الجواب: أسماء الله تعالى وصفاته التي جاءت في القرآن وغير القرآن منها ما هو صفةٌ مشبهة, ويعني العلماء بالصفة المشبهة الصفة اللازمة للموصوف التي لا ينفك عنها؛ وذلك مثل: العزيز, الحكيم, السميع, البصير وما أشبهها, هذه صفةٌ مشبهة بمعنى أنها صفةٌ لازمة لا تنفك عن الله عز وجل.
ومن أسماء الله ما يكون صيغة مبالغة, ومعنى صيغة مبالغة أنها دالةٌ على الكثرة, وليس المعنى أنه مبالغٌ فيها دون إرادة الحقيقة؛ مثل: الرزاق؛ فإن الرزاق من أسماء الله سبحانه وتعالى, وجاء بهذه الصيغة للدلالة على كثرة من يرزقه الله عز وجل, فإنه ما من دابةٍ في الأرض إلا على الله رزقها, ولكثرة رزقه الذي يعطيه سبحانه وتعالى لمن يشاء؛ كما قال الله سبحانه وتعالى: اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ [الرعد:26].
ولعل الطالبة فهمت من قول المدرسة صيغة مبالغة أنها صيغةٌ مبالغٌ فيها ولا تعني الحقيقة, وليس هذا هو المراد, بل مراد العلماء من قولهم صيغة مبالغة أنه دالٌ على الكثرة, وبهذا التفصيل وبهذا الشرح لمعنى المبالغة يزول الإشكال, فإذا قلنا مثلاً إن الرزاق من أسماء الله وهو صيغة مبالغة فليس معناه أنه سبحانه وتعالى لا يرزق, بل معناه أنه كثير الرزق.
الجواب: الدخان لا يفطر الصائم وكذلك الكحل فإنه لا يفطر الصائم, ولو وصل إلى حلقه طعم الكحل فإنه لا يضر على القول الراجح من أقوال أهل العلم الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله, وذلك لأن هذا الكحل ليس أكلاً ولا شرباً ولا بمعنى الأكل والشرب, والعين ليست منفذاً معتاداً ينفذ منه الطعام والشراب إلى الجسم.
وأما الدخان فلا يفطر أيضاً اللهم إلا من استنشقه حتى وصل إلى جوفه فإنه يفطر في هذه الحال؛ لأن الدخان له جرمٌ يتخلل المسام فيصل إلى الجوف, وإذا استنشقه فقد أدخله من منفذٍ معتاد, فإن الأنف منفذٌ معتاد يغذى به الإنسان عند العجز عن التغذية عن طريق الفم؛ ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام للقيط بن صبرة : ( أسبغ الوضوء, وخلل بين الأصابع, وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً ).
وليعلم أن جميع المفطرات لا تفطر الصائم إذا فعلها جاهلاً بأنها تفطر أو ناسياً أنه صائم؛ لقول الله تعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] فقال الله تعالى قد فعلت, ولقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ( فيمن نسي فأكل أو شرب وهو صائم قال: فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه ) ولأنه ثبت في صحيح البخاري عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما ( أنهم أفطروا في يوم غيم على عهد الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولم يؤمروا بالقضاء )؛ لأنهم كانوا جاهلين بأنهم ما زالوا في نهار.
الجواب: صلاة الجماعة لا بد فيها من الاجتماع في المكان والزمان والأفعال؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( إنما جعل الإمام ليؤتم به ) ولقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار ) ولم يأذن لمن سمع الإقامة أن يصلي مع الإمام في مكانه إذا سمع الإمام, فإذا صلى الإنسان خارج المسجد فإنه لا يصح أن يأتم بالإمام الذي في المسجد ولو سمع صوته, بل عليه أن يأتي إلى المسجد ويصلي مع المسلمين موافقاً لهم في مكانهم كما أنه يوافقهم في الزمان والأفعال, فإن لم يتمكن من ذلك فإنه يصلي وحده؛ لأنه معذور.
الجواب: قراءة القرآن عبادة من أفضل العبادات تقرب العبد من ربه ويحصل بها على ثوابٍ جزيل؛ لأن من قرأ القرآن فله بكل حرفٍ عشر حسنات, وقراءة القرآن يقصد بها مع التعبد لله عز وجل فهم معانيه ليتمكن الإنسان من العمل به, ومن أجل هذا أنزل هذا القرآن المبارك؛ قال الله تعالى: كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [ص:29].
وإذا كان كذلك فإنه ينبغي للإنسان الذي يقرأ القرآن أن يستحضر ما يقرأ ويتدبر معناه, وأن لا يشغل قلبه وجوارحه بغيره لا بأعمال البيت ولا بأعمالٍ أخرى.
وإذا كان الله تعالى أمر من سمع القرآن أن يستمع له وينصت حتى يحضر قلبه ويتدبر ما يسمع، فإن القارئ من باب أولى, فلهذا نقول للمرأة التي تشتغل بأعمال البيت أو بغيرها كالخياطة ونحوها: لا تقرأ القرآن في حال انشغالها, بل تتفرغ إذا أرادت قراءة القرآن لتتدبر معنى كلام الله عز وجل, فإذا كانت تحب أن تستغل وقتها بما يقرب إلى الله بالإضافة إلى القيام بعمل البيت فلديها ذكر الله عز وجل, تذكر الله.. تحمد الله.. تسبح الله.. تكبر الله.. تستغفر الله, فإن هذه الأذكار يحضر القلب فيها عند ذكرها في حال العمل؛ لأن كل كلمة تمثل معنىً مستقلاً, فتجد الإنسان يستحضر المعنى لهذه الكلمات، أعني التسبيح والتحميد والتكبير والاستغفار ولو كان يعمل.
وخلاصة الجواب أن نقول: إذا كانت المرأة تشتغل بأعمال بيتها أو غيرها من الأعمال فلا تقرأ القرآن؛ لأنه ينبغي لقارئ القرآن أن يكون مستحضراً له حين قراءته, والقرآن أجل من أن يشتغل اللسان به مع غفلة القلب عنه, أما الأذكار فأرجو أن لا يكون في ذلك بأس إذا كان يشتغل بعمل أن يذكر الله تعالى وهو في حال اشتغاله.
الجواب: هذا أهون من القراءة؛ لأن الإنسان ليس يعمل, ولكنه يستمع, والاستماع ليس بواجب, ولهذا قال الإمام أحمد في قوله تعالى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأعراف:204] إن هذا في حال الصلاة, أما في غير الصلاة فالإنسان حر إن شاء استمع إلى قراءة القارئ وإن شاء لم يستمع واشتغل بشيء آخر, غير أنه لا ينبغي له أن يشتغل في حال سماع القرآن بما لا يتلاءم مع القرآن؛ لأنه إن فعل ذلك أشبه قول المشركين: لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ [فصلت:26] .
وبهذه المناسبة أود أن أذكر أن بعض المتاجر جزاهم الله خيراً ووفقهم يفتحون المسجل على قارئ من القراء, والناس عندهم في متجرهم مشتغلين بالمماكسة، والكلام الذي قد يكون لغواً لا يتناسب مع صوت القارئ وقراءته, ولهذا ننصح إخواننا أهل المتاجر أن لا يفعلوا ذلك؛ لأن كتاب الله عز وجل أجل من أن يسمع في مكانٍ لا يستمع إليه ولا يؤبه به, بل ربما حصل لغوٌ منافٍ للقرآن.
الجواب: ليس على المرأة إثمٌ إذا مرت بالمقبرة أن تقف وتدعو لأهل القبور؛ لأنها لم تأتِ إلى هذه المقبرة لزيارتها, وإنما خرجت من بيتها لحاجتها, ومرت بهذه بالمقبرة مروراً غير مقصودٍ للزيارة, فلا حرج عليها أن تقف وأن تدعو بالدعاء المأثور, سواءٌ كان ذلك في شهداء أحد أو غيرهم, لكن الغالب أن المرأة بالنسبة لشهداء أحد لا تصل إلى ذلك المكان إلا وهي تقصد أن تزور قبور الشهداء هناك, نعم ربما تخرج إلى هناك لتنظر مواقع غزوة أحد, وفي حال تجولها في هذا المكان تمر بهذه القبور, فنقول كما قلنا بالأول إنها إذا وقفت وسلمت فلا حرج في ذلك.
الجواب: لا يزيد على ذلك تعبداً بالوضوء, ولكن يجعل الزيادة للتنظيف لا للوضوء؛ لأن الوضوء لا يزاد فيه على ثلاث غسلات.
الجواب: إذا كان هذا الشك كثيراً ما يقع من هذا المتوضئ فإنه لا عبرة به؛ لأن الشك الكثير يكون وسواساً, أما إذا كان شكاً طارئاً حقيقة فإنه إذا شك هل تمضمض أو لا؟ يعيد المضمضة، ويعيد غسل اليدين، وما بعد ذلك من أجل مراعاة الترتيب, فإذا مسح رأسه ثم طرأ عليه الشك هل تمضمض أم لا؟ فإنه يتمضمض ثم يغسل يديه ثم يمسح رأسه ثم يغسل رجليه.
الجواب: أما الدليل على جهر الإمام بالقراءة في هذه الصلوات الثلاث فأشهر من أن يذكر, فالسنة مستفيضةٌ في ذلك مشهورة أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يجهر بالقراءة في الركعتين الأوليين من المغرب والعشاء وكذلك يجهر في الفجر.
وأما الحكمة في ذلك فهو والله أعلم أنها صلاة ليلٍ ينبغي أن يتواطأ عليها الإمام والمأموم؛ لأنه ربما يكون هذا أخشع للقلب وأبلغ للالتئام والتوافق؛ ولهذا شرع الجهر في الصلاة النهارية إذا كان ذلك مجتمعاً كبيراً كصلاة الجمعة وصلاة العيدين والكسوف, وأقول الكسوف؛ لأن الأفضل في الكسوف أن يجتمع الناس على إمامٍ واحد كصلاة الجمعة, فلو أن الناس في صلاة الكسوف اجتمعوا في الجوامع لكان أوفق وأفضل.
الجواب: إذا كان أولاد أخيك من أبيك فقراء مستحقين للزكاة، وأنت لا تجب عليك نفقتهم، فإنه يجوز لك أن تصرف الزكاة إليهم, وأما توزيعها عليهم في كل شهرٍ ما يكفيهم فهذا يحتاج إلى أن تكون أنت وليهم, فإن كنت وليهم فلا بأس؛ لأن وليهم يتصرف بما هو أصلح, وإن لم تكن ولياً لهم، فأعطها وليهم دفعة واحدة، وهو يتصرف فيها كما يراه أصلح.
الجواب: حياة البرزخ حياةٌ بين حياتين, وهذه الأنواع الثلاثة للحياة تكون من أدنى إلى أعلى, فحياة البرزخ أكمل من الحياة الدنيا بالنسبة للمتقين؛ لأن الإنسان ينعم في قبره، ويفتح له بابٌ إلى الجنة، ويوسع له مد البصر, وحياة الآخرة وهي الجنة التي هي مأوى المتقين أكمل، وأكمل بكثيرٍ من حياة البرزخ، وكذلك بالنسبة للكافر يقال: إن حياته في قبره أشد عذاباً مما يحصل له من عذاب الدنيا, وعذابه في النار التي هي مأوى الكافرين أشد وأشد.
فحياة البرزخ في الواقع حياةٌ بين حياتين في الزمن وفي الحال, فحال الإنسان فيها بين حالين دنيا وعليا, وكذلك الزمن كما هو معروف.
أما سؤاله: هل تكون الحياة البرزخية بالروح والبدن؟ فهي قطعاً بالروح بلا شك, ثم قد تتصل بالبدن أحياناً إن بقي ولم تأكله الأرض، ولم يحترق ويتطاير في الهواء, وقد لا تتصل, هذا هو القول الراجح في نعيم القبر أو عذابه أنه في الأصل على الروح وقد تتصل بالبدن, لكن ما يكون عند الدفن فالظاهر أنه يكون على الروح والبدن جميعاً؛ لأنه جاء في الأحاديث ما يدل علي ذلك من أن الميت يجلس في قبره, ويسأل ويوسع له في قبره, ويضيق عليه حتى تختلف أضلاعه, فكل هذا يدل على أن النعيم أو العذاب عند الدفن يكون على البدن والروح.
الجواب: المرور بين يدي المصلي محرم توعد عليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في قوله: ( لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يديه )، وفسرت الأربعون بأنها أربعون خريفاً أي أربعون سنة, وهذا يدل على عظم إثم الذي يمر بين يدي المصلي.
والحديث هذا عام لم يفرق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيه بين الحرم وغيره, فالواجب على من أراد المرور بين يدي المصلي في الحرم وغيره أن يقف حتى ينتهي من صلاته, أو أن يمر من عند جنبه الأيمن أو الأيسر لا أن يقطعه عرضاً, وهو إذا مر من عند جنبه الأيمن أو الأيسر أي من على يمينه أو يساره لم يكن ماراً بين يديه.
فالمرور بين يدي المصلي هو أن يقطع الإنسان ما بين يدي المصلي عرضاً, ويستثنى من ذلك ما إذا كان المصلي هو الذي اعتدى بوقوفه في هذا المكان؛ فإنه في مثل هذه الحال لا حرمة له, مثل الذين يصلون في مكان طواف الناس, فإن هؤلاء لا حرمة لهم, ويجوز للإنسان أن يمر بين أيديهم ولو كانوا يصلون, ولا فرق في هذا بين ركعتي الطواف التي تسن خلف المقام وغيرها، ما دام الطائفون قد بلغوا إلى مكان المصلي، فإنه ليس له حق في أن يصلي في هذا المكان, ولو كان هذا المكان خلف مقام إبراهيم؛ لأن المصلي خلف مقام إبراهيم يمكنه أن يصلي في مكانٍ آخر من المسجد، ويحصل له بذلك ثواب ركعتين, لكن الطائف لا يمكنه أن يطوف إلا في هذا المكان، فيكون من صلى في المكان الذي يصل فيه الطائفون إليه يكون هو الذي اعتدى، ولا حرمة له في هذه الحال.
وكذلك لو قام الإنسان يصلي في طريق الناس, كما لو صلى مثلاً في باب المسجد الذي يحتاج الناس فيه إلى المرور فإنه لا حق له في هذا, فالمار بين يديه لا إثم عليه؛ لأن المصلي هو المعتدي حيث وقف في مكان الناس, ومن هنا نعرف أن الذين يصلون في أمكنة مرور الناس لا حرج على الإنسان إذا تخطى رقابهم وإن آذاهم ذلك؛ لأنهم هم المعتدون إذ إن الناس لا بد لهم من طريقٍ يعبرون به إلى داخل المسجد, وبه نعرف خطأ من يقفون في المسجد الحرام في الممرات التي أمام أبوب المسجد فتجدهم يقفون في هذه الممرات فيحجزون الناس من الدخول إلى جوف المسجد مع أن جوف المسجد قد لا يكون فيه أحد, قد يكون واسعاً وفيه أمكنة, لكن هؤلاء الذين وقفوا في ممرات الناس حالوا بين الناس وبين الوصول إلى هذه الأماكن الخالية, وحينئذٍ لا يكون لهم حقٌ في هذا المكان, فللإنسان أن يتخطى رقابهم ولو تأذوا بذلك؛ لأنهم هم الذين وقفوا في مكان مرور الناس.
الجواب: لا ننصحك بفعل صلاة التسبيح؛ لأن حديثها لم يصح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قال: ولم يستحبها أي صلاة التسبيح أحدٌ من الأئمة, فالذي ننصحك أن تشتغلي بما ثبتت به السنة دون ما لم تثبت به, وما ثبتت به السنة من الأعمال الصالحة فيه الكفاية؛ لأن الله سبحانه وتعالى تكفل بحفظ القرآن, وهذا يتناول حفظ القرآن نفسه، وحفظ الشريعة التي جاء بها القرآن, فالشريعة محفوظة ولله الحمد حتى لو هجرت في بعض العصور فإنها لا تزال باقيةً في كتب أهل العلم ثم تحيا بإذن الله عز وجل.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر