الجواب: الحمد لله رب العالمين, وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين:
العقيقة لا تشرع للميت, وإنما تشرع عند الولادة في اليوم السابع من ولادة الإنسان، يشرع لأبيه بتأكد أن يعق عن هذا الولد سواء كان ذكراً أم أنثى, لكن الذكر له عقيقتان, والأنثى لها عقيقه واحدة تذبح في اليوم السابع, ويؤكل منها, ويتصدق ويهدي, ولا حرج على الإنسان إذا ذبحها في اليوم السابع أن يدعو إليها أقاربه وجيرانه, وأن يتصدق منها بشيء, فيجمع بين هذا وهذا, وإذا كان الإنسان غير واسع ذات اليد, وعق عن الذكر بواحدة أجزأه ذلك.
قال العلماء: وإذا لم يمكن في اليوم السابع ففي اليوم الرابع عشر, فإن لم يمكن ففي اليوم الحادي والعشرين, فإن لم يمكن ففي أي يوم شاء, هذه هي العقيقة.
وأما الميت فإنه لا يعق عنه, ولكن يدعى له بالرحمة والمغفرة, والدعاء له خير من غيره؛ ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام فيما رواه أبو هريرة عنه: ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية, أو علم ينتفع به, أو ولد صالح يدعو له ) فقال عليه الصلاة والسلام: (أو ولد صالح يدعو له) لم يقل: أو ولد صالح يصوم له أو يصلي له أو يتصدق عنه أو ما أشبه ذلك, فدل هذا على أن الدعاء أفضل من العمل الذي يهدى إلى الميت, وإن أهدى الإنسان إلى الميت عملاً صالحاً كأن يتصدق بشيء ينويه للميت أو يصلي ركعتين ينويها للميت أو يقرأ القرآن ينويه للميت, فلا حرج في ذلك, ولكن الدعاء أفضل من هذا كله؛ لأنه هو الذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم.
الجواب: الأضحية هي التقرب إلى الله عز وجل في أيام عيد الأضحى في يوم العيد, وفي ثلاثة أيام من بعده, التقرب إلى الله تعالى بذبح بهيمة الأنعام من إبل أو بقر أو غنم, وهي سنة في حق الحي يضحي عنه وعن أهل بيته, كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك, وإذا ضحى الإنسان عنه وعن أهل بيته, ونوى أن يكون أجرها له ولأهل بيته الحي والميت, فإن ذلك لا بأس به.
وأما الأضحية الخاصة للميت فلها حالان:
الحال الأولى: أن يكون الميت قد أوصى بها, فإذا كان قد أوصى بها فإنها تفعل تنفيذاً للوصية؛ لقوله تعالى حين ذكر الوصية: فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [البقرة:181-182] فإن هاتين الآيتين تدلان على أن وصية الميت تنفذ ما لم تكن إثماً أو جنفاً.
الحال الثانية في الأضحية عن الميت: أن يضحي الإنسان بها عنه ابتداء, فهذه قد اختلف فيها أهل العلم هل هي مشروعة أو غير مشروعة؟ فمنهم من قال: إنها مشروعة كالأضحية عن الحي وكالصدقة عن الميت, ومنهم من قال: إنها غير مشروعة؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم, فقد مات للنبي صلى الله عليه وسلم من أقاربه من مات ومن زوجاته كذلك ولم يرد أنه ضحى عن كل واحد منهم بخصوصه, مات له بناته الثلاث, وأبناؤه الثلاثة, ولم يضح عن واحد منهم, واستشهد عمه حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه في أحد ولم يضح عنه, وماتت زوجتاه خديجة و زينب بنت خزيمة ولم يضح عنهما, ولو كان هذا من الأمور المشروعة لفعله النبي صلى الله عليه وسلم.
ولكن أقول: إذا أردت أن تضحي عن ميت فضح عنك وعن أهل بيتك, وانو أنها لك ولأقاربك الأحياء والأموات, وفضل الله واسع.
الجواب: هذا الحديث الصحيح أنه ليس بضعيف, وأنه حجة, وأن الإنسان وماله لأبيه, ومعنى ذلك أن الإنسان إذا كان له مال فإن لأبيه أن يتبسط بهذا المال, وأن يأخذ منه ما شاء, لكن بشروط:
الشرط الأول: ألا يكون في أخذه ضرر على الابن, فإن كان في أخذه ضرر, كما لو أخذ غطاؤه الذي يتغطى به من البرد, أو أخذ طعامه الذي يدفع به جوعه، فإن ذلك لا يجوز للأب.
وكذلك يشترط ألا يتعلق به حاجة الابن, فلو كان عند الابن أمة يتسراها فإنه لا يجوز للأب أن يأخذها لتعلق حاجة الابن بها، وكذلك لو كان للابن سيارة يحتاجها في ذهابه وإيابه, وليس لديه من الدراهم ما يمكنه أن يشتري بدلها, فليس للأب أن يأخذها في هذه الحال.
قال العلماء: والشرط الثالث: ألا يأخذ المال من أحد أبنائه ليعطيه لابن آخر؛ لأن في ذلك إلقاء للعداوة بين الأبناء, ولأن فيه تفضيلاً لبعض الأبناء على بعض إذا لم يكن الثاني محتاجاً, فإن كان محتاجاً فإن إعطاء الأب أحد أبنائه لحاجته دون أخوته الذين لا يحتاجون ليس فيه تفضيل, بل واجب عليه.
على كل حال هذا الحديث حجة أخذ به العلماء واحتجوا به, ولكنه مشروط بما ذكرنا, فإن الأب ليس له أن يأخذ من مال ولده ما يضره, وليس له أن يأخذ من مال ولده ما يحتاجه الابن, وليس له أن يأخذ من مال ولده ليعطي ولداً آخر, والله أعلم.
اسم الإنسان: ابن آدم, الجنسية: من تراب, العنوان: كوكب الأرض, البيانات: محطة المغادرة: كوكب الأرض الدنيا, جهة السفر: الدار الآخرة, موعد الرحلة: وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ [لقمان:34], موعد الحضور: لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ [الرعد:38], تلفون: رقم الصلوات الخمس.
شروط الرحلة: على حضرات المسافرين الكرام اتباع التعليمات الواردة في كتاب الله وسنة نبيه مثل طاعة الله ومحبته وخشيته, وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وطاعة ولي الأمر, التذكر الدائم للموت، الانتباه إلى أنه ليس في الآخرة إلا جنة أو نار, العفش المسموح به اثنين متر من القماش أبيض, العمل الصالح, الولد الصالح يدعو له, علم ينتفع به, ما سوى ذلك لا يسمح باصطحابه في الرحلة.
لمزيد من المعلومات يرجى الاتصال الفوري بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
ملاحظة: الاتصال مباشرة ومجاناً, رحلة سعيدة!
ما رأيكم -يا فضيلة الشيخ- في هذه التذكرة؟
الجواب: رأيي في هذه التذكرة التي شاعت منذ زمن, وانتشرت بين الناس, ووضعت على وجوه شتى, منها هذا الوجه الذي بين يدي, وهي عبارة عن ورقة مكتوب في صفحتها هذه البيانات التي سمعتموها، ووضعت كذلك على صورة تذكرة طائرة, ووضعت على وجه آخر, وفي أعلى الصفحة صورة طائرة جامبو, وهذه الورقة كما سمعتم بياناتها تشبه أن تكون استهزاء لهذه الرحلة.
وانظر إلى قوله: في أرقام التلفون 24434 يشير إلى الصلوات الخمس, اثنين لصلاة الفجر, وأربعة أربعة للظهر والعصر، وثلاثة لصلاة المغرب، وأربعة للعشاء, فجعل الصلاة التي هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين أرقاماً للتلفون, ثم قال: إن موعد الرحلة وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ [لقمان:34], فأين الوعد في هذه الرحلة؟ وقال: موعد الحضور لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ [الرعد:38] فأين تحديد موعد الحضور؟
المهم أن كل فقراتها فيها شيء من الكذب, ومنها العفش الذي قال: إن منه العلم الذي ينتفع به والولد الصالح, وهذا لا يكون مصطحباً مع الإنسان, ولكنه يكون بعد الإنسان.
فالذي أرى أن تتلف هذه التذكرة, وألا تنشر بين الناس, وأن يكتب بدلها شيء من كتاب الله أو من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم حتى لا تقع مثل هذه المواعظ على سبيل الهزؤ, وفي كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ما يغني عن هذا كله.
وإنني بهذه المناسبة أود أن أنبه إلى أنه كثرت في هذه الآونة الأخيرة النشرات التي تنشر بين الناس ما بين أحاديث ضعيفة بل موضوعة على رسول الله صلى الله عليه وسلم, وبين مرآء منامية تنسب لبعض الناس وهي كذب وليست بصحيحة, وبين حكم تنشر وليس لها أصل.
وإنني أنبه أخواني المسلمين على خطورة هذا الأمر, وأن الإنسان إذا أراد خيراً فليتصل برئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد في المملكة العربية السعودية, وليعرض عليها ما عنده من المال الذي يحب أن ينشر ما ينتفع الناس به, وهي محل ثقة وأمانة, والحمد لله تجمع هذه الأموال وتطبع بها الكتب النافعة التي ينتفع بها المسلمون في هذه البلاد وفي غيرها.
أما هذه النشرات التي ليست مبنية على شيء, وإنما هي أكذوبات أو أشياء ضعيفة, أو حكم ليست حقيقية بل هي كلمات عليها مؤاخذات وملاحظات, فإنني لا أحب أن ينتشر هذا في بلادنا ولا في بلاد غيرنا من المسلمين, وفيما صح من سنة الرسول عليه الصلاة والسلام كفاية, والله المستعان.
الجواب: هذا الحديث روي عن النبي عليه الصلاة والسلام من الوعيد الشديد على من حفظ آية من كتاب الله ثم نسيها, وهذا الحديث إن صح فالمراد به من نسي هذه الآية تهاوناً وإعراضاً عن كتاب الله عز وجل وعدم مبالاة به, وأما من نسيها بمقتضى الطبيعة, أو بانشغاله بما يجب عليه من شئون حياته وحياة أهله, فإنه لا إثم عليه, وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أنه نسي آية في صلاته, فذكره بها
وثبت عنه ( أنه مر صلى الله عليه وسلم برجل يقرأ في بيته, فقال: رحم الله فلاناً، لقد ذكرني آية كنت نسيتها )، والنسيان من طبيعة البشر؛ كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( إنما أنا بشر مثلكم, أنسى كما تنسون ).
والعجيب أن بعض الناس لتهيبه من عقوبة الله عز وجل لعب به الهوى, حتى قال: لن أحفظ شيئاً من كتاب الله! أخشى أن أحفظه فأنساه, فمنع نفسه من الخير بهذه الحجة التي لا أساس لها من الصحة.
ونحن نقول: احفظ كتاب الله عز وجل, وتعهده ما استطعت؛ كما أمر بذلك النبي عليه الصلاة والسلام, فإنه أمر بتعهد القرآن, وقال: ( إنه أشد تفلتاً من الإبل في عقلها )، فأنت احفظ القرآن وتعهده, وإذا نسيت شيئاً بمقتضى الطبيعة لا للأعراض عن كتاب الله, ولا للتهاون به, فإن ذلك لا يضرك, وليس عليك إثم.
الجواب: قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( بلغوا عني ولو آية )، فإذا احتاج الناس إلى بيان الحديث وتبليغه وجب على من علم به أن يبلغه, لكن بشرط أن يعلم أن هذا الحديث حجة لكونه صحيحاً أو حسناً, وأما الأحاديث الضعيفة فإنه يجب على الإنسان أن يبينها للناس حتى لا يغتروا بها.
كذلك إذا سئل الإنسان عن حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجب عليه أن يبلغه, فيجب تبليغ الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حالين:
إذا اقتضت الحال ذلك. والثاني: إذا سئلت عنه.
أما إذا لم تسأل عنه ولم تقتض الحال ذلك فإن تبليغه سنة, وليس بواجب, ولكن ليحذر الإنسان أن ينسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً لا يعلم أنه صحيح أو حسن يحتج به, فإن كثيراً من الإخوة ولاسيما الوعاظ يأتون بأحاديث لا زمام لها, أحاديث ضعيفة، بل قد تكون أحاديث موضوعة, يعتقدون أن في ذلك نفعاً للناس وزجراً عن معصية الله عز وجل.
وهذا وإن كان قد يجدي بالنسبة لموعظة الناس وتخويفهم من المخالفات وترغيبهم في الموافقات؛ لكن فيه ضرراً عظيماً, وهو التقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقله؛ وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار )، وقال صلى الله عليه وسلم: ( من حدث عني بحديث يَرى أنه كذب -أو يُرى أنه كذب- فهو أحد الكاذبين )؛ فليحذر الإخوة من أن ينسبوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ما لم تثبت نسبته إليه.
الجواب: الدعاء الجماعي بعد أداء الصلوات ليس من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا من سنة خلفائه الراشدين ولا من سنة الصحابة رضي الله عنهم, وإنما هو عمل محدث, وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي, تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ, وإياكم ومحدثات الأمور, فإن كل محدثة بدعة ).
فهذا الدعاء الجماعي أو الذكر الجماعي بعد الصلوات محدث بدعة, وكل بدعة ضلالة, والمشروع في حق المصلي أن يدعو قبل أن يسلم؛ لأن هذا هو محل الدعاء الذي أرشد إليه النبي عليه الصلاة والسلام, حيث قال فيما صح عنه من حديث ابن مسعود رضي الله عنه حين ذكر التشهد قال: ( ثم يتخير من الدعاء ما شاء ).
وهو دليل على أن محل الدعاء آخر الصلاة, وليس ما بعدها, وهو كذلك الموافق للنظر الصحيح؛ لأن كون الإنسان يدعو في صلاته قبل أن ينصرف من بين يدي الله أولى من كونه يدعو بعد صلاته.
والمشروع بعد الصلوات المفروضة الذكر؛ كما قال الله تعالى: فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ [النساء:103]، وكما كان ذلك هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والمشروع أيضاً: أن يجهر بهذا الذكر؛ لأن هذا هو المعروف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم, كما صح ذلك في البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: ( كان رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم )، اللهم إلا إذا كان بجانبك رجل يقضي صلاته, وتخشى أن تشوش عليه, ففي هذه الحال ينبغي لك أن تسر بقدر ما لا تشوش على أخيك؛ لأن التشويش على الغير إيذاء له, ولهذا لما سمع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه يصلون في المسجد ويجهرون نهاهم عن ذلك, وقال: ( لا يجهر بعضكم على بعض في القرآن )، وفي حديث آخر قال: ( لا يؤذين بعضكم بعضاً في القراءة ).
فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن جهر الإنسان بالقراءة أذية للغير إذا كان حوله من يتأذى به.
والخلاصة: أن ما بعد الصلاة موضع ذكر, وما قبل السلام في التشهد الأخير موضع دعاء, هكذا جاءت به السنة, وأن الذكر الذي يكون بعد الصلاة يشرع الجهر به ما لم يتأذ به من إلى جنبه, والله أعلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر