الجواب: الحمد لله رب العالمين, وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
هذا الحديث الذي ذكره السائل: (لعن الله الشارب قبل الطالب), هذا لا أصل له, ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم, ولكنه من الأحاديث التي اشتهرت على ألسن الناس وليس لها أصل, وهي كثيرة تتردد بين عامة الناس.
والواجب على الإنسان أن يتحرى فيما ينسبه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير؛ لأن الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم ليس كالكذب على أحد منا؛ لأنه كذب على شريعة الله سبحانه وتعالى.
وقد صنف العلماء رحمهم الله في الأحاديث الواردة على ألسن الناس وليس لها أصل, صنفوا في هذا كتباً، ومنها: تمييز الطيب من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث, ومن الأحاديث المشتهرة على ألسن الناس وليس لها أصل قولهم: حب الوطن من الإيمان, وقولهم: خير الأسماء ما حمد وعبد، وقولهم: المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء، وأمثال ذلك كثير.
والوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأسماء قوله: ( أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن )، وثبت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم.
والمهم أنه يجب على الإنسان أن يتحرى فيما ينسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، حتى لا يقع في الوعيد الشديد الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم:( من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار )، وقال: ( من حدث عني بحديث يَرى أو يُرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين ).
الجواب: هذا لا أعلم عنه, لكن لا يظن أنه يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم, وشرب الاثنين من الإناء الواحد لا بأس به ولا حرج فيه, والتنزه عن مثل هذا أمر صعب, ولو أراد الإنسان أن يتنزه عن كل إناء شرب فيه غيره لحقه بذلك حرج شديد, ولم يكن في بدنه مناعة لما يدخل إليه من المكروبات التي تكون عند كثير من الناس, وهو خال منها.
وقد كان المترفون يتحرزون من هذا الشيء كثيراً أي يتحرزون من أن يشربوا بإناء شرب فيه غيرهم, فيصابون بأمراض أكثر مما يصاب الآخرون, والذي ينبغي للإنسان ألا يشق على نفسه في مثل هذه التحرزات؛ لأنه فيها حرج؛ ولأنه يبقى جسمه لا مناعة فيه, وحينئذ يتأثر بأدنى سبب.
وقد بلغني أن كثيراً من الناس في الأمم المتطورة في الحياة الدنيا كانوا رجعوا عن هذا التحرز الشديد إلى الحالة الطبيعية التي عليها كثير من الناس في كون الإنسان لا يشق على نفسه في هذا التحرز الشديد, نعم لو فرض أن أحداً من الناس مصاب بوباء جرت العادة أنه معد, فهذا ليس من المستحسن أن يشرب الإنسان في هذا الإناء الذي شرب فيه هذا المصاب بالمرض الذي جرت العادة بأنه يعدي؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( فر من المجذوم فرارك من الأسد ) ولكن مع هذا يجب أن نؤمن بأن العدوى لا تكون معدية بطبيعتها الذاتية, ولكنها معدية بإذن الله عز وجل, فإن الله تعالى قد جعل لكل شيء سبباً.
الجواب: الفضل الذي يناله المسلم إذا استمر على الوضوء بعد كل حدث أنه يبقى طاهراً, والمكث على الطهر والبقاء على الطهر من الأعمال الصالحة؛ ولأنه ربما يذكر الله سبحانه وتعالى في أحواله كلها فيكون ذاكراً لله تعالى على طهر, ولأنه قد يعرض له صلاة في مكان ليس فيه ماء يسهل الوضوء منه فيكون مستعداً لهذه الصلاة, المهم أن كون الإنسان يبقى على طهارة دائماً فيه فوائد كثيرة.
الجواب: التجميل المستعمل في الطب ينقسم إلى قسمين:
أحدهما: تجميل بإزالة العيب الحاصل على الإنسان من حادث أو غيره, فهذا لا بأس به ولاحرج فيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لرجل قطع أنفه في الحرب أن يتخذ أنفاً من ذهب لإزالة التشويه الذي حصل له بقطع أنفه؛ ولأن الرجل الذي عمل عملية التجميل هنا ليس قصده أن يطور نفسه إلى أحسن وأكمل مما خلقه الله عليه, ولكنه أراد أن يزيل عيباً حدث.
أما النوع الثاني: فهو التجميل الزائد الذي ليس من أجل إزالة العيب فهذا محرم ولا يجوز؛ ولهذا لعن النبي صلى الله عليه وسلم النامصة, والمتنمصة, والواشرة, والمستوشرة, والواشمة, والمستوشمة؛ لما في ذلك من إحداث التجميل الكمالي الذي ليس لإزالة العيب.
أما بالنسبة للطالب الذي يقرر من ضمن دراسته هذا العلم فلا حرج عليه أن يتعلمه, ولكنه لا ينفذه في الحال التي يكون فيها حراماً, بل ينصح من طلب منه هذا النوع من التجميل بأن هذا حرام ولا يجوز, ويكون في هذا فائدة؛ لأن النصيحة إذا جاءت من الطبيب نفسه، فإن الغالب أن المريض أو من طلب العملية يقتنع أكثر مما يقتنع لو أن أحداً غيره نصحه في ذلك.
الجواب: القول الراجح أن اللعب بالشطرنج محرم؛ أولاً: لأنه لا يخلو غالباً من صورة تمثالية مجسمة, ومعلوم أن اصطحاب الصور محرم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة ).
وثانياً: لأنه غالباً يلهي كثيراً عن ذكر الله عز وجل, وما ألهى كثيراً عن ذكر الله عز وجل فإنه يكون حراماً؛ لقول الله تعالى في بيان حكمة تحريم الخمر والميسر والأنصاب والأزلام في قوله: إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ [المائدة:91].
ولأن الغالب في اللاعبين بهذه اللعبة التنازع والتنافر والكلمات النابية التي لا ينبغي أن تقع من مسلم لأخيه؛ ولأن حصر الذهن على هذا النوع من الذكاء يستلزم أن ينحصر تفكير الإنسان وذكائه في هذا النوع من الأنواع, ويكون فيما عداه بليداً, كما حدثني بذلك من أثق به قال: إن المنهمكين في لعب الشطرنج نجدهم إذا خرجوا عن ميادينه مما يتطلب ذكاء وفطنة نجدهم أبله الناس وأغفلهم.
لهذه الأسباب كانت لعبة الشطرنج حراماً, هذا إذا سلمت مما ذكره السائل, وسلمت من الميسر وهو جعل عوضاً على المغلوب, فإن اقترنت بما ذكره السائل أو جعل فيها ميسر وهو العوض عن المغلوب صارت أخبث وأشر.
الجواب: يكون الإنسان متوكلاً على الله بأن يصدق الاعتماد على ربه عز وجل، حيث يعلم أنه سبحانه وتعالى هو الذي بيده الخير وهو الذي يدبر الأمور؛ ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لـ عبد الله بن عباس : ( يا غلام! إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك, احفظ الله تجده تجاهك, إذا سألت فاسأل الله, وإذا استعنت فاستعن بالله, واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك, ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ).
فبهذه العقيدة يكون الإنسان معتمداً على ربه جل وعلا, لا يلتفت إلى من سواه, ولكن حقيقة التوكل لا ينافي فعل الأسباب التي جعلها الله تعالى سبباً, بل إن فعل الأسباب التي جعلها الله تعالى سبباً سواء أكانت شرعية أم حسية هي من تمام التوكل ومن تمام الإيمان بحكمة الله عز وجل؛ لأن الله تعالى قد جعل لكل شيء سبباً, وهذا النبي صلى الله عليه وسلم وهو سيد المتوكلين كان يلبس الدروع في الحرب, ويتوقى البرد, ويأكل ويشرب لإبقاء حياته ونمو جسمه, وفي أحد ظاهر بين درعين أي لبس درعين.
فهؤلاء الذين يزعمون أن حقيقة التوكل بترك الأسباب والاعتماد على الله عز وجل هم في الواقع خاطئون, فإن الذي أمر بالتوكل عليه له الحكمة البالغة في تقديره, وفي شرعه قد جعل للأمور سبباً تحصل به.
ولهذا لو قال قائل: أنا سأتوكل على الله تعالى في حصول الرزق, وسأبقى في بيتي لا أبحث عن الرزق، قلنا: إن هذا ليس بصحيح, وليس توكلاً حقيقاً, فإن الذي أمرك بالتوكل عليه هو الذي قال: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ [الملك:15].
ولو قال قائل: أنا سأتوكل في حصول الولد أو في حصول الزوجة ولم يشرع في طلب الزوجة وخطبتها لعده الناس سفيهاً, ولكان فعله هذا منافياً لما تقتضيه حكمة الله عز وجل.
ولو أن أحداً أكل السم وقال: إني أتوكل على الله تعالى في أن لا يضرني هذا السم, لكان هذا غير متوكل حقيقة؛ لأن الذي أمرنا بالتوكل عليه سبحانه وتعالى هو الذي قال لنا: وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا [النساء:29].
والمهم: أن فعل الأسباب التي جعلها الله تعالى أسباباً لا ينافي كمال التوكل بل هو من كماله, وإن التعرض للمهلكات لا يعد هذا من توكل الإنسان على الله بل هو خلاف ما أمر الله عز وجل به.
الجواب: قبل الإجابة على هذا السؤال أود أن أبين بأن الله عز وجل قال في كتابه المبين: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ [المائدة:6]، والأمر بغسل هذه الأعضاء ومسح ما يمسح منها يستلزم إزالة ما يمنع وصول الماء إليها؛ لأنه إذا وجد ما يمنع وصول الماء إليها لم يكن تم غسلها.
وبناء على ذلك نقول: إن الإنسان إذا استعمل الدهن في أعضاء طهارته, فإما أن يبقى الدهن جامداً له جرم فحينئذ لا بد أن يزيل ذلك قبل أن يطهر أعضاءه, وإن بقي الدهن هكذا جرماً فإنه يمنع وصول الماء إلى البشرة, وحينئذ لا تصح الطهارة.
أما إذا كان الدهن ليس له جرم, وإنما أثره باق على أعضاء الطهارة فإنه لا يضر, ولكن في هذه الحال يتأكد أن يمر الإنسان يده على العضو؛ لأن العادة أن الدهن يتمايز معه الماء, فربما لا يصيب جميع العضو الذي يطهره.
فالسائل إذاً نقول له: إن كان هذا الدهن أو الزيت الذي يكون على أعضاء طهارتك جامداً له جرم يمنع وصول الماء فلا بد من إزالته قبل أن تتطهر, وإن لم يكن له جرم فإنه لا حرج عليك أن تتطهر وإن لم تغسله بالصابون, لكن أمِرَّ يدك على العضو عند غسله لئلا ينزلق الماء عنه.
الجواب: الذي يظهر لي أنه لا يجب إزالتها قبل الوضوء, لكن تنقية الأسنان منها لا شك أنه أكمل وأطهر وأبعد عن مرض الأسنان؛ لأن هذه الفضلات إذا بقيت فقد يتولد منها عفونة ويحصل منها مرض للأسنان وللثة, فالذي ينبغي للإنسان إذا فرغ من طعامه أن يخلل أسنانه حتى يزول ما علق بها من أثر الطعام, وأن يتسوك أيضاً؛ لأن الطعام يغير الفم, وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام في السواك أنه: ( مطهرة للفم, مرضاة للرب )، وهذا يدل على أنه كلما احتاج الفم إلى تطهير فإنه يطهر بالسواك .
الجواب: إذا شك الإنسان في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثاً أم أربعاً فإنه لا يحل له أن يخرج من صلاته بهذا الشك إذا كانت فرضاً؛ لأن قطع الفرض لا يجوز, وعليه أن يفعل ما جاءت به السنة, والسنة جاءت بأن الإنسان إذا شك في صلاته فلم يدر كم صلى أثلاثاً أم أربعاً؟ فلا يخلو من حالين:
أحدهما: أن يشك شكاً متساوياً، بمعنى أنه لا يترجح عنده الثلاث ولا الأربع, وفي هذه الحال يبني على الأقل, يبني على أنها ثلاث, ويأتي بالرابعة, ويسجد للسهو قبل أن يسلم.
أما الحال الثانية: فهو أن يشك شكاً بين طرفين مع رجحان أحدهما على الآخر, بمعنى أن يشك هل صلى ثلاثاً أم أربع، ولكنه يترجح عنده أنه صلى أربعاً, ففي هذه الحال يبني على الأربع, ويسلم ويسجد للسهو بعد السلام, هكذا جاءت السنة بالتفريق بين الحالين في الشك, وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يبني على ما استيقن في الحال الأولى, وأن يتحرى الصواب في الحال الثانية.
فهذا يدل على أنه لا يخرج من الصلاة بهذا الشك, فإن كانت فرضاً فالخروج منها حرام؛ لأن قطع الفريضة محرم, وإن كانت نفلاً فلا يخرج منها من أجل هذا الشك, ولكن يفعل ما أمره به صلى الله عليه وسلم, وإن شاء أن يقطعها فإن قطع النافلة لا بأس به, إلا أن العلماء قالوا: إنه يكره قطع النافلة بدون غرض صحيح, هذا إذا لم تكن النافلة حجاً أو عمرة, فإن كانت النافلة حجاً أو عمرة فإنه لا يجوز قطعها إلا مع الحصر؛ لقوله تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة:196]، وهذه الآية نزلت قبل فرض الحج؛ لأنها نزلت في الحديبية, والحج إنما فرض في السنة التاسعة.
وخلاصة الجواب عن سؤال السائل أن نقول: إن الإنسان إذا شك في صلاته كم صلى أثلاثاً أم أربعاً؟ فإن ترجح عنده أحد الطرفين فليعمل بالراجح سواء كان الأكثر أو الأقل, وليسجد سجدتين بعد السلام ويسلم, أما إذا لم يترجح عنده أحد الطرفين فإنه يبني على الأقل؛ لأنه متيقن ويتم عليه, ويأتي بسجدتي السهو قبل أن يسلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر