الجواب: إن شهر رمضان المبارك شهر الصوم والقيام وقراءة القرآن، وأوجه النصيحة إلى إخواني المسلمين أن ينتهزوا فرصة هذا الشهر بكثرة الأعمال الصالحة المبنية على الإخلاص لله تعالى، ومتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم، من الصلاة والصدقة، وحفظ الصوم بأن لا ينقضه أو ينقصه، والإحسان إلى الخلق، فإن الله سبحانه وتعالى يحب المحسنين.
وأحثهم على البعد عن معاصي الله سبحانه وتعالى؛ من القول المحرم أو الفعل المحرم، ولا سيما في أيام الصوم، لأن الحكمة من ترقية الصيام هي تقوى الله عز وجل، كما قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:183]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من لم يدع قول الزور، والعمل به، والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه )، وأحثهم على تجنب ما يفعله كثير من الناس في هذا الشهر المبارك حيث يجعلون لياليه ظرفاً لّلهو وإضاعة الوقت، ويجعلون أيامه ظرفاً للنوم والكسل عن الخيرات وفعل الطاعات، لا سيما وأنه في هذا العام: عام (1411هـ) سيكون الجو مناسباً جداً، حيث أنه في مقتبل أصل الربيع، سيكون الصوم سهلاً من أجل لطف الجو، والنهار قصيراً وهذا يعين المرء على إتقان الصوم وعلى الجد في فعل الخيرات وترك المنكرات.
أما بالنسبة للجواب على سؤال السائل فإن السائل يسأل عن الإبر والحقن والقطرات، وما أشبهها، وهل هي تفسد الصوم أو لا؟!
فنقول: إن هذه القطرات التي تقطر في العين أو الأذن وكذلك الإبر وكذلك الحقن كلها لا تفطر؛ وذلك لأن الأصل بقاء الصوم وصحته حتى يقوم دليل من الشرع من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو إجماع المسلمين أو القياس الصحيح على ما ثبت بذلك على أن هذا الشيء مفسد للصوم، وهذه الأشياء التي ذكرها السائل لا دليل على أنها تفسد الصوم لا من الكتاب ولا السنة ولا الاجماع ولا قياس صحيح، فهي ليست أكلاً ولا شرباً ولا بمعنى الأكل والشرب، وإذا لم تكن أكلاً ولا شرباً ولا بمعنى الأكل والشرب فإنها لا تفسد الصوم؛ لأن الذي يفسد الصوم هو الأكل والشرب وما دل الدليل على أنه يفسده مما سوى ذلك، وليست هذه الأشياء أكلاً ولا شرباً، وهي أيضاً ليست بمعنى الأكل والشرب فهي لا تقوم مقامه، وإذا لم يتناولها اللفظ؛ أعني: لفظ النص بالدلالة اللفظية ولا بالدلالة القياسية فإنها لا تدخل في ما جاء به النص.
وعلى هذا يجوز للصائم سواء كان صومه فرضاً أم نفلاً أن يقطر في عينيه وأن يقطر في أذنيه وأن يستعمل الإبر، لكن إذا كانت الإبر مغذية بحيث يستغنى بها عن الأكل والشرب فإنها تفطر لأنها بمعنى الأكل والشرب، وما كان بمعنى المنصوص عليه فله حكمه لأن الشارع لا يفرق بين متماثلين، كما لا يجمع بين متفرقين.
الجواب: هدي النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان، وهدي السلف الصالح والصحابة والتابعين بإحسان خلال هذا الشهر كان بكثرة فعل الخير واجتناب فعل الشر، فلقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يأتيه جبريل كل ليلة، يعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم القرآن، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة، كان عليه الصلاة والسلام أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان، وكان الرسول عليه الصلاة والسلام يعتكف في رمضان في العشر الأواخر منه طلباً لليلة القدر، والاعتكاف هو أن يلزم الإنسان المسجد ليتفرغ لطاعة الله سبحانه وتعالى.
الجواب: سئلت عائشة رضي الله عنها: (كيف كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان؟ فقالت: ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهنّ وطولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً )، وقولها: (يصلي أربعاً) لا يعني: أنه يصليها بتسليمة واحدة كما يظنّه البعض، بل كان يصلي الأربع بتسليمتين، يسلم من كل ركعتين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صلاة الليل فقال: (مثنى مثنى )، ولكنه كان يصلي أربعاً دون فصل، أي: يسلم من الركعتين الأوليين ثم يشرع في الركعتين الأخريين ثم يستريح، ثم يصلي الأربع يسلم من كل ركعتين ثم يستريح، ثم يصلي ثلاثاً، هذا هو وجه الحديث.
وعلى هذا فالأفضل أن يقتصر الإنسان على إحدى عشرة ركعة لكن تكون متأنية يطيل فيها، ليتمكن الناس من التسبيح والدعاء، لا كما يفعل بعض الناس اليوم تجده يصلي التراويح مسرعاً، حتى لا يكاد المأمومون يتمكنون من متابعته، وهذا غلط من الإمام؛ لأن الإمام يجب عليه أن يقوم بالناس كما قام النبي صلى الله عليه وسلم في حسن الصلاة وعدم الاخلال بشيء من واجباتها وأركانها وشروطها لأنه ضامن، ولو صلى الإنسان ثلاث عشرة ركعة فلا حرج؛ لأنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي أحياناً ثلاث عشرة ركعة، كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما، ولو صلى أكثر من ذلك فلا حرج؛ لأن الباب واسع والخطب يسير، لكن المهم كل المهم أن يكون الإنسان مطمئناً في صلاته متأنياً، يراعي من خلفه ويمكنهم من الذكر والدعاء، وما هي إلا ليالي معدودة ثم ينتهي الشهر.
ولكن من الخطأ أن بعض الإخوة المجتهدين الذين يحرصون على تطبيق السنة في عدد ركعات التراويح تجد بعضهم إذا صلى مع إمام يزيد على إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة ينفصل عنه ويخرج من المسجد، وهذا خلاف هدي الصحابة رضي الله عنهم، وخلاف ما تقتضيه قواعد الشريعة من الائتلاف وعدم الاختلاف.
ولا أعلم أحداً من أهل العلم من السلف الصالح حرم الزيادة على إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة، فكيف يليق بالمؤمن العاقل أن ينفصل عن جماعة المسلمين في أمر فيه سعة، والصحابة رضي الله عنهم حرصوا على الاتفاق في أمر أعظم من هذا، فإن عثمان بن عفان رضي الله عنه كان يتم الصلاة في منى في الحج وأنكروا عليه ذلك، ومع هذا فكانوا يصلون وراءه ويتمون، فيأتون بركعات زائدة عما يرون أنه مشروع وهو القصر من أجل الموافقة، وقد سئل ابن مسعود رضي الله عنه حين ما أنكر على عثمان بن عفان رضي الله عنه وكان يصلي خلفه أربعاً، فسئل عن ذلك فقال: إن الخلاف شر، فدل هذا على أن هدي الصحابة رضي الله عنهم الحرص على كل ما فيه تأليف القلوب واجتماع الكلمة.
وإني أنصح إخواني هؤلاء أن يحرصوا على التمسك بهدي الصحابة فهم أعمق منّا علماً وأقل منّا تكلفاً وأقرب منا إلى الحق، وشر من ذلك أن بعضهم يجلس إذا صلى عشر ركعات في مكانه في المسجد ويتحدث إلى صاحبه وهم بين المسلمين الذين يصلون فيشوشون على المصلين ويؤذونهم، ويقطعون الصف حيث يجلسون بين الناس الذين هم قيام وركوع وسجود، وكل هذا من نتيجة الجهل وعدم الفقه، ولهذا يجب على الإنسان أن يكون عالماً فقيهاً لا عالماً غير فقيه، فنسأل الله لنا ولهم الهداية.
ونقول في خلاصة الجواب: إن الأمر في عدد الركعات في التراويح واسع، فإن صلى إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة أو زاد على ذلك فهو على خير، ولكن الأفضل الاقتصار على إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة.
الجواب: كل من أراد الحج أو العمرة فإنه يجب عليه إذا مر بأول ميقات أن يحرم منه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما وقت المواقيت قال: (هن لهن، ولمن أتى عليهن من غير أهلن ممن يريد الحج أو العمرة )، فلا يجوز لمن مر بميقات وهو يريد الحج والعمرة أن يتجاوز الميقات حتى يحرم.
والأمر سهل إذا أحرم من الميقات ووصل إلى جدة، يأتي إلى مكة وفي خلال ثلاث ساعات أو أقل أو أكثر قليلاً يرجع إلى جدة بعد أن أدى عمرته، ويمكث فيها حتى يأتي وقت الحج، فإذا جاء وقت الحج أحرم من جدة.
الجواب: نعم، ختم تلاوة القرآن بقول: (صدق الله العظيم) بدعة؛ وذلك لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه أنهم كانوا يختمون قراءتهم بقول: (صدق الله العظيم)، وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة ).
وعلى هذا فينبغي للقارئ إذا انتهى من قراءته أن ينهيها بآخر آية يتلوها بدون أن يضيف إليها شيئاً.
الجواب: الصحيح أن الشجرة غير معلومة لنا بعينها، وذلك لأن الله تعالى أبهمها في كتابه، وما أبهمه الله في كتابه فإنه لا يجوز لنا أن نعينه إلا بدليل عن معصوم؛ عن النبي صلى الله عليه وسلم، وما عدا ذلك فإنه لا عبرة به.
والأخبار الإسرائيلية اختلفت في تعيين هذه الشجرة، ولو كان لنا فائدة من تعيينها لعينها الله سبحانه وتعالى لنا، لكن الفائدة كل الفائدة في القصة والقضية، وليس في نوع الشجرة هل هي حنطة أو غير حنطة.
الجواب: نعم، الغسل الواجب الذي تبرأ به الذمة أن يعم الإنسان الماء جميع بدنه؛ بمعنى أن يوصل الماء إلى جميع بدنه إلى رأسه وما تحت الشعر وإلى جميع الجسد على أي صفة كانت، لقول الله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا [المائدة:6]، ولكن الأفضل أن يغتسل كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وصفته: أن يغسل كفيه ثلاثاً، ثم يغسل فرجه وما لوثه، ثم يتوضأ وضوءاً كاملاً، ثم يحثي الماء على رأسه ثلاث مرات حتى يرويه، ثم يغسل سائر جسده، هذا هو الأكمل والأفضل.
وبناء على هذا يتبين أن ما فعله السائل صحيح وأن الجنابة قد ارتفعت به.
الجواب: صيامه صحيح، ولكنه ينبغي للصائم أن يستغرق صيامه بالطاعات من صلاة وقراءة قرآن وذكر وغير ذلك، فأما الكلام اللغو فإنه خسارة على الإنسان سواء كان صائماً أم مفطراً؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت )، والكلام اللغو يصحبه أحياناً كلام محرم من غيبة أو سخرية بأحد أو ما أشبه ذلك، فينبغي للعاقل أن يحفظ لسانه عن كل شيء لا فائدة فيه، سواء كان صائماً أو مفطراً.
الجواب: صدقة التطوع أوسع من الزكاة المفروضة؛ لأن الزكاة المفروضة لا تحل إلا للأصناف الثمانية الذين عينهم الله في قوله: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة:60]، أما صدقة التطوع فهي أوسع، فيجوز للإنسان أن يتصدق على شخص يحتاج إليها وإن لم يكن فقيراً، ويجوز أن يتصدق على طلبة العلم وإن كانوا أغنياء تشجيعاً لهم على طلب العلم، ويجوز أن يتصدق على غنيٍّ من أجل المودة والألفة فهي أوسع، ولكن كلما كانت أنفع فهي أفضل.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر