الجواب: الذي يظهر لي من السنة أن تكبيرات الانتقال تكون على وتيرة واحدة لا فرق فيها بين تكبيرة الركوع والسجود والقيام والقعود؛ وذلك لأن الواصفين لصلاة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يذكروا فرقا بين التكبيرات, وإذا لم يذكر الفرق فالأصل أنها متماثلة, لكن بعض أهل العلم رحمهم الله استحب أن تكون تكبيرة الهوي إلى السجود من القيام طويلة, وكذلك القيام من السجود إلى القيام طويلة, قال: لطول الفصل بين القيام والسجود, ولكن هذا التعليل فيه نظر؛ لأنه ليس من الواجب أن يبتدئ الإنسان حين التحرك ولا ينتهي إلا إذا وصل, بل المهم أن تكون التكبيرات في أثناء ما بين الانتقال من ركن إلى ركن, كمثل إذا أراد السجود من قيام ليس من الواجب أن يبدأ التكبير حين يهوي إلى السجود وينتهي إذا وصل إلى السجود, هذا ليس بواجب, الواجب أن تكون التكبيرة بين هويه إلى السجود ووصوله إلى السجود, هذا الواجب, ورخص بعض العلماء في تقدم التكبير إذا انتهي في أثناء الهبوط, وكذلك في تأخره إذا ابتدأه في أثناء الهبوط, قال: لأن مراعاة كونه بين الركنين صعبة, وعلى كل حال فالأقرب إلى السنة هو أن تكون التكبيرات على وتيرة واحدة بدون فرق, وهذا فيه فائدتان:
الفائدة الأولى: أنه هو الأقرب في اتباع السنة.
والفائدة الثانية: أن المأمومين ينتبهون أكثر؛ لأن كل مأموم لا يحب أن يرى قائماً والناس قعود, أو قاعداً والناس قيام، فإذا كان الإمام يفرق في التكبيرات صار المأموم كأنه آلة تتحرك حسب نغمات هذا التكبير, وأما إذا كان على وتيرة واحدة فان الناس يشتدون وينتبهون, حتى لا يخطئ أحد أمام هذا الجمع, فتجده يحرص على متابعة الإمام وعدد الركعات.
فهاتان فائدتان في كون التكبير على وتيرة واحدة, بعض العامة يسخط إذا كان الإمام لا يفرق بين التكبيرات ويكون على وتيرة واحدة, ولكن المؤمن إذا بان له الحق لم يسخط منه.
الجواب: ما زاد على الدية فهو حرام عليه، فيجب عليه أن يتوقف عند انتهاء المطلوب للدية؛ لأنه يستجدى الناس بمقتضي هذا الصك, والصك إنما فيه دين الدية فقط, وعلى هذا فلا يحل له أن يستمر في جمع المال بعد استيفاء ما طلبه من الناس من أجله, ومثل ذلك أن بعض الناس يجمع لبناء مسجد فيجمع أموالاً زائدة على ما يحتاجه المسجد, فيستمر في جمع المال للمسجد مع أن المسجد قد استكمل ما يحتاج إليه, وهذا أيضاً حرام ولا يحل له, ولهذا نقول: من قدم للناس عريضة ببناء مسجد وجمع من الدراهم ما يزيد على كفاية البناء, فان الواجب عليه أن يتوقف, لكن قد يقول: أخشى من اختلاف الأحوال, أخشى أن أجمع لهذا المسجد ما أظن أنه كافٍ في بنائه, ولكن لا يكفي لتغير الأحوال إما بزيادة السعر أو بزيادة أجور المقاولين أو ما أشبه ذلك, نقول: لا بأس, إذا جمعت ما تظن أنه يكفي فتوقف, ثم بعد ذلك قيد اسم كل من يتبرع لك من أجل إذا تم البناء ووجدت الزيادة, عرفت أن الزيادة لفلان ولفلان ولفلان ولفلان فيسهل عليك أن تعطيهم إياها, أو تستأذنهم في صرفها إلى مصالح المسجد غير البناء, أو إلى بناء مسجد أخر, وبذلك يسلم الإنسان وتسلم ذمته, فالأمر إذاً واضح. يعني مثلاً: إذا كنت تجمع لبناء مسجد تقدر أنه يكفيه خمسمائة ألف, فجمعت خمسمائة ألف ثم صارت التبرعات تنهال عليك فتوقف, لكن إذا خشيت أن البناء يزيد على خمسمائة ألف, فخذ ولكن بعد تمام الخمسمائة ألف، قيد كل تبرع يأتيك بقدره واسم من تبرع به, من أجل إذا انتهى بناء المسجد ولم يستغرق إلا الخمسمائة ترد هذه الدراهم إلى من تبرع بها, أو تستأذنهم في صرفها إلى مصالح المسجد الذي بني, أو إلى بناء مساجد أخرى, حتى تبرئ ذمتك وتسلم من الإشكال.
مداخلة: يعني يا شيخ محمد حفظكم الله إذا جعل الباقي لمتطلبات المسجد في صندوق المسجد؟
الشيح: لا يجوز؛ لأن المتبرعين تبرعوا لبناء المسجد, ما تبرعوا للمسجد عموماً, ومعلوم أن البناء ليس كالمصالح العامة كالفراش وما أشبهه.
الجواب: نعم من السنة أن يلتفت المؤذن عن اليمين وعن الشمال في حي على الصلاة حي على الفلاح؛ لأن هذا أذان بلال في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم, ولكن اختلف العلماء هل يقول: حي على الصلاة مرة على اليمين ومرة على اليسار, حي على الفلاح مرة على اليمين ومرة على اليسار, أو يقول: حي على الصلاة المرتين على اليمين وحي على الفلاح المرتين على اليسار, والمعمول به المشهور أنه يقول: حي على الصلاة مرتين على اليمين, حي على الفلاح مرتين على اليمين, وهذا فيما كان المؤذن يؤدي الأذان بصوته بدون واسطة, أما الآن فإن غالب المؤذنين يؤدي الأذان بواسطة مكبر الصوت, والالتفات هنا لا داعي لها؛ لأن الالتفات فيما سبق من أجل أن يسمع من على يمينه وعلى يساره, أما الآن فمكبر الصوت موضوع في المنارة عن اليمين وعن الشمال وعن القبلة وعن خلف القبلة, فلا حاجة إلى الالتفات, ثم إنه إذا التفت سوف ينحرف عن فوهة اللاقطة, فيتغير الصوت, فإذا بقي متوجهاً إلى اللاقطة ووجه إلى القبلة, فلا حاجة حينئذٍ إلى الالتفات, ولكن هل يجعل أصبعيه في أذنيه, في هذه الحال الجواب: نعم. لأن وضع الإصبعين في الأذنين مما يحسن صوت المؤذن, إذ إن الصوت يخرج منه جزء بسيط من قبل الأذنين, فإذا وضع أصبعيه في أذنيه كان هذا أندى للصوت وأصفى للصوت.
الجواب: لا، يكمل الخطبة ويستمر, فإذا أتم الخطبتين نزل وذهب يتوضأ, فان كانت الميضأة قريبة, إما في المسجد أو في بيت له قريب, فإنه يقول للناس: انتظروا, كما فعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذات يوم خرج ليصلي, وذكر أن عليه غسلاً فقال للناس: انتظروا ثم ذهب واغتسل وجاء وصلى بهم, فكذلك أيضاً هذا الرجل يقول للناس: انتظروا سوف أتوضأ وأرجع, فينتظر الناس ولا تقام الصلاة حتى يحضر.
الجواب: أولاً: لابد أن نعلم أنه لا يجوز بناء مسجد وبقربه مسجد آخر؛ لأن هذا يشبه مسجد الضرار الذي نهى الله سبحانه وتعالي أن يقوم فيه رسول الله صلي الله عليه وعلى آله وسلم؛ لأن المنافقين بنوا مسجداً قرب مسجد قباء, ليفرقوا المؤمنين, ويضاروا بهم فقال الله تبارك وتعالي: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [التوبة:107]..إلى أن قال: لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا [التوبة:108]. هؤلاء الذين بنوا مسجداً وبقربه مساجد أخرى, وإن كان ليس بكفر إن شاء الله وليس بمضار، أي: ولم يقصدوا المضارة, ولكن فيه المعنى الثالث وهو التفريق بين المؤمنين, فلا يجوز لهم أن يبنوا هذا المسجد, ولا يجوز أيضا للمسئولين عن المساجد أن يرخصوا لكل من أراد أن يبني مسجداً أن يبني، بل الواجب النظر هل هذه الأحياء تحتاج إلى مساجد لتباعد ما بينها أو لا تحتاج, فيبقي المسجد الأول هو المسجد, وهؤلاء إن هداهم الله وصلوا فيه فهذا المطلوب, وإن لم يصلوا فيه فالإثم عليهم, أما أن يتخذ كل قوم أو جماعة لهم مسجداً يصلون فيه ويتركونه في أيام الإجازة وما أشبه ذلك, فهذا لا شك أنه خطأ عظيم, ولا يجوز للمسئولين عن المساجد إن يسمحوا لهم بذلك, وبالنسبة لهؤلاء الذين فعلوا ما صنعوا, لا يحل للإمام أن يأخذ راتباً على ذلك؛ لأنه ليس إمام مسجد للمسلمين, بل هو إمام مسجد لهؤلاء الجماعة فقط, ولذلك يغلق المسجد كما جاء في السؤال: إذا ذهبوا إلي الاجازات.
الجواب: الأم الآن -كما فهمنا من كلام السائلة- اعتمدت على زوجها في إخراج الزكاة, فيسأل زوجها: هل كان يخرج الزكاة أم لا؟ إذا قال: نعم أنه يخرجها, فقد انتهي الأمر ولا إشكال, وإن قال: إنه لم يخرجها, قيل له: إما أن تخرجها الآن وفاء بوعدك, وإما أن تخرج من تركتها قبل كل شيء, قبل الوصية وقبل الميراث, وأما إذا مات الشخص وهو لا يخرج الزكاة, فينظر إن كان ملتزماً بها, لكنه يقول: غداً أخرجها غداً أخرجها حتى فاجأه الموت, فإنها تخرج من تركته, ويرجى أن تبرأ ذمته بذلك, وإن كان متهاوناً, ولم يبال أخرج أم لم يخرج, فهذا فيه خلاف بين العلماء, هل تبرأ ذمته إذا أخرج عنه الورثة أم لا, لكن يخرج من التركة مقدار الزكاة نظراً لأن الزكاة يتعلق بها حق آخر لمستحقيها, فتخرج الزكاة من التركة, ولكنها لا تبرأ بذلك ذمة الميت؛ لأنه عزم على أن لا يخرجها.
الجواب: العلاج الناجع للوساوس سواء كانت في العقيدة, أو في الأعمال, هو إن يستعيذ الإنسان بالله من الشيطان الرجيم, وأن ينتهي عن ذلك انتهاءً كاملاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ما يجده الإنسان في نفسه فيما يتعلق بالله تبارك وتعالى, فأمر بأمرين:
الأول: الانتهاء والإعراض وعدم المبالاة, وأن يغفل عن ذلك غفلة تامة.
والثاني: أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم, فإذا فعل ذلك فإنه يرتفع عنه هذا الوسواس بمشيئة الله تعالى, ثم إنه يجب أن نعلم أن ما شك فيه فالأصل عدمه, فإذا شك الإنسان هل أحدث بعد الوضوء, فالأصل أن الوضوء باقٍ, وإذا شك هل طلق زوجته, فالأصل أن النكاح باقٍ، وهلم جرّا.
الجواب: هذا العمل محرم على القارئ وعلى باذل المال, أما تحريمه على القارئ فلأنه أراد بالعمل الصالح نصيبه من الدنيا, وقد قال الله تبارك وتعالي: فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ [البقرة:200]. أي: من نصيب وقال تعالى: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [هود:15-16].
وأما الباذل فوجه التحريم في حقه أنه أعان على محرم, وأغرى هذا القارئ لقراءةٍ محرمة, ثم إن الميت لن ينتفع بهذه القراءة؛ لأنها قراءة لا ثواب فيها ولا أجر, فيكون بهذا قد أضاع المال وبذله في غير فائدة, وإذا كان المال من التركة وللميت وصية بالثلث صار جناية على الميت بنقص ثلثه, وإذا كان من التركة وللميت ورثة صغار كان ذلك جناية على الورثة الصغار, ولهذا نقول لهذه المرأة ولغيرها ممن يعمل عملها: اتقوا الله في أموالكم, اتقوا الله في إخوانكم الذين أغريتموهم أن يقرءوا القرآن الذي لا فائدة لهم منه, ولا فائدة للميت منه, ابتغاء ثواب الدنيا وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ [الشورى:20].
الجواب: نقول: إن هذا محرم نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: لـسعد بن بشير الأنصاري وقد فضل ابنه النعمان في عطية قال: ( اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم )، وقال: ( إني لا أشهد على جور ). وتبرأ على الشهادة عليه, وقال: ( أشهد على هذا غيري )، فلا يحل لأحد أن يحابي بعض أولاده دون بعض, بل عليه أن يسوي بينهم في العطية بما قسم الله بينهم, وذلك أن يعطي الذكر مثل حظ الأنثيين, هذا في العطية المحض، أي: التبرع المحض, أما ما كان لدفع الحاجة فإن العدل بينهم أن يعطي كل واحد منهم ما يحتاج إليه, سواء كان بقدر ما أعطى الأخر أو أكثر أو دون, فمثلاً: إذا كان الابن الكبير يحتاج إلى كتب للدراسة وإلى أعمال أخرى للدراسة وأعطاه ما يشتري به الكتب والأعمال الأخرى ولم يعط الآخرين الذين لا يحتاجون مثله فليس ذلك من التفضيل بل هذا من العدل, فإذا بلغ هؤلاء مثل ما بلغ الأول واحتاجوا مثلما أحتاج أعطاهم مثلما أعطى الأول.
وهنا مسألة وهي أن بعض الناس يزوج أولاده الكبار الذين بلغوا النكاح في حياته ثم يوصي بمثل ما زوج الكبار للصغار الذين لم يتزوجوا, يوصي لهم بعد موته بقدر ما أعطى الكبار, وهذا حرام ولا يجوز تنفيذ هذه الوصية, ويرد ما أوصى به لهؤلاء في التركة, ويقسم بين الورثة قَسْم الميراث الشرعي.
الجواب: لا يحل للوالد ولا لغير الوالد أن يمنع من ولاه الله عليها مِن إجابة مَنْ خطبها وهو كفء في دينه وخلقه, بحجة أنه لا يزوج الصغرى قبل الكبرى, فإن هذه الحجة لا تنفعه عند الله عز وجل, لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الأنفال:27]. ولقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه, إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير, أو قال: وفساد عريض ). ومن المعلوم أن الأب أو من دونه من الأولياء إذا منع ابنته من أن تتزوج بشخص خطبها وهو كفء في دينه وخلقه بحجة أن العادة عندهم أن لا تتزوج الصغرى قبل الكبرى, من المعلوم أن هذه الحجة لا تنفع عند الله عز وجل, فالواجب عليه أن يتقي الله, وأن يزوج من خطب ابنته وهو كفء في دينه وخلقه سواء كانت هي الصغرى أو الكبرى, وربما يكون تزويج الصغرى فتح باب لتزويج الكبرى, هذا ما أريد توجيهه إلى الأب ومن دونه من الأولياء, فليتقوا الله في أنفسهم وفي من ولاهم الله عليهم, أما بالنسبة للتي منعت من أن تتزوج بكفء لها في دينه وخلقه, فعليها أن تصبر وتحتسب, وإذا كان لها مجال في أن يزوجها من دون أبيها من الأولياء حتى لو وصلت إلى القاضي بدون شر وفتنة فلتفعل. حتى تنكسر هذه العادة السيئة التي اعتادها هؤلاء القبيلة أو أهل هذه البلدة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر