إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب [593]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    بيع القمح ونحوه بضعف ثمنه إلى مدة سنة

    السؤال: ما حكم بيع مادة القمح أو الشعير بضعف ثمنها إلى مدة سنة، مع العلم بأن سعرها الآن مثلاً عشرة، وبعد سنة عشرين، هل يعتبر ذلك ربا أم لا؟

    الجواب: لا ريب أن الربا من كبائر الذنوب، وأن الله توعد على فعله وعيداً لم يكن مثله في شيء من المعاصي التي دون الكفر، كما قال ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فقد قال الله تعالى في المرابين: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ [البقرة:278-279]، وقال تعالى: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ [البقرة:275-276].

    وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [آل عمران:130-132].

    وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( أنه لعن آكل الربا، وموكله، وشاهديه، وكاتبه، وقال: هم سواء )، ولكن يجب أن نعلم في أي شيء يكون الربا؟

    يكون الربا في ستة أصناف بينها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في قوله: ( الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والتمر بالتمر، والشعير بالشعير، والملح بالملح، مثلاً بمثل، سواءً بسواء، يداً بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى )، فهذه الأصناف الستة إذا بعت شيئاً بجنسه فلابد فيه من أمرين: التساوي والتقابض قبل التفرق.

    مثال ذلك: أن تبيع ذهباً بذهب، فلابد من أن يتساويا في الوزن والقبض قبل التفرق، بعت فضة بفضة كذلك لابد أن يتساويا في الوزن، وأن يكون التقابض قبل التفرق، بعت براً ببر، كذلك يجب التقابض قبل التفرق، ويجب التساوي في المكيال، وكذلك الشعير، وكذلك التمر، وكذلك الملح، أما إذا بعت جنساً بآخر كما لو بعت براً بشعير فلا بأس من التفاضل، أي: لا بأس أن يزيد أحدهما على الآخر، ولكن لابد من التقابض، فإذا بعت صاعاً من البر بصاعين من الشعير فهو جائز، لكن لابد من التقابض قبل التفرق؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد )، وإذا بعت ذهباً بفضة متفاضلاً فلا بأس، فلو بعت ألف غرام من الذهب بعشرة آلاف غرام من الفضة فلا بأس، بشرط التقابض قبل التفرق.

    وما عدا هذه الأصناف الستة فإنه لا ربا فيها أصلاً، إلا ما كان مثلها، كالذرة التي تشابه الشعير أو البر، والعنب الذي يشابه التمر، وما أشبه ذلك، والمراد بالعنب إذا كان زبيباً، لأنه قبل ذلك يلحق بالفاكهة، ولقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: أنه أقر الصحابة حينما قدم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين، فقال: ( من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم )، والإسلاف أن يقدم الثمن ويؤخر المبيع، مثل: أن تعطي الفلاح ألف ريال بألفي كيلو من التمر بعد سنة.

    وبناءً على ذلك يتبين الجواب على هذا السؤال، وأنه لا حرج على الإنسان أن يبيع براً مؤجلاً إلى سنة بدراهم نقداً، كما كان الصحابة يفعلون ذلك في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وأقرهم عليه.

    1.   

    حكم المرأة التي تصوم ولا تصلي

    السؤال: أسأل عن الزوجة التي تصوم رمضان ولكنها لا تصلي، وتعتذر بالأعمال المنزلية وتربية الأولاد، علماً بأنني آمرها بالصلاة عدة مرات وتعتذر عن ذلك، هل أقوم بتطليقها؟

    الجواب: إذا كانت تصوم ولا تصلي فأخبرها أنه لا صيام لها، ولا صدقة لها ولا حج لها، ولا يحل لها أن تقدم مكة، لأنها كافرة، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا [التوبة:28]، ولقوله تبارك وتعالى: وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ [التوبة:54]، واحتجاجها هذا الاحتجاج الباطل مردود عليها، فإن الصلاة لا تستغرق شيئاً كثيراً من وقتها، إذا صلت كما يصلي الناس وتوضأت كما يتوضأ الناس، لكن هذا الذي اعتذرت به من وحي الشيطان، ومن الجدال بالباطل، وإذا بقيت لا تصلي فإنها لا تحل لك، لأنها مرتدة كافرة، ولا يحل لك أن تستمتع منها بشيء، ويجب عليك أن تفارقها، وليس لها حضانة في أولادها، لأنه لا حضانة لكافر على مسلم، ولهذا بلغها ما أقول لعل الله أن يفتح عليها فتعود إلى دينها، فإن أبت فلا خير لك فيها، ولا يحل لك أن تستمتع بها كما أسلفنا.

    1.   

    حكم من أتى القبور طالباً الحوائج مقرباً للذبائح

    السؤال: يقول: سؤالي عن الذين يزورون قبور الشيوخ لقصد الشفاء من مرض معين، أو لأجل إنجاب الأولاد، ومثل ذلك، وينحرون لهم الذبائح، فما حكم هؤلاء؟

    الجواب: هؤلاء مشركون شركاً أكبر، لأنهم دعوا أصحاب القبور، واستغاثوا بهم، واستنجدوا بهم، ورأوا أنهم يجلبون إليهم النفع، ويدفعون عنهم الضر، وينذرون لهم، وكل هذا من حقوق الله التي لا تصلح لغيره، فعلى هؤلاء أن يتوبوا إلى الله عز وجل، وأن يرجعوا إلى توحيدهم وإخلاصهم قبل أن يموتوا على هذا فيستحقوا ما أخبر الله به عن المشركين في قوله: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ [المائدة:72].

    فإن قال قائل: إن هؤلاء قد يملى لهم، وقد يبتلون فيدعون أصحاب القبور، ثم يحصل لهم ما دعوا به؟

    فنقول: هذه فتنة بلا شك، والذي حصل لم يحصل بهؤلاء المقبورين، وإنما حصل عند دعائهم وليس بدعائهم، وإلا فنحن نؤمن ونجزم جزمنا بالشمس في رابعة النهار ليس دونها سحاب أن هؤلاء المقبورين لن يستجيبوا لهم أبداً؛ لقوله تبارك وتعالى: وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ [فاطر:13-14]، ولقول الله تعالى: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ [الأحقاف:5-6].

    فنصيحتي لهؤلاء أن يتقوا الله، وأن يرجعوا إلى دين الله وتوحيد الله، وأن يعلموا أن النبي صلى الله عليه وسلم قاتل المشركين، واستباح دماءهم وأموالهم وذرياتهم من أجل شركهم، وهؤلاء شركهم من جنس شرك المشركين الذين قاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم على شركهم.

    مداخلة: تكثر مثل هذه الأسئلة المتعلقة بالعقيدة، فما الواجب على طلبة العلم والعلماء في تصحيح المفاهيم؟

    الشيخ: الواجب على أهل العلم من شيوخ وطلاب أن يبينوا للناس أن هذا منكر وشرك، وأنه لا فائدة من هؤلاء الذين يدعونهم، وأن الضر والنفع كله بيد الله عز وجل، وأن لا يخضعوا -أعني: العلماء وطلبة العلم- للواقع، بل الواجب أن يقوموا لله مثنى وفرادى، وأن يعلموا أن ذلك لا يزيدهم هواناً وذلاً، بل لا يزيدهم إلا قوة وعزة، وكثير من الناس هدانا الله وإياهم يقولون: هؤلاء مضوا على ذلك، ومضى عليه آباؤهم، ولا يمكن التغيير! وهذا تصور خاطئ؛ فإن هذا الذي حصل كالذي حصل من الأمم السابقة الذين أتتهم الرسل، فمنهم من هدى الله، ومنهم من حقت عليه الضلالة، فالواجب على إخواننا العلماء وطلبة العلم أن يتقوا الله تعالى، ويقوموا بنشر دينه وتوحيده، ثم إن اهتدى الخلق فهذا المطلوب، وإن لم يهتدوا فقد أدوا ما عليهم وأبرءوا ذممهم، والهداية بيد الله عز وجل، كما قال تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم: لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [البقرة:272] ، وقال له: فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ [النحل:82].

    1.   

    الوصية بالدفن في مكانٍ معين

    السؤال: الذي يموت في بلاد بعيدة عن أهله وأقاربه، ويدفن في تلك البلاد التي لا يوجد له أقارب له فيها، هل هذا يضره بشيء أم لا؟

    الجواب: هذا لا يضره بشيء، لأن الإنسان مهما كان دفنه في أي أرض سوف يبعث يوم القيامة من مكانه، ولهذا لا ينبغي للميت أن يوصي قبل موته بأن يدفن في البلد الفلاني أو البلد الفلاني؛ لما في ذلك من الإتعاب والإرهاق لأهله، ووصيته بهذا لا يلزم تنفيذها، لأنها متعبة من وجه، ولا نعلم أحداً من السلف فعلها فيما إذا كانت البلاد الأخرى بعيدة، أما لو مات في ضواحي البلد وأوصى أن يدفن في البلد نفسها فهذا لا بأس به، لكن ما يحتاج إلى سفر فإن هذا ليس من عمل السلف فيما أعلم، والإنسان سيجد من نعيم القبر وعذاب القبر ما يستحقه، سواء دفن في بلده أو في بلد آخر.

    1.   

    المختل عقلياً إذا مات ولم يحج

    السؤال: توفي أحد الأشخاص، وهو أحد أقارب والدتي، وليس له ولد ولا بنت، وكان مختل العقل، ولا يعامل معاملة العاقل، علماً بأنه كان يصوم ويصلي، وسؤالنا هو: نحن لا ندري هل هو قد أدى فريضة الحج أم لا، فماذا نفعل تجاهه؟

    الجواب: هذا الرجل لا فريضة عليه لأنه مجنون، إلا أن يكون جنونه حدث بعد أن وجب عليه الحج، أما إذا كان قد جن والعياذ بالله قبل وجوب الحج عليه فإنه لا حج عليه، وحينئذ لا يلزمكم أن تحجوا عنه، أو أن تأخذوا من تركته لِيُحَجَّ عنه، لا يلزمكم أن تحجوا عنه.

    1.   

    عمل من ارتد ثم تاب

    السؤال: سمعنا بأن تارك الصلاة جميع ما يقوم به لا يؤجر عليه، ولكن إذا هداه الله عز وجل للصلاة، هل يحتسب له ما كان يقوم به من عمل طيب في الوقت الذي كان لا يصلي فيه، أم يبدأ ثواب ذلك في الأعمال من تاريخ التزامه بالصلاة؟

    الجواب: إذا تاب الإنسان من كفره، سواء كان كفره بترك الصلاة أو بالاستهزاء بدين الله، أو بسب الله، أو بسب رسوله صلى الله عليه وسلم، أو بسب شريعة من شريعة الله؛ فإنه يغفر له ما قد سلف؛ لقول الله تبارك وتعالى: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ [الأنفال:38]، ولأن الردة تهدم ما قبلها، والتوبة تهدم ما قبلها، يقول الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53]، ويقول تبارك وتعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الفرقان:68-70]، فإذا تاب غفر الله له ما سبق من ذنبه، وعاد إليه ما عمل من الأعمال الصالحة قبل ردته، لأن الله تعالى اشترط في حبوط العمل فيمن ارتد أن يموت على الردة، فقال: وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:217]، بل إنما عمله من غير حال ردته يكتب له؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( أسلمت على ما أسلفت من خير ).

    1.   

    الذبح عن الميت بنية الصدقة

    السؤال: عندنا بعض العادات وهي إذا توفي شخص من الأسرة يقوم أهل المرحوم بذبح بقرة أو جمل أو عدد من الغنم، ويقولون: بأنها صدقة، هل هذا العمل صحيح؟

    الجواب: هذا العمل ليس بصحيح، لأنه من البدع، فما علمنا أن السلف الصالح كانوا إذا مات فيهم الميت ذبحوا شيئاً يتصدقون به عنه، لكن الصدقة عن الميت جائزة لا في حين موته، لأنها إذا اتخذت سنة في حين الموت صارت بدعة، وخير من الصدقة للميت أن يدعو الإنسان له؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له )، ولم يقل: أو ولد صالح يتصدق له أو يصلي له أو يصوم له، مع أن سياق الحديث في العمل، فدل ذلك على أنه ليس من المشروع أن الإنسان يعمل عملاً للميت من نفسه، ولو كان مشروعاً لأرشد إليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إما بقوله وإما بِحَثِّهِ على ذلك، فلما لم يكن هذا علم أن هذا ليس بمشروع، لكنه ليس بممنوع، وهناك مرتبة بين المشروع والممنوع وهي الجائز، ولهذا لما استفتى سعد بن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم في مخرافه، أي: في بستان له في المدينة أن يتصدق به عن أمه، أذن له، ولما جاءه رجل يقول: (إن أمي أفتلتت نفسها، وأظنها لو تكلمت لتصدقت، أفأتصدق عنها؟ قال: نعم )، فهذه فتاوى وليست سنة عامة أطلقها النبي صلى الله عليه وسلم للأمة، وقال: أيها الناس تصدقوا عن موتاكم فهو خير، أو صلوا عنهم فهو خير، أو صوموا عنهم فهو خير. فلما لم يرد عنه مثل ذلك علم أن هذا ليس بسنة، ولكنه ليس بممنوع.

    1.   

    حكم أهل البادية الذين يتأخرون بصيامهم يوماً أو أكثر عن الحاضرة لعدم الرؤية

    السؤال: نحن في البادية عند قدوم شهر رمضان المبارك لم نصم إلا عندما نرى الهلال، والمدن تصوم قبلنا بيومين، هل ما نقوم به صحيح؟

    الجواب: الإنسان الذي يكون في بادية يتبع الحكومة التي تحكمه، فإذا صام الناس صام، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( الصوم يوم يصوم الناس، والفطر يوم يفطر الناس )، وإن لم يصم الناس لم يصوموا، أي: أهل البادية، نعم لو فُرِضَ أنهم رأوا الهلال، وثبتت رؤيته عندهم، وهم بعيدون عن المدن التي يكون فيها حكم الدولة، فلا حرج عليهم في هذه الحال أن يصوموا، بل قال العلماء: إنه في هذه الحال يجب عليهم أن يصوموا، لأنه لا يكون في عملهم هذا مخالفة للجماعة.

    وخلاصة القول أن نقول: إن أهل البادية يتبعون حكام البلد الذي هم فيه، فإن لم يتمكنوا من العلم بذلك، كما لو كانوا ليس عندهم إذاعات أو ما أشبه هذا، ورأوه هم، وثبت عندهم ذلك، فلا حرج عليهم أن يصوموا، بل يجب عليهم أن يصوموا.

    1.   

    خروج النساء إلى مصلى العيد

    السؤال: عند العيد أثناء الصلاة يحضرن النساء لصلاة العيد خلف الرجال، مع أن مكان الصلاة ليس جامعاً، وإنما أرض مكشوفة، هل يجوز لهن الصلاة خلف الجماعة؟

    الجواب: نعم يجوز لهن ذلك، بل إن صلاة العيد خاصة يندب لها خروج النساء، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرج النساء في صلاة العيد حتى الحُيَّض وذوات الخدور والعواتق، إلا أن الحُيَّض يعتزلن المصلى، ولا حرج عليهن أن يقفن وراء الرجال بدون حاجز، لكن يجب عليهن تغطية الوجوه، لأن المرأة لا يحل لها كشف وجهها عند الرجال سوى محارمها وزوجها.

    1.   

    قضاء الصلاة في وقت صلاة أخرى

    السؤال: هل يجوز قضاء صلاة المغرب في وقت الصبح أو المغرب في العصر؟

    الجواب: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها )، فإذا نام عن الصلاة واستيقظ صلاها في أي وقت يستيقظ، ومن نسيها صلاها في أي وقت ذكر ذلك، لكن لا يحل له أن يؤخرها، أي: الصلاة، عن وقتها بدون عذر، فإن فعل وأخرها عن وقتها بدون عذر وصلاها فإنها لا تقبل منه، ولو صَلَّى ألف مرة، وكذلك في النوم يجب على الإنسان أن يحتاط عند نومه، وأن يعمل ما يكون به استيقاظه من ساعة منبه، أو الإيصاء إلى أحد من أهل البيت، أو من خارج البيت يوقظه للصلاة، ولا يجوز أن يتهاون كما يفعل بعض الناس، ينام وهو يعرف أنه لن يقوم إلا بعد طلوع الشمس، ولكنه لا يهتم بهذا، فإن ذلك منكر ولا يجوز، والإنسان لو كان له عمل دنيوي يحين عند طلوع الفجر لرأيته يراقب النجوم متى يطلع الفجر حتى يذهب إلى شغله.

    1.   

    حكم من لا يصلي إلا في رمضان

    السؤال يقول: إذا أقبل شهر رمضان المبارك نرى بعض الناس يتهيئون إلى الصلاة حتى يصومون شهر رمضان، وإذا انقضى رمضان نراهم يتركون الصلاة ولا يصلون إلا في شهر رمضان، ويعللون ذلك ويقولون: نحن نصلي في هذا الشهر حتى يقبل صومنا، هل يقبل منهم مثل هذا الصيام؟ وهل تقبل الصلاة في هذا الشهر، مع العلم بأنهم لا يقضون ما فاتهم من صلاة أفيدونا؟

    الجواب: أما إذا كانوا يفعلون ذلك معتقدين أنه لا صلاة واجبة إلا في رمضان، فهؤلاء كفار كفر اعتقاد، كفراً مخرجاً عن الملة، لأن من أنكر وجوب شيء من الصلوات الخمس وهو في بلاد المسلمين، فإنه يكون كافراً، لأن الأمة كلها مجمعة على وجوب الصلوات الخمس، فلا عذر لأحد في تركها لتأويل أو غير تأويل، وأما إذا كان فعلهم هذا ليس عن اعتقاد، أي: أنهم يعتقدون وجوب الصلوات الخمس لكنهم يتهاونون بها، ولا يفعلون ذلك إلا في رمضان، فأنا أتوقف في كفر هؤلاء.

    1.   

    صلة القرابة الذين يقطعون الرحم

    السؤال: يقول: لدي خال وخالة يحصل بينهم مشاكل مع والدتي التي تحب الخير لهما، وهما كثيراً ما يتكلمون على والدتي ويسبونها، ولأن والدتي لا تحب قطيعة الرحم، فهي ترغب في صلتهم، إلا أنهم لا يريدون مقابلتها والتحدث معها، علماً بان خالي قاطع لوالدي أكثر من سبع سنوات، فما رأيكم وماذا تعمل والدتي؟

    الجواب: الواجب على والدتك أن تصل هؤلاء الأقارب القاطعين، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( ليس الواصل بالمكافئ )، يعني ليس الواصل الذي يصل من وصله، وإنما الواصل الذي إذا انقطعت رحمه وصلها، فهي إذا وصلتهم وهم يقاطعونها فلها الأجر على صلتها، ولها الأجر على الصبر على مقاطعتهم، ولها الأجر على الصبر على ما يتفوهون به عليها من السب وغيره، فلتمضِ في صلتها، ولتحتسب الأجر من الله تعالى على ما يحصل من هؤلاء من أقاربها من أذية.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    768288223