الجواب: إنني قبل أن أجيب على هذا السؤال أسأل السائل: هل هو يحرق الأرض بعد الزرع ليموت ما فيها من النمل وغيره؟ إن كان هذا قصده فإنه حرام أو مكروه على حسب آراء العلماء في ذلك، وإن كان لا يريد هذا، وإنما يريد تطهير الأرض من النوابت والحشائش المضرة بالزرع، فهذا لا حرج عليه فيه، لأن ما يحترق من الحشرات وغيرها احترق من غير قصد، وأعتقد أنه بوده أن لم يكن في الأرض شيء من ذلك، ولقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه أحرق نخيل بني النضير في المدينة، والنخيل لا تخلو غالباً من أفراخ الطيور أو الطيور نفسها التي تأوي إليها في الليل، ولا تخلو أيضاً أرض هذه النخيل من حشرات صغيرة، ومع هذا أحرقها النبي صلى الله عليه وسلم، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، فيفرق بين قصد هذا وهذا، من قصد بذلك أن يتلف هذه الحشرات فهو فاعل لمكروه أو محرم على حسب آراء العلماء في ذلك، ومن قصد تطهير أرضه من النوابت والحشائش الضارة بالزرع فلا شيء عليه، ولو مات بذلك النمل والحشرات الصغيرة الزاحفة أو الطائرة.
الجواب: أنصح السائلة بألا تشق على نفسها، فإذا كانت في مجتمع نساء أو كانت في برية أو ليس عندها إلا محارمها فإنه لا حاجة للنقاب لجواز كشف الوجه في هذه الحال، ولا ينبغي أن تلبس النقاب؛ لأنها إذا لبست النقاب ظن بها سوءاً، فيظن بها أنها متسترة لتأخذ أسرار الناس، أو يظن بها أنها متشددة تدخل في دين الله ما ليس منه، أما إذا خرجت إلى السوق أو كان حولها رجال ليسوا من محارمها فنعم، تسدل على وجهها الخمار، إما كاملاً وإما أن تضع نظارة سوداء على عينها وتغطي بقية الوجه.
الجواب: أولاً: أوجه نصيحة إلى الآباء والأمهات بالنسبة لأولادهم الذين لم يبلغوا التكليف، ويريدون أن يصوموا، أوجه نصيحتي لهؤلاء الآباء والأمهات أن يتقوا الله عز وجل، وألا يمنعوا أولادهم من الصيام، بل قال العلماء: يجب على ولي الصبي أن يأمره بالصوم إذا أطاقه، وكان الصحابة رضي الله عنهم يُصَوِّمون أولادهم الصغار، حتى إن الصبي ليبكي فيعطونه اللعبة من العهن يتلهى بها إلى الغروب، هذه هي حال السلف، والرحمة الحقيقية بالأولاد أن تحملهم على طاعة الله، هذه الرحمة الحقيقية، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( مروا أبناءكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر )، والضرب مؤلم، لكنه رحمة لهم وبهم، فهؤلاء الآباء والأمهات الذين بلغوا من الجهل إلى هذا الحد يجب عليهم أن يتعلموا وأن يتقوا الله، وأن يأمروا أطفالهم الصغار الذين لم يبلغوا بالصوم إذا أطاقوه، ولا يحل لهم أن يمنعوا الصبيان من بنين أو بنات من الصوم إذا اشتهى الصبي أن يصوم، وكونه لا يتحمل الجوع والعطش، هذا صحيح. صحيح أنهم أقل تحملاً للجوع والعطش من الكبار، لكن كونهم يهوون ذلك يخفف عنهم كثيراً ألم الجوع والعطش، هذا ما أقوله في مقدمة الجواب على سؤال هذه المرأة.
أما بالنسبة لقضائها الصوم، فإذا كانت في المدن والقرى التي يكثر فيها العلماء، فإن عليها أن تقضي الصوم الذي تركته، ولو كان ذلك بأمر من أبيها وأمها، وأما إذا كانت ليس في مدن وقرى وهي في البادية، وبعيدة من معرفة حدود ما أنزل الله على رسوله فليس عليها القضاء، فلتنظر لنفسها الآن هل هي من هؤلاء أو هؤلاء، ولتعمل بما تقتضيه الحال.
الجواب: ذكاة المرأة حلال، يعني أن المرأة إذا ذكت بهيمة تحل بالذكاة فهي حلال، لو ذكت شاة أو بقرة أو نحرت بعيراً فهي حلال، ودليل ذلك أن جارية كانت ترعى غنماً لها حول سلع، وسلع جبل بالمدينة، فأصاب الذئب شاة منها فأخذت حجراً محدداً فذبحتها قبل أن تموت، فأحل النبي صلى الله عليه وسلم ذبيحتها، وهذا دليل على حل ما ذكته المرأة، ولا فرق بين أن تكون المرأة بالغة أو صغيرة، لكنها مميزة، ولا بين أن تكون طاهراً أو حائضاً، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يستفصل، وأما ظن بعض الناس أن المرأة لا تحل ذكاتها، أو أن المرأة الحائض لا تحل ذكاتها، فهذا لا أصل له، ولهذا نقول: تحل ذكاة الحائض وذكاة الجنب وذكاة من عليه وضوء وذكاة الصغير إذا كان مميزاً.
الجواب: زيارة المرأة للقبور محرمة، بل من كبائر الذنوب؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعن زائرات القبور، أما الحديث الذي ساقته السائلة فلا أعلمه ثابتاً بلفظه، وعلى هذا فلا يحل للمرأة أن تزور القبور، فإن فعلت فهي آثمة مرتكبة كبيرة من كبائر الذنوب، وأما قوله صلى الله عليه وسلم: ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها )، فهذا خاص بالرجال، ودليل التخصيص أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( لعن زائرات القبور )، ونقول للمرأة: ماذا تريدين من زيارة القبر؟ سيكون الجواب: أنها تريد أن تدعو للميت صاحب القبر، فنقول لها: الدعاء للميت جائز عند قبره وفي أي مكان، فأنت ادعي للميت ولو في بيتك، ويغني ذلك عن زيارته.
الجواب: إذا كان محتاجاً إلى تغسيلك إياه فلا بأس، لأن هذه حاجة، والنظر إلى العورة تبيحها الحاجة، فإن كان غير محتاج فلا يحل لك النظر إلى عورته، لأنه من المحارم، والمحارم تنظر المرأة إليهم إلى الوجه إلى الرأس إلى الذراعين إلى الساقين وما أشبه ذلك، ولكن ينبغي للزوج أن يحرص على العناية بأبيه، لأن ذلك من بره، وله في ذلك أجر عند الله عز وجل، ودوام الحال من المحال، ولا يدري متى يجيب والده داعي الله عز وجل لفراق الدنيا، فالذي ننصح به هذا الزوج أن يعتني بوالده مادام على قيد الحياة، وليصبر وليحتسب؛ فإن الله تعالى قال في كتابه العزيز: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [الإسراء:23-24].
الجواب: ننصحك أن تغطي وجهك عن أخوي زوجك؛ لأن كشفك الوجه أمام أخوي الزوج فتنة، وقد يكون الفتنة بأخوي الزوج المقيمين معكم في البيت أشد من الفتنة التي تحصل من الرجال الأجانب، وقول السائلة: أنها لا تستطيع أن تكشف وجهها طول المدة. قول فيه مبالغة، لأن المرأة ليست طول المدة عند أخوي زوجها، ربما لا تجلس معهم إلا ساعة من نهار، فلتصبر على تغطية الوجه أمامهما، ولتحتسب، ولتصبِّر نفسها إذا دعتها إلى الكشف.
الجواب: أنا أقول لها وأشير عليها إذا مَنَّ الله عليها بولد أن تسميه عبد الله أو عبد الرحمن بعد الاتفاق مع أبيه؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن )، وكل مؤمن يحب ما يحبه الله عز وجل، فإذا كان هذا أحب الأسماء إلى الله فليكن اسم مولودها إن شاء الله تعالى، ولكن لابد من مراجعة الزوج، لأن الزوج هو الأصل في تسمية الولد، ولكن مع ذلك ينبغي أن يشاور أمه، حتى يتفق الرأي على التسمية المطلوبة إن شاء الله.
الجواب: لم يبين السائل ماذا تبين له، هل كان غروب الشمس في المدينة قبل مكة أو بالعكس؟ وعلى كل حال فمادام أنه ظن أن الشمس تغرب في المدينة قبل غروبها في مكة، وأفطر بناءً على هذا الظن، فإنه لا قضاء عليه، لأنه في الحقيقة جاهل بالوقت، وبالمناسبة فإنني أقول: جميع مفطرات الصوم من أكل أو شرب أو جماع أو غيرها إذا تناولها الإنسان وهو جاهل، بأن تناولها بعد طلوع الفجر وهو لم يعلم أنه طلع، أو تناولها قبل غروب الشمس وهو لم يعلم أنها غربت، لكنه غلب على ظنه أنها غربت، فإنه لا شيء عليه، ودليل ذلك من كتاب الله قوله تبارك وتعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ [الأحزاب:5]، وقوله تعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286]، قال الله تعالى: ( قد فعلت ).
ولما ثبت في صحيح البخاري عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: ( أفطرنا في يوم غيم على عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثم طلعت الشمس ).
ولما في ثبت في الصحيح عن عدي بن حاتم رضي الله عنه ( أنه صام فجعل تحت وساده عقالين أحدهما أسود والثاني أبيض، وجعل يأكل وينظر إلى العقالين، فلما تبين له الأبيض من الأسود أمسك، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: إنما ذلك بياض النهار وسواد الليل )، ولم يأمره بالقضاء، وكذلك حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما لم يأمرهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالقضاء، مع أنهم أفطروا قبل أن تغرب الشمس، لكن هذا ظنهم، ولو كان القضاء واجباً لكان من الشريعة، ولكان تبليغه واجب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو بلغه الرسول صلى الله عليه وسلم أمته لنقل، لأن الشريعة محفوظة، فلما لم ينقل أنَّ الرسول أمرهم بالقضاء، عُلم أن القضاء ليس بواجب، وهذا هو القول الصحيح الذي ينطبق على أدلة الشريعة العامة التي أخذت من يسر هذه الشريعة وسهولتها.
وخلاصة الجواب للأخ الذي أفطر بين مكة والمدينة ظاناً أن مكة تسبق المدينة في الغروب، نقول له: ليس عليك قضاء.
الجواب: المأموم إذا قرأ آية فيها سجدة فإنه لا يسجد، لأن صلاته مرتبطة بالإمام، فلو سجد لخالف الإمام واختلف عليه، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه )، وهذه إحدى المسائل التي يتحملها الإمام عن المأموم، وهو أن المأموم إذا قرأ آية سجدة فإنه لا يسجد لما ذكرنا.
الجواب: هذا العمل صحيح، وغايته أنه ائتمام مفترض بمتنفل، وائتمام المفترض بالمتنفل جائز، ودليله أن معاذ بن جبل رضي الله عنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلاة العشاء ثم يخرج إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة، أي: صلاة العشاء، فهي له نافلة ولهم فريضة، كذلك أيضاً غايته أن هذا المنفرد صار إماماً بعد أن كان منفرداً، وهذا أيضاً جائز، أي: يجوز للمأموم أن يدخل مع منفرد ليكون إماماً له في الفريضة والنافلة، ودليله أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قام ذات ليلة يصلي وكان ابن عباس رضي الله عنهما عنده، فقام ابن عباس ليصلي معه، فقام عن يسار النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأداره النبي صلى الله عليه وسلم من ورائه ليكون عن يمينه، ومضى في صلاته، فهاهو النبي صلى الله عليه وسلم كان منفرداً ثم كان إماماً.
فلو قال قائل: هذا في النفل، والنفل أخف من الفرض. قلنا: الأصل تساوي الفرض والنفل في الأحكام إلا بدليل، ويدل على هذا الأصل أن الصحابة رضي الله عنهم لما حكوا صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على راحلته حيثما توجهت به، قالوا: غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة، فاستثنائهم هذا يدل على أنه لولاه لاستوت الفرائض والنوافل في الصلاة على الراحلة في السفر، وهذا الحديث -أعني صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على راحلته في السفر- إنما هو في النافلة فقط، أما الفريضة فلا تصلى على الراحلة، بل يجب على الإنسان إذا حضر الوقت أن ينزل ويصلي على الأرض.
الجواب: ليس على المسلم زكاة في آواني البيت وفرشه وسيارته التي يركب وسيارته التي يؤجرها، وغير ذلك من حوائجه؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( ليس على المؤمن في عبده ولا فرسه صدقة )، لكن يستثنى من هذا الحلي من الذهب والفضة فإن فيه الزكاة إذا بلغ نصاباً؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، وأحمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة )، فقوله: ( ما من صاحب ذهب ولا فضة )، يعم النقود والحلي وغيرهما.
الجواب: الصلاة كلها حمد وثناء، فالإنسان من حين أن يدخل فيها يقول: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك. ثم يقرأ الفاتحة، أو يقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد. ودعاء الله ثناء عليه؛ لأنه اعتراف من العبد بالقصور، واعتراف منه بكمال الله عز وجل ورحمته وعلمه، فالصلاة كلها ثناء، في التشهد الأخير الذي هو محل الدعاء فيه ثناء على الله وصلاة على رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فهو يبتدئ التشهد بالتحيات لله والصلوات والطيبات، وهذا ثناء على الله، ثم يسلم على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثم على نفسه وعلى عباد الله الصالحين ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يحتاج بعد ذلك إلى صيغة معينة في الحمد والثناء على الله، أو في الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، بل إذا فرغ من قوله: أعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال ثم دعا بما أراد.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر