الجواب: نعم. هذا العمل الذي عملتموه لا بأس به، فإذا صال على الإنسان أو على ماله أحد فله أن يدافع عنه، ولو أدى ذلك إلى قتل الصائل، وهذه القطط التي كانت تهاجم الحمام ولم تندفع بمدافعتها لكم أن تقتلوها إما بالبندق وإما بالسم، ولكن احترزوا في مسألة السم أن لا يأكله حيوانٌ آخر يتأذى به وهو لم يؤذكم، بحيث تجعلون هذا السم في مكانٍ لا يصل إليه إلا هذه القطط العادية، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أذن للإنسان إذا هاجمه شخص من البشر ولم يندفع إلا بالقتل أن يقتله، فما بالك بالحيوان الذي لا تصل حرمته إلى حرمة الآدمي؟!
الجواب: إذا حدث حادث بالسيارة فإنه يجب أن ينظر في سبب هذا الحادث؛ فإذا كان سبب الحادث من السائق، إما بتعد أو تفريط، فإنه يضمن ما تلف بسبب هذا الحادث، وعليه الكفارة إن مات به أحد.
مثال التعدي: أن يحمل السيارة أكثر مما تتحمله، أو أن يحرفها وهي مسرعة، أو أن يسرع سرعة كبيرة تكون سبباً للحادث.
ومثال التفريط: أن يتهاون في ملاحظة السيارة، مثل: أن يعلم بخلل فيها ولكن يتهاون يقول: نصبر وصلنا البلد وصلنا المحطة وما أشبه ذلك، أو يكون يعرف أن في عجلات السيارة خللاً ولكنه يتهاون، يقول: البلد قريب، المحطة قريبة حتى ينفجر إطار السيارة، فهنا يكون عليه ضمان ما تلف من نفس أو مال، وتكون عليه الكفارة.
أما إذا كان الحادث من غير تعد ولا تفريط؛ فإنه لا شيء عليه، لا ضمان ولا كفارة، مثل: أن يكون انفجار العجلة بقضاء الله وقدره بدون سبب منه، ومثل أن يتفادى ضرراً يخشى منه، ويكون حين التفادي انقلبت السيارة، فإنه لا شيء عليه، مثاله: أن يقابله شخص على خط سيره فيحرف السيارة لئلا يصطدم به، ثم يحصل عند حرفها انقلاب، فإن هذا لا شيء عليه.
أما الأول الذي حصل الحادث بسببه وهو انفجار عجلة السيارة مع الاحتياط، فهذا لأنه لم يتسبب في هذا الحادث، وأما الثاني فلأنه صحيح هو الذي حرف السيارة، لكنه حرفها معتقداً أن هذا هو طريق السلامة، وأنه أسلم مما لو بقي في خط سيره، فيكون بهذا العمل محسناً، وقد قال الله تعالى: مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ [التوبة:91]، ومثل ذلك لو كان يمشي في الخط فإذا به أمام حفرة أو حجر كبير، إن استمر في سيره سقط فيه، واصطدم بهذا الحجر الكبير، وإن انحرف كان أسلم له، فانحرف وبانحرافه حصل انقلاب، فإنه ليس عليه شيء في ذلك، لأنه تفادى خطراً يرى أنه أعظم فيكون بذلك محسناً، مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [التوبة:91].
والمهم أنه يجب التحقق في سبب الحادث، فإذا كان بتفريط أو بتعد منه فعليه الضمان والكفارة، وإن لم يكن منه بتعد وتفريط، أو كان بإحسان بتفادي الضرر، فليس عليه شيء، لا ضمان ولا كفارة.
وأما قوله في السؤال: علي أن أصوم أو أعتق رقبة؟
فظاهر كلامه أنه يعتقد بأن الصوم والعتق سواء، وليس كذلك، فإن الواجب في كفارة القتل أن يعتق رقبة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، وليس فيه صدقة، بل إن كان يستطيع أن يصوم صام، وإن كان لا يستطيع فليس عليه شيء؛ لقول الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ [النساء:92]، إلى قوله: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا [النساء:92]، ولم يذكر الله تعالى شيئاً ثالثاً في هذه الكفارة، بخلاف كفارة الظهار، فإن الله تعالى ذكر فيها ثلاثة أشياء: العتق، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ [النساء:92]، فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، أما كفارة القتل فليس فيها إطعام، بل إما أن يصوم إن كان لا يستطيع عتق رقبة، أو لا شيء عليه إن كان لا يستطيع الصوم.
مداخلة: يذكر أن المتوفى معه كان والده؟
الشيخ: نعم. لا فرق بين الوالد وغير الوالد، كلها نفسٌ مؤمنة فلا فرق.
مداخلة: والأولاد أيضاً؟
الشيخ: ولا فرق كذلك بين الأولاد وغيرهم، ولا فرق أيضاً في وجوب الكفارة بين المسلم وغير المسلم، إلا إذا كان حربياً، يعني: بينه وبين المسلمين حرب، فهذا ليس له كفارة، لأن الحربي يجوز قتله عمداً، يعني هو محاربٌ لك، وهو لو قدر عليك لقتلك، وأما من بينك وبينه عهد، سواءٌ كان هذا العهد خاصاً أو عاماً، فإنه يجب في قتله الكفارة؛ لقوله تعالى: فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ [النساء:92]، إلى قوله تعالى: وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ [النساء:92].
الجواب: نعم. الصيام عنها لا يصح، لأن الصوم عبادةً بدنية، والعبادات البدنية لا يقوم فيها أحدٌ عن أحد، إلا إذا توفي من هي عليه، وكانت مما يقضى فتقضى عنه، وإن كانت مما لا يقضى فإنها لا تقضى عنه، مثال الذي يقضى: لو مات شخص وعليه صيام فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (من مات وعليه صيامٌ صام عنه وليه)، وكذلك في الحج، فإن النبي صلى الله عليه وسلم سألته امرأة عن أمها أنها نذرت أن تحج ولم تحج حتى ماتت، فأذن لها النبي عليه الصلاة والسلام أن تحج عن أمها، وأما ما لا يقضى كالصلاة فإنه لا يقضى عن الميت، فلو مات شخص وعليه صلواتٌ لم يصلها، فإنه لا يقضى عنه، ولا يتصدق عنه بسبب تركه هذه الصلوات.
وبهذه المناسبة أود أن أبين مسألةً يغفل عنها كثير من الناس، وذلك أن بعض المرضى إذا وصل إلى حد الإجهاد والتعب ترك الصلاة، قال: حتى أنشط وأتوضأ وأصلي قائماً وما أشبه ذلك، وهذا حرامٌ عليه، فالواجب أن يصلي المريض على أي حالٍ كان، يتوضأ فإن لم يستطع يتيمم، فإن لم يكن عنده ما يتيمم به صلى ولو بلا تيمم، ويصلي قائماً، فإن لم يستطع فقاعداً، فإن لم يستطع فعلى جنب، ويصلي مطهراً ثيابه ومكانه، فإن لم يستطع صلى ولو كانت ثيابه نجسة أو مكانه نجساً، المهم أنه لا يجوز تأخير الصلاة لأي سببٍ من الأسباب، نعم لو فرض أن المريض مغمىً عليه من شدة المرض، فبقي يومين أو ثلاثة لا يشعر ثم صحي، فإنه لا يجب عليه القضاء، ولا يمكن أن يصلي في حال الإغماء؛ لأنه لا عقل له، ولكن إذا كان صاحياً فإنه لا يجوز أن يؤخر الصلاة من أجل العجز عن شيء من شروطها أو أركانها.
الجواب: ليس عليك شيء ما دمت لا تستطيع أن تقوم بهذا العمل، لأن الله تعالى يقول في كتابه: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، ويقول: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم)، فإذا كان الإنسان فقيراً عند ولادة أولاده، فليس عليه تميمة، لأنه عاجز، والعبادات تسقط بالعجز عنها.
الجواب: نعم. ننصح هؤلاء أن يتقوا الله عز وجل في أنفسهم وفي أهليهم، وأن يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله، حتى يعبدوا الله على بصيرة وعلى بينةٍ من أمرهم، وأن يعلموا أن العادات لا تحكم على الشرع، وإنما الشرع هو الذي يحكم على العادات، ومعلومٌ أن أخا الزوج وعم الزوج وخال الزوج ليس محرماً لزوجته، فعلى الزوجة أن تستر وجهها عن أخي زوجها وعمه وخاله، وأما أب الزوج وجد الزوج من قبل الأب أو من قبل الأم، فإنهم محارم لزوجة الابن؛ لقول الله تعالى في جملة المحرمات: وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ [النساء:23]، والأبناء هنا يشمل أبناء الصلب وأبناء البطن، أي: يشمل الابن وابن الابن، ويشمل ابن البنت وإن نزل، وعلى هذا الجد من قبل الأم أو من قبل الأب محرمٌ لزوجة ابن بنته وابن ابنه، وأما العم والخال والأخ للزوج فليس محرماً، وكذلك زوج الأخت ليس محرماً لأختها.
الجواب: يظهر لي أنه يريد بالسجدة الركعة، يعني: إذا أدرك الإنسان مع الإمام الركعة الثالثة في صلاة المغرب فإنه بقي عليه ركعتان، فإذا سلم الإمام قام فأتى بركعة يقرأ فيها الفاتحة وما تيسر من القرآن، ثم إذا سجد جلس للتشهد الأول ثم قام بعد أن يقرأ التشهد الأول، ثم يأتي بالركعة الثالثة مقتصراً على قراءة الفاتحة فقط، وقد يتوهم بعض العامة في هذه المسألة فيظن أنه إذا أدرك مع الإمام في المغرب الركعة الأخيرة قام فأتى بركعتين بدون التشهد الأول، وهذا خطأ، لأنه إذا فعل ذلك خالف ترتيب الصلاة، والصلاة تقضى أولاً بأول، فإذا أدرك ركعة، فإنه إذا أتى بركعة بعد سلام الإمام صارت الركعة التي بعد سلام الإمام هي الركعة الثانية، ويجلس فيتشهد التشهد الأول، ثم يقوم ويأتي بالثالثة.
وأما قوله: هل يجهر فيها بالقراءة؟ فنقول: إن كان لا يشوش على أحد لو جهر بالقراءة فإنه يجوز له أن يجهر في الركعة الأولى التي يقضيها، أما الركعة الثانية التي يقضيها فهي ليست محل جهر، وأما إذا كان يشوش على من حوله من الناس فلا يجهر، لأن الجهر سنة، والتشويش مؤذٍ للغير مفسدٍ عليه ذكره وعبادته.
الجواب: نعم. إذا كان الإنسان قاصداً مكة يريد العمرة أو الحج، فإن الواجب عليه أن لا يتجاوز الميقات حتى يحرم؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، ويهل أهل اليمن من يلملم )، وذكر الحديث، وهذا خبرٌ بمعنى الأمر، وعلى هذا فإن ما فعلته من ترك الإحرام من الميقات، وعدم إحرامك إلا من جدة، فعلٌ غير صحيح، والواجب عليك عند أهل العلم أن تذبح فدية في مكة وتوزعها على الفقراء، أما لو كنت مسافراً إلى جدة وليس من نيتك أن تعتمر، ولكن بعد أن وصلت إلى جدة طرأ عليك أن تعتمر، فهنا أحرم من المكان الذي نويت فيه العمرة؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال حين وقت المواقيت: (ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ )، حتى أهل مكة من مكة، ولكن كيف يكون الإحرام في الطائرة؟ الإحرام في الطائرة أن يغتسل الإنسان في بيته، ويلبس ثياب الإحرام، وإذا حاذى الميقات وهو في الجو لبى وأحرم، أي: دخل في النسك، وإذا كان يحب أن لا يلبس ثياب الإحرام إلا بعد الدخول في الطائرة فلا حرج، المهم أن لا تحاذي الطائرة الميقات إلا وقد تهيأ واستتم، ولم يبقَ عليه إلا النية، والمعروف أن قائد الطائرة إذا قارب الميقات ينبه الركاب بأنه بقي على الميقات كذا وكذا ليكونوا متهيئين.
الجواب: نعم. معنى قولهم: الحمد لله وكفى. يعني أن الله تعالى كافٍ عبده، كما قال الله تعالى: أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ [الزمر:36]، وقال تعالى: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق:3]، أي: كافيه شؤونه وأموره، فالفاعل في قوله: وكفى هو الله عز وجل، وليس معنى وكفى، أي: كفى قولي، بل المعنى الحمد لله وكفى الله، أي: أن الله تعالى كافٍ عبده، كما في الآية التي قال الله فيها: أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ [الزمر:36].
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر