الجواب: ظاهر قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه )، وقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة )، معناه: أن الحج المبرور يكفر الكبائر، ويؤيد هذا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة )، فإن تكفير العمرة إلى العمرة لما بينهما مشروط باجتناب الكبائر، ولكن يبقى النظر هل يتيقن الإنسان أن حجه كان مبروراً؟ هذا أمر صعب؛ لأن الحج المبرور ما كان مبروراً في القصد والعمل، أما في القصد: كأن يكون قصده بحجه التقرب إلى الله تعالى والتعبد له بأداء المناسك نية خالصة لا يشوبها رياء ولا سمعة، ولا حاجة من حوائج الدنيا إلا ما رخص فيه في قوله تعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ [البقرة:198]، وكذلك المبرور في العمل: أن يكون العمل متبعاً فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في أداء المناسك مجتنباً فيه ما يحرم على المحرم بخصوصه، وما يحرم على عامة الناس، وهذا أمر صعب، ولا سيما في عصرنا هذا، فإنه لا يكاد يسلم الحج من تقصير وتفريط أو إفراط ومجاوزة، أو عمل سيء، أو نقص في الإخلاص، وعلى هذا فلا ينبغي للإنسان أن يعتمد على الحج، ثم يذهب فيفعل الكبائر، ويقول: الكبائر يكفرها الحج، بل عليه أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى من فعل الكبائر، وأن يقلع عنها ولا يعود، ويكون الحج نافلة، أي: زيادة خير في أعماله الصالحة.
ومن الكبائر ما يكون لبعض الناس اليوم، بل لكثير من الناس، من الغيبة: وهي أن يذكر أخاه الإنسان غائباً بما يكره، فإن الغيبة من كبائر الذنوب كما نص على ذلك الإمام أحمد رحمه الله، وقد صورها الله عز وجل بأبشع صورة، فقال تعالى: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ [الحجرات:12]، ومن المعلوم أن الإنسان لا يحب أن يأكل لحم أخيه لا حياً ولا ميتاً، وكراهته لأكل لحمه ميتاً أشد، فكيف يرضى أن يأكل لحم أخيه بغيبته في حال غيبته؟! والغيبة من كبائر الذنوب مطلقاً، وتتضاعف إثماً وعقوبة كلما ترتب عليها سوء أكثر، فغيبة القريب ليست كغيبة البعيد؛ لأن غيبة القريب غيبة وقطع رحم، وغيبة الجار ليست كغيبة بعيد الدار، لأن غيبة الجار منافية لقوله صلى الله عليه وسلم: ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره )، ووقوعه في قوله صلى الله عليه وسلم: ( والله لا يؤمن! والله لا يؤمن! والله لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه )، فإن غيبة الجار من البوائق، وغيبة العلماء ليست كغيبة عامة الناس، لأن العلماء لهم من الفضل والتقدير والاحترام ما يليق بحالهم؛ ولأن غيبة العلماء تؤدي إلى احتقارهم وسقوطهم من أعين الناس، وبالتالي إلى احتقار ما يقولون من شريعة الله، وعدم اعتبارها، وحينئذ تضيع الشريعة بسبب غيبة العلماء، ويلجأ الناس إلى جهالٍ يفتون بغير علم، وكذلك غيبة الأمراء وولاة الأمور الذين جعل الله لهم الولاية على الخلق، فإن غيبتهم تتضاعف؛ لأن غيبتهم توجب احتقارهم عند الناس وسقوط هيبتهم، وإذا سقطت هيبة السلطان فسدت البلدان، وحلت الفوضى والفتن والشر والفساد، ولو كان هذا الذي يغتاب ولاة الأمور بقصد الإصلاح، فإن ما يفسد أكثر مما يصلح، وما يترتب على غيبته لولاة الأمور أعظم من ذنب ارتكبوه؛ لأنه كلما هان شأن السلطان في قلوب الناس تمردوا عليه، ولم يعبئوا بمخالفته ولا بمنابذته، وهذا بلا شك ليس إصلاحاً، بل هو إفساد، وزعزعة للأمن ونشر للفوضى، والواجب مناصحة ولاة الأمور من العلماء والأمراء على وجه تزول به المفسدة، وتحل فيه المصلحة، بأن يكون سراً وبأدب واحترام؛ لأن هذا أدعى للقبول، وأقرب إلى الرجوع عن التمادي في الباطل، وربما يكون الحق فيما انتقده عليه المنتقد؛ لأنه بالمناقشة يتبين الأمر، وكم من عالم اغتيب وذكر بما يكره، فإذا نوقش هذا العالم تبين أنه لم يقل ما نسب إليه، وأن ما نسب إليه كذب باطل يقصد به التشويه والتشويش والحسد، وربما يكون ما نسب إليه حقاً، ولكن له وجهة نظر تخفى على كثير من الناس، فإذا نوقش وبين وجهة نظره ارتفع المحظور، أما كون الإنسان بمجرد أن يذكر له ولي الأمر من أمير أو عالم يذهب فيشيع السوء ويخفي الصالح، فهذا ليس من العدل، وليس من العقل، وهو ظلم واضح، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا [المائدة:8]، يعني: لا يحملكم بغضهم على ترك العدل، اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المائدة:8]، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يجنبنا جميعاً أسباب الشر والفساد، وأن يؤلف بين قلوبنا، وأن يجعلنا من المتحابين فيه المتعاونين على البر والتقوى، إنه على كل شيء قدير.
الجواب: لا يجوز لأحد أن يفتي بشيء لا يعلمه، سواء كان عالماً في شيء آخر أو لا؛ لقول الله تبارك وتعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [الأعراف:33]؛ ولقول الله تعالى: وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا [الإسراء:36]، وإذا كان له اختصاص في العقيدة لكن عنده علم من الفقه فأفتى في الفقه بما يعلم فلا بأس، وكذلك العكس، لو كان عنده اختصاص في علم الفقه وأفتى في العقيدة بما يعلم فلا بأس، فالممنوع هو أن يفتي الإنسان بغير علم، سواء كان في ضمن تخصصه، أو في أمر خارج عن تخصصه.
الجواب: الممنوع من الشرب من حوض النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، كل من أحدث في دين الله ما ليس منه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقال له: لا تدري ماذا أحدثوا بعدك، وكلما كان الإنسان أقوى في اتباع الرسول عليه الصلاة والسلام كان وروده أضمن، ولهذا قيل: من ورد على شريعته فشرب ورد على حوضه فشرب، ومن لا فلا. وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا [الأنعام:132].
وأما قول السائل: هل البدع أنواع؟ فنعم، البدع أنواع متعددة كثيرة، منها: ما يوصل إلى الكفر، ومنها: ما دون ذلك.
الجواب: السبابة ترفع، ولا تضم مع الأصابع الأربعة؛ لأن الأصابع الأربعة وهي: الخنصر، والبنصر، والوسطى، والإبهام، يضم بعضها إلى بعض، وتبقى السبابة مفتوحة، أو تحلق الإبهام مع الوسطى، وتبقى السبابة مفتوحة، وأما تحريكها فأقرب ما يكون عندي أن تحرك عند ذكر الدعاء فقط، كما جاء في الحديث: ( يحركها يدعو بها )، فإذا قلت: ( السلام عليك أيها النبي )، فهذا دعاء تحركها، و( السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ) كذلك، و( اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ) كذلك، و( اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد ) كذلك، و( أعوذ بالله من عذاب جهنم، وعذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال ) كذلك ترفعها، وإنما ترفع عند الدعاء إشارة إلى علو المدعو وهو الله سبحانه وتعالى، وما سوى ذلك فإنها تبقى مفتوحة غير مضمومة ولا مرفوعة.
الجواب: الحديث الصحيح هو ما جمع خمسة شروط؛ الشرط الأول: أن يكون الناقل له عدلاً في دينه ليس بفاسق، والشرط الثاني: أن يكون ضابطاً ضبطاً تاماً بحيث لا يخطئ في التحمل ولا في الأداء، والخطأ النادر لا حكم له، والشرط الثالث: أن يكون السند متصلاً، بحيث يرويه التلميذ عن شيخه مباشرة، الرابع: أن يكون الحديث غير معلل، -أي: ليس فيه علة تقدح فيه- لا في سنده ولا في متنه، والشرط الخامس: أن لا يكون شاذاً لا في سنده ولا في متنه، فإذا تمت هذه الشروط كان صحيحاً مقبولاً يعمل به، وإذا اختل شرط منها نزل عن درجة الصحة، وإذا نزل عن درجة الصحة فهو درجات، فمنه الحسن لذاته، والحسن لغيره، والصحيح لغيره، والضعيف، والموضوع، والمرسل، والمنقطع، والمعضل، وهذا معروف في علم المصطلح، والذي يهمنا أن نعرف شروط الصحيح وهي خمسة كما ذكرته آنفاً.
الجواب: أبشر هذا السائل أنه في سن الشباب، فإذا كان قد نشأ من بلوغه في طاعة الله إلى هذا السن، واستمر على ذلك إلى الممات، فإنه يرجى أن يكون من الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، أسال الله أن يجعلني وإياه ومن سمع من الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.
الجواب: هذا الحديث ليس بصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا عبرة به، لكن مما يعين على الحفظ ما أمر به النبي عليه الصلاة والسلام في قوله: ( تعاهدوا هذا القرآن فو الذي نفسي بيده لهو أشد تفلتاً من الإبل في عقلها )، فأمر بتعاهده لئلا ننساه، والتعاهد: أن يكرر الإنسان تلاوته بحضور قلب، فإذا كرر تلاوته بحضور القلب فهذا هو التعاهد، فيكون ذلك معيناً على بقاء القرآن وحفظ القرآن.
الجواب: يصرف هذا السحر باللجوء إلى الله عز وجل ودعائه، وقراءة سورة الإخلاص وسورة الفلق وسورة الناس، فإنه ما تعوذ متعوذ بمثلهما، أي: بمثل سورتي الفلق والناس، ويكرر هذا، ولا حرج أن يذهب إلى رجل صالح يقرأ عليه ويدعو له.
الجواب: إذا كنت طالب علم وعندك شيء من علم اللغة، وأفتيته بما تقتضيه اللغة، أي: فسرت له القرآن بما تقتضيه اللغة، فأرجو أن لا يكون في هذا بأس، وأما إذا كنت عامياً فلا تتحدث عن تفسير القرآن؛ لأنك تكون حينئذ فقلت في القرآن برأيك، و( من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار ).
الجواب: عقوق الوالدين من كبائر الذنوب؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثاً؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور، وكان متكئاً فجلس عند ذكر شهادة الزور، ومازال يكررها، قال
الجواب: الراتبة التي قبل الصلاة لا يدخل وقتها إلا إذا دخل وقت الصلاة، ويمتد وقتها إلى أن تقام الصلاة، والراتبة التي بعدها -أي: بعد الصلاة- من الفراغ من الصلاة إلى خروج وقت الصلاة، فمن صلى الراتبة القبلية قبل دخول وقت الصلاة، لم تجزئه، وتكون له نفلاً مطلقاً غير راتبة، ويعيدها بعد دخول الوقت.
الجواب: ليس على هذه المرأة ذنب فيما حصل من احتراق ابنتها، بل أرجو الله سبحانه وتعالى أن يكون لها ثواب على صبرها في هذه المصيبة، وأسأل الله تعالى أن يجعلها رفعة في درجاتها.
إن الأخت لا شك أنها لا تريد هذا إطلاقاً، وأنها لو استطاعت أن تمنع النار عنها حين اشتعالها لمنعت، وليست هي التي جاءت بها لتحترق، فهي غير مفرطة ولا معتدية، ولكن نسأل الله تعالى أن يجبرها بابنتها، وأن يثيبها على صبرها، وليس عليها شيء، لا ذنب ولا دية ولا كفارة.
الجواب: أما من صلى الجمعة وهو في البر مسافراً فصلاته باطلة؛ لأن الجمعة لا تسن في السفر ولا تشرع، وهي بدعة، فإن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يسافر وتصادفه الجمع في سفره ولم يقم الجمعة ولا مرة واحدة، حتى في أكبر مجمع للمسلمين يوم عرفة في حجة الوداع، وكان ذلك اليوم يوم جمعة، ومع ذلك لم يصل الجمعة، بل صلى الظهر والعصر جمعاً وقصراً، وأما إذا كان في بلد مر به في سفره وصادفته صلاة الجمعة ودخل في المسجد وصلى مع الناس صلاة الجمعة، فهذه صلاة جمعة وليست ظهراً مقصورة، فإذا جمع إليها العصر لم يصح الجمع؛ لأن الجمع الوارد إنما هو بين الظهر والعصر وليس بين الجمعة والعصر، والجمعة صلاة مستقلة لها خواص تفارق بها الظهر في أكثر من عشرين حكماً، وحينئذ لا يصح قياسها، أي: قياس الجمعة على الظهر في جواز جمع العصر إليها، ومن فعل ذلك فإن كان أحد قد أفتاه بهذا فهو على ما أفتاه، ولا إعادة عليه، لكن لا يعود لذلك، ومن كان عن غير فتوى، فإن أعاد فهو أحسن، وحينئذ يتحرى العدد الذي حصل فيه جمع العصر إلى الجمعة ويصلي، وإذا شك هل ذلك عشر مرات أو تسع مرات فليجعله تسعاً، أي: يأخذ بالأقل.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر