا سنة في النافلة ولا سيما في قيام الليل، إذا مررت بآية رحمة أن تسأل الله تعالى من فضله، وإذا مررت بآية وعيد أن تتعوذ بالله تعالى من ذلك، مثاله: لو قرأت قول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ [البينة:6] فقلت: أعوذ بالله من ذلك، ثم: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ * جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ [البينة:7-8]، فتقول: أسأل الله من فضله أن يجعلني منهم وما أشبه ذلك، فإن هذا في النفل ولا سيما في قيام الليل سنة، لفعل النبي صلى الله عليه وسلم لها، أما في الفرض فإنه مباح، إن فعله الإنسان فلا إثم عليه، وإن تركه فلا إثم عليه.
مداخلة: هل هناك حرج أو كراهية أن يداوم المصلي على قراءة سورٍ معينة في الصبح وكذا في الظهر، وهل يشترط أن تكون على ترتيب القرآن الكريم؟
الشيخ: لا حرج على الإنسان أن يلزم سورة معينة يقرأ بها في الصلاة إذا لم يعتقد أن ذلك سنة، ولكن في الصلاة الجهرية إذا التزم سورةً معينة في صلاةٍ معينة، فإن الناس يظنونها سنة، فيكون في ذلك تلبيس على الناس فلا يفعل، لكن فيما بينه وبين نفسه إذا لم يتخذها سنة فلا حرج عليه.
وينبغي أن يعلم أن هناك سوراً معينة يقرأها الإنسان في صلوات معينة، مثل سورة: ألم تنزيل السجدة، و: هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ [الإنسان:1] في صلاة الفجر من يوم الجمعة، ومثل: ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ [ق:1] و: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ [القمر:1] في صلاة العيدين، أو: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1] و: هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ [الغاشية:1] ، ومثل سورة الجمعة والمنافقين في صلاة الجمعة، أو سورة سبح والغاشية أيضاً، فهذه السور التي عينها رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلوات معينة، إذا حافظ عليها الإنسان فلا حرج عليه، بل ذلك من السنة لتبين للناس أن هذه السور المعينة في تلك الصلوات من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأما قول السائل: هل يشترط أن تكون على ترتيب المصحف؟ فإن أراد الآيات فإنه لا بد أن تكون على ترتيب المصحف، لأن ترتيب الآيات توقيفي بنصٍ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمثلاً: لا يقرأ قول الله تعالى: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1] .. إِلَهِ النَّاسِ [الناس:3] .. مَلِكِ النَّاسِ [الناس:2] ، بل يجب أن يرتب الآيات كما هي، فيقول: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ [الناس:1-3]، وهكذا بقية الآيات في القرآن الكريم لا بد أن يقرأها مرتبة، لما أشرنا إليه آنفاً من كون ترتيب الآيات توقيفياً بنص الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأما ترتيب السور فما وردت به السنة مرتباً فليرتبه، مثل سورة: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1]، و: هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ [الغاشية:1]، ومثل سورة الجمعة والمنافقين، فهذه وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم مرتبة فتقرأ مرتبة، وما لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم مرتباً، فإن أهل العلم يقولون: إنه يكره أن يخالف ترتيب المصحف، فلا يقرأ: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:1] قبل: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، ولا يقرأ سورة الماعون قبل سورة الفيل، لأن ذلك خلاف ما عمل به الصحابة رضي الله عنهم حين وحد عثمان رضي الله عنه المصحف على هذا الترتيب المعروف.
الجواب: قبل الإجابة على هذا السؤال أود أن أذكر إخواني المستمعين بأن النذر مكروه، بل حرمه بعض أهل العلم لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عنه، وقوله: ( إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل ) ، والنذر لا يرد قضاءً ولا يوجد معدوماً، بل تجد الناذر إذا نذر شيئاً تعب في تنفيذه إذا لزمه، وهذا مما يؤكد أن النذر إما مكروه وإما محرم.
وأما الجواب على سؤال السائل: فإن هذه المرأة نذرت نذر طاعة معلقاً بشرط، ونذر الطاعة المعلق بشرط يجب الوفاء به؛ لقول الله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ [التوبة:75-77] .
وهذه المرأة التي نذرت أن تصوم كل يوم إثنين وخميس يلزمها أن تصوم كل يوم إثنين وخميس، لأن صيامهما طاعة لله عز وجل، فإن تركت ذلك ولم تفِ به فهي آثمة وهي على خطرٍ عظيم، يوشك أن يعقبها الله نفاقًا في قلبها إلى يوم تلقاه والعياذ بالله، وعليها أن تقضي الصوم إذا صادف يوم حيضها، وإن كفرت مع ذلك كفارة اليمين لفوات الوقت كان أولى وأحوط.
الجواب: قولك للقاضي حين سألك: أهو قريب لك: لا، يعني: ليس بقريبٍ لك، قول صحيح وليس فيه كذب، فإن أبا الزوجة ليس قريباً لزوجها، ولكنه صهره أبو زوجته، وقولك: إنه جارك هذا صحيح، وعليه فلا تشغل هذه المسألة بالك لأنها حق وصدق.
الجواب: صلاة التسبيح وردت في الأحاديث المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنها أحاديث ضعيفة لا تقوم بها حجة، بل قال شيخ الإسلام : إنها كذب ولم يستحبها أحد من الأئمة، وهذه الصلاة كما أن أحاديثها ضعيفة فهي أيضاً شاذة، لأنه لا نظير لها في الصلوات، وهي شاذة من حيث الأداء، فإنه لا نظير لها في الأعمال، إذ أن الحديث الوارد فيها يقتضي أن تفعل كل يوم أو كل أسبوع أو كل شهر أو كل عام أو في العمر مرة، ثم لو كانت صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم لكانت مشهورة ولتناقلها الناس ولم تكن تأتي بمثل هذه الطرق الضعيفة، لأنها صلاة غريبة، والعادة أن الغرائب تنقل وتبين، ولأنها صلاة فيها فائدة عظيمة لو صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم، فالراجح عندي من أقوال أهل العلم: أنها لا تشرع ولا تستحب لضعف أحاديثها، ونكارة فعلها، ومعنى قولي: نكارة فعلها، أي: أن فعلها لا نظير له في الصلوات.
الجواب: هذا يوجه فيه جواب إلى كلٍ من الإمام والمأموم.
أما الإمام: فإنه ينبغي له أن يسكت سكتة لطيفة بعد قراءة الفاتحة وقبل قراءة السورة التي بعدها، كما روي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه، وهو حديث حسن، بل وصفه الحافظ ابن حجر في فتح الباري: بأنه ثابت، ولأنه إذا سكت هذه السكتة اللطيفة شرع المأموم في قراءة الفاتحة واستمر عليها، وأما سكوته سكوتاً طويلاً حتى يقرأ المأموم الفاتحة، فإن هذا لا دليل عليه من السنة فيما أعلم.
فإذا شرعت في الفاتحة - وهذا الذي يوجه إلى المأموم - فاستمر عليها وأتمها ولو كان إمامك يقرأ، لأن عبادة بن الصامت رضي الله عنه ذكر: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم صلاة الصبح وكانوا يقرءون معه، فلما انصرف قال لهم: لعلكم تقرءون خلف إمامكم؟ قالوا: نعم، قال: لا تفعلوا إلا بأم القرآن، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها ) ، فالمأموم يقرأ الفاتحة ولو كان إمامه يقرأ.
أما ما سوى الفاتحة فلا يقرأه المأموم إذا كان يسمع قراءة إمامه، ولا تسقط الفاتحة عن المأموم إلا في حالة واحدة فقط، وهي: ما إذا جاء والإمام راكع، فإنه في هذه الحال يكبر تكبيرة الإحرام ويركع مع الإمام حتى لا تفوته الركعة، وتكبيرة الإحرام هنا واجبة بل ركن لا تنعقد الصلاة إلا بها، فيكبر وهو قائم معتدل، ثم إن كبر عند هويه إلى الركوع فهو أفضل وإن لم يفعل فلا حرج، فالمسبوق الذي يأتي والإمام راكع تسقط عنه الفاتحة.
وكذلك لو أتى ودخل مع الإمام وشرع في قراءة الفاتحة ثم ركع الإمام، وخاف إن أتم الفاتحة أن تفوته الركعة، ففي هذه الحال يركع مع الإمام وتسقط عنه الفاتحة، ودليل ذلك: حديث أبي بكرة رضي الله عنه: ( أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع في المسجد، فأسرع رضي الله عنه ودخل في الصلاة قبل أن يصل إلى الصف، فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم سأل عن الفاعل، فقال
والذي فعله أبو بكرة رضي الله عنه ثلاثة أمور:
أولاً: أنه أسرع.
والثاني: أنه ركع قبل أن يدخل في الصف.
والثالث: أنه ركع مع النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يقرأ الفاتحة واعتد بالركعة، ولننظر إلى أي شيءٍ يعود النهي من هذه الثلاثة، وذلك بأن نرجع إلى السنة، فإذا رجعنا إلى السنة وجدنا أنه يعود إلى الأمرين الأولين، وهما: الإسراع، والدخول مع الجماعة قبل الوصول إلى الصف.
أما الأول: فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار ولا تسرعوا، وما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا ) ، فقال: ولا تسرعوا، وأما الثاني فلأن المصافة واجبة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا صلاة لمنفردٍ خلف الصف ) ، فإذا دخل في الصلاة قبل أن يصل الصف فقد دخل في الصلاة قبل أن يقوم بواجب المصافة، وأما الثالث: أنه دخل مع النبي صلى الله عليه وسلم حيثما أدركه، فهذا لا نهي فيه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا ) ، وبهذا التقرير يتبين أن الفاتحة تسقط عن المأموم في مثل هذه الحال.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر