الجواب: تعاهد القرآن يكون بمداومة تلاوته حسب ما تقتضيه المصلحة والحاجة، فقد يكون الإنسان ضعيفاً في حفظه لكتاب الله، وهذا نقول له: أكثر من تلاوته ومعاهدته؛ لئلا يضيع منه شيء، وتارةً يكون حفظه لكتاب الله قوياً فهذا لا نلزمه من المعاهدة والمحافظة كما نلزم الأول، فهي تكون بحسب الحال، أي: بحسب حال حافظ القرآن، وضابطها أن يتعاهد القرآن على وجه يأمن فيه من نسيانه، ويختلف هذا باختلاف الناس.
الجواب: المحاماة وهي المدافعة عن صاحب الحق، لا بأس بها في الأصل، فهي من قسم الوكالات الجائزة، إلا أنها أحياناً تجب، وأحياناً تحرم، فتجب المحاماة إذا كان لا يمكن استخلاص الحق لصاحب الحق إلا بها، فإن أخاك المسلم إذا استنجدك للمحافظة على ماله ودفاع أهل الظلم عنه كان من حقه عليك أن تعينه في هذا الشيء.
وتكون محرمة إذا كان الإنسان يحامي لغيره في إثبات باطل أو إنكار حق، فإذا كان الإنسان قد جعل مهنة المحاماة وسيلةً لإرضاء من وكله سواء كان محقاً أو مبطلاً فإن الدخول فيها حرام، أما إذا دخل من أجل نصرة الحق ورد المظالم إلى أهلها فإنه لا بأس بها، بل قد تكون واجبةً أو مندوبة بحسب ما تقتضيه الحاجة أو المصلحة.
الجواب: وقت الظهر يمتد إلى دخول وقت العصر، فليس بينهما مسافة زمنية، بل إذا خرج هذا دخل هذا، وإذا علم هذا تبين أن الإنسان إذا صلى الظهر في آخر وقتها قريباً من العصر لم يكن جامعاً بل هو مصل للظهر في وقتها، ومصل للعصر في وقتها، وحينئذٍ نقول له: إذا صليت الظهر فصل الراتبة بعدها قبل أن تصلي العصر، لكن لو فرضنا أن الإنسان لا يمكن أن يصلي الظهر إلا بعد دخول وقت العصر واحتاج إلى أن يجمع بينها وبين العصر فلا حرج عليه أن يجمع بينها وبين العصر؛ لما ثبت في صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء في المدينة من غير خوف ولا مطر، قالوا: ما أراد إلى ذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته ) أي: ألا يلحقها الحرج والضيق.
فيؤخذ من هذا الحديث أن الجمع إذا كان في تركه مشقة وحرج فإنه يكون جائزاً، وهذه القاعدة داخلة في عموم قوله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج:78] .
فلتنظر هذه السائلة هل هي تصل إلى بيتها قبل دخول وقت العصر فحينئذٍ تصلي الظهر في وقتها ولا تحتاج إلى الجمع، أو لا تصل إلى بيتها إلا بعد دخول وقت صلاة العصر فحينئذٍ تنوي الجمع، وإذا وصلت إلى بيتها جمعت بين الظهر والعصر، وتصلي الراتبة راتبة الظهر بين الظهر والعصر إن شاءت؛ لأنه لا يضر الفصل بين المجموعتين إذا كان الجمع جمع تأخير.
الجواب: قول: (صدق الله العظيم) بعد انتهاء التلاوة في الصلاة أو في غيرها بدعة؛ وذلك لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه أنهم كانوا إذا انتهوا من القراءة قالوا: صدق الله، ومن المعلوم أن قول القائل: صدق الله عبادة؛ لأنه ثناء على الله بالصدق، وإذا كان عبادةً فإنه لا يجوز أن نشرع من العبادات ما لم يشرعه الله ورسوله، فإن فعلنا ذلك كان بدعةً، ( وكل بدعة ضلالة )، وعلى هذا فالقارئ إذا انتهى من قراءته يسكت، ولا يقول: صدق الله العظيم ولا غيرها؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم.
( وقد قرأ
وكذلك قرأ عنده زيد بن ثابت سورة النجم حتى ختمها، ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم له: قل: صدق الله العظيم، ولا قالها أيضاً، فدل هذا على أنه ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا هدي أصحابه أن يقولوا عند انتهاء القراءة: صدق الله العظيم، لا في الصلاة ولا خارج الصلاة.
الجواب: القلادة الذهبية لا بأس باقتنائها لكن بشرط ألا يلبسها إن كان رجلاً، ويجوز لبسها للمرأة، وإذا كان الرجل لا يلبس القلادة من الذهب فأي فائدة أن يحملها أو يضعها في جيبه، أنا أخشى أنه يفعل ذلك من أجل أن يتبجح بها عند الناس حيث يخرجها أمامهم ويلعب بها في يده مثلاً، وإلا فلا أظن عاقلاً يحمل قلادةً في جيبه من الذهب دون أن يصنع بها شيئاً، على كل حال إذا لم يلبسها ولم يخرجها مخرج الإعجاب والفخر فإن حمله إياها لا بأس به، ولكنني أقترح عليه أن يجعل هذه القلادة لزوجته إن كان متزوجاً، أو لأحد من نسائه من أقاربه حتى يسلم من الإشكال الذي ورد علي الآن في كونه يحملها بدون أن يلبسها، أو أن يخرجها في يده مخرج الإعجاب.
الجواب: هذا الذي سمعت من أن المرأة تلبس عند الصلاة خماراً أبيض أو فاتح اللون لا أصل له، بل إن المرأة تلبس خماراً على ما تعتاده في غير الصلاة، إن كان أبيض فأبيض، وإن كان أسود فأسود، ولبسها للأسود أحسن؛ لأن الذي عليها لباس أسود وهو العباءة، فتناسب خمار مع اللباس الآخر أبعد من التبرج، وكلما كان أبعد من التبرج فهو أولى.
الجواب: صوم رمضان لمن لا يصلي مردود عليه؛ لأن الذي لا يصلي كافر مرتد خارج عن الإسلام، ومن شرط صحة العبادة: أن يكون الفاعل مسلماً، فما فعله تارك الصلاة من صيام أو صدقة أو غيرهما من العبادات فهو باطل مردود عليه، ولكن إذا منّ الله عليه بالإسلام ورجع فصلى فإن الله يثيبه على ما عمل من عمل الخير في حال كفره؛ لأن الله اشترط لحبوط العمل بالردة أن يموت الإنسان على ذلك، فقال تعالى: وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ [البقرة:217]؛ ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( أسلمت على ما أسلفت من خير ).
الجواب: إذا كان هذا الرجل يدع الصلاة في هذا اليوم وفي غيره فإنه لا صيام له، وصيامه باطل مردود عليه؛ لأن الصيام لا يصح من كافر، وتارك الصلاة كافر كفراً أكبر مخرجاً عن الملة، وهو مرتد عن الإسلام إذا مات على هذه الحال فهو من أهل النار المخلدين فيها، الذين يحشرون مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف .
أما إذا كان تركها في ذلك اليوم وحده وكان من عادته أن يصلي فلا شك أنه أتى إثماً عظيماً، ولكنه لا يكفر بذلك، وصيامه صحيح؛ لأنه ليس من شرط الصيام الطهارة من الجنابة؛ ولهذا لو أن الإنسان أصبح جنباً وهو صائم كان صومه صحيحاً، يعني لو أنه حصلت عليه جنابة في آخر الليل ثم تسحر ولم يغتسل إلا بعد طلوع الفجر فإن صيامه صحيح، ودليل ذلك قوله تعالى: فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ [البقرة:187] ، وهذا يقتضي أنه يجوز أن يجامع إلى أن يطلع الفجر، ومن لازم ذلك أنه لن يغتسل إلا بعد طلوع الفجر؛ ولهذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يصبح جنباً من أهله ثم يصوم.
الجواب: نعم، بعض أهل العلم رحمهم الله قال: إنه لا ينبغي القيام حين يسمع النداء حتى يقول جزءاً من الأذان؛ قالوا: لأن هذا يشبه الشيطان إذا أدبر حين سماعه الأذان، فإن الشيطان إذا سمع الأذان أدبر وله ضراط؛ لشدة وقع ما سمعه عليه، قال أهل العلم: فلا ينبغي للإنسان أن يقوم من حين أن يسمع الأذان بل ينتظر حتى يكبر عدة تكبيرات، هكذا قال بعض أهل العلم، وفي نفسي من هذا شيء.
الجواب: الانتهاء عن الأكل والشرب للصائم معلق بطلوع الفجر لا بالأذان؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن
فإذا كان المؤذن لا يؤذن إلا إذا طلع الفجر، فإن الواجب على الإنسان أن يمسك من حين أن يسمع الأذان.
وأما إذا كان المؤذن يؤذن على حسب ساعته وما رسم له من تحديد، بل وما رسم له من التحديد الذي لم يبن على مشاهدة الفجر، فإنه لا حرج عليه أن يأكل ويشرب، ولو كان المؤذن يؤذن لكن لا يتمادى في ذلك.
الجواب: الأناشيد الإسلامية لا يمكن الحكم عليها حتى تسمع، وينظر ما موضوع الأنشودة؟ وهل أنشدت على وجه التلحين الغنائي الهابط، أو أنشدت على وجه الحداء البعيد عن نغمات الغناء الماجن وتلحينه؟ وهل أنشدت بأصوات جميلة جذابة تثير الفتنة وتحرك الساكن، أم أنشدت بأصوات عادية لا يحصل بها الفتنة؟
فإذا كان موضوع الأنشودة جيداً لا محظور فيه، ولم تلحن تلحين الأغاني السافلة الهابطة، ولم يكن فيها أصوات مؤدية إلى الفتنة، فإنه لا بأس بها، ولكن بشرط ألا تكون ديدن الإنسان بحيث يكب عليها كثيراً، وألا يتخذها الواعظ الوحيد لقلبه دون أن يرجع إلى وعظ الكتاب والسنة، فهذه ثلاثة شروط:
الشرط الأول: أن يكون موضوع الأناشيد موضوعاً جيداً غير محظور، ويلتحق بهذا الشرط ألا تلحن تلحين الأغاني الماجنة السافلة، وألا تكون بأصوات فاتنة.
الشرط الثاني: ألا يكب عليها كثيراً.
الشرط الثالث: ألا يجعلها هي الواعظ الوحيد لقلبه بحيث يعرض عن موعظة القرآن والسنة، فإذا تمت هذه الشروط الثلاثة، وإن شئت فاجعلها خمسة فأرى أنه لا بأس بها، أما إذا اختل شرط واحد منها فليعدل عنها.
الجواب: أما المنقوش عليه لفظ الجلالة فإن كان ذلك لكون صاحبه نقش عليه اسمه وكان اسمه عبد الله فإن هذا لا بأس به، وقد كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم مكتوباً عليه محمد رسول الله.
وأما إذا كتب لفظ الجلالة فقط فإن كتابة لفظ الجلالة فقط على الخاتم أو غيره لا معنى له، ولا فائدة منه؛ لأنه ليس كلاماً مركباً مفيداً، وغالب من يكتبه على هذا الوجه إنما يقصد التبرك بهذا الاسم، والتبرك باسم الله على هذا الوجه لا أصل له في الشرع، فيكون إلى البدعة أقرب منه إلى الإباحة.
وأما لبس خاتم الحديد فالصحيح أنه لا بأس به؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يزوجه المرأة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم ولم يردها قال له: ( التمس ولو خاتماً من حديد )، وهذا الحديث في الصحيحين.
وأما ما ورد من أن ( الحديد لباس أهل النار ) فقد قال بعض العلماء: إنه حديث شاذ، فلا يقبل.
الجواب: هذا ليس بصحيح، فالمرأة الحائض والجنب يجوز لهما ذكر الله عز وجل، قالت عائشة رضي الله عنها: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه ).
وأما قراءة القرآن فهي للجنب حرام حتى يغتسل، وأما الحائض فلها أن تقرأ من القرآن ما تحتاج إليه لتعليم، أو تعلم، أو تعاهد حفظ، أو أوراد، وأما ما لا تحتاج إليه فالأولى ألا تقرأه؛ لأنها قد وردت أحاديث فيها مقال تدل على منع الحائض من القرآن، فمن أجل هذه الأحاديث نقول: الأولى ألا تقرأ القرآن إلا ما دعت الحاجة إليه.
الجواب: يجوز هذا بشرط أن تحتجب المرأة عنه؛ لأن الأصم الأبكم يرى، فإذا كان يرى فإنه لا يجوز للمرأة أن تكشف وجهها إلا أن تكون من محارمه، ثم إنه لا بد من ملاحظة، وهي الأمن من الفتنة، فإن كان يخشى من الفتنة لم تجز مجالسته والأكل معه، ولو كان حال تغطية الوجه، وأما الأعمى فإنه يجوز للمرأة أن تكشف وجهها عنده؛ لأنه لا يبصر، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لـفاطمة بنت قيس : ( اعتدي في بيت
الجواب: يجوز للمحرم أن يغير لباسه إلى لباس آخر مما يجوز له لبسه، سواء كان ذلك لحاجة أو لغير حاجة؛ لأن الثوب لا يتعين بالإحرام فيه، أي: أنه لو أحرم في ثوب فإنه لا يتعين أن يبقى هذا الثوب عليه حتى ينتهي نسكه، بل له أن يغير الثياب، ولا فرق في هذا بين الرجل والمرأة، وأما ما يظنه بعض الناس من أن الإنسان إذا أحرم بثوب لزمه أن يبقى فيه حتى ينتهي النسك، فإن هذا لا أصل له في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا في أقوال الصحابة، بل ولا في كلام أهل العلم فيما نعلم، فإذا اتسخ الثوب الذي أحرم فيه الإنسان فلبس غيره مما يجوز له لبسه وغسله -أي: غسل الثوب الأول- فلا بأس.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر