الجواب: هذه الأناشيد التي سأل عنها السائل وتسمى بالأناشيد الإسلامية دخل فيها بعض ما نحذر:
وهو أنها تغنى كغناء المطربين الذين يغنون بالأغاني الهابطة.
ومنها: أنها تكون بأصوات جميلة جذابة.
ومنها: أنها أحياناً تكون مصحوبة بالتصفيق أو بالدق على طشت أو شبهه.
والذي جاء في السؤال خال من التصفيق، وخال من الضرب على الطشت وشبهه، لكن يقول السائل: إنه بألحان كألحان الغناء الهابط، وأنه بأصوات جميلة جذابة، وحينئذٍ نرى ألا يستمع إلى مثل هذا؛ لما فيه من الفتنة والتشبه بألحان الغناء الماجن، وخير من ذلك أن يستمع الإنسان إلى مواعظ نافعة مأخوذة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأقوال الصحابة والأئمة من أهل العلم والدين، فإن في ذلك غنىً وكفاية عما سواه، والإنسان إذا اعتاد ألا يتعظ إلا بشيء معين كألحان الغناء فإنه ربما لا ينتفع بالمواعظ الأخرى؛ لأن نفسه ألفت ألا تتعظ إلا بهذا الشكل من المواعظ، وهذا خطير يؤدي إلى الزهد بموعظة القرآن الكريم والسنة النبوية، وأقوال أهل العلم والأئمة، فالذي أنصح به أن يتجه الإنسان إلى استماع ما ذكرته من المواعظ التي تشتمل على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وأقوال الصحابة وأئمة المسلمين من بعدهم.
الجواب: نعم، لا شك أن المؤمن يخفف عنه ذلك اليوم حتى يكون يسيراً جداً، ودليل ذلك في كتاب الله عز وجل قال الله تبارك وتعالى: وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا [الفرقان:26] ، وقال تعالى: عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ [المدثر:10] ، وقال تعالى: يَقُوْلُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ [القمر:8] ، وكل هذا يدل أن هذا اليوم يكون يسيراً على المؤمنين، وبقدر ما يكون الإيمان عند العبد يكون اليسر في ذلك اليوم؛ لأن الجزاء من جنس العمل، نسأل الله أن ييسر علينا وعلى إخواننا المسلمين أهوال ذلك اليوم.
الجواب: يقول العلماء: مادام الإنسان في السفر فإن له أن يترخص برخص السفر إلى أن يصل إلى بلده، فإذا دخل عليه وقت الصلاة الأولى وهو في السفر، وأراد أن يجمع الثانية إليها فلا حرج عليه في ذلك؛ لوجود سبب الجمع، لكن الأفضل إذا كان يعلم أنه سيصل إلى البلد قبل دخول وقت الثانية ألا يجمع؛ لأن الجمع في هذه الحال لا حاجة له، وأصل جواز الجمع مبني على المشقة لا على السفر؛ ولهذا كان النبي عليه الصلاة والسلام لا يجمع إلا إذا جد به السير، وربما جمع وهو نازل؛ ولهذا يجوز الجمع في الحضر إذا دعت الحاجة إليه، لقول ابن عباس رضي الله عنهما: ( جمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة من غير خوف ولا مطر، قالوا: ما أراد إلى ذلك؟ قال: أراد ألا يحرج أمته )، وهذا دليل على أن الأصل في مشروعية الجمع هو دفع الحرج والمشقة، وعلى هذا فمتى وجد الحرج والمشقة في ترك الجمع جاز الجمع، ومتى انتفى الحرج والمشقة في ترك الجمع فإنه لا جمع.
وبهذا نعرف ما يفعله بعض الأئمة من التسرع في جمع المطر في الحضر، حيث يجمعون بأدنى مطر وإن لم يكن فيه مشقة، وإن لم يكن في ترك الجمع حرج، وهذا خلاف ما دل عليه حديث ابن عباس رضي الله عنهما، فإن ابن عباس رضي الله عنهما لما سئل: ( ما أراد إلى ذلك؟ -أي في جمعه بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء وهو في الحضر- قال: أراد ألا يحرج أمته )، ولم يقل: أراد أن يبين أن الجمع جائز بكل حال، بل بين أنه أراد انتفاء الحرج عن الأمة، وهذا يدل على أنه لا يجوز الجمع إلا إذا وجد الحرج في تركه، ووجه ذلك: أن الله سبحانه وتعالى قال: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا [النساء:103] ، أي: محدداً بوقت، وقد بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم أوقات الصلوات كل صلاة في وقتها المحدد، فصلاة الفجر من طلوع الفجر إلى أن تطلع الشمس، وصلاة الظهر من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله، وصلاة العصر من ذلك الوقت إلى أن تصفر الشمس هذا الوقت المختار، وإلى أن تغرب الشمس للضرورة، ووقت المغرب من غروب الشمس إلى أن يغيب الشفق الأحمر، ووقت العشاء من ذلك الوقت إلى نصف الليل، هكذا جاءت السنة بتحديد الأوقات، فمن صلى الصلاة قبل وقتها فصلاته مردودة، ومن صلاها بعد الوقت بلا عذر فصلاته مردودة؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )، فإذا تبين أنه لا بد أن تصلى الصلاة في وقتها المحدود شرعاً فإنه لا يجوز إخراجها عن وقتها بجمعها إلى ما بعدها، أو فعلها قبل وقتها بضمها إلى ما قبلها إلا لعذر شرعي يبيح الجمع، والعذر الشرعي هو ما أشار إليه ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: ( أراد ألا يحرج أمته )، وهذا واضح لمن تأمله، ولذلك أنصح إخواني أئمة المساجد وغيرهم ألا يتسرعوا إلى الجمع بين الصلاتين بدون سبب شرعي يبيح ذلك الجمع؛ لأنهم يعرضون أنفسهم لفساد الصلاة وللعقوبة من الله عز وجل.
الجواب: إذا كانت المصالحة مصالحةً مقطوعة منتهية ووجد من يصلح السيارة بأقل مما اصطلحا عليه فإن الزائد له، لا سيما وأن الزائد ربما لا يفي بنقصان السيارة عن قيمتها لو لم تصدم؛ لأنه ليست المسألة مسألة قطع الغيار بل قطع الغيار وما حصل على السيارة من النقص بسبب الصدمة، وهذا أمر ربما لا يتفطن له كثير من الناس، وكل أحد يعرف الفرق بين قيمة السيارة المصدومة -ولو كانت قد صلحت- وبين قيمتها غير مصدومة، والمهم أنه إذا كان الاصطلاح اصطلاح قطع نزاع وانتهاء فإن ما زاد مما اصطلحا عليه يكون لصاحب السيارة، وأما إذا كان الصلح بينهما على إصلاح السيارة فإنه في هذه الحال يجب على صاحب السيارة إذا زاد المبلغ الذي أعطيه على إصلاحها أن يرده إلى صاحبه، أو يستحله منه، والفرق بين هذه والتي قبلها: أن التي قبلها مصالحة على قطع نزاع، ولكن هذا القطع أعني قطع النزاع مربوط بما يظن من قيمة الإصلاح، وأما هذه فهي مصالحة على الإصلاح نفسه، فيكون ما زاد من الدراهم التي أخذها صاحب السيارة لصاحب الدراهم يرد إليه.
الجواب: إذا أسبل الرجل ثوبه فإنه على قسمين:
القسم الأول: أن يسبله خيلاء حتى يصل إلى الأرض، فهنا يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: ( من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه )، ويقول صلى الله عليه وسلم: ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب )، وهذه عقوبة عظيمة؛ لأن الفاعل أتى مفسدتين: المفسدة الأولى: جر الثوب، والمفسدة الثانية: كونه ناشئاً عن خيلاء وكبرياء.
أما القسم الثاني: أن يجره بغير الخيلاء، وهذا قليل في الناس لكن قد يقع، فجزاء هذا ما ذكره النبي عليه الصلاة والسلام في قوله: ( ما أسفل من الكعبين ففي النار )، أي: أن الإنسان يعذب في النار على قدر ما نزل من ثوبه عن كعبيه، وهذا العذاب كما جاء في الحديث عذاب جزئي، وهو دون التعذيب بإعراض الله عنه، وعدم تزكيته له، كما جاء في القسم الأول.
وعلى هذا فيكون تنزيل الثوب، أو السروال، أو المشلح عن الكعب من كبائر الذنوب؛ لأنه إن كان عن خيلاء، وجره على الأرض، فعقوبته ألا ينظر الله إليه يوم القيامة، ولا يزكيه، وله عذاب أليم، وإن نزل عن الكعب لغير الخيلاء فعقوبته أن يعذب في النار بقدر ما نزل من ثوبه، وهذا يشمل الثوب والسروال والمشلح.
وأما تطويل الأكمام في اليدين فإن من العلماء من قال: إنه يكون فيه الخيلاء، فإن بعض الناس قد يطيل أكمامه وقد يوسعها توسعةً أكثر مما يحتاج إليه فخراً وخيلاء، وتطاولاً فيناله من الوعيد مثل ما لو نزل ثوبه، وعلى كل حال فإن تطويل الأكمام وتوسيعها أكثر مما يحتاج إليه قد يكون داخلاً في الإسراف الذي نهى الله عنه، وقال تعالى: وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأنعام:141].
الجواب: هذا السؤال أود أن أقرأ سؤالاً وجه إلي وأجبت عنه، يقول السائل: إننا تكلمنا مع بعض العمال القادمين إلى بلادنا في موضوع الأهلة التي توضع على المآذن: كيف وضعها في بلادكم؟ فأجابونا قائلين: إنها توضع في بلادنا على معابد النصارى وقباب القبور المعظمة، أفتونا والحالة هذه عن وضعها على مآذن مساجد المسلمين؟
فأجبته: أما وضع الهلال على القبور المعظمة فقد ذكر الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الجزء الأول، صفحة مائتين وثلاث وأربعين من الدرر السنية ما نصه: (وعمار مشاهد القبور يخشون غير الله ويرجون غير الله، حتى إن طائفةً من أرباب الكبائر الذين لا يتحاشون في ما يفعلونه من القبائح إذا رأى أحدهم قبة الميت، أو الهلال الذي على رأس القبة خشي من فعل الفواحش، ويقول أحدهم لصاحبه: ويحك، هذا هلال القبة، فيخشون المدفون، ولا يخشون الذي خلق السموات والأرض، وجعل أهلة السماء مواقيت للناس والحج).
قلت: وأما وضع الهلال على معابد النصارى فليس ببعيد، لكن قد قيل: إنهم يضعون على معابدهم الصلبان، والله أعلم، ووضع الأهلة على المنائر كان حادثاً في أكثر أنحاء المملكة، وقد قيل: إن بعض المسلمين الذين قلدوا غيرهم في ما يضعونه على معابدهم وضعوا الهلال بإزاء وضع النصارى الصليب على معابدهم، كما سموا دور الإسعاف للمرضى بالهلال الأحمر، بإزاء تسمية النصارى لها بالصليب الأحمر، وعلى هذا فلا ينبغي وضع الأهلة على رءوس المنارات من أجل هذه الشبهة، ومن أجل ما فيها من إضاعة المال والوقت، صدرت هذه الفتوى في الرابع من رمضان عام ثلاثة عشر وأربعمائة وألف. وأعتقد أنها كافية في جواب سؤال السائل.
الجواب: التوجيه والنصح في هذا هو أن تعدد الزوجات أفضل من الاقتصار على واحدة إذا كان عند الإنسان قدرة مالية، وقدرة بدنية، وقدرة على العدل بين النساء، فإن لم يكن عنده قدرة مالية، فلا ينبغي أن يرهق نفسه بالديون من أجل أن يتزوج، وإذا لم يكن عنده قدرة بدنية بأن كان ضعيف الشهوة، أو عديمها فلا ينبغي أيضاً أن يتزوج بأكثر من واحدة؛ لئلا يخل بما تريده الزوجة الجديدة، وإذا لم يكن قادراً على العدل فإنه لا يتزوج بأكثر من واحدة؛ لقول الله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النساء:3] .
فإذا تمت الشروط الثلاثة: القدرة المالية، والقدرة البدنية، والأمن من الجور والحيف، فإن تعدد الزوجات أفضل؛ لما فيه من كثرة تحصين النساء، ومن كثرة الأولاد المرجوة بتعدد الزوجات، ومن كثرة الأمة الإسلامية؛ ولهذا رغب النبي صلى الله عليه وسلم أن تكثر أمته، ورغب في تزوج الودود الولود، وقال: ( إني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة )، هذا الحديث أو معناه.
وقول السائل: إنه يرغب أن يتزوج امرأةً عقيماً؛ لأنه لا يحب كثرة الأولاد، تمنيت ألا أسمع هذا في سؤاله، لو قال: أحب أن أتزوج امرأةً عقيماً لكسر شهوتي وتجنب الفوضى التي تكون في الأولاد، وما أشبه ذلك مما قد يكون عذراً لعذرناه في ذلك، لكن كونه يقول: لا أحب كثرة الأولاد، مع كون النبي صلى الله عليه وسلم يرغب في ذلك، أرجو الله أن يسامحه على هذه الكلمة، وأرجو ألا تكون صادرةً من قلبه، وأقول له: إذا كانت قد تمت في حقك الشروط الثلاثة التي ذكرتها فتزوج وأنت راغب كثرة الأولاد، وما أحسن أن يأتيك في السنة الواحدة أربعة أولاد من كل زوجة إذا تزوجت أربعاً؛ فإن ذلك من أسباب الرزق؛ لأن الله تعالى قال في كتابه: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ [الأنعام:151] ، فخاطب الفقراء الذين يقتلون أولادهم من أجل الفقر، وبدأ بذكر رزق الآباء قبل الأولاد فقال: (نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ) مع أنهم كانوا معدمين حين قتلهم لأولادهم، ولكن الذي جعلهم معدمين قادر على أن يجعلهم موسرين، بل إن الواقع والشاهد يدل على أن كثرة الأولاد سبب لكثرة الرزق إذا اعتمد الإنسان على الله عز وجل، وتوكل عليه في رزق أولاده، ولكن الذي يضر الناس ويضيق عليهم سوء قصدهم ونيتهم، حيث يظنون أنهم -أي: الأولاد- كلما كثروا ضاق الرزق، ولم يتذكروا قول الله تعالى: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [هود:6] .
وأخيراً أقول للسائل: تزوج أخرى ثم ثالثةً ثم رابعةً ما دامت الشروط الثلاثة متوافرة فيك، ولكن بنية طيبة، واسأل الله تعالى كثرة الأولاد وصلاحهم، وأن يكونوا قادةً للأمة في العلم والتوجيه، ومدافعين عن دين الإسلام، وعن بلاد الإسلام.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر