السؤال: نعلم بأن التورك سنة صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكني لا أتورك إلا إذا كان موضع جلوسي يسمح لي، وذلك خوفاً من أن أوذي المسلمين في الجلوس، أفيدوني جزاكم الله خيراً؟
الجواب: التورك كما قال السائل سنة، لكنه في التشهد الأخير من كل صلاة فيها تشهدان، فيكون في المغرب ويكون في الظهر وفي العصر وفي العشاء، أما الفجر وكل صلاة ثنائية فليس بها تورك، والتورك يكون في التشهد الذي يعقبه سلام، فلو قدر أن أحداً من الناس دخل مع الإمام في صلاة الظهر في الركعة الثانية، فإنه إذا تشهد الإمام التشهد الأخير سيبقى على هذا المسبوق ركعة فلا يتورك في هذه الحال؛ لأن توركه وإن كان تشهداً أخيراً بالنسبة لإمامه، لكنه ليس تشهداً أخيراً بالنسبة له، فلا يتورك فيه مع الإمام، ولكنه إذا قضى مع الإمام الصلاة تورك.
وللتورك ثلاث صفات: الصفة الأولى: أن ينصب رجله اليمنى، أي: ينصب القدم، ويظهر الرجل اليسرى من تحت الساق لتكون الرجل اليسرى عن يساره. والصفة الثانية: أن يسدل رجله اليمنى واليسرى من الجانب الأيمن، وتكون الرجل اليسرى تحت ساق الرجل اليمنى، الصفة الثالثة: أن يسدل رجليه من الجانب الأيمن وتكون الرجل اليسرى بين ساق الرجل اليمنى وفخذها. هكذا ثبت في صحيح مسلم، فإذا فعل هذا مرة وهذا مرة كان خيراً، وإن اقتصر على واحدة كان خيراً، لكن ينبغي أن نبين قاعدة مهمة وهي: أن العبادات الواردة على وجوه متنوعة الأفضل فيها أن يفعلها على هذه الوجوه كلها، هذه مرة وهذه مرة؛ لفوائد ثلاث: الفائدة الأولى: العمل بكل من السنتين، والفائدة الثانية: أن يحفظ كل السنتين؛ لأنه إذا عمل بواحدة وهجر الأخرى نسيها، الفائدة الثالثة: أن هذا أقوى لاستحضار القلب؛ لأنه إذا استمر على سنة واحدة صارت كالعادة له، فإذا كان يحضر قلبه ليعمل بهذا مرة وبهذا مرة، صار ذلك أقرب لحضور القلب، وعلى هذا فيكون التورك مرة بهذا ومرة بهذا، أما كون الإنسان لا يتورك إذا كان في الصف لئلا يؤذي غيره، فهذا حق، إذا كان هناك ضيق، ولم يتمكن الإنسان من التورك إلا بأذية أخيه، فإنه لا يتورك، وهنا يكون ترك سنة اتقاء أذية.
السؤال: هل يجوز تشميت العاطس أثناء خطبة الجمعة والإمام على المنبر؟
الجواب: لا يجوز تشميت العاطس إذا حمد الله تعالى في أثناء خطبة الجمعة؛ وذلك لأن الإنصات واجب، وإذا كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( إذا قلت لصحابك: أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت )، مع أنه نهي عن منكر يتعلق باستماع الخطبة، فهو دليل على أنه لا يجوز للإنسان أن يقول لصاحبه: يرحمك الله في أثناء خطبة الجمعة.
السؤال: هل النهي عن الاحتباء مع الخطبة أم قبلها؟
الجواب: النهي عن الاحتباء لا يختص بالخطبة ولا بغير الخطبة، ولكنه ينهى عنه إذا كان الإنسان يخشى أن تنكشف عورته، مثل أن يحتبي بإزاره، فإنه إذا احتبى بإزاره فربما تنكشف عورته، وأما إذا كان لا يخشى انكشاف العورة فإنه لا بأس به، في أثناء خطبة الجمعة وفي غيرها.
السؤال: كم عدد أيام الاستحاضة؟ وما أقل أيام ما بين الحيضة والحيضة الأخرى؟ وهل إذا جاءت في نفس الشهر تعتبر حيضة؟
الجواب: الحيض معروف، فإنه دم أسود ثخين منتن، ودم العرق الذي هو الاستحاضة معروف أيضاً، فإنه دم رقيق أحمر ليس له رائحة، ولا حد لأيام الاستحاضة، فقد تكون الاستحاضة خمسة وعشرين يوماً أو عشرين يوماً أو أقل أو أكثر، فلا حد لها، وأما الطهر بين الحيضتين فقيل: إن أقله ثلاثة عشر يوماً، وقيل: لا حد لأقله كما أنه لا حد لأكثره، وهذا القول هو الصحيح، وبناءً على هذا القول الصحيح يمكن أن تحيض المرأة في الشهر مرتين، لكن يجب أن تعرف المرأة أن دم الحيض هو الحيض، وأما الدم الآخر الرقيق الأصفر قليلاً فهذا ليس بحيض بل هو استحاضة، والمستحاضة تعمل بعادتها إن كان قد سبق لها عادة، ولا تنظر إلى الدم، بل إذا جاءت أيام العادة جلست بمقدار العادة لا تصلي ولا تصوم ولا يأتيها زوجها، وإذا انتهت من العادة اغتسلت وصلت وصامت وحلت لزوجها، قال العلماء: وما زاد على خمسة عشر يوماً من الدماء فإنه استحاضة، فإذا لم يكن لها عادة ولم يكن لها تمييز، فإنها ترجع إلى عادة غالب النساء وهي ستة أيام أو سبع أيام، ووقتها من أول يوم جاءها الحيض.
السؤال: هل الأمر للصلاة بالنسبة للولد أو البنت البالغين تجزئ عن الضرب، أم يجب ضربهما، علماً بأنهما لا يمتثلان للأمر بالصلاة؟ وهل يجب أمرهما لكل فرض للصلاة أم يكتفى بأن أعظهما في الوقت الذي أجده مناسباً لهما؟
الجواب: يضرب الأولاد من ذكور وإناث على الصلاة لعشر سنوات وإن لم يبلغا، ويكون الضرب أشد بعد البلوغ إذا لم يصليا، والأمر لهما بالصلاة يكون عند كل صلاة، ولا يكتفى بالوعظ فيمن كان ولياً على هؤلاء الأولاد، سواء كان الأب أم الأم، لكن إذا عجزت الأم وكان الأب موجوداً فالمسئولية على الأب تبرأ ذمتها -أعني: ذمة الأم- وإلا تعلقا أولادها بها يوم القيامة؛ لأن الأب مفقود، فما بقي إلا رعاية الأم، فإن قدرت على إصلاحهم فهذا المطلوب وإلا استعانت بإخوانهم الكبار وأعمامهم، فإن لم يفد فلابد من رفع الأمر إلى المسؤولين عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
السؤال: هل كتمان المرض صدقة يؤجر عليه صاحبه؟ وماذا لو سأل شخص عن صاحب المرض أو المريض نفسه؟
الجواب: كتمان المرض خير من إعلانه، لكن إعلانه والإخبار به لا على وجه الشكوى لا بأس به، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( وا رأساه! )، فإذا سئل المريض لا بأس عليك ما الذي فيك؟ وقال: فِيَّ كذا وكذا بدون أن يقصد بهذا التشكي وإنما يقصد الإخبار فلا بأس، ولهذا كان بعض المرضى يقول: إخباراً لا شكوى فِيَّ كذا وكذا، ومن المعلوم أن العاقل لا يمكن أن يشكو الخالق إلى المخلوق؛ لأن الخالق أرحم به من نفسه وأمه، والشكاية للمخلوق تنافي الصبر؛ لأن مضمونها التسخط من قضاء الله وقدره، وما أصدق قول الشاعر:
وإذا شكوت إلى ابن آدم إنما تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم