الجواب: الوضوء لا بد فيه من أن يغسل الإنسان وجهه، ومن ذلك: المضمضة والاستنشاق، وأن يغسل يديه من أطراف أصابعه إلى المرفقين، وأن يمسح جميع رأسه وبأذنيه، وأن يغسل رجليه، فإذا لم تتم هذه الطهارة على هذا الوجه فإنها طهارة غير صحيحة، ولا تصح بها الصلاة.
وأما المسح على النعل فإنه لا يجوز، بل لا بد من خلع النعل وغسل الرجل، أما الخف وهو ما يستر الرجل فإنه يجوز المسح عليه، سواء كان من جلد أو قطن أو صوف أو غيرها، بشرط: أن يكون مما يحل لبسه، أما إذا كان مما يحرم لبسه كالحرير على الرجل، يعني: لو لبس جراباً من الحرير فإنه لا يجوز له أن يمسح عليه لأنه محرم عليه لبسه، فإذا كان مباحاً جاز المسح عليه إذا لبسه على طهارة، وكان في المدة المقررة شرعاً، وهي يوم وليلة للمقيم، وثلاثة أيامٍ بلياليها للمسافر، تبتدئ هذه المدة من أول مرةٍ مسح، وتنتهي بتمام أربعٍ وعشرين ساعة بالنسبة للمقيم، واثنتين وسبعين ساعة بالنسبة للمسافر.
الجواب: لا بأس أن يصلي الإنسان بالوضوء أربع صلوات أو أكثر.
المقدم: لكن الأفضل أن يتوضأ أم يستمر على وضوئه؟
الشيخ: إن توضأ عند كل صلاة فهو أحسن وأفضل لأنه تجديد للوضوء، وإذا لم يتوضأ فلا حرج عليه، فقد ثبت ذلك من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الجواب: هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، فمنهم من يرى أنه يجب على المأمومين في هذه الحال أن يستأنفوا الصلاة من جديد، لأن إمامهم لا تصح صلاته، وإذا لم تصح صلاة الإمام لم تصح صلاة المأمومين، إلا إذا بقي ناسياً حدثه حتى انتهت الصلاة، فإن صلاة المأمومين حينئذٍ تصح.. هذا قول.
والقول الثاني: أن صلاة المأمومين صحيحة في هذه الحال، وذلك لأن المأمومين معذورون، لم يطلعوا على حدث الإمام وهم غير مكلفين بما لا يعلمون؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286] ، فهم مأمورون بأن يجعلوا لهم إماماً وأن يقتدوا بإمامهم، وفعلاً جعلوا لهم إماماً واقتدوا بإمامهم، وكون الإمام تذكر حدثه هذا أمر يتعلق به نفسه، فهو يجب عليه أن يستأنف الصلاة من جديد، أما المأمومون فإنهم لا يستأنفون الصلاة من جديد وإنما يستمرون بصلاتهم يتمونها، ويبنون على ما مضى من صلاتهم، سواء أتموها فرادى أم قدموا واحداً منهم، أم قدمه الإمام الذاهب كما في هذه المسألة التي سأل عنها الأخ، ففعلهم هذا صحيح إن شاء الله ولا حرج فيه، وهذا القول هو الراجح لأنه أقوى تعليلاً.
المقدم: لكن لو حدث مثلاً انقطاع الوضوء أثناء الصلاة فلا شيء في ذلك؟
الشيخ: كذلك أيضاً لو حدث في أثناء الصلاة انقطاع وضوء الإمام، فإنه إن قدم بهم أحداً أتموها خلف هذا الرجل الذي تقدم، وإن لم يقدم قدموا أحدهم أو أتموها فرادى.
الجواب: إذا صلى الإنسان فريضته منفرداً ثم حضر جماعة بعد تمام صلاته، فقد أدى الفريضة بصلاته الأولى، ولكنه يستحب أن يعيد الصلاة مع هؤلاء الجماعة الذين حضروا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم، فإنها لكما نافلة ) ، فعلى هذا نقول: تعيد الصلاة مع هؤلاء الحاضرين، وتكون الصلاة الثانية نفلاً، أما الصلاة الأولى فإنها فرض.
الجواب: سميت بأمهات المؤمنين من باب الاحترام والتعظيم، وليس يترتب على هذه الأمية شيء من تحريمٍ أو تحليل سوى الاحترام، فإنه يجب على المسلمين احترامهن، لأنهن أمهاتهم، وأما تحريم نكاحهن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذلك من باب تعظيم حرمة النبي صلى الله عليه وسلم حيث لا تحل أزواجه لمن بعده أبداً، ولهذا جعل الشارع أربعة أشهرٍ وعشرة أيام لمن توفي عنها زوجها احتراماً لحق الزوج الميت، فإن ذلك من باب حقوق الميت، ويدل على هذا أن المرأة تتربص أربعة أشهر وعشراً، سواء كانت من ذوات الحيض أم من الآيسات، ولا يرد على هذا أن الحامل تنتهي عدتها إذا مات زوجها بوضع الحمل ولو في أقل من أربعة أشهر، لأننا نقول: لما انقضت العدة انفصلت من الزوج وبانت منه، فلم يبق للزوج تعلق بها، فلهذا تنقضي العدة في وضع الحمل.
الجواب: نرى حيال ذلك: أن هذا من الأمر المنكر، لما فيه من إضاعة المال ومن الاجتماع الذي ينافي في الحقيقة حالة الموت وحالة الحزن، لأنه بين أمرين: إما أن يحصل نياحة وندب وأحزان متوالية فهذا خلاف الشرع، وليس هذا من العزاء في شيء، لأن العزاء معناه: تعزية الإنسان - أي: تصبيره وإعانته على الصبر على ما أصابه من هذه المصيبة - وليس المراد بالتعزية: تهييج الأحزان عليه بالنياحة والندب وشبهها، وإما أن يكون هذا الاجتماع اجتماع فرحٍ ولهوٍ ومعارفة وضحك ونحو ذلك، فهذا أيضاً ينافي حال الموت، وما ينبغي أن يكون الإنسان عليه في مثل هذه الحال، فدين الله بين الغالي فيه والجافي عنه والدين وسط.
ومما يحصل من مضار هذا الاجتماع: إضاعة الأموال الكثيرة فيه، فإنه كما ذكر السائل يقول: كل ذبيحةٍ وراء ذبيحة، وكذلك أيضاً ما يحصل من هذه التلزيمات بل الإرغامات على الأكل حتى إنه كما ذكرت يحلف بالطلاق ليأكلن، وهذا أيضاً من العمل الذي لا ينبغي، فإن الحلف يجب أن يكون بالله عز وجل: ( من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت ) ، ولا ينبغي للإنسان أن يأتي بصيغةٍ أخرى تدل على الحلف غير اليمين بالله عز وجل إذا دعت الحاجة إليه.
المهم: أن هذا أمر منكر، وأن الواجب على أهل الميت الصبر والاحتساب وأن يتعزوا بما أثنى الله على فاعله: الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ [البقرة:156]، لكن قد يقول قائل: إن الله ما أمر بهذه الآية بهذا القول، نقول: إن الثناء على الفاعل أو القائل يدل على أن هذا الفعل أو القول أمر مطلوب، وكذلك أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن: ( من أصيب بمصيبة ثم قال: اللهم آجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها إلا آجره الله في مصيبته وأخلف له خيراً منها )، فهذه حال المصاب، ينبغي أن يستعمل ما دلت الشريعة على استعماله من قولٍ أو فعل، أما الاجتماع المذكور فإنه حرام؛ لما يفضي إليه من هذه المفاسد.
الجواب: عمل هؤلاء في الحقيقة محرم، لأنهم تركوا ما يجب عليهم من إقامة الجماعة في المساجد، والواجب على المسلم أن يقيم الصلاة جماعةً في مساجد المسلمين، لأن هذا هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، أن يقيموا صلاة الجماعة في المساجد، فهذا هو الواجب على كل مسلم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ [الجمعة:9]، وهكذا أيضاً إذا نودي لها من غير يوم الجمعة، فإنه يجب على المسلمين أن يأتوا إلى هذه المساجد التي بنيت لإقامة الجماعة، وقد هم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحرق المتخلفين عن الجماعة بالنار.
أما بالنسبة لعمل الهيئة نحوهم، فإن الهيئة يجب عليها أن تلزمهم بالصلاة مع الجماعة في المساجد، فمن رأته واقفاً عند دكانه ألزمته بأن يصلي مع الجماعة، ومن علمت أنه يغلق الدكان على نفسه، كذلك أرغمته على أن يخرج من دكانه ويحضر الجماعة، وأما من أغلق دكانه على نفسه والناس لا يعلمون به فهذا أمره إلى الله، وبالنسبة للهيئة وغيرهم لا يلزم عليهم أن يدقوا الدكاكين وينظروا هل فيها أحد، ولكن إذا تبين وعلم أن هذا الرجل يختفي في دكانه وجب عليهم أن يفتحوا الدكان وأن يخرجوه ويلزموه بالجماعة، وما خفي عليهم - أي: على الهيئة أو على غيرهم من المسلمين - فإنه أمره لله سبحانه وتعالى.
وتخصيص الأخ الهيئة في هذا الأمر أيضاً فيه نظر، فإن تغيير المنكر ليس خاصاً بالهيئة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه )، وقوله: (من رأى منكم) اسم شرط، وأسماء الشرط كلها دالة على العموم، فكل من رأى منكراً وجب عليه أن يغيره بهذه المراتب الثلاث: (بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه)، لكن يجب على الهيئة ما لا يجب على غيرها، يعني: يتأكد وجوب عمل الهيئة أكثر من غيرهم، لأن معهم سلطة من الدولة، فهم يتمكنون من تغيير المنكر أكثر مما يتمكن غيرهم.
المقدم: لكن قال: اللهم إني بلغت، هل إذا أرسل لنا رسالة تبرأ نفسه، أو يبرأ من هؤلاء الذي يشاهد وهم يغلقون على أنفسهم الدكاكين، أو يقفون عند دكاكينهم؟
الشيخ: هو في الحقيقة بلغ نورًا على الدرب، لكنه ما بلغ الجهة التي يمكنها أن تنفذ ما يريد، والذي نرى أنه لا يكتفى بهذا التبليغ، بل لا بد أن يكتب إلى الجهات المسئولة عن هذا الأمر، إلى رئيس الهيئة في بلده، أو إلى الرئيس العام للهيئات في الرياض لإخباره بالموضوع، ولعله ينتفع به أهل بلده وغيرهم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر