الجواب: نشكر الله سبحانه وتعالى على تيسير هذا المنبر الرائد النافع لعباد الله في هذه المملكة وخارجها ألا وهو نور على الدرب، فإنه ولله الحمد نافع جداً، ونشكر الحكومة وفقها الله على تيسير مثل هذا المنبر الذي ينتفع به المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها ممن يبلغهم صوته، ونحث إخواننا المسلمين على الاستماع إليه لما فيه من الفائدة الكبيرة، فإن الله تعالى قد يفتح فيه أبواباً كثيرة من العلم لسامعه، وربما يحصل عنده أسئلة لولا سماع هذا البرنامج لم تكن منه على بال.
أما الجواب على سؤال الأخ عن العقيقة فالعقيقة سنة مؤكدة، ينبغي للقادر عليها أن يقوم بها، وهي مشروعة في حق الأب خاصة، تذبح في اليوم السابع من ولادة الطفل، فإذا ولد في يوم الخميس مثلاً فإنها تذبح في يوم الأربعاء، وإذا ولد في يوم الأربعاء تذبح في يوم الثلاثاء، المهم أنها تذبح قبل يوم من اليوم الذي ولد فيه من الأسبوع الثاني، وإنما ذكرت ذلك لئلا يتعب الإنسان في العدد متى يكون السابع، فنقول: السابع هو ما قبل يوم ولادته من الأسبوع الثاني، فإذا ولد كما مثلت في الخميس تذبح يوم الأربعاء، وإذا ولد يوم الأربعاء تذبح يوم الثلاثاء وهلم جراً، ويكون عن الذكر شاتان متكافئتان، أي: متقاربتان في الكبر والسمن والوصف، وعن الجارية الأنثى شاة واحدة، وإن اقتصر على شاة واحدة في الذكر حصلت بها السنة، لكن الأكمل شاتان تذبح في اليوم السابع كما قلت، ولا بد أن تكون على وجه مجزئ بأن تبلغ السن المعتبر شرعاً وهو ستة أشهر للضأن وسنة للمعز؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( لا تذبحوا إلا مسنة، إلا أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعةً من الضأن )، وهذا عام في كل ما يذبح تقرباً إلى الله عز وجل كالعقيقة والهدي والأضحية.
ولا بد أن تكون سليمةً من العيوب المانعة في الإجزاء وهي أربعة بينها النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين سئل: ( ماذا ينتقى من الضحايا؟ فقال: أربع، وأشار بيده العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين عرجها، والعجفاء ) يعني: الهزيلة التي لا تنقي، أي: ليس فيها مخ، وما كان مثل هذه العيوب فإنه بمنزلتها.
أما كيف تؤكل وتوزع؟ فإنه يؤكل منها ويهدى ويتصدق، وليس هنالك قدر لازم اتباعه في ذلك، يأكل ما تيسر، ويهدي ما تيسر، ويتصدق بما تيسر، وإن شاء جمع عليها أقاربه وأصحابه إما في البلد وإما خارج البلد، ولكن في هذه الحال لا بد أن يعطي الفقير منها شيئاً، ولا حرج أن يطبخها ويوزعها بعد الطبخ، أو يوزعها وهي نيئة فالأمر في هذا واسع.
قلنا: إنها تذبح في اليوم السابع، لكن إذا لم يتيسر فإن العلماء يقولون: تذبح في اليوم الرابع عشر، فإن لم يتيسر فإنها تذبح في اليوم الحادي والعشرين، ثم بعد ذلك لا تعتبر الأسابيع، هكذا قال أهل العلم والأمر في هذا واسع، لو أنه مثلاً ذبح في الثامن أو العاشر وما أشبه ذلك أجزأه، لكن الأفضل أن يحافظ على اليوم السابع.
مداخلة: لو مضى أكثر من سنة؟
الشيخ: لو مضى أكثر من سنة فلا حرج.
ربما أيضاً نتعرض إلى موضوع التسمية، التسمية ينبغي للإنسان أن يسمي ولده الذكر والأنثى حين ولادته؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بشر أهله بابنه إبراهيم فقال: ( ولد لي الليلة ولد وسميته
الجواب: الحكمة من مشروعية الطلاق ليست واحدة، بل هي متعددة، وذلك أن الطلاق له أسباب، منها: أن تكره المرأة زوجها، فإذا كرهت المرأة زوجها فإنه يستحب له إذا رأى أن بقاءها عنده يلحقها به هم وغم ونكد فإن الأفضل أن يطلقها طلباً لراحتها، وهذه من الحكم ومن الحكمة أن الإنسان نفسه (الزوج) قد يكره المرأة، ولا يطيق الصبر معها، فشرع له الطلاق تخلصاً من هذا الأذى.
ومنها: أنه إذا تبين للزوج من المرأة شيء لا يطيق الصبر معها من الأخلاق التي لا تحمد فلا يحب أن تبقى معه، وهناك حكم أخرى لا تحضرني الآن لكني أحب أن أنبه على مسألة مهمة وهي أنه لا يجوز للإنسان أن يطلق زوجته إلا إذا كانت حاملاً أو طاهراً في طهر لم يجامعها فيه، أو طاهراً من الحيض في طهر لم يجامعها فيه، فإذا كانت حاملاً فإن طلاقها طلاق سنة نافذ؛ لقول الله تعالى في سورة الطلاق: وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:4]، وما اشتهر عند بعض العامة من أن طلاق الحامل لا يقع فلا أصل له لا في الكتاب ولا في السنة ولا عند أهل العلم، بل الحامل يقع عليها الطلاق، أما غير الحامل فلا يطلقها في حال الحيض، ولا يطلقها في طهر من الحيض قد جامعها فيه؛ لقول الله تعالى: يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ [الطلاق:1] .
وطلق ابن عمر رضي الله عنهما زوجته وهي حائض فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم فتغيظ في ذلك، وقال لـعمر حين أبلغه عن طلاق ابنه: ( مره فليراجعها ثم يطلقها طاهراً أو حاملاً ).
ولهذا ينبغي لمن طلب منه أن يكتب طلاق امرأة أن يستفصل الزوج، فإذا كانت في الحالة التي لا يجوز أن يطلقها فيها فإنه يتوقف ولا يكتب الطلاق، ويرشد الزوجة إلى الحالة التي يجوز فيها الطلاق ليكون على بصيرة.
قد يقول قائل: إن المفتي لا يلزمه الاستفصال عن وجود المانع، ولهذا لو سألك سائل فقال: هلك هالك عن أب وأم فإنه لا يلزمك أن تسأل هل الأب رقيق أو حر، هل هو قاتل أو غير قاتل، هل هو مخالف للدين أو غير مخالف؟ فنقول: الأمر كذلك أن المفتي لا يلزمه السؤال في وجود المانع لأن الأصل عدمه، لكن لما كان كثير من الناس اليوم يجهلون أحكام الطلاق، صار من المناسب أن يسأل من أراد الطلاق ليعرف هل في زوجته مانع يمنع وقوع الطلاق أم لا.
وهنا مسألة ثانية أيضاً في مسألة الطلاق وهي أن المطلقة إذا كانت رجعية وهي التي يملك مطلقها إرجاعها إلى عصمته بدون عقد فإنه يلزمها أن تبقى في بيت زوجها حتى تنتهي العدة؛ لقول الله تعالى: لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا [الطلاق:1] .
فتبقى الزوجة التي يحق لزوجها أن يراجعها في العقد في بيت الزوج إلى أن تنتهي العدة، وفي هذه الحال يجوز لها أن تتزين له، وأن تكشف له وجهها، وأن تحادثه، وأن تخلو به؛ لأنها ما زالت زوجته، إلا أنه لا يجامعها، وإنما شرع الله عز وجل لها البقاء في البيت للحكمة التي ذكرها الله تعالى في آخر الآية، وهي قوله: لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا [الطلاق:1] ، فقد يلقي الله في قلب الزوج إن كان هو الكاره للزوجة أو في قلبها إن كانت هي الكارهة له المحبة والألفة فتبقى في بيت زوجها لا تخرج منه، فلا يحل لها هي أن تخرج، ولا يحل لزوجها أن يخرجها من البيت حتى تنتهي العدة.
الجواب: هاتان الكلمتان مترادفتان إن تفرقتا، ومتباينتان إن اجتمعتا، فإذا قيل: القضاء بدون أن يقترن به القدر كان شاملاً للقضاء والقدر، وإذا قيل: القدر دون أن يقترن به القضاء كان شاملاً للقضاء والقدر أيضاً، وهذا كثير في اللغة العربية أن تكون الكلمة لها معنىً عام عند الانفراد، ومعنىً خاص عند الاقتران، فإذا قيل: القضاء والقدر جميعاً صار القضاء ما يقضي به الله عز وجل من أفعاله أو أفعال الخلق، والقدر ما قدره الله تعالى في الأزل، وكتبه في اللوح المحفوظ؛ وذلك لأن المقدور سبقه تقدير في الأزل، أي: كتابة بأنه سيقع، وقضاء من الله تعالى بوقوعه فعلاً، وإن شئت فقل: الكتابة قدر، والمشيئة قضاء، والله تعالى يكتب الشيء، بل كتب الشيء في اللوح المحفوظ، ثم يشاؤه سبحانه وتعالى في الوقت الذي تقتضي حكمته وجوده فيه، الثاني قضاء والأول قدر، فصارت هاتان الكلمتان إن انفردت إحداهما عن الأخرى شملت معنى الأخرى، وإن اجتمعتا صار لكل واحدة منهما أي للكلمتين معنىً.
الجواب: نعم، يجوز الاقتصار على بعض الأوراد إن دلت السنة على كفاية، كما في قوله صلى الله عليه وسلم عن الآيتين الأخيرتين في سورة البقرة: ( من قرأهما في ليلته كفتاه )، وقوله في آية الكرسي: ( من قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح )، فالأمر واضح يكفي، وأما إذا كان لا بد من اقتران الورد بشيء آخر فإنه لا بد من هذا الشيء الآخر، ومرجع السائل في هذه الأمور إلى الكتب المؤلفة في ذلك، مثل كتاب الأذكار للنووي ، وكتاب الوابل الصيب لـابن القيم ، وكتاب الكلم الطيب لشيخ الإسلام ابن تيمية ، وغير ذلك مما ألف في هذا الباب، فليرجع إليه السائل ليتبين له ما يريد.
الجواب: المرأة الحائض لا تطوف بالبيت؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لـعائشة رضي الله عنها حين حاضت قبل أن يصلوا إلى مكة قال: ( افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت )، ومما ذكر له ( أن
الجواب: لا يحل لأحد أن يأخذ من أحد شيئاً إلا بحق، وهذه البنت إن كانت تأخذ من جيب والدها دراهم لحاجتها لذلك، وأبوها إذا طلبت منه لا يعطيها فلا حرج عليها في هذا؛ لأن هند بنت عتبة شكت إلى النبي صلى الله عليه وسلم زوجها بأنه لا يعطيها ما يكفيها وولدها فقال: ( خذي من ماله ما يكفيك ويكفي بنيك ).
أما إذا كان أبو هذه المرأة السائلة لا يمنعها شيئاً سألته مما تحتاج إليه فإنه لا يجوز لها أن تأخذ من جيبه شيئاً لا يعلم به، ثم إنها إذا كانت لا تحتاج إلى شيء لا يحل لها أن تأخذ من جيب أبيها شيئاً ولو علم بذلك إلا أن يعطي أولاده الآخرين ما يستحقون في مقابل هذه العطية، وذلك أن الأب والأم يجب عليهما العدل في أولادهما، فلا يعطيان أحداً دون الآخر، فإذا كان أب عنده أولاد فإنه لا يخص واحداً منهم بشيء خارج عن حاجة النفقة دون الآخرين؛ لحديث النعمان بن بشير بن سعد رضي الله عنهما أن أباه منحه عطية فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك أو فسألت أمه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال عليه لصلاة والسلام: ( اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم ).
والعدل بين الأولاد يكون بما حكم الله به في الميراث (للذكر مثل حظ الأنثيين)، فإذا أعطى الذكر ألفاً أعطى الأنثى خمسمائة، وإذا أعطاه خمسمائة أعطى الأنثى مائتين وخمسين، هذا هو العدل، ولا يحل أن يفضل أحداً على أحد إلا على الوجه الشرعي كما ذكرت آنفاً بأن يكون للذكر مثل حظ الأنثيين.
أما في النفقة فيعطي كل إنسان ما يحتاج، ولو لم يعط الآخر مثله إذا كان لا يحتاجها، فإذا قدرنا أن أحد الأولاد يحتاج إلى كتب وإلى دفاتر وإلى أقلام والولد الآخر لا يحتاج إلى ذلك فإنه إذا أعطى الأول ما يحتاجه لم يلزمه أن يعطي الآخر مقابل ذلك، وإذا كان أحد الأولاد محتاج إلى الزواج فزوجه فإنه لا يلزمه أن يعطي الآخرين مثل ما أعطاه من المهر؛ لأن هذا من باب دفع الحاجة، لكن إذا بلغ الآخرون أن يتزوجوا فليزوجهم كما زوج الأول.
وهاهنا مسألة يجب التنبه لها وهي أنه قد يحتاج أحد الأبناء إلى سيارة للمدرسة أو لغيرها مما تتعلق به مصالحه، والآخرون لا يحتاجون إليها، فهل يشتري له سيارة ويعطيها إياه ويكتبها باسمه، أو يشتري سيارةً باسم الأب ويعطي الابن هذه السيارة يقوم بها على حاجاته؟
الجواب: الثاني هو الواجب، يعني: أن يشتري السيارة باسم الأب ويعطيها الابن يقضي بها حاجاته، ولا يكتبها باسم الابن؛ لأنه إذا قدر أنه مات أي الأب فإن السيارة سترجع إليه أي: إلى الأب وتقسم في التركة، بخلاف ما لو ملكها إياه تمليكاً، نعم لو قال الابن: أنا أريد أن تكون ملكاً لي لا عاريةً عندي، ففي هذا الحال نقول: تكتب على الابن بقيمتها، وتكون قيمتها قرضاً في ذمة الابن إذا رغب في ذلك، ولا يجوز لأبيه أن يحابيه في هذه الحال بأن يقيدها عليه بعشرة آلاف وهي تساوي اثني عشر ألفاً أو أكثر مثلاً، بل يبيعها عليه أو يقيدها عليه بقدر ما تساوي لو اشتراها غير الابن.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر