الجواب: إذا كان هذا وقع اتفاقاً بمعنى أنه وقع بدون شرط، أي: أن الرجل زوج أخته من الرجل، ثم إن الثاني زوج أخته به، فإن هذا لا بأس به ولا حرج فيه.
أما إذا وقع بشرط بأن قال: لا أزوجك أختي إلا إذا زوجتني أختك، فهذا إن كان بلا مهر فهو حرام لأنه من الشغار الذي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه، وقال: (لا شغار في الإسلام ) ، ولأن المهر يجب أن يكون مالاً لا بضعاً، لقول الله تعالى: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ [النساء:24].
أما إذا كان هناك مهر، وكان هذا المهر مهر المثل، ورضيت الزوجتان كل منهما بزوجها، وكان كل منهما كفواً للزوجة، فإن هذا العقد صحيح عند كثير من أهل العلم؛ لأنه لا محذور فيه، فالمهر كامل والرضا حاصل والكفاءة ثابتة، لكنه يخشى منه ما يقع كثيراً في مثل هذه الحال: وهو أنه إذا ساءت العشرة بين إحدى الزوجتين وزوجها، حاول الزوج الذي ساءت عشرته بينه وبين زوجته أن يفسد ما بين الزوج الآخر وزوجته، وهذا محذور يجب أن يتنبه له الإنسان حتى وإن كان النكاح صحيحاً.
وهناك عادة أخرى سمعت أنها ليست بواجبة وهي رفع اليدين بعد النافلة للدعاء؟
الجواب: أما الأول وهو السلام بعد الصلاة: فهذا إن وقع مباشرة كما يفعله بعض الناس من حين يسلم من على يمينه وعن يساره وربما يضيف إلى ذلك أن يقول: تقبل الله أو ما أشبه هذا، فإن هذا العمل لا أصل له، ولم يكن من هدي السلف الصالح، وخير الهدي هدي النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين، وأما إذا وقع بعد النافلة وسلم الإنسان على من عن يمينه أو عن شماله لا لقصد أن هذا أمر مستحب أو أنه أمر مشروع، فأرجو أن لا يكون فيه بأس، لأن فيه مصلحة وهو تأليف القلوب، وربما يحتاج إلى السؤال عن حاله.
وأما الدعاء بعد الصلاة النافلة والفريضة فليس له أصل عن النبي عليه الصلاة والسلام، فإن الله تعالى قال: فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ [النساء:103] ولم يقل: فادعوا الله، والدعاء إنما يكون قبل السلام، هكذا أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إليه فقال حين ذكر التشهد: (ثم ليتخير من الدعاء ما شاء )، وكما أن هذا هو مقتضى ما أرشد إليه النبي عليه الصلاة والسلام، فهو أيضاً القياس والنظر الصحيح؛ لأن كون الإنسان يدعو قبل أن يسلم أولى من كونه يدعو بعد أن يسلم؛ لأنه قبل أن يسلم يناجي الله عز وجل لأنه في صلاة، وإذا سلم انقطعت المناجاة الخاصة بالصلاة.
وحينئذٍ نقول: إذا كنت تريد أن تدعو الله فادعوا الله سبحانه وتعالى بعد التشهد وقبل أن تسلم، ولو طولت إطالة كثيرة ما دمت لست إماماً ولا مأموماً، فلك أن تطيل ما شئت، لو تبقى نصف ساعة أو أكثر وأنت تدعوا قبل أن تسلم فلا حرج عليك، أما إذا كنت إماماً فلا ينبغي أن تطيل في الناس أكثر مما كان النبي عليه الصلاة والسلام يفعل، وإذا كنت مأموماً فلا بد أن تكون تابعاً لإمامك، متى سلم وقد أتيت بما يجب عليك من التشهد فسلم معه.
الجواب: جمع النافلتين بسلام واحد خلاف السنة؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (صلاة الليل والنهار مثنى مثنى ) فالمشروع أن تسلم من كل ركعتين، لكن في الوتر لك أن تجمع فإذا أوترت بثلاث فلك أن تصلي ركعتين وتسلم ثم تأتي بالثالثة، وإذا أوترت بخمس فالسنة ألا تسلم إلا في آخر واحدة، وإذا أوترت بسبع فكذلك لا تسلم إلا في آخر ركعة، وإذا أوترت بتسع فكذلك لا تسلم إلا في آخر ركعة، ولكن إذا صليت ثمان ركعات فاجلس وتشهد ثم قم قبل أن تسلم وسلم في التاسعة، والوتر صلاة واحدة في الحقيقة ليست صلاتين، ولهذا جاز فيه القرن بين الركعتين وما بعدهما.
الجواب: إن الإنسان الذي في عمل مقدر بالزمن مستحق زمنه كله لهذا العمل، ولا يجوز أن يخل بشيء من هذا الوقت، وإذا كان في المكان الذي يعمل فيه مسجد تقام في الجماعة فإنه لا يحل له أن يخرج إلى مسجد بعيد، بل يجب أن يصلي مع الجماعة في هذا المسجد؛ لأنه إذا خرج إلى مكان بعيد فوت من العمل بقدر هذا البعد، وكما قلت: إن الإنسان الذي يعمل عملاً مقدراً بالزمن يكون كل زمنه مستحقاً لهذا العمل، لا يجوز أن يفرط في شيء منه؛ لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1]، ولقوله تعالى: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا [الإسراء:34]، وأنت قد دخلت مع صاحب هذا العمل على أنك ملتزم بجميع الزمن الذي قدر فيه عملك.
فإن كان يجب علي القضاء فكيف أقضي؟ ولقد صمت بعده ثلاث رمضانات، أي مضى عليه ثلاث سنوات، فهل أقضي وأدفع كفارة في التأخير، أم ماذا أعمل؟
الجواب: نعم يجب عليك أن تقضي شهر رمضان الذي مر بك وأنت مغمى عليك من هذا الحادث، ولا يحل لك أن تؤخره إلى رمضان الثاني إلا لعذر، فإن أخرته إلى رمضان الثاني أو الثالث أو الرابع فإنك آثم بهذا وعليك أن تتوب إلى الله فتستغفر وتندم على ما جرى منك وتقضي ما فاتك.
والقول الراجح: أنه لا يلزمك كفارة مع القضاء لأنه ليس هناك دليل من السنة على وجوب الكفارة مع القضاء، بل عموم قول الله تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184]، يشمل ما إذا قضاه الإنسان قبل رمضان الثاني أو بعده، ولم يوجب الله سبحانه وتعالى إلا عدة من أيام أخر، فالقول الراجح: أن من قضى رمضان لا يلزمه مع القضاء كفارة، إلا أنه تختلف الحال بالنسبة للمعذور وغيره في الإثم فقط، فإن أخر إلى رمضان الثاني بدون عذر فهو آثم وإن أخره لعذر فهو غير آثم، أما الكفارة فلا تجب في كلتا الحالين.
الجواب: أما أخذ الأجر على تنظيف المسجد وتعليم القرآن فلا بأس به، لقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله )، ولأن تنظيف المسجد من الأعمال الذي يقع قربة وغير قربة، فإذا أخذ الإنسان عليه أجراً فقد أخذ أجره في الدنيا ولكنه ليس له أجره في الآخرة، هذا بالنسبة لما كان عقد عليه عقد إجارة.
أما إذا كان الذي يأخذه من بيت المال -أي: من الحكومة- فإن هذا لا بأس به وأجره في الآخرة على قدر نيته.
وأما بالنسبة للأذان والإمامة، فإن كان العمل فيهما بعقد إجارة فإن هذا العقد لا يحل ولا يجوز؛ لأن الأذان والإمامة لا يقعان إلا قربة، وما كان لا يقع إلا قربة فإنه لا يجوز أخذ الأجرة عليه، وقد سئل الإمام أحمد رحمه الله عن رجل قال لقوم طلبوا منه أن يقوم بهم في رمضان: لا أقوم بكم إلا بكذا وكذا، فقال الإمام أحمد رحمه الله: نعوذ بالله ومن يصلي خلف هذا، أما إذا كان يأخذه من بيت المال -أي: من الحكومة- فإن هذا لا بأس به ولا حرج فيه؛ لأنه ليس من باب الإجارة ولكنه من باب المكافأة على من قام بعمل عام ينتفع به المسلمون.
الجواب: إذا كان تركه للصلاة على أنه سيقضيها بعد أن يشفيه الله فعليه قضاؤها بأنه أخرها بنية القضاء على أنه معذور، أي: يعتقد أنه معذور بتأخيرها، وأما إذا كان تركها تهاوناً فإنه لا ينفعه قضاؤها؛ لأن العبادة المؤقتة بوقت إذا تعمد الإنسان إخراجها عن وقتها فإنها لا تجزئه ولا تبرأ بها ذمته.
وإنني أقول: إن الواجب على هذا الرجل إن كان صلى الصلاة في وقتها وفعل ما يقدر عليه من واجباتها.
وقد ابتلي كثير من الناس في مثل هذه الحال، إذا مرت به الصلاة وهو على حال لا يستطيع أن يقوم بها على الوجه الأكمل، قال: أؤخرها حتى أشفى وأستطيع أن أقضيها على ما ينبغي، فنقول: هذا خطأ عظيم جداً، فالواجب أن يصلي الصلاة في وقتها ويفعل ما يقدر عليه من شروطها وأركانها وواجباتها، لقول الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، وقوله: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:186].
وتقع مثل هذه الحال في المرضى الذين تكون ثيابهم نجسة ولا يستطيعون خلعها، فتجدهم يقولون: نؤخر الصلاة حتى نبرأ ونشفى من المرض ثم نطهر الثياب ونصلي وهذا غلط، فالواجب عليهم أن يصلوا ولو كانت ثيابهم متلوثة بالنجاسة إذا كانوا لا يقدرون على إزالة هذه النجاسة بالغسل أو بتغيير الثياب.
الجواب: الكلونيا ليست بنجسة، وكذلك سائر الكحول ليست بنجسة؛ وذلك لأن القول بنجاستها مبني على القول بنجاسة الخمر، والراجح الذي تدل عليه الأدلة أن الخمر ليس بنجس نجاسة حسية وإنما نجاسته معنوية، ودليل ذلك أولاً: أن الصحابة رضي الله عنهم لما حرمت الخمر أراقوا الخمر في الأسواق، ولو كانت نجسة ما حل لهم أن يريقوها في الأسواق لأن الإنسان لا يحل له أن يريق شيئاً نجساً في أسواق المسلمين.
ثانياً: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمرهم بغسل الأواني منها، مع أنه لما حرمت الحمر في خيبر أمر النبي عليه الصلاة والسلام بغسل الأواني منها.
ثالثاً: أن رجلاً أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم راوية خمر، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ( إنها حرمت، فتكلم معه رجل -أي: مع صاحب الراوية- سراً يقول له: بعها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل بم ساررته؟ فقال: قلت: بعها يا رسول الله! قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه، ففتح الرجل فم الراوية وأراق الخمر منها ) ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بغسلها، ولو كان الخمر نجساً لأمره بغسلها لأنه سوف يستعملها في مائه لشرابه وطهوره.
وهذه أدلة إيجابية تدل على أن الخمر ليس بنجس، ثم هناك دليل سلبي أي مبني على البراءة، وهو أن الأصل في الأشياء الطهارة حتى يقوم دليل على نجاستها، كما أن الأصل في الأشياء الحل حتى يقوم دليل على تحريمها.
ومن المعلوم أنه لا تلازم بين التحريم والنجاسة بمعنى: أنه ليس كل شيء محرم يكون نجساً، فالسم مثلاً محرم وليس بنجس، نعم كل نجس فهو محرم ولا عكس، لأن النجس يجب التطهر منه، فإذا كان ملابسة النجس محرمة تجب إزالته فمن باب أولى وأحرى أكله وشربه، فإن قال قائل: إن الله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ [المائدة:90]، فقال (رجس)، والرجس: النجس، لقوله تعالى: قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ [الأنعام:145] أي: (نجس)، فالجواب عن الآية: أن المراد بقوله: (رجس) أي: رجس عملي، فهي نجاسة معنوية، ولهذا قال: رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ [المائدة:90] ثم إنه قرنه بالميسر والأنصاب والأزلام، وهذه ليست نجسة نجاسة حسية بالاتفاق، فعلم أن المراد بالرجسية في قوله: رجس الرجسية المعنوية، وليست الرجسية الحسية.
ولكن يبقى السؤال: هل يجوز أن نستعمل هذه الأطياب التي فيها شيء من الكحول، والجواب على ذلك أن نقول: إذا كان الشيء يسيراً مستهلكاً فيما مزج به فإنه لا حرج في استعمالها؛ لأن الشيء الطاهر إذا خالطه شيء نجس لم يتغير به فإنه يكون طاهراً، أما إذا كان الخليط من الكحول كثيراً بحيث يسكر لو شربه الإنسان فإنه لا ينبغي استعماله والتطيب به، لكن إن احتاج الإنسان إلى استعماله لدواء جرح وما أشبه ذلك فلا بأس.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر