الجواب: الناس في هذا الباب -أي في باب أسماء الله وصفاته، وهل يلزم أن نبينها للناس أو لا يلزم- ينقسمون إلى ثلاثة أقسام: طرفان ووسط، فطرفٌ يقول مثل ما قال هذا السائل عن شخصٍ آخر: أنه يقول: لا تبينوا أسماء الله وصفاته؛ لأنها من المتشابه، ولكن إذا سألوا فأجيبوهم.
وطرفٌ آخر يقول: بينوا للناس أسماء الله وصفاته، ثم ما يتفرع على هذه الأسماء والصفات من الإشكالات أوردوها عليهم، أو تعمقوا في جانب الإثبات واذكروا كل شيء، حتى إن بعضهم يقول مثلاً: كم أصابع الله؟ كيف استوى على العرش؟ هل لله أذن؟ وما أشبه ذلك من الأمور التي يجب الإعراض عنها؛ لأنها لم تذكر في الكتاب ولا في السنة، ولو كان ذكرها مما تتوقف عليه العقيدة الصحيحة لبينها الله تعالى لعباده إما في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
والطرف الثالث وسط يقول: علموا الناس ما يحتاجون إليه في هذا الباب، دون أن تتعمقوا وتتكلفوا ما لستم مكلفين به، وهذا القول هو الصحيح والراجح، أن نعلم الناس ما يحتاجون إلى معرفته في هذا الباب، وألا نتكلف علم ما ليس لنا به علم، بل نعرض عنه، فمثلاً إذا شاع في الناس مذهبٌ يخالف مذهب السلف، فلا بد أن نبين للناس مذهب السلف في هذا الباب، لو شاع في الناس مثلاً أن اليدين اللتين أثبتهما الله لنفسه هما النعم، يجب علينا أن نبين أن هذا خطأ، وأن اليدين صفتان لله عز وجل أثبتهما الله لنفسه، وبين جل وعلا أن يديه مبسوطتان ينفق كيف يشاء، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم: ( أن الله يبسط يده في الليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده في النهار ليتوب مسيء الليل ).
وأخبر ( أن يد الله ملأى سحاء الليل والنهار، وقال: أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض فإنه لم يغض ما في يمينه )، وأجمع سلف الأمة على أنهما يدان حقيقيتان ثابتتان لله على وجهٍ يليق به لكن لا تماثلان أيدي المخلوقين، حتى يزول عن الناس الاعتقاد الذي ليس بصحيح، وهو أنهما النعمتان، هذا لا بد منه، لكن إذا كنا في قومٍ لم يطرأ على بالهم هذا الشيء، ولو دخلنا معهم في مسائل تفصيلية لحصل لهم ارتباك، أو لدخلوا في أمورٍ يتنطعون فيها، فهنا نأخذ بما جاء عن السلف وخاصةً ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: إنك لن تحدث الناس حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة.
وقال علي رضي الله عنه: حدثوا الناس بما يعرفون، أتريدون أن يكذب الله ورسوله.
أما التعمق في الصفات وطلب ما لا يمكن العلم به، فإن هذا من التكلف والبدعة؛ ولهذا لما قال رجلٌ للإمام مالك : يا أبا عبد الله ! الرحمن على العرش استوى، كيف استوى؟ وكان هذا سؤالاً عظيماً، وقع موقعه في الإمام مالك رحمه الله، فأطرق برأسه وجعل يتصبب عرقاً، ثم رفع رأسه وقال: يا هذا! الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة. يريد بذلك رحمه الله أن الاستواء غير مجهول معروف، استوى على كذا يعني علا عليه، قال الله تعالى: فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ [المؤمنون:28] يعني: علوت عليه وركبت فيه، وقال تعالى: وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ * لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ [الزخرف:12-13] يعني: إذا علوتم عليه راكبين، فاستوى على العرش يعني: علا عليه علواً يليق بجلالته وعظمته، هذا معنى قوله: الاستواء غير مجهول.
الكيف غير معقول، لم يقل رحمه الله: الكيف غير موجود، بل قال: الكيف غير معقول، يعني: هناك كيفية يستوي الله عليها لكن عقولنا لا تدرك ذلك، والكتاب والسنة ليس فيهما كيفية استواء الله على العرش، وعقولنا لا تدرك هذا، فانتفى عنها الدليلان العقلي والسمعي فوجب السكوت، فإذا سئلنا: كيف استوى؟ قلنا: الله أعلم.
الإيمان به واجب أي: بالاستواء واجبٌ على ما أراده الله عز وجل، والسؤال عنه بدعة، هذا محل الشاهد من كلامنا هذا، السؤال عن الكيفية بدعة، لماذا؟ لأن الصحابة وهم أحرص منا على معرفة الله، وأحرص منا على العلم، وإذا سألوا سألوا من هو أعلم منا بالإجابة لم يسألوا النبي صلى الله عليه وسلم، لم يقولوا: يا رسول الله! كيف استوى؟ مع أنهم يسألون عن أشياء أدق من هذا لكنهم رضي الله عنهم يعرفون أن مثل هذه الأمور لا يمكن العلم بها؛ لذلك لم يسألوا، أيضاً السؤال عنه بدعة، من سمات أهل البدع؛ لأن أهل البدع هم الذين يحرجون أهل السنة في ذكر الكيفية يقولون: كيف استوى؟ كيف ينزل إلى السماء الدنيا؟ يحرجونهم ليقولوا: يستوي على الكيفية الفلانية، أو ينكروا الاستواء، أو يقولوا: نزل على الكيفية الفلانية، أو ينكروا النزول، فالسؤال عن كيفية الصفات من سمات أهل البدع، ثم إن السؤال عن كيفية الصفات من التنطع في دين الله، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( هلك المتنطعون.. هلك المتنطعون.. هلك المتنطعون )، ما لك ولقول الكيفية، أومن بما جاءت به النصوص من أمور الغيب، ولا تسأل عما وراء ما ذكر لك؛ لأنك لن تصل إلى شيء، وإذا سألت عما لم يذكر لك من أمور الغيب فربما تكون من الذين يسألون عن أشياء لا حاجة لهم بها، بل أنت منهم، وربما تقع في متاهات تعجز عن التخلص منها، وقولنا: إن الصحابة رضي الله عنهم يسألون عما دون ذلك استدل له بأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذكر أن الدجال يخرج، ويمكث في الأرض أربعين يوماً، اليوم الأول كسنة كاملة، يعني: اثني عشر شهراً، واليوم الثاني كشهر، واليوم الثالث كأسبوع، وبقية أيامه كأيامنا، فالصحابة رضي الله عنهم لما قال: ( يوم كسنة، قالوا: يا رسول الله! هذا اليوم الذي كسنة تكفينا فيه صلاةٌ واحدة؟ قال: لا، اقدروا له قدره )، فتجد أنهم سألوا عن هذا؛ لأنهم مكلفون بالصلوات الخمس في أوقاتها المعلومة، وهذا اليوم سيكون طويلاً، سيكون اثني عشر شهراً، هل تكفي فيه خمس صلوات؟ لذلك سألوا، فإذا كانوا لم يسألوا الرسول عليه الصلاة والسلام فيما يتعلق بصفات الله فإنهم خير سلفٍ لنا نقتدي بهم، ولا نسأل عن كيفية صفات الله، ولا نسأل أيضاً عما لم يبلغنا علمه من هذه الصفات، ولا من غيرها أيضاً من أمور الغيب، كل أمور الغيب الأدب فيها أن يقتصر الإنسان فيها على ما بلغه، ويسكت عما لم يبلغه؛ لأنه لو كان في بيانه خيرٌ لبينه الله ورسوله.
وأما قول السائل: لا تخبروا العوام بها لأنها من المتشابه، فنقول له: يا أخي! ماذا تريد بالمتشابه؟ إذا كانت صفات الله عز وجل وكانت نصوصه الواردة فيها من المتشابه فماذا يبقى بيناً؟ آيات الصفات من أبين الآيات، أحاديث الصفات من أبين الأحاديث، وليس فيها ولله الحمد متشابه، كلها معناها معلوم، وكلها معناها مفهوم بمقتضى اللسان العربي المبين الذي نزل به القرآن، وكيف ينزل الله علينا شيئاً يتعلق بأسمائه وصفاته ونحن نجهله ولا يمكننا الوصول إليه؟ هذا مستحيل، فنقول: إن آيات الصفات وأحاديثها من المعلوم وليست من المتشابه، فهل يشتبه على أحد قول الله تبارك وتعالى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ [الأعراف:54] فلا يدري ما معنى خلق؟ هل يشتبه على أحد قول الله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11] أن معناها نفي المماثلة وإثبات السمع والبصر؟ آيات الصفات وأحاديثها ليست من المتشابه، نعم إن أراد القائل بقوله: من المتشابه يعني من الذي يشتبه علينا إدراك كيفيته وحقيقته فهذا صحيح، نحن لا نعلم كيفية ما وصف الله به نفسه وكنهه، لكن معناه واضح، ولولا أن معناه واضح ما استطعنا أن ندعو الله بأسمائه، وقد قال تعالى: وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [الأعراف:180] .
فالمهم أن هذه الكلمة التي أطلقها بعض العلماء على آيات الصفات وأحاديثها وقال: إنها من المتشابه نقول له: إن أردت أنها من المتشابه معنىً فلا، وإن أردت أنها من المتشابه حقيقةً وكنهاً وأننا لا ندرك كيفيتها ولا حقيقة كنهها فهذا حق، وليس بغريبٍ أن نعلم معنى الشيء ولا ندرك حقيقته وكيفيته، نحن نعلم معنى الروح التي بين جنبينا والتي إذا انسلت من الجسد مات الإنسان نعلم هذا، لكن هل ندرك حقيقتها وكيفيتها؟ أبداً، نحن نعلم ما ذكر الله عن الجنة بأن فيها من كل فاكهةٍ زوجان ونخلاً ورماناً وما أشبه ذلك، ولكن هل نحن ندرك حقيقة ذلك وكنهه؟ لا؛ لأن الله يقول: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [السجدة:17] ، ويقول الله عز وجل في الحديث القدسي: ( أعددت لعبادي الصالحين ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر )، والمهم التنبيه على هذه العبارة المتداولة في كلمة المتشابه بالنسبة لأسماء الله وصفاته حيث يتوصل بها أهل التعطيل إلى أن نسلك مسلكاً سيئاً في ذلك بحيث نفوض العلم بمعنى أسماء الله وصفاته، كما زعم بعض المتأخرين أن مذهب السلف هو التفويض أي: تفويض القول بأسماء الله وصفاته إلى الله، وألا نتكلم بشيءٍ من معناه، وهذا القول أعني التفويض على هذا الوجه قال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إنه من شر أقوال أهل البدع والإلحاد، أما تفويض الحقيقة والكنه فهذا شيء لا بد منه، ولا يضرنا إذا كنا نعلم المعنى ولكن لا نعلم الكنه والحقيقة الذي عليه هذا المسمى أو الموصوف.
الجواب: إسباغ الوضوء على المكاره معناه: أن الإنسان يتمم وضوءه على الوجه الأكمل أو في الأيام الباردة، أن يتمم وضوءه في الأيام الباردة، وكذلك ينتظر الصلاة بعد الصلاة، سواء في المسجد أو خارج المسجد، وإنما المعنى أن يكون قلبه معلقاً بالصلاة، إذا أدى صلاةً ينتظر الصلاة الأخرى، فيكون دائماً معلقاً قلبه في الصلاة، وليس معنى الجملة الأولى ( إسباغ الوضوء على المكاره ) أن الإنسان يتقصد الماء البارد مع وجود الماء الساخن، فإن هذا ليس من السنة، بل إذا يسر الله لك ما فيه راحةٌ لك فهو أفضل وأكمل وأقرب إلى كمال الطهارة، لكن إذا قدر أنك في بر أو في بلدٍ ليس فيها سخانات ولا يمكن تسخين الماء ثم توضأت على الكره لشدة البرد فإن هذا هو الذي يراد بهذا الحديث الذي ذكرته السائلة.
الجواب: إذا كان لها أولاد فإن الأفضل أن تقتصر على ما يحصل به الكفاية من قراءةٍ وكتابة، وتتفرغ لأولادها وبيت زوجها.
الجواب: تشريع المرأة ليلة الزواج إذا كان على الوجه الذي لا يتضمن محظوراً فلا بأس به، مثل أن يؤتى بالمرأة المتزوجة وعليها ثيابٌ لا تخالف الشرع، وتجلس على منصة حتى يراها النساء وليس في النساء خليطٌ من الرجال، وليس مع المرأة زوجها، فإن هذا لا بأس به؛ لأن الأصل في غير العبادات الحل إلا ما قام الدليل على تحريمه، أما لو كانت المرأة هذه تأتي إلى النساء ومعها زوجها أو يكون في محفل النساء رجال فإن ذلك لا يجوز؛ لأن هذا يتضمن محظوراً شرعياً، ثم إنه من المؤسف أنه في بعض الأحيان أو من عادات بعض الناس أن يحضر الزوج مع الزوجة في هذه المحفل، وربما يقبلها أمام النساء، وربما يلقمها الحلوى وما أشبه ذلك، ولا شك أن هذا سخافة، سخافةٌ عقلاً، ومحظورٌ شرعاً.
أما السخافة العقلية؛ فلأنه كيف يليق بالإنسان عند أول ملاقاة زوجته أن يلاقيها أمام نساء يقبلها أو يلقمها الحلوى أو ما أشبه ذلك؟ وهل هذا إلا سببٌ مثيرٌ لشهوة النساء لا شك في هذا.
وأما شرعاً فلأن الغالب أن النساء المحتفلات يكن كاشفات الوجوه بارزات أمام هذا الرجل، وفي ليلة العرس ونشوة العرس يكن متطيبات متجملات فيحصل بهن فتنة، وربما يكون في ذلك ضرر على الزوجة نفسها، فإن الزوج ربما يرى في هؤلاء النساء المحتفلات من هي أجمل من زوجته وأبهى من زوجته فيتعلق قلبه بما رأى، وتقل ميزانية زوجته عنده، وحينئذٍ تكون نكبة عليه وعلى الزوجة وعلى أهلها، فالحذر الحذر من هذه العادة السيئة، ويكفي إذا أرادوا أن تبرز المرأة وحدها أمام النساء كما جرت به العادة من قديم الزمان في بعض الجهات.
الجواب: الاشتراط في الحج هو أن يشترط الإنسان عند عقد الإحرام إن حبسه حابس فمحله حيث حبس، وقد اختلف العلماء رحمهم الله في مشروعية الاشتراط، فمنهم من قال: إنه ليس بمشروعٍ مطلقاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حج واعتمر، ولم ينقل عنه أنه اشترط لا في حجه ولا في عمرته، ومن المعلوم أنه يكون معه مرضى ولم يرشد الناس إلى الاشتراط، فها هو كعب بن عجرة رضي الله عنه في عمرة الحديبية أتي به إلى النبي صلى الله عليه وسلم وفيه مرض والقمل يتناثر على وجهه من رأسه، فقال صلى الله عليه وسلم: ( ما كنت أرى الوجع بلغ بك ما أرى )، وأمره أن يحلق رأسه، وأن يفدي أو يصوم أو يطعم، والقصة معروفة في الصحيحين وغيرهما.
فيرى هؤلاء القوم أو هؤلاء الطائفة من العلماء أن الاشتراط ليس بمشروعٍ مطلقاً، ويرى آخرون أنه مشروع مطلقاً، وأن الإنسان يستحب له عند عقد الإحرام أن يشترط: إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، وعللوا ذلك بأنه لا يأمن العوارض التي تحدث له في أثناء إحرامه وتلجئه إلى التحلل، فإذا كان قد اشترط على الله سهل عليه التحلل، ولكن الصحيح أن الاشتراط ليس بمشروع إلا أن يخاف الإنسان من عائقٍ يحول دونه ودون إتمام نسكه، مثل: أن يكون مريضاً ويخشى أن يشتد به المرض فلا يستطيع أن يتم نسكه فهنا يشترط، وأما إذا لم يكن خائفاً من عائقٍ يمنعه أو من عائقٍ يحول بينه وبين إتمام نسكه فإنه لا يشترط، وهذا القول تجتمع به الأدلة، ووجه ذلك أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم اعتمر وحج ولم يشترط ولم يقل للناس على سبيل العموم: اشترطوا عند الإحرام، ولكن لما أخبرته ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب أنها تريد الحج وهي شاكية -أي مريضة- قال لها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني، فإن لك على ربك ما استثنيت )، فمن كان في مثل حالها فإنه يشترط، ومن لم يكن فإنه لا يشترط.
أما فائدة الاشتراط، فإن فائدته أن الإنسان إذا حصل له ما يمنع من إتمام نسكه تحلل بدون شيء، يعني: يتحلل وليس عليه فدية ولا قضاء.
الجواب: الجواب على هذا السؤال: هو أن الصائم إذا أكل أو شرب ناسياً ليس عليه إثمٌ وليس عليه قضاء، بل صومه تام، ودليل ذلك عموم قول الله تعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا أن نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] ، فقال الله تعالى: ( قد فعلت )، وخصوص قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه ).
فقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( فليتم صومه ) دليلٌ على أن صومه لا ينقص بذلك، وإضافة هذا الأمر إلى الله في قوله: ( فإنما أطعمه الله وسقاه ) دليلٌ على أنه لا جناح عليه في هذا، وأنه لا ينسب إليه الفعل، وعلى هذا فإذا أكل الإنسان أو شرب ناسياً وهو صائم صيام نفل أو صيام رمضان أو صيام قضاء رمضان أو صيام كفارة فصيامه تام صحيح، ولكن يجب عليه بمجرد أن يذكر أن يمتنع، حتى لو كانت اللقمة في فمه أو جرعة الماء في فمه فعليه أن يلفظها، ولا يجوز له بلعها بعد أن يذكر.
ثم ها هنا سؤال آخر ينبني على ذلك: هل يجب على من رآه يأكل أو يشرب وهو صائم أن ينبهه أو يقول: هذا رزقٌ ساقه الله إليه فلا أكلمه فيه؟ والجواب: أنه يجب عليه أن ينبهه؛ لأن هذا من باب التعاون على البر والتقوى، والآكل والشارب وهو ناسي معذور لكن أنت أيها المؤمن هو أخوك وقد فعل ما هو مفسد لولا المانع فذكره، وقد يستدل لذلك بعموم قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( إذا نسيت فذكروني ).
فالواجب على من رأى صائماً يأكل أو يشرب أن ينبهه ويقول: يا أخي! اذكر أنك صائم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر