السؤال: من كان في بيته نخل لم يؤد زكاة ثمره جهلاً، فكيف يعمل بعد مرور سنوات، وهو لا يعلم مقدار تلك الزكاة؟
الجواب: هذا أمر حله سهل وبسيط، يتحرى بقدر ما يستطيع، وإذا قَدَّرَ أن الزكاة مائة ريال، وأنها تحتمل الزيادة نقول: زد فهو خير لك؛ لأن الزيادة إن كانت هي الواجبة فقد أبرأت ذمتك، وإن كانت الزيادة زائدة فقد تطوعت بالصدقة، وكل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة، ويجب أن نعلم أن الزكاة ليست غرماً ولا خسراناً، بل هي والله غنيمة عظيمة، لو لم يكن منها إلا ما قال الله عز وجل:
خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا
[التوبة:103]، لكان ذلك كافياً، فكيف والنصوص دالة على مضاعفة الإنفاق في سبيل، وأعظم الإنفاق في سبيل الله إخراج الزكاة، ولكن الشيطان يثقل الزكاة على الناس، ويخفف عليهم أمر الصدقة، تجد الإنسان يتصدق بالآلاف، ويشق عليه أن يزكي بالمئات مع وجوبها، ولا شك أن هذا من الشيطان، كما يجد ذلك في الصلاة أيضاً، تجد الإنسان في صلاة النفل يخشع قلبه وجوارحه ويتأن في الصلاة، لكن في صلاة الفريضة تجده كأنه ملحوق لا يخشع القلب ولا الجوارح ولا تحصل الطمأنينة التي ينبغي أن يأتي بها، وهذا كله من وحي الشيطان، لأن الله تعالى قال في الحديث القدسي: ( ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه )، فلو بذل الإنسان درهماً في زكاة ودرهماً في صدقة، كان درهم الزكاة أحب إلى الله وأكثر أجراً، ولو صلى ركعتين فريضة كصلاة الفجر وركعتين تطوعاً، لكانت الفريضة أفضل وأحب إلى الله عز وجل، فلذلك نقول لهذا الرجل الذي كان عنده نخلات تبلغ ثمرتها النصاب، وهو ساكن في البيت ليس صاحب البستان، ولكنه ساكن بيته، إلا أن فيه نخلاً تبلغ ثمرته نصاباً، نقول له: ما مر عليك من السنين فقدر زكاته، ثم زد على ما تقدره، فتكون هذه الزيادة، إن كانت زائدة عن الواجب تطوعاً وصدقة، وكل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة، وإن كانت هي الواجب فقد برأت ذمتك.
السؤال: ما رأيكم في كتاب الروح لـ
ابن القيم ؟ وهل القصص التي ذكرها عن أهل القبور صحيحة؟
الجواب: الكتاب فيه مباحث قيمة وجيدة، ومن قرأها عرف أنها من كلام ابن القيم رحمه الله، وفيه هذه القصص التي ذكرها من المنامات عن بعض الأموات، فالله أعلم بصحتها، لكن كأنه رحمه الله تهاون في نقلها، لأنها ترقق القلب، وتوجب للإنسان أن يخاف من عذاب القبر، وأن يرغب في نعيم القبر، فالقصد حسن والله أعلم بصحتها.
السؤال: عندما أكون أقرأ القرآن الكريم فأسمع الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، هل أقطع قراءتي وأصلي على الرسول أو أرد السلام أو أشمت العاطس وغير ذلك؟
الجواب: أما إذا كانت تقرأ في الصلاة فإنها لا تقطع القراءة لأي أحد، لا من أجل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ولا من أجل تشميت العاطس، وأما إذا كانت في غير الصلاة فإنها إذا كانت تستمع إلى أحد يذكر النبي صلى الله عليه وسلم فلتصل عليه، وإذا كانت سامعة غير مستمعة فلا، وكذلك يقال في تشميت العاطس، إذا سمعت عاطساً حمد الله فلتشمته، لأن تشميت العاطس فرض، إما فرض كفاية وإما فرض عين، على خلاف بين العلماء في ذلك، ثم إنه ينبغي لقارئ القرآن أن يركز على قراءته، بأن يستحضر بقلبه ما يقوله بلسانه، لأن ذلك أقرب إلى الانتفاع بالقرآن، وألا يصغي أو ينتبه لأحد حوله، ومعلوم أن الإنسان إذا لم يصغ أو ينتبه إلى أحد حوله، أنه لو كان الذي حوله يذكر النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه لن يدري ما يقول، لأنه متغافل عنه، فلتركز على قراءتك من أجل أن تتدبرها حتى يفتح الله عليك.
السؤال: من أوقات الاستجابة للدعاء الثلث الأخير من الليل، ففيه ينزل الله عز وجل إلى السماء الدنيا، وهذا من فضل الله علينا، فما المقصود بثلث الليل الأخير من الليل، هل هو قبل أذان الفجر بساعة أو ساعتين؟
الجواب: هذا على حسب طول الليل وقصره، فمثلاً إذا كان طول الليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر اثنتي عشرة ساعة، فثلث الليل الآخر أربع ساعات قبل الفجر، وإذا كان الليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر تسع ساعات، فثلث الليل الأخير ما قبل الفجر بثلاث ساعات، والمهم أن هذا يختلف، ولكن يقسم الإنسان ما بين غروب الشمس إلى طلوع الفجر أثلاثاً فيسقط ثلثين ويبقى الثلث الأخير، ولكن ليعلم من هيئة التهجد أن الأفضل أن يقوم الإنسان من نصف الليل، فإذا بقي سدس الليل توقف ونام إلى أن يطلع الفجر، ليعطي نفسه حظها من التهجد، وحظها من الراحة التي يكتسبها بالنوم قبل طلوع الفجر.
السؤال: ما أوقات النهي عن الصلاة؟ وما الحكم عند نسيان الصلاة وتذكرها في هذه الأوقات؟ هل تجوز الصلاة في هذه الأوقات؟
الجواب: أوقات النهي خمسة بالتفصيل وثلاثة بالإجمال، أما بالإجمال فهي ثلاثة: من صلاة الفجر إلى أن ترتفع الشمس قيد رمح، ومقدار ذلك ثلث ساعة أو ربع ساعة بعد طلوعها، وعند قيامها حتى تزول، ومقدار ذلك نحو عشر دقائق إلى سبع دقائق قبل الزوال، ومن صلاة العصر إلى غروب الشمس، هذا بالإجمال، أما بالتفصيل فهي خمسة: من صلاة الفجر إلى أن تطلع الشمس، ومن طلوع الشمس حتى ترتفع قيد رمح، وعند قيامها حتى تزول، ومن صلاة العصر إلى أن يكون بينها وبين الغروب مقدار رمح، ومن ذلك إلى الغروب، وإنما فصلت هذا التفصيل لحديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: ( ثلاث ساعات نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة إلى أن ترتفع -يعني قيد رمح-، وعند قيامها حتى تزول، أو قال: حين يقوم قائم الظهيرة، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب )؛ ولهذا كانت هذه الثلاث الساعات أو هذه الثلاث الأوقات القصيرة لا يدفن فيها الميت، إذا وصلوا به إلى المقبرة، وكانت الشمس قد طلعت، لا يدفنونه حتى ترتفع قيد رمح، وإذا وصلوا به إلى المقبرة عند الزوال، أي: قبل الزوال بنحو سبع دقائق أو خمس دقائق، فإنهم لا يدفنونه حتى تزول، وإذا وصلوا به إلى المقبرة، وقد بقي على الشمس أن تغرب مقدار رمح، فإنهم لا يدفنونه حتى تغرب؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى أن يقبر الأموات في هذه الأوقات.
السؤال: المعلم الذي يقصر في أداء دروسه ثم تاب إلى الله، كيف العمل وقد استلم رواتب كثيرة، ويخشى أن يلحقه إثم، وقد قال بعض الناس بأن هذا من بيت المال، ولا يضره ذلك إن شاء الله؟
الجواب: أما قول بعض الناس: إن هذا من بيت المال ولا يضرك فهذا غلط كبير، بل ابتزاز أموال بيت المال بغير حق قد تكون أشد من ابتزاز مال الشخص المعين، لأن فيها -أي ابتزاز الأموال من بيت المال- ظلماً لجميع من يستحقون من هذا المال.
السؤال: من كان عنده شغالة، وأراد أن يرسلها إلى مكان ما، فهل يكفي أن يصطحب معه أيضاً الأولاد الصغار؟
الجواب: هو يعني: هل تزول الخلوة إذا اصطحب الصغار مع الخادم؟ وجوابه: أني لا أرى أن الخلوة تزول مع الصغار الذين لا يدركون شيئاً، لأنه لو حصل مغازلة أو مهامسة أو إشارة لن يفقهوا شيئاً، فلا يكفي هذا، ولكن يصطحب مع الخادم أم الأولاد الصغار، وبهذا تزول الخلوة.
السؤال: ما حكم تحويل ريالات سعودية من المملكة مثلاً إلى دولارات إلى خارج المملكة عن طريق الحوالات؟
الجواب: هذه المسألة لها صورتان جائزتان:
الصورة الأولى: أن يصرف الدراهم السعودية في المملكة بدولارات
ويأخذ الدولارات، ثم يحول هذه الدولارات إلى بلده، وهذا لا إشكال في جوازه؛ لأنه صرف دراهم سعودية بدولارات مقبوضة.
والصورة الثانية: أن يحول الدراهم السعودية إلى البلد الثاني على أنها دراهم سعودية، ثم هناك يتعاقد وكيله مع الجهة التي حولت إليها الدراهم السعودية على أن تبدل الدراهم السعودية بدولار بسعره في ذلك المكان، فيصرف الدراهم السعودية إلى دولارات بسعرها في ذلك المكان، وهذا أيضاً لا إشكال في جوازه.
الصورة الثالثة فيها إشكال وهي: أن يعطيه دراهم سعودية هنا ويقدر قيمتها من الدولار ويتم العقد بينهما، ثم يحول الدولارات إلى البلد الثاني، فهذه محل نظر، لأنها مصارفة بدون قبض العوض، لكني أقول: إن شاء الله تعالى وأسأل الله أن يعفو عني إن أخطأت، أقول: إذا دعت الضرورة إلى هذا، ولم يكن سبيل إلى إيصال الدراهم لبلد الصارف إلا بهذه الطريقة، فأرجو ألا يكون في ذلك بأس، لما في ذلك من التيسر على المسلمين، وعدم وجود دليل قطعي يمنع ذلك.
السؤال: عمل شخص في مدرسة ليليَّة، وقد تخلف بعض الأيام عن التدريس، وأخذ عليها مرتباً أو مكافأة، وأحب أن يرجعها إلى أصلها، فقال له البعض بأن العملية سهلة، وقد تأخذ إجراءات قد تطول، فقام وتصدق بها، فهل عمله صحيح؟
الجواب: هذا العمل ليس بصحيح، لكن الواجب عليه أن يردها إلى الدولة لا إلى الجهة المسئولة، لأن ردها إلى جهة المسئولة قد يترتب عليه أشياء صعبة، وكيف يردها إلى الدولة؟ يردها إلى بيت المال، لأن بيت المال يدخل في خزانة الدولة، وحينئذ يكون قد أبرأ ذمته إن شاء الله تعالى.