الجواب: دعاء الاستخارة مشروع أمر به النبي صلى الله عليه وسلم في كل أمرٍ يهم به الإنسان ولا يتضح له فيه وجه الصواب، مثل: أن يهم بسفر أو بشراء بيت أو سيارة أو زواج أو ما أشبه ذلك من الأمور التي يتردد فيها ولا يتبين له فيها وجه الصواب، فإنه يصلي ركعتين ويسلم، ثم يدعو الله سبحانه وتعالى بالدعاء الذي أمر به النبي عليه الصلاة والسلام: ( اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تعلم ولا أعلم، وتقدر ولا أقدر، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كان هذا الأمر - ويسميه - خيراً لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه - شراً لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به ).
فإذا قام الإنسان بهذا العمل وتبين له وجه الصواب فعله، وإن لم يتبين بل بقي الأمر مشكلاً ولم يزل متردداً فيه، فليعد الاستخارة مرةً أخرى ومرة ثالثة حتى يتبين له وجه الصواب، ولا بأس حينئذٍ أن يستشير من يعلم منه النصح والأمانة والمعرفة حتى يزيده من الإقدام أو الإحجام، وقد قيل: ما ندم من استشار، ولا خاب من استخار.
الجواب: المرأة الحائض لا يجوز لها أن تمكث في المسجد، فأما مرورها بالمسجد فلا بأس به، بشرط أن تأمن تلويث المسجد مما يخرج منها من الدم، وإذا كان لا يجوز لها أن تبقى في المسجد، فإنه لا يحل لها أن تذهب لتستمع إلى حلق الذكر وقراءة القرآن، اللهم إلا أن يكون هناك موضع خارج المسجد يصل إليه الصوت بواسطة مكبر الصوت فهذا لا بأس به، أي: لا بأس أن تستمع المرأة إلى الذكر وقراءة القرآن، كما ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام: ( أنه كان يتكئ في حجر
الجواب: عمل المرأة في المكاتب لا يخلو من حالين:
الحال الأولى: أن تكون المكاتب خاصة بالنساء، مثل: أن يكون للنساء مكتب في توجيه مدارس البنات أو ما أشبه ذلك، ولا يحضره إلا النساء، فإن عملها في هذا المكتب لا بأس به.
الحالة الثانية: إذا كان المكتب يختلط فيه الرجال، فإنه لا يجوز للمرأة أن تعمل عملاً يكون الرجل شريكاً لها فيه، وهما في مكانٍ واحدٍ، وذلك لما يحصل من الفتنة باختلاط النساء بالرجال، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم أمته من فتنة النساء، وأخبر أنه ما ترك بعده فتنة أضر على الرجال منها، حتى في أماكن العبادة رغب النبي صلى الله عليه وسلم في بعد المرأة عن الرجل، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: ( خير صفوف النساء آخرها وشرها أولها ) ، لأن أولها قريب من الرجال فكان شرها، وآخرها بعيد من الرجال فكان خيرها.
وهذا دليل واضح على أن للشارع نظراً في بعد المرأة عن الاختلاط بالرجل، ومن تدبر أحوال الأمم تبين له أن في اختلاط النساء بالرجال فتنة عظيمة، لا يزالون يئنون منها ولكن لا يمكنهم الخلاص الآن، قد اتسع الخرق على الراقع.
الجواب: الذي أعلمه من الشرع أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن النائحة والمستمعة، والنائحة: هي التي تبكي على الميت برنة تشبه نوح الحمام، وإنما لعنها النبي عليه الصلاة والسلام لما يترتب على النوح من تعاظم المصيبة، وشدة الندم، وإلقاء الشيطان في قلوب النساء ما يلقيه من التسخط على قدر الله عز وجل وقضائه، وهذه الاجتماعات التي تكون بعد موت الميت يكون فيها الندب والنياحة، كلها اجتماعات محرمة.. اجتماعات على كبائر الذنوب، فالواجب على المسلمين الرضاء بقضاء الله وقدره، وإذا أصيب الإنسان بالمصيبة فليقل: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم آجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها، فإن الإنسان إذا قال ذلك بصدق نية وتصديقاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن الله سبحانه وتعالى يخلف عليه خيراً من مصيبته ويأجره عليها.
ولقد جرى ذلك لأم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها، حين مات عنها زوجها أبو سلمة فقالت رضي الله عنها مؤمنة مصدقة بكلام النبي عليه الصلاة والسلام، قالت هذا القول: اللهم آجرني في مصيبتي واخلف لي خيرًا منها، فماذا كان؟ أخلف الله لها خيراً منها، فإنها حين انقضت عدتها تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم، فكان النبي صلى الله عليه وسلم خيراً لها من أبي سلمة ، والأجر عند الله سبحانه وتعالى، فوظيفة الإنسان عند المصائب الصبر والتحمل واحتساب الأجر من الله سبحانه وتعالى، أما هذه المجتمعات المشتملة على الندب والنياحة فإنها اجتماعات محرمة يجب على المسلمين إنكارها والبعد عنها.
الجواب: هذا السؤال يتضمن عدة أسئلة، أولاً: افتتاح المحاضرات والندوات بالقرآن الكريم، هل هذا من الأمور المشروعة؟
لا أعلم في هذا سنةً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والنبي عليه الصلاة والسلام كان يجمع أصحابه كثيراً حين يريد الغزو أو للأمور المهمة التي تهم المسلمين، ولا أعلم أنه صلى الله عليه وسلم كان يفتتح هذه الاجتماعات بشيءٍ من القرآن.
لكن لو كانت المحاضرة أو الندوة تشتمل على موضوع معين، وأراد أحد أن يقرأ شيئاً من الآيات التي تتعلق بهذا الموضوع ليكون بها افتتاح ذلك الموضوع، فإن هذا لا بأس به، وأما اتخاذ افتتاح المحاضرات والندوات بآيات من القرآن دائماً كأنها سنة مشروعة فهذا لا ينبغي.
المسألة الثانية في هذا السؤال: كون المرأة تقرأ القرآن بمكبر الصوت، فيسمعها الناس من قريب ومن بعيد حيث ينتهي مدى صوت هذا المكبر، هذا أمر لا ينبغي، لأن المرأة مأمورة بالتستر والاختفاء عن الرجال، وكونها تعلن صوتها بمكبر الصوت ينافي ذلك.
وأما المسألة الثالثة في السؤال فهي: هل صوت المرأة عورة؟
والجواب: أن صوت المرأة ليس بعورة، فإن النساء كن يأتين إلى الرسول عليه الصلاة والسلام يسألنه بحضرة الرجال، ولم ينكر صلى الله عليه وسلم عليهن ذلك، ولو كان صوتها عورة لأنكره النبي عليه الصلاة والسلام، فصوت المرأة ليس بعورة، لكن لا يجوز للرجل أن يتلذذ به، سواء كان ذلك التلذذ تلذذ شهوة جنسية، أو تلذذ استمتاع وراحة نفس، وإنما يستمع إليها بقدر ما تدعو الحاجة إليه فقط إذا كانت أجنبية منه.
الجواب: ليس عليها إثم في هذا التأخير ما دامت تصلي الصلاة قبل خروج وقتها، ومن المعلوم أن وقت المغرب يمتد إلى دخول وقت العشاء، أي: إلى ما بعد ساعة وربع ونحوها من غروب الشمس، قد يصل أحياناً إلى ساعة وثلاثين دقيقة، وقد يقصر حتى يكون ساعة وربع ساعة، المهم أن تأخير صلاة المغرب عن أول وقتها من أجل استماع هذا البرنامج لا بأس به، لأن استماع هذا البرنامج وغيره من البرامج الدينية استماع إلى حلقة علم، ولا يخفى على أحد فضل طلب العلم والتماسه، حتى قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة ) ، وطلب العلم من أفضل العبادات والقربات، حتى قال الإمام أحمد : العلم لا يعدله شيء لمن صحت نيته، قالوا: كيف تصح النية يا أبا عبد الله ؟ قال: ينوي رفع الجهل عن نفسه وعن غيره.
وطلب العلم نوع من الجهاد في سبيل الله، لأن دين الله عز وجل قام بأمرين: بالعلم والقتال، لمن ناوءه وقام ضده، وإذا علم الله عز وجل من نية هذه المرأة المستمعة أنه لولا طلبها الاستماع لهذا البرنامج لصلت في أول الوقت، فإنها قد تثاب ثواب من صلى في أول الوقت، لأنها إنما أخرت الصلاة لمصلحةٍ شرعية، قد تكون أفضل من تقديم الصلاة في أول وقتها.
الجواب: هذه المشكلة التي حكاها السائل تقع كثيراً بين أهل الرجل وزوجته، والذي ينبغي في مثل هذه الحال أن يحاول الرجل الالتئام بين وزوجته وأهله والائتلاف بقدر الإمكان، وأن يؤنب من كان منهم ظالماً معتدياً على حق أخيه على وجهٍ لبق ولين حتى تحصل الألفة والاجتماع، فإن الاجتماع والألفة كلها خير، فإذا لم يمكن الإصلاح والالتئام فلا حرج عليه أن ينعزل في مسكنٍ وحده، بل قد يكون ذلك أصلح وأنفع للجميع، حتى يزول ما في قلوب بعضهم على بعض، وفي هذه الحال لا يقاطع أهله، بل يتصل بهم كل يوم ويحسن أن يكون البيت الذي ينفرد به هو وزوجته قريباً من بيت أهله، حتى تسهل مراجعتهم ومواصلتهم، فإذا قام بما يجب عليه نحو أهله ونحو زوجته مع انفراده مع زوجته في مسكنٍ واحد، حيث تعذر أن يسكن الجميع في محلٍ واحد، فإن هذا خير وأولى.
الجواب: قبل الإجابة على سؤالها، أقول: إن هذه العبارات التي سبقت سؤالها تدل على إيمانها ومحبتها لأهل الخير، وإني أقول: إن من أوثق عرى الإيمان أن يحب الإنسان في الله ويبغض في الله، ويوالي في الله ويعادي في الله، والمحبة في الله عز وجل أقوى من كل رابطة، وليت المؤمنين يصدقون هذه المحبة ويعطونها حقها من الألفة والتعاون على البر والتقوى، وتنشيط بعضهم بعضاً فيما يقرب إلى الله سبحانه وتعالى، وإزالة كل ما يعوق دون تحصيل ذلك من الخلافات التي قد تكون مساغاً للاجتهاد الذي يعذر فيه المخالف، فالمحبة في الله عز وجل لها تأثير عظيم على سلوك الإنسان وعلى إصلاح المجتمع.
أما بالنسبة لسؤالها: وهي أن تصلي وهي حاملة طفلها، فإن ذلك لا بأس به أن تحمل المرأة طفلها إذا كان طاهراً واحتاج إلى حملها، لكونه يصيح ويشغلها عن صلاتها إذا لم تحمله، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يصلي في الناس وهو حاملها صلى الله عليه وسلم، إذا قام حملها وإذا سجد وضعها، فإذا فعلت المرأة في ذلك في طفلها فلا بأس به، لكن الأفضل ألا تفعل إلا إذا دعت الحاجة إلى ذلك.
الجواب: قبل الجواب على هذا السؤال أود أن أبين أن الرضاع المحرم هو ما كان خمس رضعات معلومات في الحولين قبل الفطام، فما دون الخمس فلا أثر له، فلو أن طفلاً ارتضع من امرأة أربع رضعات لم يكن ابناً لها، لأنه لابد من خمس رضعات، كما ثبت ذلك في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها، وإذا تبين ذلك فإن هذا الرجل الذي رضع من جدتك لا يكون خالًا لك إلا إذا تمت فيه شروط الرضاعة، وإذا كان خالًا لك فإن ابنة خالك التي تريد أن تتزوجها تحل لك ولو رضعت من امرأة هذا الرجل الذي رضع مع خالك من جدتك، وذلك لأن الرضاع لا ينتشر فيه التحريم إلا إلى المرتضع وذريته فقط، وأما أقاربه - أي: أقارب المرتضع من الأصول أو الحواشي - فإن الرضاع لا ينتشر إليهم.
الجواب: لا أدري ماذا يريد السائل بسؤاله هذا: هل يريد أن الرؤيا تثبت بها الأحكام الشرعية أم لا؟
والجواب على ذلك: أن الرؤيا الصالحة التي تصدق وتقع هذه تكون جزءاً من ستة وأربعين جزءاً من النبوة، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وأما إثبات الأحكام الشرعية بالرؤيا، فإن أقرها الشرع - ولا يكون ذلك إلا في حياة النبي عليه الصلاة والسلام - ثبت الشرع بها لكن بإقرار الشارع لها، وذلك كإقرار النبي صلى الله عليه وسلم الأذان الذي رآه عبد الله بن زيد بن عبد ربه .
وهذا الحديث الذي أشار إليه السائل حيث قال عليه الصلاة والسلام: ( أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر ) .
قال العلماء: وتثبت الأحكام بالرؤيا إذا دلت القرائن عليها، ولكنه لا يتغير بها شيء من أحكام الشرع، وإنما تنفذ حسب ما تقتضيه الشريعة، وضربوا لذلك مثلاً برؤيا ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه، حين رؤي في المنام بعد استشهاده في اليمامة، وذكر رضي الله عنه ما جرى بعد استشهاده وأوصى بوصية، فلما بلغ ذلك أبو بكر رضي الله عنه نفذ وصيته، لأنه ذكر أشياء قد ثبتت بالفعل حسب ما ذكرها، فكان ذلك قرينة على صدق هذه الرؤيا، فنفذ وصيته رضي الله عنه بعد وفاته.
والمهم أن الأحكام الشرعية لا تثبت بالمرائي أبداً، إلا إذا أقرها الشرع، وذلك لا يكون إلا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقط، أما بعده فإنما الرؤيا مهما كانت لا يمكن أن يتغير بها حكم شرعي أبداً.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر