إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب [395]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم من حلف على أمر يعلم كذبه خوفاً على المستحلف

    السؤال: يقول: منذ مدة وبينما أنا في الطريق البري بين الرياض والمدينة, رأيت حادثاً شنيعاً وقع بين سيارتين وأعرف سائق إحدى هاتين السيارتين, وقد توفي رحمه الله, وبعد قليل حضر قريب لهذا الشخص, وبعد تمعن عرف السيارة, فسألني هل صاحبها توفي؟ فأشفقت عليه فقلت له: لا أعرف, كما أنني لا أعرف السيارة, فاستحلفني بالله العظيم أن أخبره بالحقيقة ولكنني خوفاً من أن يقع له حادث مماثل نتيجة للفزع أنكرت ذلك, وبعد مدة سألت فمن قائل بأنني آثم على إخفاء الحقيقة, ومن قائل بأنني إن شاء الله مأجور؛ لأنني طمأنته حتى يصل إلى أهله, وأنا حائر هل علي إثم؟ وهل علي كفارة؟

    الجواب: يجب على الإنسان أن يكون صادقاً في مقاله وفعاله, وأن يكشف عن الحقيقة مهما كان الأمر, إلا إذا خشي ضرراً, فإنه يمكنه أن يتأول, فينوي بقلبه خلاف ما يفهمه مخاطبه, وعلى ذلك فإن الجواب على ما قاله السائل أنه مجتهد ونيته حسنة وطيبة, ولكنه مخطئ, والإنسان إذا اجتهد ونوى الخير فإنه لن يلحقه وزر؛ لأنه لم يتعمد الإثم وقد قال الله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ [الأحزاب:5]، فنحن نطمئن الأخ بأن هذه القضية التي حصلت منه ليس عليه فيها إثم؛ لأنه لم يتعمد الإثم, ولكنني أقول: لا تعد لمثلها بل أخبر بالحقيقة فإن خفت أن يترتب على الحقيقة محذور, فلا بأس أن تتأول, بمعنى: أن تريد بلفظك ما يخالف ظاهره بحيث يفهمه المخاطب على معنى وأنت تريد معنى آخر.

    فمثلاً: لو قال لك قائل: إن عندك لفلان كذا وكذا وديعة وأنت تخشى أنك لو أخبرته بأن لفلان عندك كذا وكذا وديعة, لتسلط على فلان وظلمه فلك أن تتأول فتقول مثلاً: والله ما له عندي شيء, فهو سيفهم منك أن (ما) نافية وأن المعنى: أنه ليس له عندك شيء, لكنك تنوي أن (ما) اسم موصول, بمعنى الذي, يعني: تقول: والله الذي له عنده شيء, وهو كذلك فالذي له عندك شيء, فهذا هو التأويل, وفي التأويل مندوحة عن الكذب, فلو أن الرجل لما جاء وسألك عن هذه السيارة وهل مات الذي أصيب بالحادث قلت: والله ما أعرفه تنوي ما أعرفه شقياً مثلاً, أو ما أعرفه سارقاً, أو ما أعرفه فاعلاً كذا وكذا, أي: تقيد لفظك بالأمر الواقع الحقيقي الذي يكون صدقاً باعتبار نيتك وإن كان هو يفهم خلاف هذا الأمر الواقع؛ لأنه سيفهم أن جوابك على حسب ما سألك.

    1.   

    كيفية إشهار الزواج

    السؤال: ما هي الطريقة المثلى بأن يشهر الرجل زواجه ابتعاداً عن الباطل؟

    الجواب: الطريقة المثلى لذلك أولاً: لا بد أن يكون بالشهود؛ لأن هذا من إشاعة النكاح.

    وثانياً: أن يعلن بالدعوة إليه فيدعو إليه الأصحاب والأقارب والجيران.

    وثالثاً: أن تزف النساء ليلة الدخول بالدفوف ويغنين بالأغاني, لكن بشرط أن لا تكون الأغاني ماجنة, أو مثيرة أو فيها مبالغة أو نحو ذلك مما هو محرم.

    ورابعاً: بالوليمة, وليمة العرس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها فقال لـعبد الرحمن بن عوف : (أولم ولو بشاة ). ومن الطرق الحديثة: عندنا أصحاب السيارات التي تسير في موكب الزفاف, ومنها أيضاً: الأنوار التي توقد في بيت الدخول, ولكن هنا أنبه إلى أمر يفعله بعض الناس في موكب حفل الزواج, وهو أنهم يضربون بواري السيارات بحيث يزعجون الناس في البيوت وفي الأسواق وهذا لا داعي له في الواقع, بل هو شيء مزعج ولا ينبغي للإنسان أن يتخذ ما يزعج إخوانه المسلمين.

    1.   

    حكم بعض ما يقوله المأموم متخللاً بها قراءة إمامه

    السؤال: يقول: أسمع كثيراً من المأمومين في كثير من المساجد عندما يذكر الإمام الآية: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5]. يقولون: استعنا بالله, ويقومون برفع أصواتهم عندما يقرأ الإمام, وأيضاً عند قول الإمام: صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى [الأعلى:19]. يقولون: عليهما السلام, كما أنه عندما ينتهي الإمام من أي سورة في القرآن ليركع يقول أكثر المأمومين: ربي اغفر لي وارحمني وهكذا في كثير من الآيات, هل هذا من البدع؟

    الجواب: المأموم مشروع له أن ينصت لقراءة إمامه؛ لقوله تعالى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا [الأعراف:204]. قال الإمام أحمد: أجمعوا على أن هذا في الصلاة, وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى الصحابة عن القراءة فيما يجهر فيه إلا بأم القرآن؛ وعلى هذا فينبغي للمأموم أن ينصت لقراءة إمامه وأن لا يقول شيئاً. نعم لو سكت الإمام وقد مر بآية رحمة أو آية وعيد, فللمأموم أن يستعيذ عند آية الوعيد وأن يسأل عند آية الرحمة, وأما قولهم: استعنا بالله عند قوله: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5]. فهذه لا أصل لها, ولا داعي لها ولا حاجه إليها؛ لأن الإمام سيقول: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:6-7]، وسيأمنون على هذا الدعاء, فلا حاجة لقول: استعنا بالله, وأما قولهم عند قراءة الإمام صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى [الأعلى:19]: عليهما السلام, فهذا لا بأس به؛ لأن هذا موضع سكوت الإمام, ولا حرج في أن يقول المأموم: عليها السلام, وأما سؤال بعضهم المغفرة عند الانتهاء من القراءة قبل الركوع فهذا لا أصل له, ولا وجه له ولا مناسبة له وتركه هو المشروع.

    1.   

    درجة حديث: (من كفر مسلماً فقد كفر) وحكم التكفير

    السؤال: يسأل عن الحديث التالي ومدى صحته: (من كفر مسلماً فقد كفر

    الجواب: هذا الحديث بهذا اللفظ لا أعرفه, ولكن صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل عليه, وهو أن من قال لشخص: يا كافر! أو دعا رجل بالكفر ولم يكن كذلك رجع على القائل, فهذا الذي ثبت هو بمعنى هذه اللفظة الذي ذكره السائل, وفيه التحذير الشديد من وصف المسلمين بالكفر إلا ببرهان بيّن من الله عز وجل, وبه نعرف خطأ بعض الناس الذين صار التكفير عندهم سهلاً, حتى في الأمور الاجتهادية التي لا يضلل فيها المخالف, فتجدهم يكفرون من خالفهم, وهو أمر خطير جداً, فالواجب على المرء أن يتقي الله في هذه المسألة, وأن لا يكفر إلا من دل الكتاب والسنة على كفره, ومع هذا فإن العمل أو القول قد يكون كفراً, ويكون العامل أو القائل معذوراً بجهل, أو تغرير, فيحتاج إلى إقامة الحجة عليه قبل أن يحكم بكفره, وليعلم أن وصف الإنسان بالكفر أو الإيمان ليس موكولاً إلى الناس, بل هو موكول إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فما دل الكتاب والسنة أنه من الكفر فهو كفر, وما لا دليل فيه من الكتاب والسنة أنه كفر فلا يجوز لأحد أن يجعله كفراً,كما أن التحليل والتحريم والإيجاب إنما يؤخذ من الكتاب والسنة, فكذلك التكفير والتفسيق, والإنسان سيكون مسئولاً أمام الله عز وجل في ما ينطق به، لا سيما في هذه الأمور الخطيرة، فقد قال الله تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق:16-18].

    1.   

    حكم الوضوء في مسجد والصلاة في مسجد آخر

    السؤال: ما حكم وضوء الرجل في مسجد وصلاته في مسجد آخر؟

    الجواب: إذا كانت الميضأة خارج المسجد, فلا حرج أن يتوضأ في هذه الميضأة ويصلي في مسجد آخر, اللهم إلا إذا كان هذا المسجد قد أقيمت فيه الصلاة, فالأولى أن يصلي فيه, وأما إذا كانت الميضأة داخل المسجد, فإنه لا يجوز الخروج من المسجد بعد الأذان إلا لسبب؛ لأن أبا هريرة رأى رجلاً خرج من المسجد بعد الأذان، فقال: أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم, فإن كان هناك سبب مثل: أن يريد الذهاب إلى المسجد الآخر لحضور مجلس العلم, أو لضرورة, فلا حرج عليه أن يخرج ولو كانت الميضأة في داخل المسجد.

    1.   

    حكم من تخلف عن الجماعة لضعفه وكبر سنه

    السؤال: رجل يقول بأنه كان مواظباً على صلاة الجمعة في المسجد باستمرار, والآن أصبح نظري لا يسمح لي بالخروج من المنزل, كما أن صحتي كذلك, وقد أصبح عمري الآن أكثر من اثنين وثمانين عاماً, والمسجد من المنزل على بعد سبع دقائق بالأرجل, فما حكم الشرع في نظركم في حالتي هذه؟

    الجواب: صلاة الجماعة واجبة على الرجال, والواجب أن تكون في المساجد مع المسلمين إلا لعذر, فإذا كان الذهاب إلى المسجد شاقاً على هذا السائل, ومتعباً له, فلا حرج عليه في التأخر عن صلاة الجماعة, وله الأجر كاملاً؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من مرض أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحاً مقيماً ). وأما إذا كان لا يشق عليه, فإنه يجب عليه أن يذهب إلى المسجد ويصلي مع جماعة المسلمين؛ لأن سبع دقائق ليست كثيرة, لكن هو يعلم بنفسه إذا كان يشق عليه مشقة غير محتملة, فإنه معذور في هذا وله الأجر كاملاً حيث كان في حال قوته يصلي مع الجماعة.

    1.   

    أكل الدجاج المثلج وبيعه وشويه

    السؤال: يقول: أرجو إفادتي جزاكم الله خيراً في حكم الشرع في نظركم في الدجاج المثلج, هل هذا الدجاج مذبوح حسب الشريعة الإسلامية؟ وهل أكل هذا الدجاج حلال؟ هذا بالإضافة إلى أنني أعمل بمحل لشوي الدجاج وبيعه, فهل يجوز لي أن أعمل في هذا المحل إذا كان هذا الدجاج مذبوح على غير الشريعة الإسلامية؟

    الجواب: الواقع أنا لا ندري كون هذا الدجاج مذبوحاً على الطريقة الإسلامية أو غير مذبوح على الطريقة الإسلامية, ولكن يجب أن نبحث: من الذي ذبحه؟ هل هو مسلم, أو كتابي أو غيرهما؟ فإن كان مسلماً فذبيحته حلال, ولا يلزمنا أن نسأل: كيف ذبح؟ ولا: هل سمى الله على الذبيحة أم لا؟ بل وليس لنا أن نسأل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه قوم، فقالوا: (إن قوماً يأتوننا باللحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا؟ قال: سموا أنتم وكلوا، وكانوا حديثي عهد بكفر )، وهذا يدل على أنه ليس من حق الإنسان أن يسأل مثل هذا السؤال؛ وعلى هذا فنقول: من الذي ذبح هذا؟ فإذا قالوا: مسلم أو قالوا: إنه كتابي, يعني: يهودي أو نصراني فهو حلال ولا تسأل, وأما إذا قالوا: إنه ليس بمسلم ولا كتابي, فإن هذا لا يحل على كل حال؛ لأنه لا أحد من الناس تحل ذبيحته إلا هؤلاء الثلاثة: المسلم, واليهودي, والنصراني.

    1.   

    التصرف في لقطة المسجد النبوي بدون تعريف

    السؤال: تقول: وجدت سواراً من الذهب في المسجد النبوي الشريف في شهر رمضان, وأخذته وعرضته للبيع, وكان السعر ما يقارب من أربعمائة وعشرين ريالاً فتصدقت بجزء منه, وأخذت الباقي, فما حكم الشرع في نظركم في عملي هذا؟

    الجواب: هذا العمل خطأ؛ لأن الواجب على من وجد لقطة أن يعرفها؛ يعرف نوعها, وصفتها, وجميع ما يحتاج إلى تعريفه, ثم ينشدها لمدة سنة كاملة, ليعرف صاحبها, فإن جاء صاحبها فذاك, وإلا فهي له, ولا يحل له أن يتصرف فيها أو يتملكها قبل تمام السنة, إلا إذا كان التصرف لمصلحتها, مثل: أن تكون هذه اللقطة مما يفسد سريعاً, فيبيعها من أجل الحفاظ عليها, فلا بأس, ولكن لا يتملكها قبل تمام السنة, وتصحيح الخطأ الذي وقع من هذه السائلة الآن, أن تتصدق ببقية الثمن الذي باعت السوار به؛ لأنه ليس ملكاً لها وتتوب إلى الله مما صنعت ومن تاب تاب الله عليه.

    1.   

    الوضوء بعد الادهان بالكريم

    السؤال: إذا دهن الإنسان جسمه بالكريم, وأراد الوضوء, هل يزيل الكريم؟ مع العلم أن مثل هذه الزيوت إذا ادهن بها الإنسان وأراد أن يغسل يديه ينزل الماء بسرعة ويبقى الكريم، فماذا يفعل؟

    الجواب: هذه الدهون إذا كانت جامدة تمنع وصول الماء, فإنه لا بد من إزالتها, وإن كانت مائعة وتشربها الجلد, ولم يبق لها أثر ظاهر على الجلد, فإنه لا حرج أن يتوضأ الإنسان أو يغتسل دون أن يستعمل الصابون في إزالتها؛ وذلك لأن المحذور هو ما يمنع وصول الماء إلى البشرة, فأما ما لا يمنع فلا يضر أن يمر به الماء سريعاً, ويزول عنه سريعاً, ما دام ليس هناك ما يمنع وصول الماء إلى البشرة, فصار الجواب بالتفصيل, إذا كان هذا الدهن جامداً له طبقة تمنع وصول الماء فلا بد من إزالته, وإن لم يكن له طبقة تمنع وصول الماء فلا حرج أن يتطهر ولو كان الماء ينزلق بسرعة ولا يثبت؛ لأنه ليس في هذا العضو ما يمنع وصول الماء.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    768035716