الجواب: المفطرات التي تفطر الصائم لابد أن يكون عليها دليل من الكتاب أو السنة أو الإجماع، وإلا فالأصل أن الصوم صحيح غير باطل، والمفطرات معروفة في القرآن والسنة. إن كان يصل إلى باطن الجوف فإنه حرام أعني: الاستنشاق ومفطر لمن كان يعلم أنه محرم وأنه يفطر الصائم، وأما إذا كان الإنسان جاهلاً لا يدري فإنه لا يفطر بذلك، وهذه قاعدة في جميع المفطرات: كل المفطرات إذا فعلها الإنسان وهو لا يدري أنها مفطرة فإنه لا يفطر بها، لقوله تبارك وتعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا أن نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286]، وقوله: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ [الأحزاب:5]، ولأنه ثبت في صحيح البخاري عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما: أن الناس أفطروا في يوم غيم على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم طلعت الشمس ولم ينقل أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمرهم بالقضاء، ولو كان القضاء واجباً لأمرهم به ونُقل إلينا؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يمكن أن يؤخر البلاغ عن وقت الحاجة إليه، وإذا بَلَّغَ فلا بد أن ينقل؛ لأنه إذا بَلَّغَ صار من شريعة الله وشريعة الله محفوظة. المهم: أن الصحابة حين أفطروا في يوم الغيم على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ثم طلعت الشمس ولم ينقل أنهم أمروا بالقضاء كان ذلك دليلاً على أن من كان جاهلاً فإنه لا قضاء عليه، وأما النسيان فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه ).
وعلى هذا فنقول للسائل: لا تستنشق البخور وأنت صائم، ولكن تبخر به ولا حرج، وإذا طار إلى أنفك شيء من الدخان بغير قصد فلا يضر، ونقول أيضاً: إذا كنت لا تدري أنه مفطر وكنت تستعمله من قبل، أي: تستنشق البخور حتى يصل إلى جوفك فلا شيء عليك؛ لأن جميع مفطرات الصوم لا تفطر إلا إذا كان الإنسان عالماً بها وعالماً بتحريمها وذاكراً لها.
الجواب: يقول العلماء رحمهم الله: إن الفاسق هو من أتى كبيرة ولم يتب منها أو أصر على صغيرة، وعللوا ذلك بأن الإصرار على الصغيرة يجعلها كبيرة، ولعل دليلهم في ذلك قول الله تبارك وتعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [النور:4-5] فحكم الله بفسق القذفة مع أنهم لم يفعلوا مكفراً ولكنهم فعلوا كبيرة من كبائر الذنوب.
الجواب: سجود التلاوة سنة مؤكدة لا ينبغي للإنسان أن يدعها، وليست بواجبة، والدليل على أنها ليست بواجبة: أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قرأ ذات جمعة على المنبر آية فيها سجدة فنزل وسجد، ثم قرأها في جمعة أخرى ولم يسجد وقال: إن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء، وهذا قاله رضي الله عنه بحضرة الصحابة رضي الله عنهم ولم ينكر عليه أحد، فدل هذا على أن سجود التلاوة ليس بواجب.
أما السجود في سجدة ص فالصواب أنه سجود مشروع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سجد فيها كما صح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: ( ص ليست من عزائم السجود، وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسجد فيها ).
الجواب: هذا ليس موجوداً عندنا والحمد لله ولكنه ربما يوجد في بلاد أخرى، وعلى السائل أن يوجه السؤال إلى علماء تلك البلد.
الجواب: تكبير الانتقالات من ركن إلى آخر يكون فيما بين الركنين، فإذا أراد السجود فليكبر ما بين القيام والسجود، وإذا أراد القيام من السجود فليكبر ما بين السجود والقيام، هذا هو الأفضل، وإن قدر أنه ابتدأ التكبير قبل أن يهوي إلى السجود وكمله في حال الهبوط فلا بأس، وكذلك لو ابتدأه في حال الهبوط ولم يكمله إلا وهو ساجد فلا بأس.
الجواب: لا زكاة في الأرض ولا زكاة في البيت ولا زكاة في السيارة التي يستعملها، وإنما الزكاة في ما أعد للتجارة من هذه الأشياء أو غيرها، وعلى هذا فالأرض التي ملكتها السائلة ليس فيها زكاة إلا إذا نوتها للتجارة، فإن نوتها للتجارة وجبت عليها زكاتها إذا بلغت قيمتها نصاباً أو ضمت القيمة إلى ما عندها من جنس القيمة وبلغ النصاب.
الجواب: نعم، تقليم الأظافر سنة في أي وقت وعلى أي حال، وقد وقت النبي صلى الله عليه وسلم لتقليم الأظافر وحف الشارب ونتف الإبط وحلق العانة ألا تترك فوق أربعين يوماً، وبهذا نعرف خطأ بعض الناس الذين يبقون هذه الأشياء أكثر من أربعين يوماً، فتجد أظفاره تطول طولاً فاحشاً لا يقصها، وكذلك شاربه، وكذلك إبطه، وكذلك عانته. والذي ينبغي للمسلم أن يتقيد بما قيده النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلا يترك هذه الأشياء فوق أربعين يوماً.
الجواب: سجود السهو سببه واحد من أمور ثلاثة: إما الزيادة، وإما النقص، وإما الشك. والمراد بالزيادة هنا: الزيادة الفعلية، فمن ركع مرتين في ركعة واحدة ناسياً وجب عليه سجود السهو ويكون محله بعد السلام؛ لأنه كان عن زيادة، ومن صلى خمساً في رباعية ناسياً لم تبطل صلاته لكن عليه سجود السهو بعد السلام، ومن قام عن التشهد الأول ناسياً لم تبطل صلاته لكن عليه سجود السهو ويكون قبل السلام، ومن ترك قول سبحان ربي الأعلى في السجود أو سبحان ربي العظيم في الركوع وجب عليه سجود السهو ويكون قبل السلام.
وأما الشك وهو السبب الثالث لسجود السهو فهو التردد، بأن يتردد الإنسان هل صلى ثلاثاً أم أربعاً، والحكم في ذلك أن يقال: إن كان الإنسان كثير الشكوك لا يكاد يصلي صلاة إلا شك فيها فلا عبرة بشكه وليلغه ولا يلتفت إليه، وإن كان معتدلاً ليس فيه وسواس وليس فيه شكوك نظرنا: هل يغلب على ظنه ترجيح شيء فليأخذ بما غلب على ظنه وليتم عليه ثم يسجد سجدتين بعد السلام، وإن قال: ليس عندي ترجيح، قلنا: ابنِ على اليقين وهو الأقل وتمم عليه ثم اسجد قبل السلام. مثال ذلك: رجل شك هل صلى ثلاثاً أم أربعاً فقلنا له: ما الذي يغلب على ظنك؟ قال: يغلب على ظني أنها ثلاث، نقول: ائت بالرابعة واسجد بعد السلام.
إنسان آخر شك هل صلى ثلاثاً أم أربعاً وقلنا له: ما الذي يغلب على ظنك؟ قال: ليس عندي غلبة ظن، الشك عندي متساوي، نقول: اجعلها ثلاثاً؛ لأنها الأقل ثم ائت بالرابعة واسجد سجدتين قبل السلام.
الجواب: أولاً: أنا لا أرى أن يطلق كلمة سيدة على المرأة؛ لأن هذا اسم مستحدث أتانا من قِبَل الغربيين الذين يقدسون النساء ويعطونهن مرتبة فوق المرتبة التي جعلها الله لهن، وإنما يقال: امرأة، أنثى، فتاة.. وما أشبهها، هذه هي الألفاظ التي جاءت في الكتاب والسنة، ولا ينبغي أن نعدل عما جاء به الكتاب والسنة لا سيما إذا كانت هذه الكلمة فيها إشعار بتقديس المرأة وتنزيلها فوق منزلتها.
وأما سؤالها عن الآلام التي في مفاصلها وأنها لا تستطيع القيام فنقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم أفتى عمران بن حصين فقال له: ( صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب )، فإذا كانت لا تستطيع القيام قلنا: صلي جالسة وتكون في حال القيام متربعة كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم تومئ بالركوع وهي متربعة، ثم إن استطاعت السجود سجدت وإلا أومأت إيماءً أكثر من إيماء الركوع، وليس من السنة أن تضع مخدة تسجد عليها، بل هذا إلى الكراهة أقرب؛ لأنه من التنطع والتشدد في دين الله، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ( هلك المتنطعون، هلك المتنطعون، هلك المتنطعون ).
الجواب: الرحم التي تجب صلتها هي القرابة من قبل الأم أو من قبل الأب، فالأعمام والأخوال كلهم يجب على الإنسان أن يصلهم، ولكن إذا كانت الأنثى ليست محرماً لهم فلا يحل لها أن تذهب وتسلم عليهم بالمصافحة وكشف الوجه؛ لأن ذلك حرام عليها مع غير محارمها، لكن تسأل أهل البيت من النساء: كيف أنتم، كيف الرجال، كيف النساء، كيف الأولاد، وما أشبه ذلك.
وأما من ماتوا وهي لم تصلهم فإنها تتوب إلى الله عز وجل من القطيعة التي حصلت منها وتستغفر لهؤلاء الذين ماتوا فإن هذا من صلتهم بلا شك.
الجواب: نعم، صيام ثلاثة أيام من كل شهر سنة، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن صيام ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله، ولكن الأفضل أن تكون في أيام البيض: ثلاثة عشر وأربعة عشر وخمسة عشر، فإن لم يمكن بأن كانت الأنثى عليها العادة أو حصل سفر أو حصل ضيف أو حصل ملل أو مرض يسير أو ما أشبه ذلك فإنه يحصل الأجر لمن صام في غير هذه الأيام الثلاثة، قالت عائشة رضي الله عنها: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، لا يبالي أصامها في أول الشهر، أو وسطه، أو آخره ).
فالأمر في هذا واسع، فصيام ثلاثة أيام من كل شهر سنة سواء في أول الشهر أو وسطه أو آخره، لكن كونها في الأيام الثلاثة أيام البيض أفضل، وإذا تخلف ذلك لعذر أو حاجة فإننا نرجو أن الله تعالى يكتب الأجر لمن كان من عادته أن يصومها ولكن تركها لعذر.
الجواب: المسافة التي يمنع الإنسان من المرور فيها بين يدي المصلي: إن كان للمصلي سترة فما بينه وبين سترته محترم لا يحل لأحد أن يمر منه، وإن لم يكن له سترة؛ فإن كان له مصلى كالسجادة فإن هذه السجادة محترمة لا يحل لأحد أن يمر بين يدي المصلي فيها، وإن كان ليس له مصلى فإن المحترم ما بين قدمه وموضع سجوده، فلا يمر بينه وبين هذا الموضع.
الجواب: القول الراجح في هذه المسألة أنه لا قنوت في صلاة الفجر؛ لأن ذلك لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يقنت في الفرائض إلا لسبب، لنوازل نزلت في الأمة الإسلامية، ثم ترك القنوت عليه الصلاة والسلام فلم يقنت حتى توفاه الله تعالى، لكن من ائتم بإمام يقنت في صلاة الفجر فلا ينفرد عنه، بل يتابعه ويقف ويؤمن على دعائه، هكذا نص عليه الإمام أحمد رحمه الله، وإنما نص رحمه الله على هذا لأن الخلاف شر والخروج عن الجماعة شر، وانظر إلى كلام ابن مسعود رضي الله عنه لما كره إتمام عثمان في منى كان يصلي خلفه أربعاً، فقيل له: يا أبا عبد الرحمن ، ما هذا؟ يعني كيف تصلى أربعاً وأنت تنكر على عثمان ، فقال رضي الله عنه: الخلاف شر.
وهذه قاعدة مهمة وهي: أنه ينبغي للإنسان ألا يخالف إخوانه ولا يشذ عنهم، ولقد كان الرسول عليه الصلاة والسلام يرسل البعوث للدعوة إلى الله أو الجهاد في سبيل الله ويأمرهم أن يتطاوعوا، يعني: يؤمر أميرين ويقول لهما: ( تطاوعا ولا تختلفا ) يعني: ليطع بعضكم بعضاً ولا تختلفوا؛ لأن الخلاف لا شك أنه شر وتفريق للأمة وتمزيق لشملها، وهذا الدين الإسلامي له عناية كبيرة في الاجتماع وعدم التفرق وعدم التباغض، ولهذا نهى عن كل معاملة تكون سبباً للتعادي والتباغض، فنهى عن البيع على بيع المسلم، ونهى عن الخطبة على خطبة المسلم، ونهى عن السوم على سوم أخيه، ونهى عن تلقي الجلب، وأشياء كثيرة مما يدل على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يريد من أمته أن تتفرق وتتمزق، قال الله تعالى: وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا [آل عمران:103].
الجواب: قراءة السجدة يعني سورة ألم تنزيل السجدة في الركعة الأولى في فجر يوم الجمعة وهل أتى على الإنسان في الركعة الثانية سنة، ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وورد عنه أنه كان يديم ذلك، فلهذا ينبغي للإمام أن يحافظ على قراءة هاتين السورتين في فجر يوم الجمعة، لقول الله تبارك وتعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخر وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب:21].
وإذا ترك قراءتها أحياناً فلا بأس؛ لأن قراءتها ليست واجبة، الواجب قراءته في الصلاة هو الفاتحة، وما عدا ذلك فإنه سنة في محله.
الجواب: التطير هو التشاؤم بمرئي أو مسموع أو زمان أو مكان، وأصله من الطير، وكانت العرب في الجاهلية تتشاءم، يزجرون الطير فإذا طار واتجه إلى جهةٍ ما تطيروا، حتى إنه ربما كان إنسان قد ربط متاعه وأناخ راحلته يريد السفر فيتطير فإذا جنح الطير إلى جهةٍ ما ترك السفر وقال: هذا سفر شر، هذا هو الأصل في معنى التطير، ولهذا يجب على الإنسان إذا حدث في قلبه التشاؤم أن يتوكل على الله وأن يعتمد عليه وأن لا يبالي بهذه الأوهام التي يجرها الشيطان إلى العبد ليكدر عليه صفوه، فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر )، وقال: ( ليس منا من تطير أو تطير له، أو سحر أو سحر له ).
الجواب: النية في العبادات شرط لا تصح العبادة إلا بالنية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ) والنطق بها بدعة، فلا يسن للإنسان إذا أراد أن يتوضأ أن يقول: اللهم إني نويت أن أتوضأ، ولا لمن أراد أن يصلي أن يقول: اللهم إني نويت أن أصلي.
فإن قال قائل: أنا أنطق بالنية تحقيقاً لها، قلنا: هل هذا يخفى على الرسول عليه الصلاة والسلام؟ لو كان خيراً لسبقونا إليه، وإذا لم ينقل عنه أنه كان ينطق بالنية دل على أن ذلك ليس من سنته ولا هديه عليه الصلاة والسلام.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر