الجواب: المرأة هذه سألت عن قص الشعر، وظاهر الحال أنها تريد قص شعر رأس المرأة، فالجواب على ذلك أن نقول: إذا قصت المرأة شعر رأسها قصاً بالغاً بحيث يكون كشعر رأس الرجل فإن ذلك حرام عليها، بل هو من كبائر الذنوب؛ ( لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعن المتشبهات من النساء بالرجال )، وأما إذا كان قصاً لا يصل إلى هذه الدرجة، فإن كان قصاً يشبه قص رؤوس النساء الكافرات فهو حرام أيضاً لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( من تشبه بقوم فهو منهم )، وإذا كان قصاً لا يشبه هذا ولا هذا فقد اختلف العلماء فيه على ثلاثة أقوال؛ القول الأول: إنه حرام جزم به بعض أصحاب الإمام أحمد رحمهم الله، كصاحب المستوعب، والثاني: أنه مكروه، والثالث: أنه مباح، والسلامة من القص أولى.
أما الصبغ فإن كان بصبغ خاص برؤوس نساء الكفار بحيث من رأى هذه المرأة الصابغة لم يظن إلا أنها امرأة كافرة فهذا حرام؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( من تشبه بقوم فهو منهم )، وإن كان صبغاً لا يختص بنساء الكفار، فإن كان بالأسود فالظاهر أنه حرام، إلا أن يكون لتغيير الشيب فهو حرام بلا شك؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( غيروا هذا الشيب وجنبوه السواد )، وإن كان بلون آخر لا يختص بنساء الكفار وليس بالأسود فالأصل الحل والإباحة، حتى يقوم دليل التحريم.
فهنا أنبه على قاعدتين هامتين؛ القاعدة الأولى: أن الأصل في العبادات المنع، وألا يتعبد أحد لله تعالى بشيء من عند نفسه إلا بدليل من الشرع، أن هذا العمل مشروع، والقاعدة الثانية: أن الأصل فيما عدا العبادات الحل والإباحة، فليس لأحد أن يحرم شيئاً من عند نفسه إلا أن يقوم دليل التحريم، وهاتان القاعدتان تنفعان في كثير من المسائل التي يقع فيها الاشتباه.
الجواب: نعم، حرام، فإن نتف شعر الوجه من النمص الذي لعن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فاعله، فهو من كبائر الذنوب، وسواء كان بالحاجبين، أو على الخدين أو غير ذلك.
الجواب: نعم هو حرام، ما دام يغير لون الجلد تغييراً مستقراً، فإنه يشبه الوشم، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم الواشمة والمستوشمة، أما إذا كان لإزالة عيب كما لو كان في الجلد شامة سوداء مشوهة، فاستعمل الإنسان ما يزيلها، فإن هذا لا بأس به، ولهذا يجب أن نعلم الفرق بين ما اتخذ للزينة والتجميل، وما اتخذ لإزالة العيب، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أذن للصحابي الذي قطع أنفه أن يركب عليه أنفاً من ذهب، لإزالة العيب الحاصل بقطع الأنف، ولعن الواشرة والمستوشرة، وهي التي تبرد أسنانها بالمبرد لتكون متفلجة، أو نحو ذلك، لكن لو فرض أن في صف الأسنان اختلاف بعضها بارز وبعضها داخل على وجه يشوه منظر الأسنان، فلا بأس باتخاذ شيء يجعلها متراصة متساوية.
الجواب: إذا كان هذا في الوجه فهو بمعنى النمص، وقد ذكرنا حكمه، وإذا كان هذا على شعر آخر كشعر الذراعين والساقين، فإن الأولى بلا شك ألا يستعمل هذا؛ لأن الله عز وجل خلق هذا الشعر ولا شك أن في خلقه حكمة، اللهم إلا أن يكون شعراً كثيراً مشوهاً فلا بأس بتخفيفه أو إزالته.
وبهذه المناسبة نقول: إن الشعور تنقسم إلى ثلاثة أقسام: قسم نهى الشرع عن إزالته، وهو شعر اللحية، لحية الرجل، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( خالفوا المجوس وفروا اللحى وحفوا الشوارب )، والقسم الثاني: شعر أمر بإزالته، وهو شعر الإبطين والعانة للرجل والمرأة، والشارب للرجل، فإن الرجل أمر بحف الشارب، والقسم الثالث من الشعور: مسكوت عنه، لم يأت به أمر ولا نهي، فالأولى إبقاؤه على ما كان عليه، إلا أن يكون فيه تشويه للخلقة، فلا بأس، وهذا لا نقول: إنه حرام، أي: لا نقول: إن إزالته حرام، ولا نعم، ولا نقول أيضاً: إن إزالته مكروهة؛ لأن التحريم والكراهة يحتاجان إلى دليل، ولكن نقول: الأولى إبقاؤه؛ لأن الله تعالى لم يخلقه عبثاً ما لم يكن فيه تشويه.
الجواب: جواب هذا السؤال يتطلب شيئين؛ الشيء الأول: مباشرة المرأة لمعالجتها، فهذا إن كان الرجل يحس بالشهوة عند مس المرأة فإنه يحرم عليه أن يمسها؛ لأنها أجنبية منه؛ ولأن مس النساء بشهوة من دواعي الفاحشة، فالواجب عليه إذا أحس بذلك أن يتوقف، وكذلك إذا علم من نفسه أنه قوي الشهوة، وأن شهوته تتحرك عند أدنى ملامسة للمرأة، فإن الواجب عليه الكف عن هذا، أما إذا كان لا تتحرك شهوته، ولا يبالي بمس المرأة، ويمسها وكأنه يمس الرجل، أو المرأة من بناته، فلا حرج عليه عند الضرورة أن يمسها، بل لا حرج عليه أن يمس كل ما تدعو الحاجة إليه.
أما الوجه الثاني: فهو نقض الوضوء بمس المرأة، فنقول: إن مس المرأة لا ينقض الوضوء بكل حال، حتى لو مس الرجل امرأته بشهوة، أو باشرها لشهوة، فإن وضوءه لا ينتقض، ما لم يخرج منه مذي أو مني، وإن خرج منه مني وجب عليه الغسل.
الجواب: ليس عليك دم؛ لأنك لم تحرم دون الميقات بل رجعت إلى الميقات، وأحرمت منه، وبهذا زال موجب الدم، أما لو أحرمت من مكة أو مما دون الميقات، ولو خارج مكة، فإن عليك دماً تذبحه في مكة وتوزعه على الفقراء، لكن ما دمت رجعت إلى الميقات وأنت محل، ثم أحرمت من الميقات فلا شيء عليك.
مداخلة: بعض الناس قال له: إن عليك دم، هل من توجيه لأولئك الذين يفتون دون علم؟
الشيخ: نعم هناك توجيه واجب، أن نوجه إخواننا الذين يتسرعون في الفتوى، ونقول لهم: إن الأمر خطير، لأن المفتي يعبر عن شريعة الله، فهل هو على استعداد إذا لاقى الله عز وجل وسأله عما أفتى به عباده من أين لك الدليل، إن المفتي بلا علم ليس عنده دليل، حتى لو أصاب فقد أخطأ، لقول الله تبارك وتعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [الأعراف:33]، والقول على الله بلا علم يشمل القول عليه في ذاته أو أسمائه أو صفاته أو أحكامه، وقال الله تعالى: وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا [الإسراء:36]، وقال تعالى: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ [الأنعام:144]، وفي الحديث: ( أجرؤكم على الفتية أجرؤكم على النار )، وكان السلف رحمهم الله يتدافعون الفتيا، حتى تصل إلى من يتعين عليه الإجابة، وإني أقول لهؤلاء الذين يريدون أن يسبقوا إلى السؤدد والإمامة، أقول لهم: اصبروا، فإن كان الله قد أراد بكم خيراً ورفعه حصلتم ذلك بالعلم، وإن كانت الأخرى فإن جرأتكم على الفتيا بلا علم لا تزيدكم إلا ذلاً بين العباد، وخزياً يوم الميعاد، وإني لأعجب من بعض الإخوة الذين أوتوا نصيباً قليلاً من العلم أن يتصدروا للإفتاء، وكأن الواحد منهم إمام من أئمة السلف، حتى قيل لي عن بعضهم حين أفتى بمسألة شاذة ضعيفة إن الإمام أحمد بن حنبل يقول سوى ذلك، فقال له أي: قال هذا المفتي لمن أورد عليه هذا الإيراد: ومن أحمد بن حنبل أليس رجلاً، إنه رجل وإنا نحن رجال، ولم يعلم الفرق بين رجولته التي ادعاها ورجولة الإمام أحمد إمام أهل السنة رحمه الله، وأنا لست أقول: إن الإمام أحمد قوله حجة، لكن لا شك أن قوله أقرب إلى الصواب من قول هذا المفتي الذي سلك بنيات الطريق، والله أعلم بالنيات.
الجواب: لا يلزمها ذلك، لكن تستر قدميها بثوب طويل يكون ضافياً على القدمين، وقولنا: إن ذلك لا يجب عليها لا يعني أنه يحرم عليها أن تلبس الخفين، بل لها أن تلبس الخفين دون لبس القفازين، وهما شراب اليدين، فإنه لا يجوز للمحرمة أن تلبسهما؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى المحرمة أن تلبس القفازين، فإن قال قائل: كيف تستر كفيها إذا أحرمت نقول: تستر كفيها بعباءتها أو بخمار واسع طويل، أو بثوب له أكمام طويلة، المهم أنه يمكنها أن تستر الكفين دون أن تلبس القفازين.
الجواب: نتف الشيب من اللحية من النمص؛ لأن النمص نتف شعر الوجه، والنمص ملعون فاعله، فهو من كبائر الذنوب، وأما نتف شعر الشيب من الرأس، فإنني أقول: إذا كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن صبغه بالسواد الذي فيه إخفاء الشيب، فإن نتفه أشد من صبغه بالسواد، وعلى هذا فلا ينتفه، ونقول لهذا الذي نتف الشعرة أو الشعرتين من الشيب في رأسه، نقول: إنه إذا بدأ الشيب في الرأس فسوف يعمه، فهل كلما ابيضت شعرة من رأسه ينتفها، إن فعل ذلك فإنه لم يبق على رأسه شعرة.
الجواب: إن قراءة الفاتحة بين يدي الدعاء، أو في خاتمة الدعاء من البدع؛ لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه كان يفتتح دعاءه بالفاتحة، أو يختم دعاءه بالفاتحة، وكل أمر تعبدي لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإن إحداثه بدعه، نعم، ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن الفاتحة رقية، أي: يقرأ بها على المرضى يستشفى بها، وهذا شيء واقع مجرب، فإن قراءة الفاتحة على المريض من أقرب العلاج للشفاء.
الجواب: إذا لبس الإنسان الجورب ثم أحدث ومسحه تمت طهارته، فإذا خلعه بعد المسح فهو باق على طهارته يصلي ما شاء حتى ينتقض وضوءه، فإذا انتقض وضوءه فإنه لا يحل له أن يلبس الجورب مرة ثانية، إلا بعد الوضوء وضوءاً كاملاً يغسل فيه القدمين. وأعطي السائل والمستمع قاعدة مفيدة: وهي أن متى خلع ما مسحه من جورب أو خف فإنه لن يعيده مرة أخرى إلا بعد أن يتوضأ وضوءاً كاملاً يغسل فيه القدمين، وعلى هذا نقول: إذا خلع الجورب الذي مسحه أو الخف الذي مسحه وهو على طهارة، فإنه يبقى على طهارته ولا تبطل الطهارة بهذا الخلع، لكن يبطل المسح بمعنى أنه لا يمكن أن يعيده فيمسح عليه إلا بعد أن يتوضأ وضوءاً كاملاً يغسل فيه القدمين.
الجواب: لما ذكر الله سبحانه وتعالى منته على أهل الجنة وأنهم متكئون على سرر مصفوفة، قال تعالى: وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ [الطور:20]، قال: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ [الطور:21]، فكان ذكر الذرية بعد ذكر الزوجات من أنسب ما يكون: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ [الطور:21]، يعني بذلك أن الذرية الذين اتبعوا آباءهم بالإيمان يلحق الله الذرية بآبائهم في درجات الجنة، وإن كانت الذرية أدنى مرتبة من الآباء، وإذا ألحق الله الذرية بالآباء في الجنة، فإن ذلك لا ينقص من درجات الآباء شيئاً، ولهذا قال: وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ [الطور:21]، أي: ما نقصنا الآباء من عملهم من شيء حين ألحقنا بهم الذرية، والمراد بالذرية هنا والله أعلم من لم يتزوج ويكون له ذرية، فأما من تزوج وكان له ذرية فهو مستقل بنفسه مع ذريته في درجته التي كتبها الله له؛ لأننا لو لم نقل بذلك لزم أن يكون أهل الجنة كلهم في درجة واحدة، وقوله تعالى: كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ [الطور:21] فيه دليل على أن الإنسان لا يظلم من عمله شيئاً، لكن قد يزاد في أجره تفضلاً من الله، مثل زيادة أجر الذرية حتى يلحقوا بآبائهم، فإن هذا فضل، لكن الآباء لا ينقصون في مقابل هذه الزيادة؛ لأن: كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ [الطور:21].
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر