الجواب: لقد قرأت هذه الرسالة وتبين لي ما فيها تماماً، وجوابي عليها أن أقول لهذه المرأة: إن التوبة تجب ما قبلها مهما عظم الذنب، فإن الله عز وجل يقول في كتابه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53] ، ويقول تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الفرقان:68-70]، فكل ما حصل على الإنسان من ذنب، فإن الله تعالى يتوب عليه منه إذا تاب لله توبةً نصوحاً.
والتوبة النصوح: هي التي جمعت شروطاً خمسة:
أحدها: الإخلاص لله عز وجل، بأن يكون الباعث له على التوبة مخافة الله ورجاء ثوابه، لا مخافة المخلوقين ورجاء الجاه والرئاسة والمال.
الثاني: الندم على ما وقع منه من الذنب والمعصية، بحيث يشعر في نفسه بالغم والهم والحسرة على ما مضى، لا أن يكون الأمر عنده سواءً الفعل والترك.
الثالث: الإقلاع عن الذنب في الحال، فإن كان معصيةً نزع منها وتركها، وإن كان ترك واجب قام به على الفور إذا كان مما يمكن تلافيه.
الرابع: العزم على ألا يعود في المستقبل، بحيث يعقد النية المصممة على ألا يعود إلى هذا الذنب في المستقبل، فإن عاد إليه فيما بعد، بأن سولت له نفسه أن يعود، فإن التوبة الأولى لا تنتقض، ولكن يجب عليه أن يتوب مرة ثانية من فعله المرة الثانية.
الخامس: أن تكون التوبة في الوقت الذي تقبل فيه، وذلك بأن تكون قبل طلوع الشمس من مغربها، وقبل حضور الأجل، أما إن كانت بعد حلول الأجل أو بعد طلوع الشمس من مغربها فإنها لا تقبل، لقول الله تعالى: وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ [النساء:18] ، ولقوله تعالى: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا [الأنعام:158] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تخرج الشمس من مغربها ) .
فهذه الشروط الخمسة إذا تمت صارت التوبة نصوحاً وقبلها الله عز وجل، فإذا تاب الإنسان وآمن وعمل عملاً صالحاً، فإن الله تعالى يبدل سيئاته حسنات، والتمسي زوجاً يكون مرضياً في خلقه ودينه، لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: ( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ) ، وسيبدل الله تعالى ذلك الهم الذي نزل فيك إذا تحققت التوبة.. سيبدله الله فرحاً وسروراً.
الجواب: من المعلوم أن الجماع من محظورات الإحرام، بل هو أعظم محظورات الإحرام، قال الله تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة:197] ، والرفث: هو الجماع ومقدماته، فالجماع أعظم محظورات الإحرام، وإذا جامع الإنسان وهو محرم بالحج، فإما أن يكون قبل التحلل الأول أو بعد التحلل الأول، فإن كان قبل التحلل الأول ترتب على جماعه أمور:
أولاً: فساد النسك، بحيث لا يجزئه عن نافلة ولا فريضة.
ثانياً: وجوب المضي فيه، أي: أنه مع فساده يستمر فيه ويكمله، ويبقى هذا النسك الفاسد كالنسك الصحيح في جميع أحكامه.
ثالثاً: يجب عليه القضاء من العام القادم، سواءً كان ذلك الحج فريضة أم نافلة، أما إذا كان فريضة فوجوب القضاء ظاهر، لأن الحج الذي جامع فيه لم تبرأ به ذمته، وأما إذا كان نافلة، فلأن نافلة الحج يجب المضي فيها، لقوله تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196] ، وقد سمى الله تعالى الحج نذراً، فقال: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ [الحج:29] ، بل قال الله تعالى: فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة:197] ، فسمى الله تعالى التلبس بالحج فرضاً، فلهذا قلنا: إنه يجب عليه قضاء هذا الحج الفاسد سواءً كان فرضاً أو نفلاً.
الأمر الرابع مما يترتب عليه: أن يذبح بدنة كفارةً عن فعله ويوزعها على الفقراء، وإن ذبح عنها سبعًا من الغنم فلا بأس، هذا حكم الجماع قبل التحلل الأول.
أما إذا كان بعد التحلل الأول، فإنه يترتب عليه فساد الإحرام فقط، وعليه شاة يذبحها ويوزعها على الفقراء، أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من البر أو غيره، أو يصوم ثلاثة أيام، يخير بين هذه الثلاثة: إما شاة، أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، أو صيام ثلاثة أيام، ويجدد الإحرام فيذهب إلى أدنى الحل ويحرم منه، ليطوف طواف الإفاضة محرماً.
والتحلل الأول يكون برمي جمرة العقبة يوم العيد والحلق أو التقصير، فإذا رمى الإنسان جمرة العقبة يوم العيد وحلق أو قصر فقد حلل التحلل الأول، وأحل من كل المحظورات إلا من النساء، قالت عائشة رضي الله عنها: ( كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت )، وهذا الحديث دليل على أن الإحلال يليه الطواف بالبيت، وهو يقتضي أن يكون الحلق سابقاً على الإحلال، كما قررناه قبل قليل: بأن التحلل الأول يكون برمي جمرة العقبة يوم العيد مع الحلق أو التقصير.
فالجماع الذي قبل ذلك يترتب عليه الأمور الأربعة التي ذكرناها آنفاً، والذي بعد ذلك يترتب عليه ما ذكرناه من فساد الإحرام دون النسك، ووجوب فدية أو إطعام أو صيام، ولكن إذا كان هذا الإنسان جاهلاً، بمعنى: أنه لا يدري أن هذا الشيء حرام، فإنه لا شيء عليه، سواءً كان ذلك قبل التحلل الأول أو بعده، لأن الله عز وجل يقول: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] ، فقال الله: قد فعلت، ويقول: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ [الأحزاب:5] .
ولكن لو قال قائل: إنه إذا كان هذا الرجل عالماً بأن الجماع حرام في حال الإحرام، لكن لم يظن أنه يترتب عليه كل هذه الأمور، ولو ظن أنه يترتب عليه كل هذه الأمور ما فعلها، فهل هذا عذر؟ فالجواب: لا، ليس هذا بعذر، إنما العذر أن يكون الإنسان جاهلاً بالحكم ولا يدري أن هذا الشيء حرام، وأما الجهل بما يترتب على الفعل فليس بعذر، ولذلك لو أن رجلاً محصناً يعلم أن الزنا حرام وهو بالغ عاقل قد تمت شروط الإحصان في حقه، لوجب عليه الرجم، لكن لو قال لنا: أنا لم أعلم أن الحد هو الرجم، ولو علمت أن الحد هو الرجم ما فعلت، قلنا له: هذا ليس بعذر، فعليك الرجم وإن كنت لا تدري ما عقوبة الزنا.
ولهذا لما جاء الرجل الذي جامع في نهار رمضان يستفتي النبي صلى الله عليه وسلم، ماذا يجب عليه؟ ألزمه النبي صلى الله عليه وسلم بالكفارة، مع أنه كان حين جماعه جاهلاً بما يجب عليه، فدل ذلك على أن الإنسان إذا تجرأ على المعصية وانتهك حرمات الله عز وجل ترتب عليه آثار تلك المعصية، وإن كان لا يعلم بآثارها حين فعلها.
المقدم: هل الصيام وهو في مكة أم عندما يرجع؟
الشيخ: الصيام في كل مكان، إن صام في مكة أو في بلده، وسواء كان متتابعاً أو متفرقاً.
سؤالي: هل يحق لي أن أرفض الزواج نهائياً، للعلم أنني أحب ديني وأحب الله، كما أنني أحب نبيه عليه الصلاة والسلام، هل هذا الرفض فيه مخالفة للشرع، أم ماذا؟
الشيخ: لا ينبغي للمرأة أن ترفض الزواج بمثل هذه الأعذار التي ذكرتها السائلة بل تتزوج، وربما يكون حالها بعد الزواج خيراً من حالها قبل الزواج كما هو الشائع المعلوم، والمرأة إذا تزوجت حصل في زواجها خير كثير من إحصان فرجها، ونيل متعتها، وربما ترزق أولادًا صالحين ينفعونها في حياتها وبعد مماتها، ثم هي أيضاً تحصن فرج زوجها، ويحصل بهذا النكاح الاجتماع والتآلف بين الأسرتين: أسرة الزوج وأسرة الزوجة، وقد جعل الله سبحانه وتعالى الصهر قسيماً للنسب، فقال: هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا [الفرقان:54] ، وما أكثر الناس الذين تقاربوا وحصل بينهم صلات كثيرة بسبب المصاهرة، فالذي أشير به على هذه المرأة أن تتزوج وألا تجعل مثل هذه الأعذار عائقاً دون زواجها، وستجد إن شاء الله تعالى خيراً كثيراً في تزويجها.
ثم أنها تعود نفسها ألا تكون مأمورة ولا يحال بينها وبين مطلوبها هذا خطأ، بل الناس بعضهم لبعض يأمر بعضهم بعضاً، ويعين بعضهم بعضاً، ويمنع بعضهم بعضاً، فالإنسان ينبغي له أن يصبر وأن يتكيف مع الحياة كيفما كانت، إلا في الأمور التي فيها معصية الله ورسوله، فإن هذا لا يمكن لأحدٍ أن يرضى به.
الجواب: القسم بالشيء يدل على تعظيم ذلك المقسم به تعظيماً خاصاً لدى المقسم، ولهذا لا يجوز لأحدٍ أن يحلف إلا بالله تعالى، باسم من أسمائه أو بصفةٍ من صفاته، مثل أن يقول: والله لأفعلن.. ورب الكعبة لأفعلن.. وعزة الله لأفعلن، وما أشبه ذلك من صفات الله سبحانه وتعالى، والمصحف يتضمن كلام الله وكلام الله تعالى من صفاته، وهو - أعني: كلام الله - صفة ذاتية فعلية، لأنه بالنظر إلى أصله، وأن الله تعالى لم يزل ولا يزال موصوفاً به، لأن الكلام كمال، فهو من هذه النظرية من صفات الله الذاتية، إذ لم يزل ولا يزال متكلماً فعالًا لما يريد.
وبالنظر إلى آحاده يكون من الصفات الفعلية لأنه يتكلم متى شاء، قال الله تعالى: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس:82] ، فقرن القول بالإرادة، وهو دليل على أن كلام الله يتعلق بإرادته ومشيئته، والنصوص في هذا متضافرة وكثيرة، وأن كلام الله تحدث آحاده حسب ما تقتضيه حكمته، وبهذا نعرف بطلان قول من يقول: إن كلام الله أزلي ولا يمكن أن يكون تابعاً لمشيئته، وأنه هو المعنى القائم بنفسه وليس هو الشيء المسموع الذي يسمعه من يكلمه الله عز وجل، فإن هذا قول باطل، وقد ألف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كتاباً يعرف باسم: التسعينية، بين فيه بطلان هذا القول من تسعين وجهاً.
فإذا كان المصحف يتضمن كلام الله وكلام الله تعالى من صفاته، فإنه يجوز الحلف بالمصحف، بأن يقول الإنسان: والمصحف، ويقصد ما فيه من كلام الله عز وجل، وقد نص على ذلك فقهاء الحنابلة رحمهم الله، ومع هذا فإن الأولى للإنسان أن يحلف بما لا يشوش على السامعين، بأن يحلف باسم الله عز وجل فيقول: والله، أو: ورب الكعبة، أو: والذي نفسي بيده، وما أشبه ذلك من الأشياء التي لا تستنكرها العامة، ولا يحصل لديها فيه تشويش، فإن تحليف الناس بما يعرفون وتطمئن به قلوبهم خير وأولى.
وإذا كان الحلف إنما يكون بالله وأسمائه وصفاته، فإنه لا يجوز أن يحلف أحد بغير الله، لا بالنبي، ولا بجبريل، ولا بالكعبة، ولا بغير ذلك من المخلوقات، قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت )، وقال صلى الله عليه وسلم: ( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ) ، فإذا سمع الإنسان شخصاً يحلف بالنبي، أو بحياة النبي، أو بحياة شخص آخر فلينهه عن ذلك وليبين له أن هذا حرام ولا يجوز.
ولكن ليكن نهيه وبيانه على وفق الحكمة، بحيث يكون باللطف واللين والإقبال على الشخص وهو يريد نصحه وانتشاله من هذا العمل المحرم، لأن بعض الناس تأخذه الغيرة عند الأمر والنهي، فيغضب ويحمر وجهه وتنتفخ أوداجه، وربما يشعر في هذه الحال أنه ينهاه انتقاماً لنفسه، فيلقي الشيطان في نفسه هذه العلة، ولو أن الإنسان أنزل الناس منازلهم ودعا إلى الله بالحكمة واللين والرفق، لكان ذلك أقرب إلى القبول، وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام: ( أن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف ).
ولا يخفى على كثيرٍ من المستمعين ما حصل من النبي عليه الصلاة والسلام في قصة الأعرابي الذي جاء إلى المسجد فبال في طائفةٍ منه، فزجره الناس وصاحوا به، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فلما قضى بوله دعاه النبي عليه الصلاة والسلام، وقال له: ( إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من الأذى والقذر، وإنما هي للتكبير والتسبيح وقراءة القرآن ) أو كما قال صلى الله عليه وسلم، ثم أمر أصحابه أن يصبوا على البول ذنوباً من ماء وبهذا زالت المفسدة وطهر المكان، وحصل المقصود بالنسبة لنصيحة هذا الأعرابي الجاهل.
وهكذا ينبغي لنا نحن في دعوة عباد الله إلى دين الله، أن نكون داعين لله سبحانه وتعالى، فنسلك الطريق التي تكون أقرب إلى إيصال الحق إلى قلوب الخلق وإصلاحهم، والله الموفق.
الجواب: ما قاله السائل صحيح، فإن التاريخ في الحقيقة يزور ويشوه حسب ما تكون الدولة، فهو خاضع مع الأسف للدولة، بحيث توجهه حيثما تريد، وخاضع كذلك لبعض الأفكار التي تجترئ على الكذب وتستسيغه في جانب ما تدعو إليه وتهدف إليه، ولذلك نرى في كثير من كتب التاريخ أشياء مشوهة إن كانت صدقاً، وكثيراً مزورة مكذوبة، لاسيما فيما جرى بين الصحابة رضي الله عنهم مما هم فيه معذورون، لأنهم مجتهدون، فمن أصاب منهم فله أجران ومن أخطأ فله أجر وخطؤه مغفور.
فيجب على المرء أن يحذر من مثل هذه الكتب المزورة أو المشوهة بزيادةٍ أو نقص، لاسيما إذا كان يشعر بأن هذا الكتاب مثلاً يسيء إلى الصحابة رضي الله عنهم في تشويه حياتهم ومجتمعاتهم؛ لأن القدح في الصحابة رضي الله عنهم ليس قدحاً في الصحابة أنفسهم فقط، بل هو قدح فيهم وقدح في رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقدح في الشريعة، وقدح في الله سبحانه وتعالى، لأنه إذا صار القدح في الصحابة رضي الله عنهم، كان ذلك قدحاً في الشريعة، لأنهم هم وسيلة النقل.. هم الذين نقلوها إلينا، فإذا كانوا محل قدح وعيب فكيف نثق بالشريعة التي بين أيدينا وهي جاءتنا من طريقهم؟!
وإذا كان القدح في الصحابة صار قدحاً في النبي صلى الله عليه وسلم لأنهم أصحابه وأحبابه وناصروه على أعدائه، والقدح في الصاحب قدح في المصحوب، وإذا كان القدح في الصحابة صار قدحاً في الله عز وجل، فكيف يقال: إن الله تعالى اختار لنبيه وهو أفضل خلقه مثل هؤلاء الأصحاب الذين هم محل القدح والسب والعيب؟!
إذًا: فالقدح في الصحابة قدح في الله، وفي رسوله، وفي شريعته، والأمر أمر عظيم، وكتب التاريخ قد يكون بعضها متناولاً لهذا الأمر مما يكون دالاً على القدح في الصحابة، إما تصريحاً وإما تلميحاً، فليحذر المؤمن من مثل هذه التواريخ التي تضله عن سواء السبيل، والله المستعان.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر