الجواب: إذا خطبت المرأة وخطبها رجلٌ كفؤ فإنه يزوج ولا يمنع؛ ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه, إن لا تفعلوه تكن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ كبير، أو قال: فسادٌ عريض ) ولا يحل لأحد أن يمنع ابنته أو أخته أو غيرهما ممن له ولايةٌ عليه من النساء.. لا يحل له أن يمنعها من خاطبٍ كفؤ إن رضيته؛ لأن هذا خلاف الأمانة.
وفي هذه الحال لو فرض أنه منعها من كفؤ رضيته، فإن الولاية تنتقل منه إلى من بعده, فإذا منعها أبوها مثلاً، والخاطب كفؤٌ في دينه وخلقه، وهي راضيةٌ به زوجها أخوها، ولا بأس عليه في هذه الحال أن يزوج أخته مع منع أبيه من تزويجها, وذلك لأن أباه معتدٍ في هذا المنع, فأسقط حقه بنفسه.
وإذا قدر أن الإخوة أبوا أن يزوجوه كراهة أن يخالفوا أباهم فإن الولاية تنتقل إلى العم الذي هو أخو الأب, فله أن يزوج هذه المرأة التي رضيت بالكفؤ الذي خطبها ومنعه أبوها وأخوتها.
وقد ذكر العلماء رحمهم الله أن الولي إذا تكرر منعه من تزويج الخاطب إذا كان كفؤاً ورضيت به المرأة يكون بذلك فاسقاً وتسقط ولايته, ولا يمكن من مباشرة كل عملٍ تشترط فيه العدالة, والمسألة خطيرة, وقد كان بعض الناس لا يرحمون الخلق ولا يخافون الخالق فتجده يجعل ابنته بمنزلة السلعة لا يزوجها إلا من يعطيه الأكثر من المال, وإذا خطبها الكفؤ ذو الخلق والدين ورضيت به أبى أن يزوجه؛ لأنه ينتظر من يزيده من المال.
ومن الناس من يمنع الكفؤ إذا خطب ابنته ورضيته؛ لأنه يريد أن يزوجها ابن أخيه، أو أن يزوجها رجلاً من قبيلته, وهذا أيضاً حرام ولا يحل, فعلى الأولياء أن يتقوا الله في أنفسهم, وأن يتقوا الله فيمن ولاهم الله عليه من النساء, وأن يعلموا أنهم سيحاسبون على ذلك يوم القيامة حين لا يجدون مناصاً من سوء معاملتهم.
ولقد حكى لي بعض الناس أن فتاةً لم تتزوج، فلما حضرها الموت أشهدت من حولها من النساء بوصيةٍ إلى أبيها تقول كلاماً معناه أن أباها قد منعها من الخطاب الأكفاء, وأن بينها وبينه موقفٌ عند الله يوم القيامة, وهذا أمرٌ خطير يجب على المرء أن يتقي الله تعالى فيه, وما أدري هذا الولي لو أنه اختار امرأةً ليتزوجها فحيل بينه وبينها ما أدري ما موقفه هل يرضى بذلك؟
إن الجواب بالنفي أنه لا يرضى أن يحول أحدٌ بينه وبين مخطوبته؛ فإذا كان كذلك فلماذا يرضى أن يحول بين ابنته وخاطبها الذي هو كفؤٌ في دينه وخلقه؟
هذا من سلامة الدين التي تجب مراعاتها؛ ألا يكون الإنسان مصراً على معصية تتعدى إلى الغير، كالإصرار على شرب الدخان مثلاً, فإن شرب الدخان على القول الراجح محرم, والإصرار عليه معصية, بل فعله ولو مرةً واحدة معصية, والإصرار عليه يرتقي بصاحبه إلى أن يكون كبيرة.
فإذا خطب المرأة رجلٌ يصر على معصية من أي نوعٍ كانت من المعاصي التي لا تسلم الزوجة منها, فإن من الخير أن لا تقبل خطبته, وأن تسأل الله تعالى أن ييسر لها زوجا خالياً من هذه المعصية.
أما إذا كانت المعصية لا تتعدى فهي أهون مثل أن يكون الإنسان معروفاً بالغيبة, فإن الغيبة كما يعلم الجميع ليست متعدية, إذ بالإمكان أن يكون هذا الزوج يغتاب الناس في غير حضرة زوجته, وهذا أهون من كونه يفعل المعصية أمامها ولا يمكن أن يتخلى عنها إذا كانت الزوجة أمامه.
وخلاصة القول: أنا ننصح المرأة بأن لا تختار في النكاح إلا رجلاً صاحب دين وخلق؛ لأن صاحب الدين إن أمسكها أمسكها بمعروف, وإن فارقها فارقها بإحسان, وأن لا تتعجل المرأة بقبول الخاطب حتى يبحث عنه من جميع الجوانب, ولست أريد أن أقول لا تتزوج المرأة إلا من كان لا يفعل شيئاً من الذنوب أبداً؛ لأن هذا متعذر لكن سددوا وقاربوا.
الجواب: أنا مع هذا الزوج الذي يحب الإنجاب كثيراً؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حث على المرأة الودود الولود, وكلما كثرت الأمة الإسلامية كان ذلك أعز لها، وأوفى بحاجاتها, وما يتوهمه بعض الناس من أن كثرة النسل تؤدي إلى ضيق الرزق وهمٌ باطل، لا يصدر ممن يؤمن بقول الله تعالى: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [هود:6] فأنا أشكر لزوج هذه المرأة الذي يحب كثرة الإنجاب, وأسأل الله تعالى أن يكثر من أمثاله.
وأقول لهذه المرأة: إنه لا يحل لها أن تأخذ مانع الحمل بدون إذن الزوج ورضاه, وعليها أن تتقي الله عز وجل, وأن تقلع عن أكل هذه الحبوب؛ محبةً لما يحبه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من كثرة الأولاد, وطاعةً لزوجها, وزوجها له حق في الإنجاب, كما أنها هي أيضاً لها حقٌ في الإنجاب, ولهذا لو أراد الزوج أن يعزل عن زوجته حتى لا تحمل كان ذلك حراماً عليه إلا بإذنها, يعني: مثلاً لو أراد الزوج من زوجته أن لا تحمل وصار يعزل عنها, أي إذا أراد أن ينزل نزع وأنزل في الخارج, فإن ذلك لا يحل له إلا إذا وافقت الزوجة على ذلك.
وسبب هذا أن الزوجة لها حقٌ في الأولاد, فلا يحل للزوج أن يحول بينها وبين هذا الحق بغير رضاها, ثم إنه بهذه المناسبة أحذر النساء من أن يتعاملن هذه المعاملة التي هي ظلم في حق الزوج, ثم على فرض أن الزوج رضي بذلك فإني أنصح الزوج والزوجة عن هذا العمل, وأقول إن كثرة الأولاد من النعم التي تستحق الشكر لله عز وجل كما أظهر الله ذلك في قوله في بني إسرائيل: وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا [الإسراء:6] وكما ذكر شعيبٌ قومه بذلك فقال: وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ [الأعراف:86] فأنصح كلاً من الزوجين أن يحرصوا على كثرة الإنجاب؛ لأن ذلك خير لهما وخير للأمة الإسلامية, وكلما كثرت الأمة الإسلامية كان ذلك أعز لها وأكرم.
الجواب: إذا كان المدين الذي عليه الطلب فقيراً لا يمكنك مطالبته من أجل إعساره, أو كان غنياً لكنه مماطل ولا تمكن مرافعته إلى المحكمة, فإن الدين الذي في ذمته لا زكاة فيه ولو بقي سنوات كثيرة, لكن إذا قبض فإنه يزكى لما مضى مرةً واحدة, ثم إذا دخل في المال سيزكى مع المال.
أما إذا كان الدين على غني فإن الزكاة واجبةٌ فيه، حتى وإن كان دون النصاب إذا كان عند الإنسان ما يكمل به النصاب.
وعلى هذا فنقول: زك هذا الدين مع مالك إن شئت, وإن شئت أخر زكاته حتى تقبضه ثم تزكيه لكل ما مضى من السنوات؛ فمثلاً: إذا كان لزيدٍ على عمروٍ عشرة آلاف ريال, وكان عمرو غنياً ويمكن لزيدٍ في أي ساعةٍ من الساعات يقول أعطني حقي فيعطيه, ففي هذه الحال يجب على زيد أن يزكي هذا المال كل سنة مع ماله, أو يؤخر زكاته حتى يقبضه, فإذا قبضه بعد مضي سنتين زكاه لسنتين، أو بعد مضي خمس سنوات زكاه لخمس سنوات، أو بعد مضي عشر سنوات زكاه لعشر سنوات.
وبناء على هذا يعرف هذا المقرض الذي أقرض الشخص حكم هذه المسألة, وهو أنه إذا كان المستقرض غنياً وجبت زكاة ما عنده كل سنة, لكن إن شاء أخرجها مع ماله, وإن شاء أخرها حتى يستوفي ثم يخرج ما مضى, وإن كان فقيراً فليس على صاحب القرض زكاة حتى يقبضه, وإذا قبضه زكاه مرةً واحدة لكل ما مضى من السنوات.
الجواب: قراءة هذا الإمام في صلاة التراويح في كل ركعة وجهاً واحداً ليست بطويلة بل متوسطة إن لم تكن أقرب إلى القصر, وهذا يناسب أكثر المصلين, وإذا قدر أن فيهم رجلاً أو رجلين لا يطيقان ذلك فالأمر واسع -ولله الحمد- في صلاة النفل, إذ بإمكانهما أن يصليا جالسين, وهما إذا صلياها جالسين لمشقة القيام عليهما فقد صليا جالسين لعذر, ومن صلى جالساً لعذر كتب له أجر صلاة القائم, فأرى أن يستمر الإمام على ما هو عليه من هذه القراءة, ولا أرى فيها تطويلاً ينهى عنه.
الجواب: الذي لا يصلي كافر كفراً مخرجاً عن الملة, فإذا مات مات على الكفر وكان يوم القيامة مع فرعون وقارون وهامان وأبي بن خلف , ولكن لا يقال للشخص المعين: يا كافر حتى تقام عليه الحجة, ويتبين له أن فعله كفر, وهذا الذي حصل بينه وبين أخيه شجار وقال له يا كافر؛ لأنه لا يصلي نقول له: إن هذا لا ينبغي منك, ولكن عندما تحادثه وتتكلم معه كلاماً عادياً بين له أن ترك الصلاة كفر, وأنه إن أصر على ذلك فهو كافر، وأما أن تصفه بالكفر حين المنابزة والمخاصمة فهذا أمرٌ لا ينبغي منك.
وخلاصة القول: أن تارك الصلاة كافرٌ كفراً مخرجاً عن الملة, وأنه إن مات على ذلك فليس من المؤمنين, ويحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف , ولكن لا ينبغي لنا عند المنابزة أن نصفه بالكفر فنقول يا كافر, بل نبين له في الكلام العادي أن ترك الصلاة كفر, وأنه إذا أصر على تركها فهو كافر لعل الله يهديه ويرجع إلى دينه.
الجواب: السقط إذا مات قبل أربعة أشهر فليس بآدمي, بل هو قطعة لحم يدفن في أي مكانٍ كان، ولا يغسل، ولا يكفن، ولا يصلى عليه، ولا يبعث يوم القيامة, وإذا كان بعد أربعة أشهر فقد نفخت فيه الروح وصار إنساناً, فإذا سقط فإنه يغسل، ويكفن، ويصلى عليه، ويسمى ويعق عنه, لكن العقيقة عنه ليست كالعقيقة عمن ولد حياً وبقي يوماً أو يومين, والعقيقة عمن بقي يوماً أو يومين ليست كالعقيقة عمن أتم سبعة أيام.
ولهذا بين النبي عليه الصلاة والسلام أن العقيقة تذبح في اليوم السابع, فمن العلماء من قال إذا مات الطفل قبل اليوم السابع، أو خرج ميتاً فإنه لا يعق عنه؛ لأنه لم يأتِ الوقت الذي تسن فيه العقيقة وهو اليوم السابع.
ولهذا قلنا: إن المسألة على الترتيب، من سقط من بطن أمه قبل أن يتم له أربعة أشهر فهذا لا يعق ولا يسمى عنه، وليس له حكم الآدمي، فلا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه، ويدفن في أي مكانٍ من الأرض.
ومن سقط بعد أربعة أشهر ميتاً فإنه يغسل، ويكفن، ويصلى عليه، ويسمى ويعق عنه.
ومن سقط حياً، وبقي يوماً أو يومين، ومات قبل السابع، فهو كذلك أيضاً يغسل، ويكفن، ويصلى عليه، ويدفن في المقابر مع الناس، ويعق عنه, لكن هذا والذي قبله فيه خلاف.
ومن بقي إلى اليوم السابع ثم مات بعده فإنه يغسل ويكفن، ويصلى عليه، ويدفن مع المسلمين، ويسمى ويعق عنه.
الجواب: إذا حلق يوم النحر قبل أن يذهب إلى الصلاة فلا حرج عليه إذا كان لا يضحي, أما إذا كان يضحي فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى من أراد الأضحية إذا دخل شهر ذي الحجة أن يأخذ شيئاً من شعره أو ظفره أو بشرته حتى يضحي, فلا يحل للإنسان الذي يريد الأضحية أن يأخذ شيئاً من شعره أو ظفره أو بشرته إذا دخل العشر، أعني: عشر ذي الحجة حتى يضحي, إلا أنه يستثنى من ذلك من أراد العمرة أو الحج فإنه يقصر إذا أتم عمرته -أي طاف وسعى- فإنه يقصر من أجل أن يحل, وإنما استثني ذلك لأنه الآن صار نسكاً, وكذلك من حج فإنه إذا رمى جمرة العقبة يوم العيد حلق رأسه أو قصره ولو كان لا يدري هل ذبح أهله أضحيته أم لم يذبحوها؛ وذلك لأن هذا الحلق أو التقصير نسك.
الجواب: ذكر الفقهاء رحمهم الله أنه إذا ضحى بالبهيمة كاملة, فالأفضل الإبل, ثم البقر, ثم الغنم, والضأن أفضل من المعز, أما إذا ضحى بسبعٍ من البدنة أو البقرة فإن الغنم أفضل, والضأن أفضل من المعز.
الجواب: الكافر إذا كان ممن يجوز أن يهدى إليه؛ فإنه يعطى من لحم الأضحية, وإن كان ممن لا يجوز أن يهدى إليه فإنه لا يعطى من لحم الأضحية ولا من غيرها, وميزان ذلك قوله تعالى: لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ [الممتحنة:8] يعني: لا ينهاكم عن برهم بل تقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [الممتحنة:8-9] فإذا كان الكافر من أمةٍ لا يعتدون على المسلمين ولا يقاتلونهم ولا يخرجونهم من ديارهم فلا بأس أن يهدى إليه من لحم الأضحية أو غيرها, وإن كان بالعكس فإن الله تعالى يقول: إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا [الممتحنة:9] أي عاونوا على إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ [الممتحنة:9] بأي ولايةٍ كانت.
الجواب: الدم إذا كان طاهراً فإنه لا يضر إذا وقع على الإحرام أو غيره من الثياب, والدم الطاهر من البهيمة هو الذي يبقى في اللحم والعروق بعد ذبحها، كدم الكبد، ودم القلب، ودم الفخذ ونحو ذلك, وأما إذا كان الدم نجساً فإنه يغسل سواءٌ في ثوب الإحرام، أو غيره وذلك الدم المسفوح, فلو ذبح شاةً مثلاً وأصابه من دمها فإنه يجب عليه أن يغسل هذا الذي أصابه، سواءٌ وقع على ثوبه، أو على ثوب الإحرام، أو على بدنه, إلا أن العلماء رحمهم الله قالوا: يعفى عن الدم اليسير لمشقة التحرز منه.
وأما قوله: وماذا على المحرم في الطواف والسعي؟
فعليه ما ذكره العلماء من أنه يطوف بالبيت فيجعل البيت عن يساره، ويبدأ بالحجر الأسود، وينتهي بالحجر الأسود سبعة أشواطٍ لا تنقص, وكذلك يسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواطٍ لا تنقص, يبدأ بالصفا وينتهي بالمروة, وما يفعله الحجاج معروفٌ في المناسك فليرجع إليه هذا السائل.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر